بأيّامِنا بين الكثيبين فالحمى | |
|
| و طيب ليالينا الحميدةِ فيهمَا |
|
ووصْلٍ وَصَلنا بين أعْطافِه المُنى | |
|
| برَدِّ زمانٍ كان للَّهو تَوْأَمَا |
|
صَحِبْنَا بِهِ شَرْخ الشَّباب فدلَّنا | |
|
| على خُلَسٍ أفْضَى إليهنَّ نُوَّمَا |
|
فلم ْنرضَ في أخلاقنا النُّصحَ مَذْهَبَا | |
|
| و لا اللَّومَ في أسماعنا مُتَلَوَّما |
|
إذا شاءَ غاوٍ قادَ لَحْظَاً مُوزَّعاً | |
|
| على غَيِّه أو شَافَ قَلْباً مُقَسَّمَا |
|
أعِنِّي على العُذَّال أو خَلِّ بَيْنَنَا | |
|
| تُريْكَ دُموعيْ أَفْصَحَ القَوْلِ أَبْكَما |
|
وطَيْفٍ تَخَطَّتَ أعيُنُ النَّاسِ والكَرَى | |
|
| إلى ناظرٍ يَلْقى التَّبَاريحَ مِنْهُمَا |
|
تنَسَّم ريَّاهُ وبشَّرَهُ بهِ | |
|
| تناقُصُ ضوءِ البدرِ في جِهَة الحِمَى |
|
وعَزَّ على العَيْنَيْنِ لو لمْ تُرَغَّبا | |
|
| من الطَّيْفِ في إلمامَةٍ أن تُهَوِّما |
|
ولمَّا غَدَا والبينُ يَقْسِم لحْظَهُ | |
|
| على مُكْمَدٍ أغْضَى ورأْسٍ تبسَّما |
|
فمِنْ قائِلٍ: لا آمنَ اللهُ حاسداً | |
|
| و قائلةٍ: لا روَّعَ البيْنُ مُغْرَمَا |
|
بَدَت صُفْرَةٌ في وَجْنَتَيْهِ فلمْ تَزَلْ | |
|
| مَدَامِعُه حتَّى تشرَّبَتَا دَما |
|
سَقَى البَرقُ أكْنَافَ الحِمَى كلَّ رائحٍ | |
|
| إذا قَلِقَتْ فيه الجُنُوبُ تَرَنَّمَا |
|
إذا أَسْبَلَتْ عيناهُ لمْ تبقَ رَبْوةٌ | |
|
| من الأرضِ إلا وهي فاغِرَةٌ فَمَا |
|
|
| فإن أَنْجَمَتْ صارَتْ سماءً وأَنْجُمَا |
|
تُسَالِبُهَا أَنْفاسَها نفسُ الصَّبا | |
|
| و تُهْدي إليْها الشَّمسُ شيئاً مُسَهَّمَا |
|
كأنَّ أبا عمروٍ تخلَّلَ رَوْضَها | |
|
| ففاحَ بهِ عَرْفَاً وأشرَقَ مَبْسَما |
|
إذا زادَت الأيَّامُ فينا تَحَمُّلاً | |
|
| و حَيْفَاً على الأَحْرَارِ زادَ تَكَرُّمَا |
|
إذا هابَ بَعْضُ القَومِ ظُلْمَاً أَظَلَّهُ | |
|
| تَجَلَّتْ مَسَاعِي أَوَّلَيْهِ فَأَقْدَمَا |
|
سَقَى اللهُ دَهْرَاً سَاقَنِي لجِوَارِهِ | |
|
| و إنْ كانَ مَشْغَوْفَاً بِظُلْمِي مُتَيَّمَا |
|
سَأَشْكُرُ ما تُولِيهِ قَولاً ونِيَّةً | |
|
| ِفإن قَصَّرا نَابَ اعْتِذاريَ عَنْهُمَا |
|
فَسَحْتَ رَجَائِيْ بَعْدَ ضِيْقِ مَجَالِهِ | |
|
| و أَوْضَحْتَ لِيْ قَصْدِيْ وَ قَدْ كَانَ أَظْلَمَا |
|
وَ مَا زِلْتُ مُنْحَازَاً بِعِرْضِيَ جَانِبَاً | |
|
| مِنَ الذَّمِّ أَعْتَدُّ الصِّيَانَةَ مَغْنَمَا |
|
إذا قِيْلَ: هذا مَشْربٌ قُلْتُ: قَدْ أَرَى | |
|
| و لَكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّما |
|
أُنَهْنِهُهَا عن بَعض ما لا يَشِينُهَا | |
|
| مَخَافَةَ أَقْوَالِ العِدَا فيمَا أو لِمَا |
|
فَأُصْبِحُ مِنْ عَتْبِ اللَّئِيمِ مُسَلَّماً | |
|
| وقَدْ رُحْتُ مِن نَفَسِ الكَريمِ مُعَظَّمَا |
|
فَأُقْسِمُ مَا غُرَّ امْرُؤٌ حُسِّنَتْ لَهُ | |
|
| مُسَامَرَةُ الأَطْمَاعِ إنْ بَاتَ مُعْدِمَا |
|
يَقولونَ: ليْ فيْكَ انْقِبَاضٌ وإنَّمَا | |
|
| رَأَوا رَجُلاً عنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ مُحْجِمَا |
|
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ | |
|
| و مَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا |
