عُمَيرةَ وَدِّع إِن تَجَهَّزتَ غَادِيا | |
|
| كَفَى الشَيبُ والإِسلامُ لِلمَرءِ ناهيا |
|
جُنُوناً بِها فيما اعتَشَرنا عُلالةً | |
|
| عَلاقَةَ حُبٍّ مُستَسِراً وَباديا |
|
لَيالي تَصطادُ القُلوبَ بِفاحِمٍ | |
|
| تَراهُ أَثيثاً ناعِمَ النَبتِ عَافِيا |
|
وجيدٍ كَجيدِ الرَيمِ لَيسَ بِعاطِلٍ | |
|
| مِنَ الدُرِّ والياقُوتِ والشَذرِ حالِيا |
|
كأَنَّ الثُّرَيّا عُلِّقَت فَوقَ نَحرِها | |
|
| وجَمرَ غَضىً هَبَّت لَهُ الريحُ ذاكيا |
|
إِذا اندَفَعَت في رَيطَةٍ وخَميصةٍ | |
|
| ولاثَت بأَعلَى الرِدفِ بُرداً يَمانيا |
|
تُريكَ غَداةَ البَينِ كَفّاً ومِعصَماً | |
|
| وَوَجهاً كَدِينارِ الأَعِزَّةِ صافيا |
|
فَما بَيضَةُ باتَ الظَليمُ يَحُفُّها | |
|
| وَيَرفَعُ عَنها جُؤجُؤاً مُتَجافيا |
|
وَيَجعَلُها بَينَ الجَناحِ ودَفِّهِ | |
|
| وَيُفرِشُها وَحفاً مِنَ الزِفِّ وافيا |
|
فَيرفَعُ عَنها وَهيَ بَيضاءُ طَلَّةُ | |
|
| وَقَد واجَهَت قَرناً مِنَ الشَمسِ ضاحيا |
|
بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قالَت أَراحِلُ | |
|
| مَعَ الرَكبِ أَم ثاوٍ لَدَينا لَياليا |
|
فإِن تَثوِ لا تُملَل وإِن تضحِ غادياً | |
|
| تُزَوَّد وَتَرجِع عَن عُمَيرَةَ راضيا |
|
وَمَن يَكُ لا يَبقَى عَلَى النَأَيِ وُدُّهُ | |
|
| فَقَد زَوَّدَت زاداً عُمَيرَةُ باقيا |
|
أَلِكني إِليها عَمرَكَ يا فَتىً | |
|
| بآيةِ ما جاءت إِلَينا تَهاديا |
|
تَهادِىَ سَيلٍ في أَباطِحَ سَهلَةٍ | |
|
| إِذا ما عَلا صَمداً تَفَرَّعَ واديا |
|
فَفاءَت ولَم تَقضِ الَّذي هُوَ أَهلُهُ | |
|
| وَمِن حاجَةِ الإِنسانِ ما لَيسَ لاقيا |
|
وَبِتنا وِسادانا إِلى عَلَجانَةٍ | |
|
| وحِقفٍ تَهاداهُ الرِّياحُ تَهادِيا |
|
تُوَسِّدُني كَفّاً وتَثني بِمِعصَمٍ | |
|
| عَلَيَّ وَتَحوي رِجلَها مِن وَرائيا |
|
وَهَبَّت لَنا ريحُ الشَمالِ بِقِرَّةٍ | |
|
| ولا ثَوبَ إِلّا بُردُها وَردائيا |
|
فَما زالَ بُردِى طَيِّباً مِن ثِيابِها | |
|
| إِلىَ الحَولِ حتّى أَنهَجَ البُردُ باليا |
|
ألا يا طيب الحن باللَه داوني | |
|
| فإن طبيب الإنس أعياه ما بيا |
|
فقال دواء الحب أن تلصق الحشا | |
|
| بأحشاء من تهوى إذا كان خاليا |
|
سَقَتني عَلى لَوحٍ مِنَ الماءِ شَربةً | |
|
