|
الفَجرُ مِن عَتْمَةِ الدُّنيَا قَدِ انبَثَقَا | |
|
| بَعدَ الظَّلامِ الذِي فِي بَحرِهِ غَرِقَا |
|
يَا لَلصَّبَاحِ، أَرَاهُ الآنَ مُنبَلِجاً | |
|
| كَأَنَّ فِي فَمِهِ طِفلَ الضُّحَى نَطَقَا |
|
تَحَطَّمَ القَيدُ يَا لَيْلايَ فِي وَطَنِي | |
|
| فَغَرَّدَ الطَّائِرُ المَحزُونُ وانطَلَقَا |
|
وأَعلَنَ النِّيلُ بَعدَ الصَّمتِ صَرخَتَهُ | |
|
| أَنَا البَقَاءُ، وغَيرِي هَالِكٌ أَبَقَا |
|
أَنَا ضَمِيرُ مَلايِينٍ عَلَى جُرُفِي | |
|
| أَنَّتْ، فَمَزَّقَهَا سَيفُ الدُّجَى مِزَقَا |
|
أَذَاقَهَا سَوطُ جَلاّدٍ بِلا قِيَمٍ | |
|
| طُولَ الثَّلاثِينَ مِن تَارِيخِهِ حُرَقَا |
|
وسَامَها الفَقرَ مُحتَالٌ ومُختَلِسٌ | |
|
| و نَاهِبٌ دَنِسٌ مِن قُوتِهَا سَرَقَا |
|
قد بَثَّ بَينَ جُمُوعِ الشَّعبِ فُرقَتَهُ | |
|
| حَتَّى غَدَا الشَّعبُ مِن أَفعَالِهِ فِرَقَا |
|
هَذَا الصَّلِيبُ عَلَى الأَعتَابِ حَطَّمَهُ | |
|
| و لِلهِلالِ أَحَالَ الجُرمَ فَالتَصَقَا |
|
ثَارَ الهِلالُ بَرِيئاً مِن مَزَاعِمِهِ | |
|
| و فِي الكَنِيسَةِ إِنكَارٌ لِمَن حَمُقَا |
|
فَالدِّينُ للهِ، جَلَّ اللهُ حَافِظُهُ | |
|
| و النَّاسُ أَكفَاءُ عِندَ اللهِ مُذ خَلَقَا |
|
أَنَا اْبنُ مِصرَ، أَنَا النِّيلُ الذِي يَدُهُ | |
|
| سَقَت كِنَانَةَ رَبِّي سَلسَلاً غَدقَا |
|
كُنتُ الخَلاصَ لِشَعبٍ عَاشَ مُنتَظِراً | |
|
| يَومَ الخَلاصِ وكُنتُ الثَّائِرَ النَّزِقَا |
|
فَمَا خَضَعتُ لِمَغرُورٍ يُرَاوِدُهُ | |
|
| حُلْمُ اْمتِلاكِ شُعُوبٍ زَادَهَا رَهَقَا |
|
أَذَقْتُهُ المُرَّ فَاجتَرَّت جَحَافِلُهُ | |
|
| قَاتَ الهَزِيمَةِ، والإِذلالُ قَد لَحِقَا |
|
كُنتُ الصَّدِيقَ لِمَن حَطَّت حَمَائِمُهُ | |
|
| بِالسِّلمِ فَوقَ ضِفَافِي نَاشِراً عَبَقَا |
|
وكُنتُ شَاهِدَ أَجيَالٍ وأَزمِنَةٍ | |
|
| جَعَلتُ نَخلِي لَها الأَقلامَ والوَرَقَا |
|
فَمَا وَجَدتُ لِهَذَا الجِيلِ مِن شَبَهٍ | |
|
| عَبرَ العُصُورِ بُطُولاتٍ ولا خُلُقَا |
|
جِيلٌ إِذَا اْنتَفَضَت بِالحَقِّ ثَورَتُهُ | |
|
| أَو عَاهَدَ اللهَ فِي أَقوَالِهِ صَدَقَا |
|
مَا كَانَ يَقبَلُ بِالحُكمِ الَّذِي ذَبَحَت | |
|
