شاقَتْكَ هِنْدٌ وَأَمْسَى الحَبْلُ مُنْصَرِمَا | |
|
| وَأَوْقَدَتْ فِي الحَشا مِنْ بَيْنِها ضَرَمَا |
|
بانَتْ وَلا صافَحَتْ كَفِّي أَنامِلُها | |
|
| وَلا لَثَمْتُ لَها عِنْدَ الوَداعِ فَمَا |
|
وَاللهِ وَاللهِ ما مِنْ بَعْدِ رِحْلَتِها | |
|
| جَفْنِي اسْتَلَذَّ الكَرَى يَوْماً وَلا طَعِمَا |
|
خَوْدٌ أَرَى فِي هَواها شِقْوَتِي فَرَحاً | |
|
| وَالغَيَّ رُشْداً وَبُؤْسِي عِنْدَها نِعَمَا |
|
إِذا رَمَى طَرْفُها عَنْ قَوْسِ حاجِبِها | |
|
| أَصْمَى الفُؤادَ بِسَهْمِ اللَّحْظِ حِينَ رَمَى |
|
كأَنَّ مَبْسِمَها فِي حُسْنِهِ دُرَرٌ | |
|
| مَنْظُومَةٌ وَأَقاحٌ راقَ غِبَّ سَما |
|
كأَنَّ رِيقَتَها بَعْدَ الكَرَى عَسَلٌ | |
|
| أَو الرَّحِيقُ الَّذِي بِالمِسْكِ قَدْ خُتِمَا |
|
قَدْ غَصَّ خَلْخالُها فِي ساقِها وَنَبا | |
|
| فِي دِرْعِها رِدْفُها الرَّجْراجُ وَارْتَكَمَا |
|
لَوْ بايَعَتْنِي بِرُوحِي قُبْلَةً لَغَدَتْ | |
|
| نَفْسِي بِما فَعَلَتْ لا تَشْتَكِي نَدَما |
|
بَيْضاءُ أَحْسَنُ مَنْ فِي العالَمِينَ نَشا | |
|
| وَمَنْ بِأَقْدامِهِ وَجْهَ الثَّرَى لَثَما |
|
لَقَدْ بَرانِي هَواها مُذْ كَلِفْتُ بِها | |
|
| كَما بَرَى لِلكِتابِ الكَاتِبُ القَلَمَا |
|
غَيْداءُ تَسْتَلِبُ الأَلْبابَ كَمْ سَلَبَتْ | |
|
| عَقْلِي وَكَمْ سَفَكَتْ يَوْمَ الفِراقِ دَمَا |
|
وَكَمْ غَدا طَرْفُها الفَتَّانُ فاتِرُهُ | |
|
| يُسَطِّرُ الحُبَّ فِي قَلْبِي وَكَمْ رَسَما |
|
ما رُمْتُ أَكْتِمُ ما قاسَيْتُ مِنْ أَلَمٍ | |
|
| إِلاَّ بَدا سِرُّهُ مِنِّي وَما انْكَتَما |
|
ما خِلْتُ جاحِمَ نِيرانِ الغَرامِ طُفِي | |
|
| إِلاَّ تأَجَّجَ فِي الأَحْشاءِ وَاضْطَرَمَا |
|
فَكُلَّما طالَ بِي سَقْمٌ حَنَنْتُ لَها | |
|
| وَقُلْتُ يا هِنْدُ زِيدِي مُهْجَتِي سَقَمَا |
|
طُوبَى لِمَنْ باتَ يَجْنِي شَهْدَ مَبْسِمِها | |
|
| وَالوَرْدَ وَالطَّلْعَ وَالتُّفَّاحَ وَالعَنَمَا |
|
وَهكَذا الهائِمُ المُشْتاقُ دَيْدَنُهُ | |
|
| فِي الحُبِّ يَسْتَعْذِبُ التَّعْذِيبَ وَالأَلَما |
|
يا هِنْدُ ما لَكِ ما قَضَّيْتِ لِي أَرَباً | |
|
| وَلا وَفَيْتِ لَنا عَهْداً وَلا ذِمَما |
|
وَما لِقَلْبِكِ يا لَعْسا المَراشِفِ ما | |
|
| لِي رَقَّ مِمَّا أُقاسِيهِ وَلا رِحِما |
|
يُمْسِي وَيُصْبِحُ حَرّاناً أَخا كَمَدٍ | |
|
| قَلْبِي وَقَلْبُكِ يُمْسِي بارِداً شَبِما |
|
أَتْلَفْتِ عَقْلِي فَهَلْ لِي مِنْكِ مِنْ غَرَمٍ | |
|
| مَنْ كانَ أَتْلَفَ شَيْئاً أُلْزِمَ الغَرَما |
