هُوَ الْبَيْنُ حَتَّى لا سَلامٌ وَلا رَدُّ | |
|
| وَلا نَظْرَةٌ يَقْضِي بِهَا حَقَّهُ الْوَجْدُ |
|
لَقَدْ نَعَبَ الْوَابُورُ بِالْبَيْنِ بَيْنَهُمْ | |
|
| فَسَارُوا وَلا زَمُّوا جِمَالاً وَلا شَدُّوا |
|
سَرَى بِهِمُ سَيْرَ الْغَمَامِ كَأَنَّمَا | |
|
| لَهُ فِي تَنَائِي كُلِّ ذِي خُلَّةٍ قَصْدُ |
|
فَلا عَيْنَ إِلَّا وَهْيَ عَيْنٌ مِنَ الْبُكَى | |
|
| وَلا خَدَّ إِلَّا لِلدُّمُوعِ بِهِ خَدُّ |
|
فَيَا سَعْدُ حَدِّثْنِي بِأَخْبَارِ مَنْ مَضَى | |
|
| فَأَنْتَ خَبِيرٌ بِالأَحَادِيثِ يَا سَعْدُ |
|
لَعَلَّ حَدِيثَ الشَّوْقِ يُطْفِئُ لَوْعَةً | |
|
| مِنَ الْوَجْدِ أَوْ يَقْضِي بِصَاحِبِهِ الْفَقْدُ |
|
هُوَ النَّارُ في الأَحْشَاءِ لَكِنْ لِوَقْعِهَا | |
|
| عَلَى كَبِدِي مِمَّا أَلَذُّ بِهِ بَرْدُ |
|
لَعَمْرُ الْمَغَانِي وَهْيَ عِنْدِي عَزِيزَةٌ | |
|
| بِسَاكِنِهَا مَا شَاقَنِي بَعْدَهَا عَهْدُ |
|
لَكَانَتْ وَفيهَا مَا تَرَى عَيْنُ نَاظِرٍ | |
|
| وَأَمْسَتْ وَمَا فِيها لِغَيْرِ الأَسَى وَفْدُ |
|
خَلاءٌ مِنَ الأُلافِ إِلَّا عِصَابَةً | |
|
| حَدَاهُمْ إِلَى عِرْفَانِهَا أَمَلٌ فَرْدُ |
|
دَعَتْهُمْ إِلَيْهَا نَفْحَةٌ عَنْبَرِيَّةٌ | |
|
| وَبِالنَّفْحَةِ الْحَسْنَاءِ قَدْ يُعْرَفُ الْوَرْدُ |
|
وَقَفْنَا فَسَلَّمْنَا فَرَدَّتْ بِأَلْسُنٍ | |
|
| صَوَامِتَ إِلَّا أَنَّهَا أَلْسُنٌ لُدُّ |
|
فَمِنْ مُقْلَةٍ عَبْرَى وَمِنْ لَفْحِ زَفْرَةٍ | |
|
| لَهَا شَرَرٌ بَيْنَ الْحَشَا مَا لَهُ زَنْدُ |
|
فَيَا قَلْبُ صَبْرَاً إِنْ أَلَمَّ بِكَ النَّوَى | |
|
| فَكُلُّ فِراقٍ أَوْ تَلاقٍ لَهُ حَدُّ |
|
فَقَدْ يُشْعَبُ الإِلْفَانِ أَدْنَاهُمَا الْهَوَى | |
|
| وَيَلْتَئِمُ الضِّدَّانِ أَقْصَاهُمَا الْحِقْدُ |
|
عَلَى هَذِهِ تَجْرِي اللَّيَالِي بِحُكْمِها | |
|
| فَآوِنَةً قُرْبٌ وَآوِنَةً بُعْدُ |
|
وما كُنْتُ لَوْلا الْحُبُّ أَخْضَعُ لِلَّتي | |
|
| تُسِيءُ وَلَكِنَّ الْفَتَى لِلْهَوى عَبْدُ |
|
فَعُودِي صُلْبٌ لا يَلِينُ لِغَامِزٍ | |
|
| وَقَلْبِيَ سَيْفٌ لا يُفَلُّ لَهُ حَدُّ |
|
إِبَاءٌ كَمَا شَاءَ الفَخَارُ وَصَبْوَةٌ | |
|
| يَذِلُّ لَهَا في خِيسِهِ الأَسَدُ الْوَرْدُ |
|
وَإِنَّا أُنَاسٌ لَيْسَ فِينَا مَعَابَةٌ | |
|
| سِوَى أَنَّ وادِينَا بِحُكْمِ الْهَوَى نَجْدُ |
|
نَلِينُ وإِنْ كُنَّا أَشِدَّاءَ لِلْهَوَى | |
|
| وَنَغْضَبُ في شَرْوَى نَقِيرٍ فَنَشْتَدُّ |
|
وَحَسْبُكَ مِنَّا شِيمَةٌ عَرَبِيَّةٌ | |
|
