أَرى سَفَهاً وَلَو جاءَ العَذولُ | |
|
| بِحَقٍّ أَن أَقولَ كَما يَقولُ |
|
فَما مِنّي إِلى لَومٍ جُنوحٌ | |
|
| وَلا عِندي لِتَعنيفٍ قَبولُ |
|
وَكَيفَ يُبِلُّ مِن داءٍ دَفينٍ | |
|
| عَليلٌ ما يُبَلُّ لَهُ غَليلُ |
|
أَحِنُّ لَدى المَنازِلِ وَهيَ قَفرٌ | |
|
| كَما حَنَّت لَدى البَوِّ العَجولُ |
|
وَأَشتاقُ الدِيارَ وَساكِنيها | |
|
| كَما يَشتاقُ صِحَّتَهُ العَليلُ |
|
بَكَيتُ لِهَجرِهِم حيناً وَحيناً | |
|
| لِبُعدِهِمُ وَقَد أَزِفَ الرَحيلُ |
|
فَلَم تَذرِ النَوى وَالهَجرُ دَمعاً | |
|
| تُجادُ بِهِ المَعالِمُ وَالطُلولُ |
|
وَمِمّا شَفَّني وَجدٌ عَزيزٌ | |
|
| يُحاوِلُ قَهرَهُ صَبرٌ ذَليلُ |
|
جَزى الريحَ الدَبورَ اللَهُ خَيراً | |
|
| فَلي مِنها إِذا هَبَّت رَسولُ |
|
أُحَمِّلُهُ إِلى سَلمى سَلاماً | |
|
| تَرُدُّ جَوابَهُ الريحُ القَبولُ |
|
وَدونَ الظاعِنينَ نَوىً شَطونٌ | |
|
| عَرَتنا قَبلَها وَهُمُ حُلولُ |
|
خُطوبٌ يَبعُدُ الأَدنَونَ مِنها | |
|
| وَيَقطَعُ عِندَها البَرُّ الوَصولُ |
|
وَعِندَ أَبي المُظَفَّرِ إِن أَلَمَّت | |
|
| مَقيلٌ مِن عَواديها مُقيلُ |
|
بِهِ اِغتُفِرَت جِناياتُ اللَيالي | |
|
| وَأَنجَزَ وَعدَهُ الزَمَنُ المَطولُ |
|
أَضافَ إِلى النَدى المُنهَلِّ بَأساً | |
|
| يَهونُ عَلَيهِ فيهِ ما يَهولُ |
|
أَبادَ مُخالِفاً وَأَفادَ ذِكراً | |
|
| تَزولُ الراسِياتُ وَما يَزولُ |
|
وَأَمناً تَعجَبُ الأَيّامُ مِنهُ | |
|
| وَعَدلاً ما لَهُ فيهِ عَديلُ |
|
تَدورُ عَلى الأَداني وَالأَقاصي | |
|
| مَواهِبُهُ وَلَم تَدُرِ الشَمولُ |
|
مَساعٍ وَعَّرَت سُبُلَ المَعالي | |
|
| فَلَيسَ إِلى اللَحاقِ بِها سَبيلُ |
|
وَشاعَ حَديثُها حَتّى تَساوى ال | |
|
| عَليمُ بِما تُؤَثِّلُ وَالجَهولُ |
|
فَأَيقَنَ مَن حَوى مُلكاً بِجَدٍّ | |
|
| وَحَظٍّ أَنَّهُ فيهِ دَخيلُ |
|
نَحا شَرَفُ المُلوكِ بِلا دَليلٍ | |
|
| طَرائِقَ لَيسَ يَعرِفُها دَليلُ |
|
فَوَعرُ المَكرُماتِ عَلَيهِ سَهلٌ | |
|
| وَصَعبُ النائِباتِ لَهُ ذَلولُ |
|
نَدىً تَحيا العُفاةُ بِهِ وَعِزٌّ | |
|
| تَموتُ بِهِ الضَغائِنُ وَالذُحولُ |
|
وَعَزمٌ لا يَمينُ وَلا يُمَنّي | |
|
| وَرَأيٌ لا يُفَلُّ وَلا يَفيلُ |
|
حَمى ذا الشامَ أَجمَعَهُ هِزَبرٌ | |
|
| لَهُ بِالقَلعَةِ الشَمّاءِ غيلُ |
|
مَخوفٌ وَالصَوارِمُ لَم تُجَرَّد | |
|
| وَلا أَخلَت مَرابِطَها الخُيولُ |
|
وَلَيسَ يَريمُ أَسماعَ الأَعادي | |
|
| صَليلُ ظُبىً يُمازِجُهُ صَهيلُ |
|
فَفي كَفِّ الخِلافَةِ حينَ يَسطو | |
|
| حُسامٌ لا يُلِمُّ بِهِ كُلولُ |
|
فَلا يَأذَن إِلى الإِرجافِ مُصغٍ | |
|
| يَميلُ بِهِ الهَوى أَنّى يَميلُ |
|
فَكُلُّ عُداةِ هَذا المُلكِ أَسرى | |
|
| وَهَيبَتُكَ الجَوامِعُ وَالكُبولُ |
|
وَما تَخشى عِدىً لا أَسرَ فيهِم | |
|
| وَإِن كَثُرَ المُشَرَّدُ وَالقَتيلُ |
|
وَلَيسَ يَخيبُ حينَ تَجودُ إِلّا | |
|
