أَبانَ لَنا من درِّهِ يَومَ وَدَّعا | |
|
| عُقوداً وَأَلفاظاً وَثغراً وَأَدمُعا |
|
وَأبدى لنا من دَلِّه وَجَبينِهِ | |
|
| وَمَنطَقِهِ مَلهىً وَمرأىً وَمَسمَعا |
|
فَقُلتُ أَوجه لاح من تحت بُرقُعٍ | |
|
| أَم البَدرُ بِالغَيمش الرَقيقِ تَبَرقَعا |
|
أَصَم منادي بينَهُم حينَ أَسمَعا | |
|
| وَرَوَّعَ قَلباً بِالفِراقِ مُروَّعا |
|
شجاع إِذا لاقى كَميّاً مجرَّدا | |
|
| جَبانٌ إِذا لاقى غَزالاً مُقَنَّعا |
|
رَعى اللَهَ قَلباً بِالحِجازِ عَهِدتُهُ | |
|
| وَإِن كُنتُ لا أَلقاهُ إِلّا مُودِّعا |
|
أُحِبُّ النَوى لا عَن قِلىً غَيرَ أَنَّني | |
|
| أَرى أُم عمروٍ وَالنَوى أَبَداً مَعا |
|
يُوفّي هَواها حَقَّهُ فَيَصونَهُ | |
|
| وَلَيسَ يَطيب الحُبُّ إِلّا مُمَنَّعا |
|
وَفيها وَفي أَترابِها ليَ مَنظَرٌ | |
|
| هُوَ العَيشُ لَو صادفت في الرَوضِ مَربعا |
|
حُجبنَ فَما يُبدين إِلّا لِنيَّة | |
|
| بِنَفسي شُموس تَجعَل الغَرب مَطلعا |
|
وَلَمّا أَتَينَ الرَوض يَنشُرُ بَزَّهُ | |
|
| تَضَوَّعن مِسكاً خالِصاً وَتَضَوَّعا |
|
وقدَّت كمام الزَهر عنه فخلته | |
|
| عُيوناً وخلت الطَل مِنهُنَّ أَدمعا |
|
لَقَد خلقت عَيناه لِلسَّحرِ مَعدِناً | |
|
| كَما خُلق الطَيموم للجودِ مَنبَعا |
|
وَما أَبدَع الشَمل المُشَتَّت بَينَنا | |
|
| وَلَو جمع الشَمل الشَتيت لأَبدَعا |
|
سَأَقلَع غَرسَ الحُبِّ قَبلَ عُسوِّهِ | |
|
| فأعجله من قبل أَن يَتَفرَّعا |
|
وَأَورِد أَمالي الصَواديَ مِن يَدي | |
|
| أَبي غانِمٍ بَحراً مِنَ الجودِ مُترعا |
|
سَحاباً إِذا استَسقيت جاد إِجابة | |
|
| وَإِن لم تَرِد سُقياهُ جاد تَبَرُّعا |
|
وَبَحراً إِذا ما غُصتَ لقّاك دُرَّهُ | |
|
| وَإِن لَم تغص أَلقى لك الدُرَّ مُسرِعا |
|
نَدى الوجه من فرط الصَرامَة كُلَّما | |
|
| جَرى الماءُ في صِمصامَةٍ كانَ أَقطعا |
|
وَلَولا العَطايا أَنَّها سُنَّة لَهُ | |
|
| لما قال لِلدُنيا إِذا عثرت لَعا |
|
فإِن يَلبِس الدُنيا فَلِلجودِ لا لَها | |
|
| وَإِن هَجَرَ الدُنيا فَعَنها ترفُّعا |
|
يقطِّع آناء النَهارِ عَلى الطَوى | |
|
| صِياماً وآناء الظَلام تَضَرُّعا |
|
يُراقِبُ إِحياء المَسا لِورودِهِ | |
|
| إِذا راقَبَ المَرءُ المَساءَ ليَهجَعا |
|
إِذا كانَ حِفظُ الدينِ ما أَنتَ صانِع | |
|
| فَلست تَرى في الناسِ إِلّا مضيعا |
|
وَكَم قائِل لي كَيف مدحك هَكَذا | |
|
| فَقُلتُ صِفوه إِنَّ لِلحَقِّ مُقنِعا |
|
إِذا ما مدحت ابن الحسين بِوَصفِهِ | |
|
| أَو البعض منه جِئتُ بِالمَدح أَجمعا |
|
كَريم إِذا عاداكَ لَم تَر مغنماً | |
|
| مِنَ الذَمِ إِلّا أَن تَقول وَيَسمعا |
|
تُتَبِّعُ نعماه بروق ابتسامِهِ | |
|
| كَما أَتبع الغيث البروق تتبُّعا |
|
وَتُمطِرُ لِلعافينَ حَتّى كَأَنَّهُ | |
|
| برويتهم يَسقي الرَحيق المُشَعشِعا |
|
وَلَو أَنَّ إِنساناً لعظمِ مَحلِّهِ | |
|
| ترفَّع عَن قدر الثَناءِ تَرَفَّعا |
|
فَتىً ماله لِلوافِدين وَإِنَّما | |
|
| يُضاف إِلَيهِ في الكَلامِ توسّعا |
|
وَلَيسَ يُعَدُّ الجود جوداً لأَنَّهُ | |
|
| يَرى ما أَتاهُ واجِباً لا تَبرُّعا |