| سقاها بها اللَه الذِّهاب الغواديا |
|
وأَشهَدُ عِندَ اللهِ أَن قَد رأَيتُها | |
|
| وعِرينَ مِنها إصبَعاً مِن وَرائيا |
|
أَقلِّبُها لِلجانِبين وأَتَّقى | |
|
| بِها الرِيحَ والشَفّانَ مِن عَن شمالِيا |
|
أَلا أَيُّها الوادي الَّذي ضَمَّ سَيلُهُ | |
|
| إِلَينا نَوَى الحَسناءِ حُيِّيتَ واديا |
|
فَيالَيتَني والعامِرِيَّةَ نَلتَقي | |
|
| نَرودُ لِأَهلينا الرِياضَ الخَوالِيا |
|
وَما بَرِحَت بِالدَّيرِ مِنها أَثارة | |
|
| وبِالجَوِّ حَتَّى دَمَّنَتهُ لَيالِيا |
|
فإِن تُقبِلي بِالوُدَّ أَقبِل بِمِثلِهِ | |
|
| وإِن تُدبِري أَذهَب إِلى حالِ بالِيا |
|
أَلَم تَعلَمي أَنِّي صَرومُ مُواصِلُ | |
|
| إِذا لَم يَكُن شيءٌ لِشيءٍ مُواتِيا |
|
وما جئتها أبغي الشفاء بنظرةٍ | |
|
|
ولا طلع النجم الذي يهتدي به | |
|
| ولا الصبح حتى هيجا ذكرها ليا |
|
أشوقا ولما يمض لي غير ليلةٍ | |
|
| رويد الهوى حتى يغيب لياليا |
|
وما جئن حتى كل من شاء وابتنى | |
|
| وقلن سرفنا كمُ وكنّ عواديا |
|
أَلا نادِ في آثارِهنَّ الغَوانِيا | |
|
| سُقِينَ سِماماً ما لَهُنَّ وَما لِيا |
|
تَجَمَّعنَ مِن شَتَّى ثَلاثٍ وأَربَعٍ | |
|
| وَواحِدَةٍ حَتىَّ كَمَلنَ ثَمانِيا |
|
سليمي وسلمى والرباب وتربها | |
|
| وأروى وريا والمنى وقطاميا |
|
وأَقبَلنَ مِن أَقصَى الخِيامِ يَعُدنَني | |
|
| نَوَاهِدَ لَم يَعرِفنَ خَلقاً سَوائيا |
|
يَعُدنَ مَريضاً هُنّ هَيَّجنَ داءَهُ | |
|
| أَلا إِنَّما بَعضُ العَوائدِ دائيا |
|
وَرَاهُنَّ رَبِّي مِثلَ ما قَد وَرَينَني | |
|
| وأَحمَى عَلى أَكبادِهِن المَكاوِيا |
|
وَقائِلَةٍ والدمعُ يحدرُ كحلها | |
|
| أَهَذا الَّذي وَجَدا يُبكّي الغَوانِيا |
|
فَلَم أَر مِثلي مُستَغيثاً بِشَربَةٍ | |
|
| وَلا مِثلَ ساقينا المُصَرَّدِ ساقِيا |
|
وَسِربُ عِذاري بِتنَ جَنبَيَّ موهِناً | |
|
| مِنَ اللَيلِ قَد نازَعَتهُنَّ رِدائِيا |
|
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرَى مِن ظَائنٍ | |
|
| تَحَمَّلنَ مِن جَنبَى شَرَورَى غَوادِيا |
|
تَأَطَّرنَ حتّى قُلتُ لَسنَ بَوارِحاً | |
|
| ولا لاحِقاتِ الحَيِّ إِلَا سَوارِيا |
|
أَخَذنَ عَلى المِقراةِ أوعَن يَمينِها | |
|
| إِذا قُلتُ قَد وَرَّعنَ أَنزَلنَ حادِيا |
|
أَشارَت بِمِدراها وَقالَت لِتِربِها | |
