يا بَرْقُ حَيِّ الأَبْرَقَيْنِ فَثَهْمَدَا | |
|
| وَاسْقِ الغُمَيْمَ غَمامَ قَطْرِكَ مُرْعِدَا |
|
وَانْضَحْ بِماءِ شُؤونِكَ اللاتِي هَمَتْ | |
|
| عَبَراتُها تِلْكَ الطُّلُولَ الهُمَّدَا |
|
وَاكْسُ الرُّسُومَ مِنَ المَعاهِدِ حُلَّةً | |
|
| خَضْراءَ تُبْدِي لُؤْلُؤاً وَزَبَرْجَدَا |
|
حَتَّى يَعُودَ الرَّوْضُ أَخْضَرَ ضاحِكاً | |
|
| نُوَّارُهُ فِي حُسْنِهِ رَطْبَ النَّدَى |
|
ما بَيْنَ أَصْفَرَ فاقِعٍ فِي أَحْمَرٍ | |
|
| قانٍ وَأَبْيَضَ ناصِعٍ فِي أَسْوَدَا |
|
فَتَرَى كَمائِمَها تَضاحَكُ فِضَّةً | |
|
| هَذِي لَدَى هَذِي وَهَذِي عَسْجَدَا |
|
وَسَرَى النَّسِيمُ بِها فَفَضَّ لَطائِماً | |
|
| مِنْ مِسْكِها بَيْنَ الرِّياضِ وَبَدَّدَا |
|
وَغَدَا يُصافِحُ مِنْ غُصُونِ بَشامِها | |
|
| فَنَناً وَرَنَّحَ بانَها المُتَأَوِّدَا |
|
وَيَنُوحُ مِنْ فَوْقِ الغُصُونِ حَمامُها | |
|
| مُتَجاوِباً فِي نَوْحِهِ مُتَغَرِّدا |
|
دِمَنٌ مَعاهِدُها عَلَى عَهْدِي بِها | |
|
| مِنْ بَعْدِ رِحْلَةِ أَهْلِها لَنْ تُعْهَدا |
|
راحَ المُلِثُّ يَعُلُّها بِسِجالِهِ | |
|
| وَسَرى يُرَفِّهُها وَهَجَّرَ وَاغْتَدَى |
|
يا صاحِ عُجْ لِلْحَيِّ وَاذْكُرْنِي وَقُلْ | |
|
| لِسُعادَ مَاذا ضَرَّها أَنْ تُسْعِدَا |
|
إِنِّي عَلَى عَهْدِي وَلَسْتُ بِسامِعٍ | |
|
| مَنْ لامَ فِيها ما حَيِيتُ وَفَنَّدَا |
|
وَأَنا الفِداءُ أَنا الفِداءُ لَها وَلا | |
|
| مِنِّي كَثِيرٌ أَنْ أَكُونَ لَها الفِدَا |
|
ما لَوْ تُبائِعُنِي بِرُوحِي قُبْلَةً | |
|
| مِنْ ثَغْرِها أَمْضِي بِها مُتَزَوِّدَا |
|
بَيْضاءُ إِنْ سَفَرَتْ تَلأْلأَ وَجْهُها | |
|
| كالشَّمْسِ حَلَّتْ فِي البُرُوجِ الأَسْعُدا |
|
جِسْمٌ أَرَقُّ مِنَ النَّسِيمِ إِذا سَرَى | |
|
| سَحَراً وَقَلْبٌ فِيهِ يَحْكِي الجَلْمَدَا |
|
وَإِذا تَثَنَّتْ فِي الخُطَى وَتَخَطَّرَتْ | |
|
| فِي بُرْدِها حَكَتْ القَضِيبَ الأَمْلَدَا |
|
يا بَضَّةَ الجِسْمِ اسْمَحِي بِفَكاكِ مَنْ | |
|
| فِي أَسْرِ حُبِّكِ لا يَزالُ مُصَفَّدَا |
|
ما لَوْ مَنَنْتِ عَلَيَّ مِنْكِ بِرَشْفَةٍ | |
|
| كانَتْ أَلَذَّ مِنَ الزُّلالِ وَأَبْرَدَا |
|
فِي كُلِّ يَوْمٍ مَوْعِدٌ لِي مِنْكِ يا | |
|
| هذِي وَما أَصْدَقْتِ عِنْدِي مَوْعِدَا |
|
وَلَقَدْ سَلَكْتُ هَواكِ حَتَّى إِنَّنِي | |
|
| أَصْبَحْتُ فِيهِ أَرَى الضَّلالَ هُوَ الهُدَى |
|
وَاسْتَعْذَبَتْ نَفْسِي عَذابَكِ فِي الهَوَى | |
|
| فَرَضِيتُهُ لِي مُصْلِحاً أَو مُفْسِدَا |
|
كَمْ لَيْلَةٍ قَدْ بِتُّها فَكأَنَّها | |
|
| مِمَّا بِها قاسَيْتُ لَيْلَةُ أَرْمَدا |
|
وَكأَنَّما الأَجْفانُ مِنِّي أَقْسَمَتْ | |
|
