يا صاحِ ما ذَكَّرَكَ الأَذكارا
|
ما لُمتَ مِن قاضٍ قَضى الأَوطارا
|
كَشحاً طَوى مِن بَلَدٍ مُختارا
|
مِن يَأسَةِ اليائِسِ أَو حِذارا
|
لَومَ أَخِلاَّئِكَ وَاِعتِذارا
|
فَحَيِّ بَعدَ القِدَمِ الديارا
|
بِحَيثُ ناصى المُظلِمُ النِسارا
|
قَفراً تَهاداها البِلى أَطوارا
|
تُنازِعُ الأَرواحَ وَالأَمطارا
|
أَنواءَها وَالبارِحَ الطَيّارا
|
بِالجَوِّ إِلّا أَن تَرى حَبارا
|
كَما يُجِدُّ الكاتِبُ الأَسطارا
|
فَقَد تَرى بيضاً بِها أَبكارا
|
مِنَ الحَياءِ خُرُداً خِفارا
|
يَخلِطنَ بِالتَأَنُّسِ النِوارا
|
زَهوَكَ بِالصَرِيَمَةِ الصِوارا
|
وِإِذ سُلَيمى تَستَي الأَغرارا
|
قامَت تُريكَ وارِداً مُنصارا
|
وَحفاً وَفَعماً يَملأُ السِوارا
|
وَمُرجَحِناً كَالنَقا مَرمارا
|
وَعثاً تَرى في كَشحِهِ اَضطِمارا
|
وَمِشيَةً مَورَ الغَديرِ مارا
|
إِنَّ الهَوى الطارِقَ وَالأَسرارا
|
أَلبَسنَ مِن ثَوبِ البِلى نِجارا
|
وَبَلدَةٍ تَضَيَّفُ القِفارا
|
كَلَّفتُها ذا دِعَمٍ مَوّارا
|
كَالأَخدَرِيِّ يَركَبُ الأَقطارا
|
حَتّى إِذا أَنسَلَتِ المُوارا
|
وَاجتَبنَ بَعدَ البَلَقِ اِكدِرارا
|
بِصُلبِ رَهبى تَخبِطُ الأَخضارا
|
يَركَبنَ بَعدَ الجَدَدِ الإِوعارا
|
يَرمي صِماد القُفِّ وَالقَرارا
|
بِمُكرَبٍ لا يَشتَكي الإِمعارا
|
مِن وُظُفِ القَينِ وَلا اِنفِطارا
|
كَأَنَّهُ إِذ صَعصَعَ الكِرارا
|
مُخَضرَمٌ مِن جَمعِهِ الإِصرارا
|
كَأَنَّ مِن تَقريبِهِ المِشوارا
|
وَدَأَلِ البَغيِ بِهِ هِجارا
|
إِذا اِستَمَرَّت أَسرَعَ المِرارا
|
وَإِن أَعارَت حافِراً مُعارا
|
كَأَنَّهُ مُستَبطِنٌ أَظرارا
|
وَأَباً حَمَت نُسورُهُ الأَوقارا
|
كَأَنَّ في حافِرِهِ اِنفِجارا
|
إِن جُرنَ لَم يَندَم عَلى ما جارا
|
وِرداً عَلى المَسجوحِ وَاِشتِغارا
|
حَتّى إِذا ما مَذَقَ الإِسحارا
|
أَغَرُّ يَحدو مُظلِماً قَيّارا
|
وَقَد رَأى في الأُفُقِ اِشقِرارا
|
وَفي جَناحَي لَيلِهِ اِصفِرارا
|
وَصلَكَ بِالسِلسِلَةِ العِذارا
|
تَعَرَّضَت ذا حَدَبٍ جَرجارا
|
أَملَسَ إِلّا الضِفدِعَ النَقّارا
|
يَركُضنَ مِن عَرمَضِهِ الطِرارا
|
تَخالُ فيهِ الكَوكَبَ الزَهّارا
|
لُؤلُؤَةً في الماءِ أَو مِسمارا
|
وَخافَتِ الرامينَ والوِجارا
|
حَتّى إِذا ما بَلَّتِ الأَغمارا
|
رِيّاً وَلَمّا تَقَصَعِ الأَصرارا