| هِيَ الْخَمْرُ مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ دُونِها حَرْدُ |
|
وَبِي ظَمأٌ لَمْ يَبْلُغِ الْماءُ رِيَّهُ | |
|
| وَفِي النَّفْسِ أَمْرٌ لَيْسَ يُدْرِكُهُ الْجَهْدُ |
|
أَوَدُّ وَما وُدُّ امْرِئٍ نَافِعٌ لَهُ | |
|
| وإِنْ كانَ ذَا عَقْلٍ إِذَا لم يَكُنْ جَدُّ |
|
وَمَا بِيَ مِنْ فَقْرٍ لِدُنْيَا وإِنَّمَا | |
|
| طِلابُ الْعُلا مَجْدٌ وإِنْ كَانَ لِي مَجْدُ |
|
وَكَمْ مِنْ يَدٍ لِلَّهِ عِنْدِي وَنِعْمَةٍ | |
|
| يَعَضُّ عَلَيْهَا كَفَّهُ الْحاسِدُ الْوَغْدُ |
|
أَنَا الْمَرْءُ لا يُطْغِيهِ عِزٌّ لِثَرْوَةٍ | |
|
| أَصَابَ وَلا يُلْوِي بِأَخْلاقِهِ الْكَدُّ |
|
أَصُدُّ عَنِ الْمَوفُورِ يُدْرِكُهُ الْخَنَا | |
|
| وَأَقْنَعُ بِالْمَيْسُورِ يَعْقُبُهُ الْحَمْدُ |
|
وَمَنْ كَانَ ذَا نَفْسٍ كَنَفْسِي تَصَدَّعَتْ | |
|
| لِعِزَّتِهِ الدُّنْيَا وذَلَّتْ لَهُ الأُسْدُ |
|
وَمَنْ شِيَمِي حُبُّ الْوَفاءِ سَجِيَّةً | |
|
| وَما خَيْرُ قَلْبٍ لا يَدُومُ لَهُ عَهْدُ |
|
وَلَكِنَّ إِخْوَاناً بِمِصْرَ وَرُفْقَةً | |
|
| نَسُونَا فَلا عَهْدٌ لَدَيْهِمْ ولا وَعْدُ |
|
أَحِنُّ لَهُمْ شَوْقاً عَلَى أَنَّ دُونَنَا | |
|
| مَهامِهَ تَعْيَا دُونَ أَقْرَبِها الرُّبْدُ |
|
فَيَا ساكِنِي الْفُسطَاطِ ما بالُ كُتْبِنَا | |
|
| ثَوَتْ عِنْدَكُمْ شَهْراً وَلَيْسَ لها رَدُّ |
|
أَفِي الْحَقِّ أَنَّا ذاكِرُونَ لِعَهْدِكُمْ | |
|
| وَأَنْتُمْ عَلَيْنَا لَيْسَ يَعْطِفُكُمْ وُدُّ |
|
فَلا ضَيْرَ إِنَّ الله يُعْقِبُ عَوْدَةً | |
|
| يَهُونُ لَهَا بَعْدَ الْمُواصَلَةِ الصَّدُّ |
|
جَزَى اللهُ خَيْرَاً مَنْ جَزانِي بِمِثْلِهِ | |
|
| عَلَى شُقَّةٍ غَزْرُ الحَيَاةِ بِهَا ثَمْدُ |
|
أَبِيتُ لِذكْراكُمْ بِها مُتَمَلْمِلاً | |
|
| كَأَنِّي سَلِيمٌ أَوْ مَشَتْ نَحْوَهُ الْوِرْدُ |
|
فَلا تَحْسَبُونِي غَافِلاً عَنْ وِدَادِكُمْ | |
|
| رُوَيداً فَمَا فِي مُهْجَتِي حَجَرٌ صَلْدُ |
|
هُوَ الْحُبُّ لا يَثْنِيهِ نَأْيٌ وَرُبَّما | |
|
| تَأَرَّجَ مِنْ مَسِّ الضِّرَامِ لَهُ النَّدُّ |
|
نَأَتْ بِيَ عَنْكُمْ غُرْبَةٌ وتَجَهَّمَتْ | |
|
| بِوَجْهِيَ أَيَّامٌ خَلائِقُهَا نُكْدُ |
|
أَدُورُ بِعَيْنِي لا أَرَى غَيْرَ أُمَّةٍ | |
|
| مِنَ الرُّوسِ بِالْبَلْقَانِ يُخْطِئُهَا الْعَدُّ |
|
جَوَاثٍ عَلَى هَامِ الْجِبَالِ لِغَارَةٍ | |
|
| يَطِيرُ بِهَا ضَوْءُ الصَّبَاحِ إِذَا يَبْدُو |
|
إِذَا نَحْنُ سِرْنَا صَرَّحَ الشَّرُّ بِاسْمِهِ | |
|