|
إِذا شرعت أَقلامه في كِتابَةٍ | |
|
| رأَيت العَوالي في الكَتائِبِ شُرَّعا |
|
وَإِن صدعت أَنيابهن بِمُديةٍ | |
|
| رَأَيتُ لَها شمل الحَديد مصدَّعا |
|
تَخِرُّ غداة الرَوعِ في الطِرسِ سُجَّدا | |
|
| فَبيضٌ كَبيضِ الهِندِ في الهامِ رُكَّعا |
|
تظلُّ سُيوف الهِندِ عِندَ صَريرِها | |
|
| يُتَبِّعها فيما أَرادَ تَتَبُّعا |
|
وَلَو مَسَّ أَنبوب اليَراعِ رأَيته | |
|
| يُلَبي أَنابيبَ الرِماحِ إِذا دَعى |
|
وَما أَحَدٌ في كتَبةٍ أَو كَتيبَةٍ | |
|
| بأَسجَعَ مِنهُ في الكِتابِ وَأَشجَعا |
|
فَصيح إِذا ما جال لَم ير مغنماً | |
|
| مِنَ العَيشِ إِلّا أَن يَقول وَيَسمعها |
|
سَعى لِلعلى حَتّى إِذا ما أَصابَها | |
|
| أَتَتهُ العُلى تَسعى إِلَيهِ بِما سَعى |
|
وتحرز ما تغنى بِهِ فَكَأَنَّما | |
|
| تخال الفَتى مثل الغناء مُرجَّعا |
|
وترقص أَطراف القَنا عن جبينه | |
|
| إِذا ما اعتَرى يَومَ الهياجِ أَو ادَّعى |
|
إِذا ما دَعى الداعوَ حيَّ عَلى النَدى | |
|
| وَحيَّ عَلى الهيجاء أَقبل مسرعا |
|
وَجَيشٍ كَأَنَّ الشَمسَ قَد لَبِسَت بِهِ | |
|
| مِنَ النَقعِ وَالطَيرِ الحَوائِمِ بُرقُعا |
|
شققت إِلى أَبطالِهِ الصَفَّ مِثلَما | |
|
| شققت بِنصفين الرِداء الموشَّعا |
|
بِأَبيَض يفري كل درعٍ وَجِنَّة | |
|
| فَلَيسَ يُحاشي حاسِراً أَو مدرعا |
|
وَلَم أَرَ كالطَيمومِ إِلّا أَبا النَدى | |
|
| كريمين مِن أَصلٍ كَريم تفرَّعا |
|
لِكُلِّ بهاءٌ مِنكُما غير أَنَّني | |
|
| رأَيتكُما أَبهى إِذا كُنتُما معا |
|
لَو أَنَّكُما بَعد التَأزُرِ مُتما | |
|
| تضعضع رضوى أَو شرورى تضعضعا |
|
مَعاً أَنتُما كالنَيِّرينِ مَحلة | |
|
| وَنوراً ومثل الفرقدين تجمعا |
|
أَبا حسن أَحيَيتَ بِالجودِ حاتِماً | |
|
| وَبالحُلُمِ لُقماناً وَبِالمُلكِ تُبَّعا |
|
فُطرتَ عَلى دينِ النَدى فاكتسبته | |
|
| فَحُزتَ المَعالي فِطرَةً وَتَصَنُّعا |
|
ورتَّبته فَوقَ السَموات رُتبَةً | |
|
| فَلَم يَبقَ في جودٍ لغيركَ مَطمَعا |
|
لَقَد سُدتَ أَهل الأَرضِ مُجتمع القوى | |
|
| وَقَد سُدتَّهم من قبل ذَلِك مُرضعا |
|
إِذا أَول الخُطيِّ أَخطاك طعنه | |
|
| فَلا ترج في أَخراهُ لِلضَّيمِ مدفعا |
|
إِذا ما طَريق المَدحِ ضاق عَلى امرىءٍ | |
|
| رأَيتُ طَريق المَدحِ نَحوَكَ مهيعا |
|
فَإِن قُلتَ لَيثاً كُنتَ أَشجَع مَدفَعا | |
|
| وَإِن كُنتَ غيثاً كُنتَ أَنفَع موقعا |
|
وَإِن قلت بَحراً كُنتَ أَعذَب مورداً | |
|
| وَإِن قُلتُ بَدراً كُنتَ أَبعَد مطلعا |
|
فَهُنِّيتَ ذا العيد الَّذي هوَ حاضِرٌ | |
|
| وَهُنيتَ أَلفاً مثله مُتَوَقَّعا |
|
زَمانكَ أَعياد وَهُنِّيت مثلها | |
|
| ولست أَخُصُّ اليَومَ إِلّا لأَجمَعا |
|
كرهتَ جوار المالِ من كَرَمٍ فَما | |
|
| يَرى مالُك الخَزّانِ إِلّا مودِّعا |
|
تَواضَعَ من فَرطِ الرَجاحَةِ أَنَّهُ | |
|
| إِذا وزن الشَيء الرَفيع ترفَّعا |
|
لَقَد أَلبَسَ اللَهَ البِلادَ وَأَهلَها | |
|
| بِشخصلك تاجاً بِالمَعالي مرصَّعا |
|
بَقيتَ بَقاء الدَهرِ تُرجى وَتُتَّقى | |
|
| فَما العَيشُ إِلّا أَن تَضُرَّ وَتَنفَعا |
|