قِف مَوقِفَ الشَكِّ لا يَأسٌ وَلا طَمَعُ | |
|
| وَغالِطِ العَيشَ لا صَبرٌ وَلا جَزَعُ |
|
وَخادِعِ القَلبَ لا يودِ الغَليلُ بِهِ | |
|
| إِن كانَ قَلبٌ عَلى الماضينَ يَنخَدِعُ |
|
وَكاذِبِ النَفسَ يَمتَدُّ الرَجاءُ لَها | |
|
| إِنَّ الرَجاءَ بِصِدقِ النَفسِ يَنقَطِعُ |
|
سائِل بِصَحبي أَنّى وُجهَةٍ سَلَكوا | |
|
| عَنّا وَأَيَّ الثَنايا بَعدَنا طَلَعوا |
|
حَدا بِأَظعانِهِم حَتّى اِستَمَرَّ بِها | |
|
| حادي المَقاديرِ لا يَلوي بِهِم ظَلَعُ |
|
غابوا فَغابَ عَنِ الدُنيا وَساكِنُها | |
|
| مَرأىً أَنيقٌ عَنِ الدُنيا وَمُستَمَعُ |
|
بَني أَبي قَد نَكى فيكُم بِشِكَّتِهِ | |
|
| وَنالَ ما شاءَ هَذا الأَزلُمَ الجَذَعُ |
|
كُنتُم نُجوماً لِذي الدَهماءِ زاهِرَةً | |
|
| تُضيءُ مِنها اللَيالي السودُ وَالدُرَعُ |
|
إِن تَخبُ أَنوارُكُم مِن بَعدِ ما صَدَعَت | |
|
| ثَوبَ الدُجى فَلَضَوءِ الشَمسِ مُنقَطَعُ |
|
في غُرَّةِ المَجدِ مُذ غُيَّبتُمُ كَلَفٌ | |
|
| عَلى الزَمانِ وَفي خَدِّ العُلى ضَرَعُ |
|
وَبِالمَواضي حِرانٌ في الوَغى وَبِأَع | |
|
| ناقِ الضَوامِرِ مُذ أُرحِلتُمُ خَضَعُ |
|
مَصاعِبٌ ذَعذَعَت أَيدي المَنونِ بِها | |
|
| فَطاعَ مُعتَصِمٌ وَاِنقادَ مُمتَنِعُ |
|
لَم يَعدَموا يَومَ حَربٍ تَحتَ قَسطَلِها | |
|
| طَيرُ الدِخامِ عَلى لَبّاتِهِم تَقَعُ |
|
لَم يَنزِعوا البيضَ مُذلاثوا عَمائِمَهُم | |
|
| إِلّا وَقَد غاضَ مِنها الشَيبُ وَالنَزَعُ |
|
نُسابِقُ المَوتَ تَطويحاً بِأَنفُسِنا | |
|
| حَتّى كَأَنّا عَلى الأَجيالِ نَقتَرِعُ |
|
أَبكيهِمُ وَيَدُ الأَيّامِ دائِبَةٌ | |
|
| تَدوفُ لي فَضلَةَ الكَأسِ الَّتي جَرَعوا |
|
لا أَمتَري أَنَّني بُجرٍ إِلى أَمَدٍ | |
|
| جَروا إِلَيهِ قُبَيلَ اليَومِ أَو نَزَعوا |
|
وَأَنَّني وارِدُ العِدِّ الَّذي وَرَدوا | |
|
| بِالكُرهِ أَو قارِعُ البابِ الَّذي قَرَعوا |
|
سُدَّت فَواغِرُ أَفواهِ القُبورِ بِهِم | |
|
| وَلَيسَ لِلأَرضِ لا رَيٌّ وَلا شَبَعُ |
|
أَعتادُهُم لا أُرَجّي أَن يَعودَ لَهُم | |
|
| إِلَيَّ ماضٍ وَلا لي فيهِمُ طَمَعُ |
|
فَما تَوَهُّجُ أَحشايَ عَلى نَفَرٍ | |
|
| كانوا عَوادِيَ لِلأَيّامِ فَاِرتَجِعوا |
|
نُليحُ أَن تَرتَعي الأَقدارُ أَنفُسَنا | |
