هو الشيخ العلامة الجليل أحمد بن الإمام المحقق سعيد بن خلفان بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عامر بن ناصر بن عامر بن بو سالم بن أحمد ، من نسل الإمام الخليل بن عبدالله بن عمر بن محمد بن الإمام الخليل بن العلامة شاذان بن الإمام الصلت بن مالك الخروصي .
وبنو خروص كان وما زال بيدهم زمام القيادة الدينية في عمان ، فقد تعاقب فيها الأئمة الذين دوت أصواتهم في جنبات عمان آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر ، رافعين لواء الحق ، مقيمين صروح العدل .
مولده ونشأته :
ولد الشيخ – رحمه الله – في عام ( 1280 هـ ) في بلدة " بوشر " بمسقط ، وكانت في ذلك الحين قرية صغيرة تقع غربي مسقط ، و " بوشر " ليست هي موطن اجداد الشيخ ، ولكن انتقلوا إليها من بلدهم "بهلا" هروباً من الجور والطغيان الذين كان عليه ملوك بني نبهان
هذا وقد نشأ الشيخ – رحمه الله – في كنف مفخرة عمان شيخ الاسلام الحبر المحقق الخليلي – رحمه الله
قال الشيخ سالم بن حمود السيابي عن نشأته : " نشأ في مهد الإيمان ، وتربى في أحضان التقوى ، ومشى في ربوع العدل ولكن سرعان ما كمله الزمان بفقدان المدرسة التي ترعرع في أحضانها ، وعروج الروح الوثابة التي استلهم الهدى من أنوارها إلى ربها راضية مرضية ، وذلك بارتحال العلامة الحبر شيخ الإسلام والده شهيداً في ميدان الشرف والثبات ، وكان عمر الشيخ حينئذ سبع سنوات ، فأصبح بذلك فاقداً لحنان الأبوة كما فقد من قبل رؤومة الأمومة حين توفيت أمه وهو ابن سنتين .
وقد عانى الشيخ هو وأخوه عبدالله مرارة البؤس والحرمان بعدما صودرت أموال أبيهما المحقق الشهيد ، وأصبح شبح الفقر يكشر عن أنيابه في وجه اليتيمين مع ما لقياه من يتم ، فأما عبدالله فقد كفله جده لامه الشيخ سليمان بن ماجد الخروضي ، وأما الشيخ أحمد فقد احتضنه واكتنفه خل أبيه الشيخ أحمد بن عبدالله الرواحي الذي كان يسكن وادي محرم .
وقد عاش الشيخ – رحمه الله – في كنف بني رواحة الذين حنوا عليه وأكرموه ونقلوا إليه أخاه عبدالله بعدما عظم الخوف عليه من امتداد يد السلطة الغاشمة إليه للفتك به ، فعاش الأخوان في كنف بني رواحة والذين كان للمحقق الخليلي – رحمة الله – عليهم فضائل عظيمة ،
صفانه وأخلاقه :
اما أوصافه : فقد كان – رحمة الله – أبيض اللون ، أزهر الوجه أنور المحيا ، طويلاً معتدلاً ، يتمتع بحدة في بصرة وقوة في بدنه ، فيحكي بأنه كان يقرأ الصحيفة على وضح القمر ، وكان جلداً صبوراً على المشاق ، فيحكي انه مع ما كان يعانيه من أمراض مزمنة كان يصعد الجبال الشاهقة ببندقية الضخمة ، بل قد يعين غيره بحمل أحمالهم عنهم عند الصعود .
اما صفاته : فقد كان رجلاً صلباً في الحق ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ملتزماً بأوامر الله ، مراعياً له في سره وجهره .
شيوخة :
لقد شب الشيخ في احضان التقوى ، واغترف من معين العلم والفضل والصلاح والخير ، حتى مات أبوه العلامة شهيداً ، فشمر بعد هذا عن ساعد الجد والاجتهاد في طلب العلم ، فكان عصامياً ، علم نفسه بنفسه ،
ثم توجه إلى الشيخ محمد بن سليم الرواحي في بلدة "السيح" بوادي محرم فأخذ عنه مباديء العربية ، ثم شق بعد ذلك طريقه بنفسه إلى آفاق العلم والمعرفة ، ولا يعرف لشيخنا شيخ تتلمذ عليه غير الشيخ محمد بن سليم الرواحي هذا .
وقد كان بينه وبين العلامة النور السالمي زيارات ومذاكرات ومراسلات وتبادل آراء ، كما كانت بينه وبين الشيخ محمد بن مسعود المنجي مراسلات أيضاً .
تلاميذه :
تردد عدد من طلاب العلم على الشيخ – رحمه الله – وحلوا بساحته العصماء للارتواء من معين علمه ، وزاكي إيمانه ورفيع خلقه ، وقد صار اولئك بعد ذلك أعلاماً بارزين ، ورواداً للحركة العلمية والإصلاحية بعمان ، ومنهم :
- الامام الرضي محمد بن عبدالله الخليلي ، وهو ابن أخيه .- الشيخ حمد بن عبيد السليمي .
- الشيخ خلفان بن جميل السيابي .- الشيخ قسور بن حمود البراشدي .- الشيخ سيف بن حمد الأغبري .
وفاته :
كان الشيخ – رحمه الله – مصاباً بمرض الصرع ، والذي كان يعاوده بين الفينة والفينة .
ويروى في سبب وفاته أنه نزل إلى الماء للوضوء فسقط في الفلج ، فاجتاحه وكان سبباً في وفاته .
ويحكى أن الشيخ – رحمه الله – أقبل قبل وفاته بيوم واحد – أي في صبيحة يوم العيد ، لأن وفاته كانت في الحادي عشر من شهر ذي الحجة لسنة ألف وثلاثماتة وأربع وعشرين – فقال لأخيه عبدالله بعد أن صلى بهم العيد : انتظر قليلاً لأحدثك خالياً فقال له : يا عبدالله ، لقد رأيت رسول الله في المنام يقول لي : "هلم إلينا يا احمد ، يكفيك من الدنيا ، فإنا مشتاقون إليك" ، فإن صحت الرؤيا فإني ميت اليوم أو غداً ، فإذا مت فأسرع في إنفاذ وصيتي ، فعاد الأخوان ، أما الشيخ احمد فعليه سمة السرور ، وأما الشيخ عبدالله فباكياً .
رحم الله الشيخ واسعة وأسكنه فسيح جناته .