شَبَحاً أَرى أَم ذاكَ طَيفُ خَيالِ | |
|
| لا بَل فَتاةٌ بِالعَراءِ حِيالي |
|
أَمسَت بِمَدرَجَةِ الخُطوبِ فَما لَها | |
|
| راعٍ هُناكَ وَما لَها مِن والي |
|
حَسرى تَكادُ تُعيدُ فَحمَةَ لَيلِها | |
|
| ناراً بِأَنّاتٍ ذَكَينَ طِوالِ |
|
ما خَطبُها عَجَباً وَما خَطبي بِها | |
|
| ما لي أُشاطِرُها الوَجيعَةَ ما لي |
|
دانَيتُها وَلِصَوتِها في مَسمَعي | |
|
| وَقعُ النِبالِ عَطَفنَ إِثرَ نِبالِ |
|
وَسَأَلتُها مَن أَنتِ وَهيَ كَأَنَّها | |
|
| رَسمٌ عَلى طَلَلٍ مِنَ الأَطلالِ |
|
فَتَمَلمَلَت جَزَعاً وَقالَت حامِلٌ | |
|
| لَم تَدرِ طَعمَ الغَمضِ مُنذُ لَيالي |
|
قَد ماتَ والِدُها وَماتَت أُمُّها | |
|
| وَمَضى الحِمامُ بِعَمِّها وَالخالِ |
|
وَإِلى هُنا حَبَسَ الحَياءُ لِسانَها | |
|
| وَجَرى البُكاءُ بِدَمعِها الهَطّالِ |
|
فَعَلِمتُ ما تُخفي الفَتاةُ وَإِنَّما | |
|
| يَحنو عَلى أَمثالِها أَمثالي |
|
وَوَقَفتُ أَنظُرُها كَأَنّي عابِدٌ | |
|
| في هَيكَلٍ يَرنو إِلى تِمثالِ |
|
وَرَأَيتُ آياتِ الجَمالِ تَكَفَّلَت | |
|
| بِزَوالِهِنَّ فَوادِحُ الأَثقالِ |
|
لا شَيءَ أَفعَلُ في النُفوسِ كَقامَةٍ | |
|
| هَيفاءَ رَوَّعَها الأَسى بِهُزالِ |
|
أَو غادَةٍ كانَت تُريكَ إِذا بَدَت | |
|
| شَمسَ النَهارِ فَأَصبَحَت كَالآلِ |
|
قُلتُ اِنهَضي قالَت أَيَنهَضُ مَيِّتٌ | |
|
| مِن قَبرِهِ وَيَسيرُ شَنٌّ بالي |
|
فَحَمَلتُ هَيكَلَ عَظمِها وَكَأَنَّني | |
|
| حُمِّلتُ حينَ حَمَلتُ عودَ خِلالِ |
|
وَطَفِقتُ أَنتَهِبُ الخُطا مُتَيَمِّماً | |
|
| بِاللَيلِ دارَ رِعايَةِ الأَطفالِ |
|
أَمشي وَأَحمِلُ بائِسَينِ فَطارِقٌ | |
|
| بابَ الحَياةِ وَمُؤذِنٌ بِزَوالِ |
|
أَبكيهِما وَكَأَنَّما أَنا ثالِثٌ | |
|
| لَهُما مِنَ الإِشفاقِ وَالإِعوالِ |
|
وَطَرَقتُ بابَ الدارِ لا مُتَهَيِّباً | |
|
| أَحَداً وَلا مُتَرَقِّباً لِسُؤالِ |
|
طَرقَ المُسافِرِ آبَ مِن أَسفارِهِ | |
|
| أَو طَرقَ رَبِّ الدارِ غَيرَ مُبالي |
|
وَإِذا بِأَصواتٍ تَصيحُ أَلا اِفتَحوا | |
|
| دَقّاتُ مَرضى مُدلِجينَ عِجالِ |
|
وَإِذا بِأَيدٍ طاهِراتٍ عُوِّدَت | |
|
| صُنعَ الجَميلِ تَطَوَّعَت في الحالِ |
|
جاءَت تُسابِقُ في المَبَرَّةِ بَعضُها | |
|
| بَعضاً لِوَجهِ اللَهِ لا لِلمالِ |
|
فَتَناوَلَت بِالرِفقِ ما أَنا حامِلٌ | |
|
| كَالأُمِّ تَكلَأُ طِفلَها وَتُوالي |
|
وَإِذا الطَبيبُ مُشَمِّرٌ وَإِذا بِها | |
|
| فَوقَ الوَسائِدِ في مَكانٍ عالي |
|