| سِكِّينَةُ الظُّلمِ فِيهِ الحُلمَ والعُنُقا |
|
جِيلٌ كَمَا الوَردُ فِي المَيدَانِ أَطلَقَهَا | |
|
| سِلْمِيَّةً، فَسَعَى لِلمَجدِ واْستَبَقَا |
|
لَم يَخشَ هَولَ رَصَاصَاتٍ وبَلطَجَةٍ | |
|
| و هَل يَخَافُ الَّذِي بِاللهِ قَد وَثِقَا؟ |
|
في يَومَ دَاحِسَ والغَبرَاءِ أَطعَمَهُ | |
|
| رَبُّ العِبَادِ غَبُوقَ الصَّبرِ فَاغتَبَقَا |
|
ولَم تُرِعْهُ خُيُولٌ كَانَ يَركَبُهَا | |
|
| إِبلِيسُ مُعتَجِباً بِالسَّيفِ، مُمتَشِقَا |
|
فواجَهَ المَوتَ فِي التَّحرِيرِ، بُغيَتُهُ | |
|
| شَهَادَةٌ جَابَ كَي يَحظَى بها الطُّرُقَا |
|
غَارَت بُغَاثُ الرَّدَى فِي الأَرضِ واْندَحَرَت | |
|
| وحَلَّقَ النَّسرُ فِي آَفَاقِهِ ورَقَى |
|
يَا لَلشَّبَابِ إِذَا مَا قَالَ كِلْمَتَهُ | |
|
| فَلَيسَ يَمنَعُهُ مُستَكبِرٌ نَعَقَا |
|
أَبوَاقُهُ السُّودُ فِي الإِعلامِ صَاخِبَةٌ | |
|
| ضَاقَ الحَلِيمُ بِهَا فَاغتَمَّ واختَنَقَا |
|
يُلَفِّقُ التُّهَمَ الحَمقَاءَ فِي سَفَهٍ | |
|
| و يَستَخِفُّ عُقُولَ النَّاسِ والحَدَقَا |
|
وبِالأَجِندَاتِ يَرمِي مَن مَطَالِبُهُ | |
|
| عَدلٌ يَعُمُّ رُبُوعَ الأَرضِ مُؤتَلِقَا |
|
ومَن يَتُوقُ إِلَى حُرِّيَّةٍ حُبِسَت | |
|
| أَو أُجبِرَت أَمَداً أَن تَسكُنَ النَّفَقَا |
|
ومَن يَتُوقُ إِلَى التَّغيِيرِ فِي زَمَنٍ | |
|
| أَضحَت بِهِ سُنَّةُ التَّورِيثِ مُعتَنَقَا |
|
هَذَا الشَّبَابُ الَّذِي أَسقَيْتُهُ شَمَماً | |
|
| هَامَاتُهُ لَمَسَت مِن طُولِهَا الأُفُقا |
|
أَزَاحَ عَن مِصرَ فِي كَانُونَ غُمَّتَها | |
|
| وأَطعَمَ الأَرضَ مِن أَمجَادِهِ وسَقَى |
|
حَتَّى أَتَاهُ شُبَاطُ النُّورِ يُعلِنُهَا | |
|
| لا عَودَةَ اليَومَ لِلعَهدِ الَّذِي سَبَقَا |
|
اليَومَ تُولَدُ مِصرٌ مِن غَيَاهِبِهَا | |
|
| مِن بَعدِ عُسرِ مَخَاضٍ زَادَهَا رَهَقَا |
|
مِصرُ الجَدِيدَةُ بِنتُ اليَومِ قَد لَبِسَت | |
|
| ثَوبَ الإِبَاءِ وأَلقَت ثَوبَهَا الخَلِقَا |
|
وتَوَّجَت هَامَةَ الأَوطَانِ عِزَّتُهَا | |
|
| تَاجَ الكَرَامَةِ، فَازدَادَت بِهِ أَلَقَا |
|
تَحَرَّرَ الطَّائِرُ المَحبُوسُ مِن زَمَنٍ | |
|
| و بَثَّ في أُفْقِهِ الأَلحَانَ والعَبَقا |
|