أَرابَكِ مِن مَشيبي ما أَرابا | |
|
| وَما هَذا البَياضُ عَلَيَّ عابا |
|
لَئِن أَبغَضتِ مِنّي شَيبَ رَأسي | |
|
| فَإِنّي مُبغِضٌ مِنكِ الشَبابا |
|
يَذُمُّ البيضُ مِن جَزَعٍ مَشيبي | |
|
| وَدَلُّ البيضِ أَوَّلُ ما أَشابا |
|
وَكانَت سَكرَةٌ فَصَحَوتُ مِنها | |
|
| وَأَنجَبَ مَن أَبى ذاكَ الشَرابا |
|
يَميلُ بي الهَوى طَرَباً وَأَنأى | |
|
| وَيَجذِبُني الصِبا غَزَلاً فَآبى |
|
وَيَمنَعُني العَفافُ كَأَنَّ بَيني | |
|
| وَبَينَ مَآرِبي مِنهُ هِضابا |
|
نَصَلتُ عَنِ الصِبا وَمُصاحِبيهِ | |
|
| وَأَبدَلَني الزَمانُ بِهِم صِحابا |
|
وَلَمّا جَدَّ جَدُّ البَينِ فينا | |
|
| وَهَبتُ لَهُ الظَعائِنَ وَالقِبابا |
|
وَما رَوَّعتُ مِن جَزَعٍ جَناناً | |
|
| وَلا رَوَّيتُ مِن دَمعٍ جَنابا |
|
دَعيني أَطلُبُ الدُنيا فَإِنّي | |
|
| أَرى المَسعودَ مَن رُزِقَ الطَلابا |
|
وَمَن أَبقى لِآجِلِهِ حَديثاً | |
|
| وَمَن عانى لِعاجِلِهِ اِكتِسابا |
|
وَما المَغبونُ إِلّا مَن دَهَتهُ | |
|
| وَلا مَجداً وَلا جِدَةً أَصابا |
|
فَلا وَاللَهِ أَترُكُها خَليّاً | |
|
| وَلَمّا أَجنُبِ الأُسدَ الغِضابا |
|
وَأَركَبُها مُحَصَّنَةً شَبوباً | |
|
| تُمانِعُ غَيرَ فارِسِها الرِكابا |
|
إِذا نَهنَهتُها أَرِنَت جِماحاً | |
|
| إِلى أَمَلي تُجاذِبُني جِذابا |
|
فَإِمّا أَملَأُ الدُنيا عَلاءً | |
|
| وَإِمّا أَملَأُ الدُنيا مُصابا |
|
سَجيَّةُ مَن رَعى الأَيّامَ حَتّى | |
|
| أَشابَ جَماجِماً مِنها وَشابا |
|
وَهَل تُشوي حَقائِقُ أَلمَعيٍّ | |
|
| إِذا ما ظَنَّ أَغرَضَ أَو أَصابا |
|
وَلَم أَرَ كَالمَآرِبِ رامِياتٍ | |
|
| بِنا الدُنيا بِعاداً وَاِقتِرابا |
|
تُخَوِّضُنا البِحارَ مُزَمجِراتٍ | |
|
| وَتُسلِكُنا المَضايِقَ وَالعُقابا |
|
وَأَعظَمُ مِن عُبابِ البَحرِ حِرصٌ | |
|
| عَلى الأَرزاقِ أَركَبَنا العُبابا |
|
وَغُلبٌ كَالقَواضِبِ مِن قُرَيشٍ | |
|
| يَرَونَ القَواضِبَ وَالكِعابا |
|
فَما وَلَدَ الأَجارِبُ مِن تَميمٍ | |
|
| نَظيرَهُمُ وَلا الشُعرُ الرُقابا |
|
وَإِنَّ المَجدَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ | |
|
