إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
تململت الساعةُ البارده |
على البرج في الظلمة الخامدهْ |
ومدّتْ يدا من نُحاسْ |
يدًا كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ |
يدَ الرَّجل المنتصبْ |
على ساعة البرج في صمته السرمديّ |
يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ |
وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ |
على القلعة الراقدهْ |
على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت |
تظَلّ تحدَّقُ ينطقُ فيها السكوتْ |
وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب: |
صلاةٌ صلاهْ! |
ودبّتْ حياهْ |
هناكَ على البُرْج في الحَرَس المُتْعَبينْ |
فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ |
ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ |
ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ |
وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ |
تُشير: صلاةٌ صلاهْ! |
فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ |
صدى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ |
يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ |
فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ |
هزيلٌ شَحِبْ |
يَجُرّ رَمَادَ السنينْ |
يكاد الدُّجى ينتحبْ |
على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ |
وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ |
يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ لا يُدْركونْ |
لماذا يسيرونَ? ماذا عسى أن يكونْ? |
تلوَّتْ حوالَيْهمُ ظُلُماتُ الدروبْ |
أفاعيَ زاحفةً ونُيُوبْ |
وساروا يجرّون أسرارَهُمْ في شُحُوب |
وتهمسُ أصواتهم بنشيدٍ رهيبْ |
نشيدِ الذينَ عيونُهُمُ لا تموتْ |
نشيد لذاك الإلهِ العجيبْ |
وأغنيةٌ ليد الرَّجُلِ المنتصبْ |
على البرج كالعنكبوتْ |
يدٌ من نحاسْ |
يحرّكها في احتراسْ |
فترسل صيحَتها في الدياجي |
صلاةٌ صلاهْ |
وفي آخر الموكب الشَّبَحيّ المُخيفْ |
رأى حارس شَبَحَيْن |
يسيرانِ لا يُدْركان متى كان ذاك وأيْن? |
تحُزّ الرّياح ذراعيهما في الظلام الكثيفْ |
وما زال في الشَّبَحينِ بقايا حياهْ |
ولكنّ عينيهما في انطفاءْ |
ولفظُ صلاة صلاهْ |
يضِجّ بسَمْعَيْهما في ظلام المساءْ |
ألستَ ترى |
خُذْهما! |
ثم ساد السكون العميق |
ولم يَبْقَ من شَبَح في الطريق |
وفي المعْبَد البرْهميّ الكبير |
وحيثُ الغموضُ المُثيرْ |
وحيثُ غرابةُ بوذا تلُفّ المكانْ |
يُصلّي الذينَ عيونُهُم لا تموتْ |
ويَرْقُبُهم ذلكَ العنكبوتْ |
على البرج مستغْرَقًا في سكوتْ |
فيرتفعُ الصوت ضخْمًا عميق الصدى كالزمان |
ويرتجفُ الشَّبَحانْ |
من القلعةِ الرطبةِ الباردهْ |
ومن ظُلُمات البيوت |
من الشُرَف الماردهْ |
من البرجِ حيثُ يدُ العنبكوتْ |
تُشيرُ لنا في سكوتْ |
من الطرقات التي َتعْلِك الظُلْمَةَ الصامتهْ |
أتيناكَ نسحَب أسرارَنا الباهتهْ |
أتيناكَ نحن عبيدَ الزمانْ |
وأسرَاه نحن الذينَ عيونُهُم لا تموتْ |
أتينا نَجُرّ الهوانْ |
ونسألُكَ الصفْحَ عن هذه الأعين المُذْنبهْ |
ترسّبَ في عُمْق أعماقها كلُّ حزْنِ السنينْ |
وصوتُ ضمائرِنا المُتعَبَهْ |
أجشٌّ رهيبُ الرّنينْ |
أتيناكَ يا من يذُرّ السُّهادْ |
على أعينِ المُذْنبينْ |
على أعينِ الهاربينْ |
إلى أمسِهِم ليلوذوا هناك بتلّ رمَادْ |
من الغَدِ ذي الأعين الخُضرِ. يا من نراهْ |
صباحَ مساءَ يسوقُ الزمانْ |
يحدّق عيناه لا تغفوان |
وكفَّاه مَطْويّتانْ |
على ألفِ سرٍّ. أتينا نُمرِّغ هذي الجباهْ |
على أرض معبدِهِ في خُشُوعْ |
نُناديهِ دونَ دموعْ |
ونصرخ: آهْ! |
تعِبْنا فدعْنا ننامْ |
فلا نسْمع الصوتَ يَهْتف فينا: صلاهْ! |
إذا دقَّتِ الساعة الثانيهْ |
ولا يطرق الحَرَس الكالحونْ |
على كل باب بأيديهم الباليه |
وقد أكلتْها القُرونْ |
ولم تُبْق منها سوى كومة من عظامْ |
تعبنا... فدعنا ننامْ.. |
ننامُ وننسى يد الرجل العنكبوتْ |
على ساحة البرج. تنثُرُ فوق البيوتْ |
تعاويذَ لعنتها الحاقدهْ |
حنانك بوذا على الأعينِ الساهدهْ |
ودعها أخيرًا تموتْ |
وفي المعبد البرهمي الكبيرْ |
تحرّكَ بوذا المثيرْ |
ومدّ ذراعيه للشبحَيْنْ |
يُبارك رأسيْهما المُتْعَبيْنْ |
ويصرخُ بالحَرَس الأشقياءْ |
وبالرَّجُلِ المنتصبْ |
على البرْج في كبرياءْ |
أعيدوهما! |
ثم لفَّ السكونُ المكانْ |
ولم يبقَ إلا المساءْ |
وبوذا ووجه الزمانْ |