|
| وَكُلُّنا لِلمَنايا السودِ مُزدَرَعُ |
|
نَلهو وَمانَحنُ إِلّا لِلرَدىأُكَلٌ | |
|
| وَالدَهرُ يَمضَغُنا وَالأَرضُ تَبتَلِعُ |
|
ذَوائِبٌ مِن لُبابِ المَجدِ ما فَجِعوا | |
|
| بِمِثلِ أَنفُسِهِم يَوماً وَلا فُجِعوا |
|
كانوا حَوامي جِبالِ العِزِّ فَاِنقَرَضوا | |
|
| وَصَدَّعوا قُلَلَ العَليا مُذِ اِنصَدَعوا |
|
فَوارِسٌ قَوَّضوا عَن سابِقاتِهِمُ | |
|
| فَاِستُنزِلوا بِطِعانِ الدَهرِ وَاِقتُلِعوا |
|
قَومٌ فُكاهَتُهُم ضَربُ الطُلى وَلَهُم | |
|
| تَحتَ العَجاجِ بِأَطرافِ القَنا وَلَعُ |
|
إِمّا تَؤودُ مِنَ الأَيّامِ نائِبَةٌ | |
|
| قاموا بِها وَأَطاقوا الحَملَ وَاِضطَلَعوا |
|
لا تَستَلينُهُمُ الضَرّاءُ نازِلَةً | |
|
| وَلا تَقودُهُمُ الأَطماعُ وَالنُجَعُ |
|
كَم خَمصَةٍ كانَ فيها العِزِّ آوِنَةً | |
|
| وَشَبعَةٍ كانَ فيها العارُ وَالضَرَعُ |
|
مِن كُلِّ أَغلَبَ نَظّارٍ عَلى شَوَسٍ | |
|
| لَهُ لِواءٌ عَلى العَلياءِ مُتَّبَعُ |
|
يَخفى بِهِ التاجُ مِن لَأَلاءِ غُرَّتِهِ | |
|
| عَلى جَبينٍ بِضَوءِ المَجدِ يَلتَمِعُ |
|
ذو عَزمَةٍ تُلهِمُ الدُنيا وَساكِنَها | |
|
| وَهِمَّةٍ تَسَعُ الدُنيا وَما تَسَعُ |
|
يَلقى الظُبى حاسِراً تَبدو مَقاتِلُهُ | |
|
| وَيَرهَبُ الذَمَّ يَوماً وَهوَ مَدَّرِعُ |
|
إِنَّ المَصائِبَ تُنسي المَرءَ مُقبَلَةً | |
|
| قَصدَ الطَريقِ لِما يُسلي وَما يَزَعُ |
|
حَتّى إِذا اِنكَشَفَت عَنهُ غَياطِلُها | |
|
| تَبَيَّنَ المَرءُ ما يَأتي وَما يَدَعُ |
|
أَرسى النَسيمُ بِواديكُم وَلابَرِحَت | |
|
| حَوامِلُ المُزنِ في أَجداثِكُم تَضَعُ |
|
وَلا يَزالُ جَنينُ النَبتِ تُرضِعُهُ | |
|
| عَلى قُبورِكُمُ العِرّاصَةُ الهَمِعُ |
|
هَل تَعلَمونَ عَلى نَأيِ الدِيارِ بِكُم | |
|
| أَنَّ الضَميرَ إِلَيكُم شَيِّقٌ وَلِعُ |
|
لَكُم عَلى الدَهرِ مِن أَكبادِنا شُعَلٌ | |
|
| مِنَ الغَليلِ وَمَن آماقِنا دُفَعُ |
|
لَواعِجٌ أَفصَحَت عَنها الدُموعُ وَقَد | |
|
| كادَت تُجَمجِمُها الأَحشاءُ وَالضِلَعُ |
|
أَنزَفتُ دَمعِيَ حَتّى ما تَرَكتُ لَهُ | |
|
| غَرباً يَفيضُ عَلى رُزءٍ إِذا يَقَعُ |
|
ثُمَّ اِضطُرِرتُ إِلى صَبري فَعُذتُ بِهِ | |
|
| وَأَعرَبَ الصَبرُ لَمّا أَعجَمَ الجَزَعُ |
|