|
أَجلَت نِفاراً وَانتَحى نِفارا
|
مُلازِماً لا يَرهَبُ العِثارا
|
تَخالُ بَينَ شَجرِهِ مِزمارا
|
كَأَنَّهُ لَو لَم يَكُن حِمارا
|
بِهُنَّ تالي النِجمِ حينَ غارا
|
بَل قَدَّرَ المُقَدِّرُ الأَقدارا
|
بِواسِطٍ أَفضَلَ دارٍ دارا
|
أَصبَحَ نُوراً لِلهُدى أَنارا
|
وَاللَهُ سَمّى نَصرَهُ الأَنصارا
|
لَولا تَكَمّيكَ ذُرى مَن جارا
|
وَالذَبُّ عَنا لَم نَكُن أَحرارا
|
فَعادَ مِنهُ رَحمَةً وَغارا
|
عَلى نِساءٍ تَنذُرُ الأَنذارا
|
فيهِ فَما أَوفَينَها إِبرارا
|
وَقَد عَلِمنا مَعشَراً أَغمارا
|
فَقّأَ أَكبادُهُم المَرارا
|
عَلى مَن اَعمى يَومَهُم وَحارا
|
أَلَم يَروا إِذ حَلَّقوا الأَشعارا
|
وَأَفسَدوا في دينَهُم ضِرارا
|
عاثورَ أَمرٍ فَلَقوا عِثارا
|
يَنوونَ كَسراً فَلَقُوا اِكتِسارا
|
وَالمُلكَ إِذ صارَ لَهُ ما صارا
|
لاقَوا بِهِ الحَجّاجَ وَالإِصحارا
|
بِهِ اِبنَ أَجلى وافَقَ الإِسفارا
|
فَما قَضى أَمراً وَلا أَحارا
|
في الحَربِ إِلّا رَبَّهُ اِستَخارا
|
ما زالَ يَدنو مِنهُمُ أَشبارا
|
حَتّى رَأَوا لِلَونِهِ أَنمارا
|
وَلاعتِزامِ رَأيِهِ أَزرارا
|
لا مُضمَحِلّاتٍ وَلا قِصارا
|
حَتّى إِذا صَفّوا لَهُ جِدارا
|
وَكانَ ما بَينَهُمُ طَوارا
|
حَيثُ تُوَدّي القُرعَةُ القِمارا
|
وَأَبصَروا مِن رُعبِهِ إِبطارا
|
صَواعِقاً يَدمَغنَ وَانتِهارا
|
مَن ذي حِفاظٍ يَمنَعُ الذِمارا
|
أَورَدَ حُذّاً تَسبِقُ الأَبصارا
|
يَسبَقنَ بِالمَوتِ القَنا الحِرارا
|
تُسرِعُ دونَ الجُنَنِ البِشارا
|
وَالمَشرَفِيَّ وَالقَنا الخَطّارا
|
وَكُلُّ أُنثى حَمَلَت أَحجارا
|
تُنتَجُ حينَ تُلقَحُ اِنبِقارا
|
قَد ضَبَّرَ القَومُ لَها إِضبارا
|
كَأَنَّما تَجَمَعّوا قُبّارا
|
بِهِ وَقَد شَدّوا لَها الأَزبارا
|
إِذا تَعَلّوا حَبلَها المُغارا
|
بِالفَتلِ شَزراً غَلَبَت يَسارا
|
تَمطو العُرى وَالمِجذَبَ النَتّارا
|
تَرى بِحَيثُ وَقَعَت غُبارا
|
كَما تَرى في الهُوَّةِ الأَوارا
|
إِذا سَمِعتَ صَوتَها الخَرّارا
|
يَهوي أَصَمَّ صَقعُها الصَرارا
|
كَأَنَّ في أَلوانِهُم صُفارا
|
وَأُمَّهاتِ هامِهم دُوارا
|
إِذ حَرِجَ المَوتُ بِهُم وَدارا
|
وَرَعَدَ العارِضُ وَاستَطارا
|
في رَيِّقٍ تَرى لَهُ غِفارا
|
إِذا رَأى أَو رَهِبَ الغِرارَ
|
مَوجَ الوَضينِ قَدَّمَ الزِيّارا
|