|
يا مُخْبِرِي عِدْ وَكَرِّرْ فِي حَدِيثِكَ عَنْ | |
|
| مَنْ حَلَّ وادِي الغَضَى وَالسَّفْحَ وَالعَلَمَا |
|
فَكَيْفَ أَشْجارُها بَلْ كَيْفَ سَجْسَجُها | |
|
| إِذا الرِّياحُ اعْتَنَقْنَ البانَ وَالسَّلَمَا |
|
مَنازِلٌ كَمْ بِها غازَلْتُ غِزْلَتَها | |
|
| وَكَمْ لَثَمْتُ بِهِنَّ الخُرَّدَ الوُشُمَا |
|
ما لِي وَلِلدَّهْرِ ما إِنْ راشَنِي أَبَداً | |
|
| إِلاَّ وَأَبْرَى لِما قَدْ راشَ وَاخْتَرَما |
|
وَلا بَنَى لِي بِناءً طالَ سامِكُهُ | |
|
| وَقُلْتُ قَدْ تَمَّ إِلاَّ انْهارَ وَانْهَدَما |
|
وَلَمْ أَجِدْ أَهْلَهُ إِلاَّ أُهَيْلَ خَنا | |
|
| يَغَصُّ مِنْ بَيْنِهِمْ بِالرِّيقِ مَنْ حَلُمَا |
|
ما إِنْ تَوَهَّمْتُ فِيهِمْ قَطُّ مِنْ سِمَنٍ | |
|
| إِلاَّ وَكانَ عَلَى اسْتِحْقاقِهِ وَرَما |
|
شَحُّوا بِأَمْوالِهِمْ فِي العَيْشِ وَاحْتَرَصُوا | |
|
| حَتَّى أَقامُوا لَها مِنْ بُخْلِهِمْ حَرَما |
|
إِنْ فاخَرُوا لَمْ يَكُنْ فِي الفَخْرِ حَظُّهُمُ | |
|
| مِنْ غايَةِ الفَخْرِ إِلاَّ أَعْظُماً رِمَما |
|
دَعْهُمْ وَأَخْلاقَهُمْ فَالجُعْلُ يَزْعُمُ أَنْ | |
|
| لا خَلْقَ يَعْدِلُهُ خَلْقاً كَما زَعَما |
|
وَكَيْفَ يَخْدِمُهُمْ مالٌ وَقَدْ خُلِقُوا | |
|
| لِلْمالِ فانْقَلَبُوا فِي يُسْرِهِمْ خَدَما |
|
رَضِيتُهُمْ أَصْفِياءً لِي وَلا عَجَبٌ | |
|
| مَنْ يَعْدِمُ البَدْرَ لَيْلاً يَرْتَضِي الظُّلَما |
|
إِنْ لَمْ أَجِدْ بَشَراً فِي العَيْشِ أَصْحَبُهُ | |
|
| صَحِبْتُ أَكْلُبَهُ فِي العَيْشِ مُغْتَنِما |
|
مَنْ جَرَّبَ الدَّهْرَ أَغْنَتْهُ تَجارِبُهُ | |
|
| فِيما تَوَهَّمَهُ أَنْ يَعْقِدَ الرَّتَما |
|
سَلْنِي تَجِدْنِي امْرَءاً فِي كُلِّ تَجْرِبَةٍ | |
|
| ما عَمِلَتْ نَفْسُهُ إِلاَّ بِما عَلِما |
|
وَلا تَمَطَّيْتُ فِيما نِلْتُ مِنْ صِلَةٍ | |
|
| إِلَى المَآرِبِ إِلاَّ الصَّبْرَ وَالهِمَما |
|
إِذا تَعامَتْ عَلَيَّ البِيضُ مِلْتُ إِلَى | |
|
| وَصْلِ المَعالِي وَبِعْتُ البِيضَ مُعْتَصِما |
|
وَإِنْ جَفَتْنِيَ أَرْضِي بِعْتُ مَسْكَنَها | |
|
| وَلَوْ تَراءَتْ عَلَى اسْتِحْسانِها إِرَما |
|
يا صاحِبَيَّ افْقَها لِي ما نَطَقْتُ بِهِ | |
|
| وَما لَفَظْتُ وَما صَرَّحْتُهُ لَكُمَا |
|
وَاسْتَخْبِرانِي فَإِنِّي كافِلٌ لَكُما | |
|
| بِما يُصَرِّحُ مَحْضُ الصِّدْقِ عِنْدَكُما |
|
لَولا المَلِيكُ أَبُو المَنْصُورِ ما رَجَعَتْ | |
|
| بَصِيرَةَ اللَّحْظِ عَيْنُ الدَّهْرِ بَعْدَ عَمَى |
|