| أَنْ لا تَجِفَّ إِذَنْ وَأَنْ لا تَرْقُدا |
|
كُلِّي بِكُلِّكَ مُسْتَهامٌ لَمْ أَقُلْ | |
|
| فِي ذاكَ مِنِّي ماخَلا أَو ماعَدَا |
|
بَلَغَ الرَّدَى حَبْلَ الوَرِيدِ فَخَلِّصِي | |
|
| مَنْ فِي هَواكِ ثَوَى بِأَشْراكِ الرَّدَى |
|
ما لِي وَلِلدَّهْرِ الخَؤُونِ كَأَنَّنِي | |
|
| كُنْتُ المَعادَ لِحَرْبِهِ وَالمُبْتَدَا |
|
ما خِلْتُهُ بَعْدَ الحُرُوبِ مُسالِماً | |
|
| إِلاَّ وَعادَ إِلَى الحُرُوبِ وَشَدَّدَا |
|
ما فِي الحُكُومَةِ وَالقَضا حَكَّمْتُهُ | |
|
| إِلاَّ وَجارَ عَلَيَّ حُكْماً وَاعْتَدَى |
|
رَعَتْ الخُطُوبُ رِياضَ لَهْوِي بَعْدَما | |
|
| كانَتْ شَقائِقُهُنَّ مُهْمَلَةً سُدَى |
|
حَتَّى قَصَدْتُ إِلَى أَبِي الطِّيبِ الَّذِي | |
|
| بِالجاهِ لِلْجادِي يَجُودُ وَبِالْجَدَا |
|
فَأَجارَنِي مِنْ رَيْبِ دَهْرٍ حَزُّهُ | |
|
| قَدْ كانَ أَوْجَعَ فِيَّ مِنْ حَزِّ المُدَى |
|
وَحَظِيتُ مِنْهُ بِوَصْلِ عَيْشٍ ناعِمٍ | |
|
| مِنْ بَعْدِ عَيْشٍ فِي المَعِيشَةِ أَنْكَدَا |
|
الأَمْجَدُ القَرْمُ الَّذِي وَرِثَ العُلا | |
|
| عَنْ كُلِّ أَشْوَسَ لَوْذَعِيٍّ أَمْجَدَا |
|
مَلِكٌ تَفَرَّدَ بِالمَكارِمِ مِثْلَما | |
|
| قَدْ كانَ والِدُهُ بِها مُتَفَرِّدَا |
|
وَجَرَى فَعَقَّبَ فِي مَيادِينِ العُلا | |
|
| عَمْرَو بنَ هِنْدٍ شأْوُهُ وَالأَسْعَدا |
|
وَبَنَى وَشَيَّدَ بَيْتَ مَجْدٍ قَدْ سَما | |
|
| حَتَّى انْتَهَى السَّبْعَ الطِّباقَ مُشَيَّدَا |
|
لَمْ يَرْتَكِبْ فِي نَهْجِ مَذْهَبِهِ إِلَى | |
|
| سُبُلِ العُلا إِلاَّ الطَّرِيقَ الأَرْشَدَا |
|
لَوْلا إِقامَةُ عَدْلِهِ فِي أَرْضِهِ | |
|
| لَغَدَتْ بِساكِنِها رَماداً أَرْمَدَا |
|
يا مَنْ تَكَوَّنَ سَيْفُهُ وَيَمِينُهُ | |
|
| ناراً مُؤَجَّجَةً وَبَحْراً مُزْبِدَا |
|
إِنِّي لِمَجْدِكَ قَدْ زَفَفْتُ خَرائِداً | |
|
| تُشْجِي مَعانِيها الحِسانَ الخُرَّدَا |
|
وَشَهِدْنَ لِي بِالوُدِّ فيكَ وَهَلْ تَرَى | |
|
| بَرًّا سِواها شاهِداً كَيْ يَشْهَدَا |
|
عَوَّدْتَنِي مِنْكَ الجَمِيلَ وَإِنَّما ال | |
|
| إِنْسانُ مُنْقَلِبٌ إِلَى ما عُوِّدا |
|
أَنْتَ الوَحِيدُ وَحِيدُ عَصْرِكَ لَمْ تَزَلْ | |
|
| فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ بِمَجْدِكَ أَوْحَدَا |
|
وَلَئِنْ تَعَرَّضَكَ الحَسُودُ فَإِنَّما | |
|
| حَقٌّ لِمَنْ بَلَغَ المَدَى أَنْ يُحْسَدا |
|
وَلَقَدْ رَقِيتَ السَّبْعَ فِي رُتَبِ العُلا | |
|
| فارْبَعْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ قَدَ حُزْتَ المَدَى |
|
حَتَّى تَكادَ الشُّهْبُ مِنْ أَفْلاكِها | |
|
| تَهْوِي إِلَى تَقْبِيلِ نَعْلِكَ سُجَّدَا |
|