|
| أَعَبدُ بَني الحَسحاسِ يُزجي القَوافِيا |
|
رَأَت قَتَباً رَثّاً وسَحقَ عَباءةٍ | |
|
| وأَسوَدَ مِمّا يَملِكُ الناسُ عارِيا |
|
وَما ضَرَّني إِلّا كَما ضَرَّ خِضرِماً | |
|
| مِنَ البَحرِ خُطّاف حسامنهِ ماضِيا |
|
فَقُل لِلغَواني ما لَهُنَّ وَما لِيا | |
|
| تَساقينَ سما إِذ رَأَينَ خَيالِيا |
|
يُرَجِّلنَ أَقواماً وَيترُكنَ لِمَّتي | |
|
| وَذاكَ هَوانُ ظاهِر قَد بَدا لِيا |
|
أغاليُ أَعلى اللَهُ كَعبَكَ عالِيا | |
|
| وَرَوّى بِرُيّاكَ العِظام البَوالِيا |
|
أغالي لَو أَشكو الَّذي قَد أَصابَني | |
|
| إِلى جَبَلٍ صَعبُ الذُرى لِاِنحَنى لِيا |
|
أغاليُ ما شَمسُ النَهارِ إِذا بَدَت | |
|
| بأَحسَن مِما بَينَ بَردَيكَ غالِيا |
|
أُغالي عُلّيني بِريقِكِ عُلَّةً | |
|
| تَكُن رَمَقي أَو عَن فُؤادِيا |
|
تَحدَّرنَ مِن تِلكَ الهِضاب عَشِيَّةً | |
|
| إِلى الطَلعِ يَبغين الهَوى وَالتَصابِيا |
|
فَلَو كُنتُ وَرداً لَونُهُ لَعشقنَني | |
|
| وَلَكنَّ رَبّي شانَني بسَوادِيا |
|
فَما ضَرَّني أَن كانَت أمّي وَليدةً | |
|
| تَصُرُّ وتَبري بِاللِّقاحِ التَوادِيا |
|
تَعاوَرنَ مِسواكي وأَبقَينَ مُذهَباً | |
|
| مِنَ الصَّوغِ في صُغرى بَنانِ شِمالِيا |
|
وقُلنَ أَلا يا العَبنَ ما لَم يَرُدَّنا | |
|
| نُعاسُ فإِنَّا قَد أَطَلنا التَنائيا |
|
لَعبنَ بِدَكداكٍ خَصيبٍ جَنابُهُ | |
|
| وأَلقَينَ عَن أَعطافِهِنَّ المَراديا |
|
وَقُلن لِمِثلِ الرِئمِ أَنت أَحَقُّنا | |
|
| بنزع الرِداء إِن أَرَدت تَخالِيا |
|
فَقامَت وَأَلقَت بِالخِمارِ مدلةً | |
|
| تَفادى القُباحُ السودُ مِنها تَفادِيا |
|
وَما رِمنَ حَتّى أَرسَلَ الحَيُّ داعِيا | |
|
| وَحَتَّى بَدا الصُبحُ الَّذي كانَ تالِيا |
|
تَمارين حَتّى غابَ نَجمُ مَكيدٍ | |
|
| وَحَتّى بَدا النَجمُ الَّذي كانَ تالِيا |
|
وَحَتّى استَبانَ الفَجرُ أَشقَرَ ساطِعاً | |
|
| كَأَنَّ عَلى أَعلاهُ سِبّاً يَمانِيا |
|
فأَدبَرنَ يَحفِضنَ الشُخوصَ كأَنَّما | |
|
| قَتَلنَ قَتيلاً أَو أَصَبنَ الدَواهِيا |
|
وأَصبَحنَ صَرعَى في البُيُوتِ كأَنَّما | |
|
| شَرِبنَ مُداماً ما يُجِبنَ المُنادِيا |
|
فَعَزَّيتُ نَفسي واجتَنَبتُ غَوايَتي | |
|
| وقَرَّبتُ حُرجوجَ العَشيَّةِ ناجِيا |
|