| وَصَاحَ الْقَنَا بِالْمَوْتِ واسْتَقْتَلَ الْجُنْدُ |
|
فَأَنْتَ تَرَى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ كَبَّةً | |
|
| يُحَدِّثُ فيها نَفْسَهُ الْبَطَلُ الْجَعْدُ |
|
عَلَى الأَرْضِ مِنْها بِالدِّمَاءِ جَدَاوِلٌ | |
|
| وَفَوْقَ سَرَاةِ النَّجْمِ مِنْ نَقْعِهَا لِبْدُ |
|
إِذَا اشْتَبَكُوا أَوْ رَاجَعُوا الزَّحْفَ خِلْتَهُمْ | |
|
| بُحُوراً تَوَالَى بَيْنَها الْجَزْرُ والْمَدُّ |
|
نَشُلُّهُمُ شَلَّ الْعِطَاشِ وَنَتْ بِهَا | |
|
| مُرَاغَمَةُ السُّقْيَا وَمَاطَلَهَا الْوِرْدُ |
|
فَهُمْ بَيْنَ مَقْتُولٍ طَرِيحٍ وَهَارِبٍ | |
|
| طَلِيحٍ وَمَأْسُورٍ يُجَاذِبُهُ الْقِدُّ |
|
نَرُوحُ إِلَى الشُّورَى إِذَا أَقْبَلَ الدُّجَى | |
|
| وَنَغْدُو عَلَيْهِمْ بِالمَنَايَا إِذَا نَغْدُو |
|
وَنَقْعٍ كَلُجِّ الْبَحْرِ خُضْتُ غِمَارَهُ | |
|
| ولا مَعْقِلٌ إِلَّا الْمَنَاصِلُ وَالْجُرْدُ |
|
صَبَرْتُ لَهُ والْمَوْتُ يَحْمَرُّ تَارَةً | |
|
| وَيَنْغَلُّ طَوْراً فِي الْعَجَاجِ فَيَسْوَدُّ |
|
فَمَا كُنْتُ إِلَّا اللَّيْثَ أَنْهَضَهُ الطَّوَى | |
|
| ومَا كُنْتُ إِلَّا السَّيْفَ فَارَقَهُ الْغِمْدُ |
|
صَؤُولٌ وَلِلأَبْطَالِ هَمْسٌ مِنَ الْوَنَى | |
|
| ضَرُوبٌ وقَلْبُ الْقِرْنِ في صَدْرِهِ يَعْدُو |
|
فَمَا مُهْجَةٌ إِلَّا وَرُمْحِي ضَمِيرُهَا | |
|
| ولا لَبَّةٌ إِلَّا وَسَيْفِي لَهَا عِقْدُ |
|
وَمَا كُلُّ ساعٍ بَالِغٌ سُؤْلَ نَفْسِهِ | |
|
| وَلا كُلُّ طَلاَّبٍ يُصَاحِبُهُ الرُّشْدُ |
|
إِذَا الْقَلْبُ لَمْ يَنْصُرْكَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ | |
|
| فَمَا السَّيْفُ إِلَّا آلَةٌ حَمْلُهَا إِدُّ |
|
إِذَا كَانَ عُقْبَى كُلِّ شَيءٍ وَإِنْ زَكَا | |
|
| فَنَاءٌ فَمَكْرُوهُ الْفَنَاءِ هُوَ الْخُلْدُ |
|
وَتَخْلِيدُ ذِكْرِ الْمَرءِ بَعْدَ وَفاتِهِ | |
|
| حَيَاةٌ لَهُ لا مَوْتَ يَلْحَقُها بَعْدُ |
|
فَفِيمَ يَخَافُ الْمَرْءُ سَوْرَةَ يَوْمِهِ | |
|
| وفي غَدِهِ ما لَيْسَ مِنْ وَقْعِهِ بُدُّ |
|
لِيَضْنَ بِيَ الْحُسَّادُ غَيْظاً فَإِنَّنِي | |
|
| لِآنافِهِمْ رَغْمٌ وَأَكْبَادِهِمْ وَقْدُ |
|
أَنَا القائِلُ الْمَحْمُودُ مِنْ غَيْرِ سُبَّةٍ | |
|
| وَمِنْ شِيمَةِ الْفَضْلِ الْعَدَاوَةُ وَالضَّدُّ |
|
فَقَدْ يَحْسُدُ الْمَرْءُ ابْنَهُ وَهْوَ نَفْسُهُ | |
|
| وَرُبَّ سِوَارٍ ضَاقَ عَنْ حَمْلِهِ الْعَضْدُ |
|
فَلا زِلْتُ مَحْسُوداً عَلَى الْمَجْدِ والْعُلا | |
|
| فَلَيْسَ بِمَحْسُودٍ فَتىً ولَهُ نِدُّ |
|