جاءوا بِأَنواعِ الدَواءِ وَطَوَّفوا | |
|
| بِسَريرِ ضَيفَتِهِم كَبَعضِ الآلِ |
|
وَجَثا الطَبيبُ يَجُسُّ نَبضاً خافِتاً | |
|
| وَيَرودُ مَكمَنَ دائِها القَتّالِ |
|
لَم يَدرِ حينَ دَنا لِيَبلُوَ قَلبَها | |
|
| دَقّاتِ قَلبٍ أَم دَبيبَ نِمالِ |
|
وَدَّعتُها وَتَرَكتُها في أَهلِها | |
|
| وَخَرَجتُ مُنشَرِحاً رَضِيَّ البالِ |
|
وَعَجَزتُ عَن شُكرِ الَّذينَ تَجَرَّدوا | |
|
| لِلباقِياتِ وَصالِحِ الأَعمالِ |
|
لَم يُخجِلوها بِالسُؤالِ عَنِ اِسمِها | |
|
| تِلكَ المُروءَةُ وَالشُعورُ العالي |
|
خَيرُ الصَنائِعِ في الأَنامِ صَنيعَةٌ | |
|
| تَنبو بِحامِلِها عَنِ الإِذلالِ |
|
وَإِذا النَوالُ أَتى وَلَم يُهرَق لَهُ | |
|
| ماءُ الوُجوهِ فَذاكَ خَيرُ نَوالِ |
|
مَن جادَ مِن بَعدِ السُؤالِ فَإِنَّهُ | |
|
| وَهوَ الجَوادُ يُعَدُّ في البُخّالِ |
|
لِلَّهِ دَرُّهُمُ فَكَم مِن بائِسٍ | |
|
| جَمِّ الوَجيعَةِ سَيِّئِ الأَحوالِ |
|
تَرمي بِهِ الدُنيا فَمِن جوعٍ إِلى | |
|
| عُريٍ إِلى سُقمٍ إِلى إِقلالِ |
|
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ واجِفٌ | |
|
| نَفسٌ مُرَوَّعَةٌ وَجَيبٌ خالي |
|
لَم يَدرِ ناظِرُهُ أَعُرياناً يَرى | |
|
| أَم كاسِياً في تِلكُمُ الأَسمالِ |
|
فَكَأَنَّ ناحِلَ جِسمِهِ في ثَوبِهِ | |
|
| خَلفَ الخُروقِ يُطِلُّ مِن غِربالِ |
|
يا بَردُ فَاِحمِل قَد ظَفِرتَ بِأَعزَلٍ | |
|
| يا حَرُّ تِلكَ فَريسَةِ المُغتالِ |
|
يا عَينُ سُحّي يا قُلوبُ تَفَطَّري | |
|
| يا نَفسُ رِقّي يا مُروءَةُ والي |
|
لَولاهُمُ لَقَضى عَلَيهِ شَقاؤُهُ | |
|
| وَخَلا المَجالُ لِخاطِفِ الآجالِ |
|
لَولاهُمُ كانَ الرَدى وَقفاً عَلى | |
|
| نَفسِ الفَقيرِ ثَقيلَةَ الأَحمالِ |
|
لِلَّهِ دَرُّ الساهِرينَ عَلى الأُلى | |
|
| سَهِروا مِنَ الأَوجاعِ وَالأَوجالِ |
|
القائِمينَ بِخَيرِ ما جاءَت بِهِ | |
|
| مَدَنِيَّةُ الأَديانِ وَالأَجيالِ |
|
أَهلِ اليَتيمِ وَكَهفِهِ وَحُماتِهِ | |
|
| وَرَبيعِ أَهلِ البُؤسِ وَالإِمحالِ |
|
لا تُهمِلوا في الصالِحاتِ فَإِنَّكُم | |
|
| لا تَجهَلونَ عَواقِبَ الإِهمالِ |
|
إِنّي أَرى فُقَراءَكُم في حاجَةٍ | |
|
| لَو تَعلَمونَ لِقائِلٍ فَعّالِ |
|
فَتَسابَقوا الخَيراتِ فَهيَ أَمامَكُم | |
|
| مَيدانُ سَبقٍ لِلجَوادِ النالِ |
|
وَالمُحسِنونَ لَهُم عَلى إِحسانِهِم | |
|
| يَومَ الإِثابَةِ عَشرَةُ الأَمثالِ |
|
وَجَزاءُ رَبِّ المُحسِنينَ يَجِلُّ عَن | |
|
| عَدٍّ وَعَن وَزنٍ وَعَن مِكيالِ |
|