|
ولَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا | |
|
| بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا |
|
ولمْ أَبْتَذِلْ في خِدْمَةِ العِلْمِ مُهْجَتِيْ | |
|
| لِأَخْدِمَ مَنْ لَاقَيْتُ لَكِنْ لِأُخْدَمَا |
|
أَأَشْقَى بِهِ غَرْسَاً وأَجْنِيْهِ ذِلَّةً | |
|
| إِذَنْ فَاتِّبَاعُ الجَهْلِ قَدْ كَانَ أَسْلَمَا |
|
ولَوْ أنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُم | |
|
| و لَوْ عَظَّمُوهُ فِيْ النُّفُوسِ لعُظِّما |
|
ولَكِنْ أَذَالُوهُ فَهَانَ ودَنَّسوا | |
|
| مَُحَيَّاهُ بالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا |
|
فِإنْ قُلْتَ جَدُّ العِلْمِ كَابٍ فِإنَّمَا | |
|
| كَبَا حِيْنَ لَمْ يُحْرَسْ حِمَاهُ وأُسْلِمَا |
|
وإنِّيْ إِذَا مَا فَاتَنِيْ الأَمْرُ لَمْ أَبِتْ | |
|
| أُقَلِّبْ كَفِّيْ إِثْرَهُ مُتَذَمِّمَا |
|
ولَكِنَّهُ إِنْ جَاءَ عَفْوَاً قَبِلْتُهُ | |
|
| و إنْ مَالَ لَمْ أُتْبِعْهُ هَلَّا ولَيْتَمَا |
|
وأَقْبِضُ خَطْوِيْ عَنْ حُظُوْظٍ كَثِيْرَةٍ | |
|
| إذَا لَمْ أَنَلْهَا وَافِرَ العِرْضِ مُكْرَمَا |
|
وأُكْرِمُ نَفْسِيْ أَنْ أُضَاحِكَ عَابِسَاً | |
|
| و أَنْ أَتْلَقَّى بالمَدِيْحِ مُذمَّمَا |
|
وكَمْ طَالِب ٍ رِقِّيْ بِنُعْمَاهُ لَمْ يَصِلْ | |
|
| إليْهِ وإنْ كَانَ الرَّئيْسَ المُعَظَّمَا |
|
ومَا كُلُّ بَرقٍ لاحَ لِيْ يَسْتَفِزُّنِيْ | |
|
| و ما كُلُّ مَا فِيْ الأَرْضِ أَرْضَاهُ مُنْعِمَا |
|
ولكِنْ إذا مَا اضْطَرَّنِيْ الأَمْرُ لَمْ أَزَلْ | |
|
| أُقَلِّبُ فِكْرِيْ مُنْجِدَاً ثُمَّ مُتْهِمَا |
|
إلى أَنْ أَرَى مَنْ لا أَغَصُّ بِذِكْرِهِ | |
|
| إذا قُلْتُ قَدْ أَسْدَى إليَّ وأَنْعَمَا |
|
وإنِّي لَرَاضٍ عَن فَتَىً مُتَعَفِّفٍ | |
|
| يَرُوحُ ويَغْدُو لَيْسَ يَمْلِكُ دِرْهَمَا |
|
يَبِيْتُ يُرَاعِيْ النَّجْمَ مِنْ سُوءِ حَالِهِ | |
|
| و يُصْبِحُ طَلْقَاً ضَاحِكَاً مُتَبَسِّمَا |
|
ولَا يَسْأَلُ المُثْرِينَ مَا بِأَكُفِّهِمْ | |
|
| و لَوْ مَاتَ جُوْعَاً غُصَّةً وتَكَرُّمَا |
|
فَكَمْ نِعْمَةٍ كَانَتْ عَلَى الحُرِّ نِقْمَةً | |
|
| و كَمْ مَغْنَمَاً يَعْتَدُّهُ المَرْءُ مَغْنَمَا |
|
ومَاذَا عَسَى الدُّنْيَا وإِنْ جَلَّ قَدْرُهَا | |
|
| يَنَال بِهَا مَنْ صَيَّرَ الصَّبْرَ مِعْصَمَا |
|
على أَنَّنَيْ لَوْ لَمْ أُعِدَّ لِحَرْبِهَا | |
|
| سِوَاكَ لَقَدْ كُنْتَ المَصُونَ المُحَرَّمَا |
|
فَكَيْفَ وَ عِنْدِيْ كُلُّ مَا يَمْنَعُ الفَتَى | |
|
| بِهِ عِرْضَهُ مِنْ أَنْ يُضَامَ ويُهْضَمَا |
|
ولَيْسَ بِبِدْعٍ مِنْ عُلَاكَ عِنَايَةٌ | |
|
|
يُقَرِّبُ مِنِّيْ مَا تَبَاعَدَ وانْتَأَى | |
|
| و يَخْفِضُ نَحْوِيْ مَا تَصَاعَدَ واسْتَمَى |
|
ومَنْ لَقِيَ الأَمْلَاكَ مِنْكَ لمِوْعِدٍ | |
|
| تَجَنَّى عَلَى آكَامِهِ وتَحَكَّمَا |
|
إذَا كَانَ بَعْضُ المَدْحِ لَفْظَاً مُجَرَّدَاً | |
|
| ضَمَمْتُ إلى لَفْظِيْ ضَمَيْرَاً مُسَلَّمَا |
|
ومَا سَاعَدَ القَلْبُ الوَدَوْدُ لِسَانَهُ | |
|
| عَلَى مِدْحَةٍ إلا أُطِيْعَ وحُكِّمَا |
|