مَروحاً إِذا صامَ النَهارُ كأَنَّما | |
|
| كَسَوتُ قُتُودي ناصِعَ اللَونِ طاوِيا |
|
شَبوباً تَحاماهُ الكِلابُ تَحامِيا | |
|
| هُوَ اللَيثُ مَعدُوّاً عَليهِ وَعادِيا |
|
حَمَتهُ العَشاءَ لَيلَةُ ذاتُ قِرَّةٍ | |
|
| بِوَعساء رَملٍ أَو بِحَزنانَ خالِيا |
|
يَثيرُ ويُبدي عَن عُروقٍ كَأَنَّها | |
|
| أَعِنَّةُ خَرّازٍ جَديداً وَباليا |
|
يُنَحّي تُراباً عَن مَبيتٍ ومَكنِسٍ | |
|
| رُكاما كَبَيتِ الصَيدَنانيّ دانِيا |
|
فَصَبَّحَهُ الرَامي مِنَ الغَوثِ غُدوَةً | |
|
| بأَكلُبِه يُغرى الكِلابَ الضَوارِيا |
|
فَجالَ عَلى وَحشيِّه وتَخالُهُ | |
|
| عَلى مَتنِهِ سِبّاً جَديداً يَمانِيا |
|
يَذودُ ذيادَ الخامِسات وقَد بَدَت | |
|
| سَوابِقُها مِنَ الكِلابِ غَواشِيا |
|
فَدَع ذا ولَكِن هَل تَرى ضَوءَ بارقٍ | |
|
| يُضِيُ حَبيّاً مُنجِداً مُتَعالِيا |
|
يُضيءُ سَناهُ الهَضبَ هَضبَ مُتالِعٍ | |
|
| وحُبَّ بِذاكَ الهَضبِ لَو كانَ دانِيا |
|
نَعمتُ بِهِ عَيناً وأَيقنتُ أَنَّهُ | |
|
| يَحُطُّ الوعولَ والصُخورَ الرَواسِيا |
|
فَما حَرَّكَتهُ الرِيحُ حتّى حَسِبتُهُ | |
|
| بِحَرَةِ لَيلى أَو بِنَخلَةَ ثاوِيا |
|
فَمَرَّ عَلى الأَنهاءِ فالتَجَّ مُزنُهُ | |
|
| فَعقَّ طَويلاً يَسكُبُ الماءَ سَاجِيا |
|
رُكاماً يَسُحُ الماءَ مِن كُلِّ فيقَةٍ | |
|
| كَما سُقتَ مَنكوبَ الَوابِرِ حافِيا |
|
ومَرًّ عَلى الأَجبالِ أَجبالِ طَيِّئ | |
|
| فغادَرَ بالقيعان رَنقاً وصافيا |
|
أَجَشُّ هَزيمُ سَيلُهُ مَعَ وَدقِهِ | |
|
| تَرى خَشَبَ الغُلّان فِيهِ طَوَافِيا |
|
لَهُ فُرَّقُ جُون يُنَتَّجنَ حَولَهُ | |
|
| يُفقِّئنَ بِالميثِ الدِّماثِ السَّوابِيا |
|
فَلَمّا تَدَلّى لِلجِبالِ وأَهلِها | |
|
| وأَهلِ الفُراتِ جاوَزَ الجَرَّ ضاحِيا |
|
أَثارَ خَنازيرَ السَوادِ اِرتِجازَهُ | |
|
| وَجادَت أَعاليهِ العَقيقُ المُعالِيا |
|
بَكى شَجَوهُ واغتاظَ حَتّى حَسِبتُهُ | |
|
| مِنَ البُعدِ لمّا جَلجَلَ الرَعدُ حادِيا |
|
فأَصبَحتِ الثِيرانُ غَرقى وأَصبَحَت | |
|
| نِساءُ تَميمٍ يَلتَقِطنَ الصَياصِيا |
|
وَإِلّا فخَوُّ حينَ تَندى دِمائُهُ | |
|
| عَلَيَّ حَرامٌ حينَ أَصبَحَ غادِيا |
|
فَإِن تَرتَحِل شاماً فَشَاما نودُّه | |
|
| وَإِنَّ يمناً فَالقَلبُ صَبٌّ يَمانِيا |
|