كَأَنّي بِنَفسي وَهيَ في السَكَراتِ | |
|
| تُعالِجُ أَن تَرقى إِلى اللَهَواتِ |
|
وَقَد زُمَّ رَحلي وَاِستَقَلَّت رَكائِبي | |
|
| وَقَد آذَنَتني بِالرَحيلِ حُداتي |
|
إِلى مَنزِلٍ فيهِ عَذابٌ وَرَحمَةٌ | |
|
| وَكَم فيهِ مِن زَجرٍ لَنا وَعِظاتِ |
|
وَمِن أَعيُنٍ سالَت عَلى وَجَناتِها | |
|
| وَمِن أَوجُهٍ في التُربِ مُنعَفِراتِ |
|
وَمِن وارِدٍ فيهِ عَلى ما يَسُرُّهُ | |
|
| وَمِن وارِدٍ فيهِ عَلى الحَسَراتِ |
|
وَمِن عاثِرٍ ما إِن يُقالُ لَهُ لَعاً | |
|
| عَلى ما عَهِدنا قَبلُ في العَثَراتِ |
|
وَمِن مَلِكٍ كانَ السُرورُ مِهادَهُ | |
|
| مَعَ الآنِساتِ الخُرَّدِ الخَفِراتِ |
|
غَداً لا يَذودُ الدودَ عَن حُرِّ وَجهِهِ | |
|
| وَكانَ يَذودُ الأُسدَ في الأَجَماتِ |
|
وَعُوِّضَ أُنساً مِن ظِباءِ كِناسِهِ | |
|
| وَأَرآمِهِ بِالرُقشِ وَالحَشَراتِ |
|
وَصارَ بِبَطنِ الأَرضِ يَلتَحِفُ الثَرى | |
|
| وَكانَ يَجُرُّ الوَشيَ وَالحَبَراتِ |
|
وَلَم تُغنِهِ أَنصارُهُ وَجُنودُهُ | |
|
| وَلَم تَحمِهِ بِالبيضِ وَالأَسَلاتِ |
|
وَمِمّا شَجاني وَالشُجونُ كَثيرَةٌ | |
|
| ذُنوبٌ عِظامٌ أَسبَلَت عَبَراتي |
|
وَأَقلَقَني أَنّي أَموتُ مُفَرِّطاً | |
|
| عَلى أَنَّني خَلَّفتُ بَعدُ لِداتي |
|
وَأَغفَلتُ أَمري بَعدَهُم مُتَثَبِّطاً | |
|
| فَيا عَجَباً مِنّي وَمِن غَفَلاتي |
|
إِلى اللَهِ أَشكو جَهلَ نَفسي فَإِنَّها | |
|
| تَميلُ إِلى الراحاتِ وَالشَهَواتِ |
|
وَيا رُبَّ خِلٍّ كُنتُ ذا صِلَةٍ لَهُ | |
|
| يَرى أَنَّ دَفني مِن أَجَلِّ صِلاتي |
|
وَكُنتُ لَهُ أُنساً وَشَمساً مُنيرَةً | |
|
| فَأَفرَدَني في وَحشَةِ الظُلُماتِ |
|
سَأَضرِبُ فُسطاطي عَلى عَسكَرِ البِلى | |
|
| وَأَركُزُ فيهِ لِلنُزولِ قَناتي |
|
وَأَركَبُ ظَهراً لا يَؤوبُ بِراكِبٍ | |
|
| وَلا يُمتَطى إِلّا إِلى الهَلَكاتِ |
|
وَلَيسَ يُرى إِلّا بِساحَةِ ظاعِنٍ | |
|
| إِلى مَصرَعِ الفَرحاتِ وَالتَرَحاتِ |
|
يُسَيِّرُ أَدنى الناسِ سَيراً كَسَيرِهِ | |
|
| بِأَرفَعِ مَنعِيٍّ مِنَ السَرَواتِ |
|
فَطَوراً تَراهُ يَحمِلُ الشُمَّ وَالرُبا | |
|
