أقبلَ العيدُ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ
|
لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ
|
كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتِحِ قطرَهْ
|
أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ زهرَهْ
|
وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ
|
فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكرَهْ
|
وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ
|
وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ
|
ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّهْ
|
قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ ومضرَّهْ
|
لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ أمرَهْ
|
حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ وكرَهْ
|
فوقَهُ البازِيُّ، والأشْرَاكُ في نجدٍ وحُفْرَهْ
|
فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ صدرَهْ
|
وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ
|
كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ بُكْرَهْ
|
فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ إبرَهْ
|
أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ
|
|
ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ
|
وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ
|
تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ
|
وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ
|
وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ
|
لَكَ، ما دامتْ لكَ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ
|
فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ
|
أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ
|
أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ أُجْرَهْ
|
لا تكنْ مُرَّاً، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ مُرَّهْ
|
إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ وقُدْرَهْ
|
فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ، فالفتى العابسُ صَخْرَهْ
|
سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ وغِرَّهْ
|
إنَّهُ العيدُ
وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ مَرَّهْ
|