| وَدارَ العِزِّ وَالنَسَبَ القُرابا |
|
لَأَطوَلِهِم إِذا رَكِبوا رِماحاً | |
|
| وَأَعلاهُم إِذا نَزَلوا قِبابا |
|
وَأَغزَرِهِم إِذا سُئِلوا عَطاءً | |
|
| وَأَوحاهُم إِذا غَضِبوا ضِرابا |
|
بَنو عَمِّ النَبيِّ وَأَقرَبوهُ | |
|
| وَأَلصَقُهُم بِهِ عِرقاً لُبابا |
|
عُلىً بيدِ الحُسَينِ ذُؤابَتاها | |
|
| وَفَرعاها اللَذا كَثُرا وَطابا |
|
وَكانَت لا تُجارُ مِنَ الأَعادي | |
|
| فَسانَدَ غَربُهُ ذاكَ النِصابا |
|
وَحَصَّنَها فَلَيسَ يَنالُ مِنها | |
|
| ذَنوباً مَن يَهُمُّ وَلا ذِنابا |
|
هُمامٌ ما يَزالُ بِكُلِّ أَرضٍ | |
|
| يُبَرقِعُ تُربُها الخَيلَ العِرابا |
|
نَزائِعَ كَالسِهامِ كُسينَ نَحضاً | |
|
| خَفيفاً لا اللُؤامَ وَلا اللُغابا |
|
مُحَبَّسَةً عَلى الأَهوالِ تَلقى | |
|
| بِها العُقبانَ رافِعَةَ الذُنابى |
|
يُوَقِّرُها فَتَحسَبُها أُسوداً | |
|
| وَيُطلِقُها فَتَحسَبُها ذِئابا |
|
وَأَعطَتهُ الرُؤوسَ مُسَوَّماتٌ | |
|
| تَدُقُّ بِها الجَنادِلَ وَالظِرابا |
|
إِذا قَطَعَت بِهِ شَأواً بَلاها | |
|
| بِأَبعَدَ غايَةٍ وَأَمَدَّ قابا |
|
تَجاوَزُهُ المَقاوِلُ وَهوَ باقٍ | |
|
| يَبُذُّ رِقابَ غُلبِهِمِ غِلابا |
|
كَنَصلِ السَيفِ تَسلَمُ شَفرَتاهُ | |
|
| وَيُخلِقُ كُلَّ أَيّامٍ قِرابا |
|
إِذا اِشتَجَرَ القَنا فَصَلَ الهَوادي | |
|
| وَإِن قَرَّ الوَغى فَصَلَ الخِطابا |
|
بَلى وَبَلَت يَداهُ مِنَ الأَعادي | |
|
| أَراقِمَ نُزَّعاً وَقَناً صِلابا |
|
فَقَوَّمَ بِالأَذى مِنها صِعاداً | |
|
| وَذَلَّلَ بِالرُقى مِنها صِعابا |
|
وَغادَرَ كُلَّ أَرقَمَ ذي طُلوعٍ | |
|
| عَلى الأَعداءِ يَدَّرِعُ التُرابا |
|
حَذارِ بَني الضَغائِنِ مِن جَريٍّ | |
|
| إِذا ما الرَيبُ بادَهَهُ أَرابا |
|
يَعَضُّ عَلى لَواحِظَ أُفعُوانٍ | |
|
| فَإِن سيمَ الأَذى طَلَبَ الوِثابا |
|
وَإِنَّ وَراءَ ذاكَ الحِلمِ صَولاً | |
|
| وَإِنَّ لِتِلكُمُ البُقيا عِقابا |
|
وَلَو أَنَّ الضَراغِمَ نابَذَتهُ | |
|
| تَوَلَّجَ خَلفَها أَجَماً وَغابا |
|
رَماكُم بِالضَوامِرِ مُقرَباتٍ | |
|
| يُزاوِلنَ المَحانِيَ وَالشِعابا |
|
وَيُعجِلنَ الصَريخَ وَهُنَّ زَورٌ | |