| مُشيرٌ بِاِختِصارِكَ أَو عَذولُ |
|
فِداؤُكَ مَن نَزاهَتُهُ لِأَمرٍ | |
|
| يَخافُ وَمَن نَباهَتُهُ خُمولُ |
|
فَفي قَلبِ السِيادَةِ مِنهُ غِلٌّ | |
|
| تَكَنَّفَهُ وَسُؤدُدُهُ غُلولُ |
|
وَمَغرورٌ رَأى الإِقدامَ يُردي | |
|
| فَعاوَدَ يَستَميلُ وَيَستَقيلُ |
|
كَسَيلٍ عَزَّهُ طَودٌ مُنيفٌ | |
|
| فَأَعرَضَ حينَ عارَضَهُ مَسيلُ |
|
فَكانَت عَزمَةً ذَهَبَت ضَلالاً | |
|
| إِلى أَن أَصحَبَ الرَأيُ الأَصيلُ |
|
فَأَوَّلُها اِعتِداءٌ وَاِغتِرابٌ | |
|
| وَآخِرُها وِدادٌ بَل نُكولُ |
|
وَغايَةُ مَن غَزا لِيَنالَ غُنماً | |
|
| وَأَعيَتهُ مَطالِبُهُ القُفولُ |
|
لَأَخفَقَ ظَنُّهُ وَاِعتاضَ وُدّاً | |
|
| عَلى غَيرِ الزَمانِ بِهِ يَصولُ |
|
فَإِن تَخِبِ الصَوارِمُ وَالعَوالي | |
|
| فَلَم يَخِبِ الكِتابُ وَلا الرَسولُ |
|
فَما لِلرومِ لا عَدِموا ضَلالاً | |
|
| يَغُرُّهُمُ الرَجاءُ المُستَحيلُ |
|
عَهِدتُهُمُ تَخونُهُمُ الأَماني | |
|
| مَتى صارَت تَخونُهُمُ العُقولُ |
|
لِذا مَنَعوكَ حَقَّكَ وَاِستَعاضوا | |
|
| بِهِ بَدَلاً فَما ثَبَتَ البَديلُ |
|
نَزَلتَ عَنِ الحِصانِ وَقَد أَرادوا | |
|
| مُمانَعَةً فَعَمَّهُمُ النُزولُ |
|
وَكُنتَ بِأَخدِهِ قَسراً جَديراً | |
|
| وَأَنتَ بِرَدِّهِ كَرَماً كَفيلُ |
|
يَحُلُّ الناسُ ما عَقَدوهُ غَدراً | |
|
| وَعَقدُكَ لا يُحَلُّ وَلا يَحولُ |
|
وَمَن أَعزَزتَ لَيسَ لَهُ مُذِلٌّ | |
|
| وَمَن أَذلَلتَ لَيسَ لَهُ مُديلُ |
|
وَهَل تَعصي الفُروعُ عَلى هُمامٍ | |
|
| مَتى ما هَمَّ لَم تَعصِ الأُصولُ |
|
فَكَيفَ بِهِم إِذا ما الخَيلُ بُثَّت | |
|
| فُحولاً فَوقَ أَظهُرِها فُحولُ |
|
يُبَرقِعُها القَنا في كُلِّ حَربٍ | |
|
| نَجيعاً ما لَها مِنهُ شَليلُ |
|
وَيَكسو الصُبحَ مِن نَقعِ خِضاباً | |
|
| كَليلٍ وَالنُصولُ بِهِ نُصولُ |
|
أَبى لَكَ أَن تُسامَ الخَسفَ عَزمٌ | |
|
| بِأَسيافِ العِدى مِنهُ فُلولُ |
|
لِيَحوِ الفَخرَ عَصرٌ أَنتَ فيهِ | |
|
| فَإِنَّكَ لِلزَمانِ يَدٌ تَصولُ |
|
تَكَلَّفَها لِنَفيِ البُخلِ عَنهُ | |
|
| وَقَد يُسني عَطِيَّتَهُ البَخيلُ |
|
وَلَستَ مُطاوَلاً في المَجدِ إِلّا | |
|
| إِذا طالَت عَلى الغُرَرِ الحُجولُ |
|
عَلَت جَدواكَ أَقوالي وَقِدماً | |
|
| عَلَوتُ المُنعِمينَ بِما أَقولُ |
|
بِها أَدرَكتُ آمالي وَبَيني | |
|
| وَبَينَ قَريبِها أَمَدٌ طَويلُ |
|
فَنابُ الدَهرِ عَنّي اليَومَ نابٍ | |
|
| لَدَيكَ وَطَرفُهُ دوني كَليلُ |
|
وَكُنتُ لِرِيبِهِ هَدَفاً إِلى أَن | |
|
| غَطاني ظِلُّ أَنعُمِكِ الظَليلُ |
|
سَأَشكُرُها مُبيناً عَن ثَناءٍ | |
|
| يُقَصِّرُ عَن مَداهُ مَن يُطيلُ |
|
خَفيفٍ حَمَّلَ الحُسّادَ ثِقلاً | |
|
| مُقيمٍ وَهوَ في الدُنيا يَجولُ |
|
تَضَمَّنَهُ قَراطيسٌ سَتُطوى | |
|
| وَيَنشُرُ فَضلَها جيلٌ فَجيلُ |
|
كَواكِبُ في سَماءِ عُلاكَ زُهرٌ | |
|
| وَلَكِن مالَها عَنها أُفولُ |
|