أَلا يالقَومٍ أَرَّقَت أُمَّ نَوفَلٍ | |
|
| وَصَحبي هَجودٌ بَينَ غَيٍّ وَغُرَّبِ |
|
وَلَيلَةَ فَيفا نَخلَتَينِ طَرَقتِنا | |
|
| وَنَحنُ بِوادٍ ذي أَراكٍ وَتَنضُبِ |
|
فَنَبَّهتُ أَصحابي فَقاموا عَلى الكَرى | |
|
| إِلى ساهِماتٍ في الأَزِمَّةِ لُغَّبِ |
|
وَقُمتُ إِلى عَيرانَةٍ قَد تَخَدَّدَت | |
|
| وَقاسَت يَداها كُلَّ خَمسٍ مُذَيَّبِ |
|
فَلَمّا اِستَوَت أَقدامُنا وَتَمَكَّنَت | |
|
| إِلى كُلِّ غَرزٍ بَينَ دَفٍّ وَمَنكِبِ |
|
قَبَضنَ بِنا قَبضَ النَحائِصِ راعَها | |
|
| تَوَجُّسُ رامٍ خِفنَهُ عِندَ مَشرَبِ |
|
فَقُلتُ لَهُم أُمّوا هدى القَصدِ وَاِرفَعوا | |
|
| بِسَيرٍ يُدَنّي حاجَةَ الرَكبِ مُهذِبِ |
|
فَأَصبَحنَ يَنهَضنَ الرِحالَ وتَرتَمي | |
|
| رُؤوسُ المَهارى بِاللُغامِ المُعَصَّبِ |
|
بِصَحراءَ مِن نَجدٍ كَأَنَّ رِعانَها | |
|
| رِجالٌ قِيامٌ في مُلاءٍ مُجَوَّبِ |
|
غَداةَ يَقولُ القَومُ أَكلَلتَ وَاِنبَرى | |
|
| قُوى العيسِ خَمسٌ بَعدَ خَمسٍ عَصبصبِ |
|
إِذا ما المَهارى بَلَّغَتنا بِلادَها | |
|
| فَبُعدُ المَهارى مِن حَسيرٍ وَمُتعَبِ |
|
خَليلَيَّ مَن لا يَعنِهِ الهَمُّ لا يَزَل | |
|
| خَلِيّاً وَمَن يَستَحدِثِ الشَوقَ يُطرَبِ |
|
وَمَن لا يَزَل يُرجى بِغَيبٍ إِيابُهُ | |
|
| وَتَرمي بِهِ الأَطماعُ في الهَولِ يَشجُبِ |
|
وَقُفٍّ تَظَلُّ الريحُ عاصِفَةً بِهِ | |
|
| كَأَنَّ قَراهُ في الضُحى ظَهرُ هَوزَبِ |
|
شَجَبتُ الصَوى مِن رَأسِهِ أَو خَرَمتُهُ | |
|
| بِشُعبٍ وَأَنقاضِ الوَجيفِ المُأَوِّبِ |
|
وَقَد وَقَفَت شَمسُ النَهارِ وَأَوقَدَت | |
|
| ظَهيرَتُها ما بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبِ |
|
وَديقَةِ يَومٍ ذي سَمومٍ تَنَزَّلَت | |
|
| بِهِ الشَمسُ في نَجمٍ مِنَ القَيظِ مُلهِبِ |
|
وَقَد ظَلَّ حِرباءُ السُمومِ كَأَنَّهُ | |
|
| رَبيئَةُ قَومٍ ماثِلٌ فَوقَ مَرقَبِ |
|
وَفِتيانِ صِدقٍ قَد بَنَيتُ عَلَيهِمُ | |
|
| خِباءً كَظِلِّ الطائِرِ المُتَقَلَّبِ |
|
قَليلاً كَتَحليلِ القَطا ثُمَّ قَلَّصَت | |
|
| بِنا طالِباتُ الحَقِّ مِن كُلِّ مَطلَبَ |
|
بِدَوِيَّةٍ لا يَبلُغُ القَومَ مَنهَلاً | |
|
| بِها دونَ خِمسٍ يُتعِبُ القَومَ مُطنِبِ |
|
قَليلٍ بِها الأَصواتُ إِلّا تَفَجُّعاً | |
|
| مِنَ الذِئبِ أَو صَوتِ الصَدى المُتَحَوِّبِ |
|
بِها العينُ أَرفاضاً كَأَنَّ سِخالَها | |
|
| وُقوفَ عَذارى سوقِطَت حَولَ مَلعَبِ |
|
وَكُلُّ لَياحٍ بِالفَلاةِ إِذا غَدا | |
|
| مَشى فَزِعاً كَالرائِحِ المُتَنَكِّبِ |
|
قَطَعتُ بِمِقلاقِ الوِشاحِ كَأَنَّها | |
|
| طَريدَةُ وَحشٍ أُفلِتَت مِن مُكَلِّبِ |
|
وَإِنّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصيدَةٍ | |
|
| طَلوعِ الثَنايا لَذَّةٍ لِلمُشَبِّبِ |
|
إِذا أُنشِدَت لَذَّت إِلى القَومِ وَاِرتَمى | |
|
| بِها كُلُّ رَكبٍ مُصعِدٍ أَو مُصَوِّبِ |
|
وَإِنّي لَأَسعى لِلتَكَرُّمِ راغِباً | |
|
| وَمَن يُحصِ أَخلاقَ التَكَرُّمِ يَرغَبِ |
|
إِلى شيمَةٍ مِنّي وَتَأديبِ والِدي | |
|
| وَلا يَعرِفُ الأَخلاقَ مَن لَم يُؤَدَّبِ |
|
وَقَد يَخذُلُ المَولى دُعايَ وَيَحتَذي | |
|
| أَذاتي وَإِن يُعزَل بِهِ الضَيمُ أَغضَبِ |
|
وَأَعرِفُ في بَعضِ الدُنُوِ مَلالَةَ الصْ | |
|
| صَديقِ وَاِستَبقيهِمُ بِالتَجَنُّبِ |
|
تَعَجَّبُ هِندٌ أَن رَأَت لَونَ لِمَّتي | |
|
| وَمَن يَرَ شَيبي بَعدَ عَهدِكِ يَعجَبِ |
|
وَكانَت تَراهُ كَالجَناحِ فَراعَها | |
|
| تَغَيُّرُ لَونٍ بَعدَ ذَلِكَ مُعقِبِ |
|
فَإِمّا تَرَيني قَد عَلا الشَيبُ مَفرِقي | |
|
| وَفَضلُ النُهى وَالحِلمُ عِندَ التَشَيُّبِ |
|
فَإِنّي اِمرَؤٌ ما يَخبَأُ النارَ مَوقِدي | |
|
| بِسِترٍ وَما تَستَنكِرُ الضَيفَ أَكلُبي |
|
وَما أَنا لِلمَولى بِذِئبٍ إِذا رَأى | |
|
| لَهُ غِرَّةً أَدلى مَعَ المُتَذَئِّبِ |
|
وَلَكِنَّني إِن خافَ قَومي عَظيمَةً | |
|
| رَمَوني بِنَحرِ المانِعِ المُتَأَرِّبِ |
|
فَصَرَّفتُ صَعبَ الأَمرِ حَتّى أَذِلَّهُ | |
|
| وَيَركَبُ مِن أَظفارِهِ كُلَّ مَركَبِ |
|
وَلَستُ إِذا الفِتيانُ هَزّوا إِلى العُلى | |
|
| بِذي العِلَّةِ الآبي وَلا المُتَخَيِّبِ |
|
وَلا أَجعَلُ المَعروفَ حِلَّ أَلِيَّتي | |
|
| وَلا عِدَةً في الناظِرِ المُتَغَيِّبِ |
|
وَلَستَ بِلاقي الحَمدِ ما لَم تجنّه | |
|
| وَلا مُقتَدٍ بِاللُبِّ ما لَم تَلَبَّبِ |
|
وَلَستَ بِلاقي الرَأسِ مِن آلِ فَقعَسٍ | |
|
| فَيُنسَبَ إِلّا كانَ خالِيَ أَو أَبي |
|
وَجَدتُ أَبي يُنمي بَنيهِ وَيَنتَمي | |
|
| إِلى الفَرعِ مِنهُم وَاللُبابِ المُهَذَّبِ |
|
إِلى شَجَرِ النَبعِ الَّذي لَيسَ نابِتاً | |
|
| مِنَ الأَرضِ إِلّا في مَكانٍ مُطَيَّبِ |
|
أُولَئِكَ قَومي إِن أَعُدُّ الَّذي لَهُم | |
|
| أُكَرَّم وَإِن أَفخَر بِهِم لَم أُكَذَّبِ |
|
هُمُ مَلجَأُ الجاني إِذا كانَ خائِفاً | |
|
| وَمَأوى الضَريكِ وَالفَقيرِ المُعَصَّبِ |
|
بِطاءٌ عَنِ الفَحشاءِ لا يَحضُرونَها | |
|
| سِراعٌ إِلى داعي الصَباحِ المُثَوِّبِ |
|
مَناعيشُ لِلمَولى مَساميحُ بِالقِرى | |
|
| مَصاليتُ تَحتَ العارِضِ المُتَلَهِّبِ |
|
وَجَدتُ أَبي فيهِم وَخالي كِلاهُما | |
|
| يُطاعُ وَيُعطى أَمرُهُ وَهوَ مُحتَبي |
|
فَلَم أَتَعَمَّل لِلسِيادَةِ فيهِمُ | |
|
| وَلَكِن أَتَتني وادِعاً غَيرَ مُتعَبِ |
|
وَلَم أَتَّبِع ما يَكرَهونَ وَلَم يَكُن | |
|
| لِأَعدائِهِم مِن سائِرِ الناسِ مَنكِبي |
|