|
| إِلى الأَعداءِ يُرسِلنَ اللُعابا |
|
فَأَرعى مِن جَماجِمِكُم جَميماً | |
|
| وَأَمطَرَ مِن دِمائِكُمُ سَحابا |
|
لَكَ الهِمَمُ الَّتي عَرَفَ الأَعادي | |
|
| تَشُبُّ بِكُلِّ مُظلِمَةٍ شِهابا |
|
إِذا خَفَقَت رِياحُ العَزمِ فيها | |
|
| تَبَلَّجَ عارِضٌ مِنها فَصابا |
|
وَمُشرَعَةِ الأَسِنَّةِ ذاتِ جَرسٍ | |
|
| يَقودُ عُقابُ رايَتِها العُقابا |
|
تَخوضُ اللَيلَ يَلمَعُ جانِباها | |
|
| كَأَنَّ الصُبحَ قَد حَدَرَ النِقابا |
|
لَها في فُرجَةِ الفَجرِ اِختِلاطٌ | |
|
| يَرُدُّ الصُبحَ مِن رَهَجٍ غِيابا |
|
وَتَغدو كَالكَواكِبِ لامِعاتٍ | |
|
| تُمَزِّقُ مِن عَجاجَتِها الحِجابا |
|
يُصافِحُها شُعاعُ الشَمسِ حَتّى | |
|
| كَأَنَّ عَلى الظُبى ذَهَباً مُذابا |
|
صَدَمتَ بِها العَدوَّ وَأَنتَ تَدعو | |
|
| نَزالِ فَأَيُّ داعِيَةٍ أَجابا |
|
وَقَوَّضتَ الخِيامَ تَذُبُّ عَنها | |
|
| أُسودُ وَغىً وَأَصفَرتَ الوِطابا |
|
رَأَينا الطايِعَ المَيمونَ بَدءاً | |
|
| يَسُلُّكَ في النَوائِبِ وَاِعتِقابا |
|
وَلَمّا جَرَّبَ البيضَ المَواضي | |
|
| رَآكَ مِنَ الظُبى أَمضى ذُبابا |
|
فَأَلحَمَكَ العِدى حَتّى تَهاوَوا | |
|
| وَلا دِمَناً تَحِسُّ وَلا ضِبابا |
|
هُناكَ قُدومُ أَعيادٍ طِراقٍ | |
|
| تَصوبُ العِزَّ ما وَجَدَت مَصابا |
|
وَأَيّامٌ تَجوزُ عَلَيكَ بيضٌ | |
|
| وَقَد قَرَعَت مِنَ الإِقبالِ بابا |
|
فَكَم يَومٍ كَيَومِكَ قُدتَ فيهِ | |
|
| عَلى الغُرَرِ المَقانِبِ وَالرِكابا |
|
إِلى البَلَدِ الأَمينِ مُقَوَّماتٍ | |
|
| يُماطِلُها التَعَجُّلَ وَالإِيابا |
|
بِحَيثُ تُفَرِّغُ الكومُ المَطايا | |
|
| حَقائِبَها وَتَحتَقِبُ الثَوابا |
|
مَعالِمُ إِن أَجالَ الطَرفَ فيها | |
|
| مُصِرُّ القَومِ أَقلَعَ أَو أَنابا |
|
فَفُزتَ بِها ثَمانِيَ مُعلَماتٍ | |
|
| نَصَرتَ بِها النُبوَّةَ وَالكِتابا |
|
بَعَثتُ لَكَ الثَناءَ عَلى صَنيعٍ | |
|
| إِذا ما هِبتَ دَعوَتَهُ أَهابا |
|
رَغائِبُ قَد قَطَعنَ حَنينَ عيسٍ | |
|
| فَلا نَأياً أُريغُ وَلا اِغتِرابا |
|
وَقَبلَ اليَومِ ما أَغمَدنَ عَنّي | |
|
| مِنَ الأَيّامِ نائِبَةً وَنابا |
|