إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
تحيّة ... و قبلة |
وليس عندي ما أقول بعد |
من أين أبتدي؟ .. و أين أنتهي؟ |
ودورة الزمان دون حد |
وكل ما في غربتي |
زوادة، فيها رغيف يابس، ووجد |
ودفتر يحمل عني بعض ما حملت |
بصقت في صفحاته ما ضاق بي من حقد |
من أين أبتدي؟ |
وكل ما قيل و ما يقال بعد غد |
لا ينتهي بضمة.. أو لمسة من يد |
لا يرجع الغريب للديار |
لا ينزل الأمطار |
لا ينبت الريش على |
جناح طير ضائع .. منهد |
من أين أبتدي |
تحيّة .. و قبلة.. و بعد .. |
أقول للمذياع ... قل لها أنا بخير |
أقول للعصفور |
إن صادفتها يا طير |
لا تنسني، و قل: بخير |
أنا بخير |
أنا بخير |
ما زال في عيني بصر! |
ما زال في السما قمر! |
وثوبي العتيق، حتى الآن، ما اندثر |
تمزقت أطرافه |
لكنني رتقته... و لم يزل بخير |
وصرت شابا جاور العشرين |
تصوّريني ... صرت في العشرين |
وصرت كالشباب يا أماه |
أواجه الحياه |
وأحمل العبء كما الرجال يحملون |
وأشتغل |
في مطعم ... و أغسل الصحون |
وأصنع القهوة للزبون |
وألصق البسمات فوق وجهي الحزين |
ليفرح الزبون |
أنا بخير |
قد صرت في العشرين |
وصرت كالشباب يا أماه |
أدخن التبغ، و أتكي على الجدار |
أقول للحلوة: آه |
كما يقول الآخرون |
يا أخوتي º ما أطيب البنات، |
تصوروا كم مرة هي الحياة |
بدونهن ... مرة هي الحياة . |
وقال صاحبي: هل عندكم رغيف؟ |
يا إخوتي º ما قيمة الإنسان |
إن نام كل ليلة ... جوعان؟ |
أنا بخير |
أنا بخير |
عندي رغيف أسمر |
وسلة صغيرة من الخضار |
سمعت في المذياع |
تحية المشرّدين .. للمشردين |
قال الجميع: كلنا بخير |
لا أحد حزين º |
فكيف حال والدي |
ألم يزل كعهده، يحب ذكر الله |
والأبناء .. و التراب .. و الزيتون؟ |
وكيف حال إخوتي |
هل أصبحوا موظفين؟ |
سمعت يوما والدي يقول: |
سيصبحون كلهم معلمين ... |
سمعته يقول |
أجوع حتى أشتري لهم كتاب |
لا أحد في قريتي يفك حرفا في خطاب |
وكيف حال أختنا |
هل كبرت .. و جاءها خطّاب؟ |
وكيف حال جدّتي |
ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب؟ |
تدعو لنا |
بالخير ... و الشباب ... و الثواب! |
وكيف حال بيتنا |
والعتبة الملساء ... و الوجاق ... و الأبواب! |
سمعت في المذياع |
رسائل المشردين ... للمشردين |
جميعهم بخير! |
لكنني حزين ... |
تكاد أن تأكلني الظنون |
لم يحمل المذياع عنكم خبرا ... |
ولو حزين |
ولو حزين |
الليل يا أمّاه ذئب جائع سفاح |
يطارد الغريب أينما مضى .. |
ويفتح الآفاق للأشباح |
وغابة الصفصاف لم تزل تعانق الرياح |
ماذا جنينا نحن يا أماه؟ |
حتى نمةت مرتين |
فمرة نمةت في الحيتة |
ومرة نمةت عند الموت! |
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء؟ |
هبي مرضت ليلة ... وهد جسمي الداء! |
هل يذكر المساء |
مهاجرا أتى هنا... و لم يعد إلى الوطن؟ |
هل يذكر المساء |
معاجرا مات بلا كفن؟ |
يا غابة الصفصاف! هل ستذكرين |
أن الذي رموه تحت ظلك الحزين |
كأي شيء ميت إنسان؟ |
هل تذكرين أنني إنسان |
وتحفظين جثتني من سطوه الغربان؟ |
أماه يا أماه |
لمن كتبت هذه الأوراق |
أي بريد ذاهب يحملها؟ |
سدّت طريق البر و البحار و الآفاق ... |
وأنت يا أماه |
ووالدي، و إخوتي، و الأهل، و الرفاق ... |
لعلّكم أحياء |
لعلّكم أموات |
لعلّكم مثلي بلا عنوان |
ما قيمة الإنسان |
بلا وطن |
بلا علم |
ودونما عنوان |
ما قيمة الإنسان |