| وَطَوراً تَراهُ يَحمِلُ الحَصَياتِ |
|
وَرُبَّ حَصاةٍ قَدرُها فَوقَ يَذبُلٍ | |
|
| كَمَقبولِ ما يُرمى مِنَ الجَمَراتِ |
|
وَكُلُّ صَغيرٍ كانَ لِلّهِ خالِصاً | |
|
| يُرَبّي عَلى ما جاءَ في الصَدَقاتِ |
|
وَكُلُّ كَبيرٍ لا يَكونُ لِوَجهِهِ | |
|
| فَمِثلُ رَمادٍ طارَ في الهَبَواتِ |
|
وَلَكِنَّهُ يُرجى لِمَن ماتَ مُحسِناً | |
|
| وَيُخشى عَلى مَن ماتَ في غَمَراتِ |
|
وَما اليَومَ يُمتازُ التَفاضُلُ بَينَهُم | |
|
| وَلَكِن غَداً يُمتازُ في الدَرَجاتِ |
|
إِذا رُوِّعَ الخاطي وَطارَ فُؤادُهُ | |
|
| وَأُفرِخَ رَوعُ البَرِّ في الغُرُفاتِ |
|
وَما يَعرِفُ الإِنسانُ أَينَ وَفاتُهُ | |
|
| أَفي البَرِّ أَم في البَحرِ أَم بِفَلاةِ |
|
فَيا إِخوَتي مَهما شَهِدتُم جَنازَتي | |
|
| فَقوموا لِرَبّي وَاِسأَلوهُ نَجاتي |
|
وَجِدّوا اِبتِهالاً في الدُعاءِ وَأَخلِصوا | |
|
| لَعَلَّ إِلَهي يَقبَلُ الدَعَواتِ |
|
وَقولوا جَميلاً إِن عَلِمتُم خِلافَهُ | |
|
| وَأَغضوا عَلى ما كانَ مِن هَفَواتي |
|
وَلا تَصِفوني بِالَّذي أَنا أَهلُهُ | |
|
| فَأَشقى وَحَلّوني بِخَيرِ صِفاتِ |
|
وَلا تَتَناسَوني فَقِدماً ذَكَرتُكُم | |
|
| وَواصَلتُكُم بِالبِرِّ طولَ حَياتي |
|
وَبِالرَغمِ فارَقتُ الأَحِبَّةَ مِنكُمُ | |
|
| وَلَمّا تُفارِقني بِكُم زَفَراتي |
|
وَإِن كُنتُ مَيتاً بَينَ أَيديكُمُ لَقىً | |
|
| فَروحِيَ حَيٌّ سامِعٌ لِنُعاتي |
|
أُناجيكُمُ وَحياً وَإِن كُنتُ صامِتاً | |
|
| أَلا كُلُّكُم يَوماً إِلَيَّ سَياتي |
|
وَلَيسَ يَقومُ الجِسمُ إِلّا بِروحِهِ | |
|
| هُوَ القُطبُ وَالأَعضاءُ كَالأَدَواتِ |
|
وَلا بُدَّ يَوماً أَن يَحورَ بِعَينِهِ | |
|
| لِيُجزى عَلى الطاعاتِ وَالتَبِعاتِ |
|
وَإِلّا أَكُن أَهلاً لِفَضلٍ وَرَحمَةٍ | |
|
| فَرَبِّيَ أَهلُ الفَضلِ وَالرَحَماتِ |
|
فَما زِلتُ أَرجو عَفوَهُ وَجِنانَهُ | |
|
| وَأَحمَدُهُ في اليُسرِ وَالأَزَماتِ |
|
وَأَسجُدُ تَعظيماً لَهُ وَتَذَلُّلاً | |
|
| وَأَعبُدُهُ في الجَهرِ وَالخَلَواتِ |
|
وَلَستُ بِمُمتَنٍّ عَلَيهِ بِطاعَتي | |
|
| لَهُ المَنُّ في التَيسيرِ لِلحَسَناتِ |
|