وَلا الزَّمانُ انْجَلَتْ عَنْهُ غَياهِبُهُ | |
|
| يَوْماً وَلا بَشَّ مُفْتَرًّا وَلا ابْتَسَما |
|
مُتَوَّجٌ فِي أَيادِيهِ وَمَفْخَرِهِ | |
|
| قَدْ عَقَّبَ العُرْبَ فِي المَيْدانِ وَالعَجَمَا |
|
ما مادِحٌ لِسِواهُ قَطُّ مِنْ بَشَرٍ | |
|
| فِي النَّاسِ إِلاَّ كَغاوٍ يَعْبُدُ الصَّنَما |
|
تَهْمِي سَحائِبُ كَفَّيْهِ لَنا دِيَماً | |
|
| وُطْفاً مُلِثُّ حَياها يُخْجِلُ الدِّيَمَا |
|
تَلْقاهُ فِي شأْنِهِ بِالحِلْمِ مُحْتَلِماً | |
|
| بِالعَزْمِ مُعْتَزِماً بِالحَزْمِ مُحْتَزِمَا |
|
بَدْرٌ إِذا ما بَدا بَحْرٌ إِذا سَمَحَتْ | |
|
| كَفَّاهُ لِلْمُجْتَدِي لَيْثٌ إِذا انْتَقَمَا |
|
مَلْكٌ بَنَى كَعْبَةً لِلزَّائِرِينَ فَكَمْ | |
|
| مِنْ زائِرٍ طافَ بِالأَرْكانِ وَاسْتَلَما |
|
ما اغْتَرَّهُ عَرَضٌ عَنْ هَفْوَةٍ طَمَعاً | |
|
| إِلاَّ تَنَزَّهَ عَنْ مَرْعاهُ وَاحْتَشَما |
|
لَوْ رأْيُهُ كانَ سَهْماً ثُمَّ يَمَّمَهُ | |
|
| سَمَّ الخِياطِ أَصابَ السَّمَّ حِينَ رَمَى |
|
قَرْمٌ سَما مَجْدُهُ فَوْقَ السَّما وَعَلا | |
|
| حَتَّى تَكَوَّنَ مِنْ فَوْقِ السَّماءِ سَمَا |
|
فَما ابْنُ سُعْدَى وَلا القَعْقاعُ أَسْمَحَ مِنْ | |
|
| هُ لِلْجَلِيسِ وَلِلْعافِي إِذا قَدِمَا |
|
أَدْهَى وَأَحْلَمُ مِمَّنْ كانَ قَدْ قُرِعَتْ | |
|
| لَهُ العَصا حِينَ يَحْوِي المَجْلِسُ الحَشَمَا |
|
لَوْ فَيْضُ كَفَّيْهِ أَضْحَى نَحْوَ سَدِّ سَبا | |
|
| غَيْثاً لأَظْهَرَ مِنْهُ سَيْلَهُ العَرِما |
|
يا مَنْ تَسَرْبَلَ سِرْبالَ الثَّنا وَسَعَى | |
|
| سَعْياً يَنالُ بِهِ الإِجْلالَ وَالكَرَمَا |
|
اسْمَعْ مَقالَ فَصِيحٍ حاذِقٍ فَطِنٍ | |
|
| طَبْنٍ تأَرَّثَ عَنْ لُقْمانِهِ الحِكَمَا |
|
يُغادِرُ الدُّرَّ بِالأَلْفاظِ مَخْشَلَباً | |
|
| وَيَنْثُرُ الدُّرَّ مِنْ أَلْفاظِهِ كَلِمَا |
|
يُنْسِيكَ لَفْظَ المَعَرِّي فِي غَرائِبِهِ | |
|
| وَنَظْمَ جَرْوَلَ ما وَشَّى وَما نَظَمَا |
|
قَدْ جاءَ وَالدَّهْرُ ثَوْبَ اليُسْرِ سالِبُهُ | |
|
| حَتَّى أَناخَ لَدَيْكَ اليَوْمَ وَاخْتَصَما |
|
وَحَكَّماكَ جَمِيعاً فِي خِصامِهِما | |
|
| فاحْكُمْ بِما شِئْتَ فِي الأَحْكامِ بَيْنَهُمَا |
|
وَإِنْ تَعاظَمْتَ عَنْ فَصْلِ الخِطابِ لَنا | |
|
| فاجْعَلْ نَوالَكَ فِيما بَيْنَنا حَكَما |
|
إِنِّي نَسَخْتُ زُهَيْراً فِي القَرِيضِ فَكُنْ | |
|
| لِي فِي النَّدَى وَالأَيادِي ناسِخاً هَرِما |
|
وَإِنَّما المَدْحُ عِزٌّ بَيْنَ كُلِّ عُلا | |
|
| يَراهُ أَهْلُ المَعالِي وَالحِجا شِيَما |
|