إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
1 |
يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ... |
مَنْ باعَ أسواركِ المشغولةَ بالياقوتْ؟ |
من صادَ خاتمكِ السّحريَّ، |
وقصَّ ضفائركِ الذهبيّهْ؟ |
من ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضرواينْ؟ |
من شطبَ وجهكِ بالسّكّين، |
وألقى ماءَ النارِ على شفتيكِ الرائعتينْ؟ |
من سمّمَ ماءَ البحرِ، ورشَّ الحقدَ على الشطآنِ الورديّهْ؟ |
ها نحنُ أتينا.. معتذرينَ.. ومعترفينْ |
أنّا أطلقنا النارَ عليكِ بروحٍ قبليّهْ.. |
فقتلنا امرأة.. كانت تُدعى (الحريّهْ)... |
2 |
ماذا نتكلّمُ يا بيروتْ.. |
وفي عينيكِ خلاصةُ حزنِ البشريّهْ |
وعلى نهديكِ المحترقين.. رمادُ الحربِ الأهليّهْ |
ماذا نتكلّمُ يا مروحةَ الصّيفِ، ويا وردتَهُ الجوريّهْ؟ |
من كانَ يفكّر أن نتلاقى - يا بيروتُ - وأنتِ خرابْ؟ |
من كانَ يفكّر أن تنمو للوردةِ آلافُ الأنيابْ؟ |
من كانَ يفكّر أنَّ العينَ تقاتلُ في يومٍ ضدَّ الأهدابْ؟ |
ماذا نتكلّم يا لؤلؤتي؟ |
يا سنبلتي.. |
يا أقلامي.. |
يا أحلامي.. |
يا أوراقي الشعريّهْ.. |
من أينَ أتتكِ القسوةُ يا بيروتْ، |
وكنتِ برقّةِ حوريّهْ؟ |
لا أفهمُ كيف انقلبَ العصفورُ الدوريُّ.. |
لقطّةِ ليلٍ وحشيّهْ.. |
لا أفهمُ أبداً يا بيروتْ |
لا أفهمُ كيف نسيتِ اللهَ.. |
وعُدتِ لعصرِ الوثنيّهْ.. |
3 |
قومي من تحتِ الموجِ الأزرقِ، يا عِشتارْ |
قومي كقصيدةِ وردٍ .. |
أو قومي كقصيدةِ نارْ |
لا يوجدُ قبلكِ شيءٌ.. بعدكِ شيءٌ.. مثلكِ شيءٌ.. |
أنتِ خلاصاتُ الأعمارْ.. |
يا حقل اللؤلؤِ.. |
يا ميناءَ العشقِ.. |
ويا طاووسَ الماءْ.. |
قومي من أجلِ الحبِّ، ومن أجلِ الشّعراءْ |
قومي من أجل الخبزِ، ومن أجلِ الفقراءْ |
الحبُّ يريدكِ.. يا أحلى الملكاتْ.. |
والربُّ يريدكِ.. يا أحلى الملكاتْ.. |
ها أنتِ دفعتِ ضريبةَ حسنكِ مثل جميعِ الحسناواتْ |
ودفعتِ الجزيةَ عن كلِّ الكلماتْ.. |
4 |
قومي من نومكِ.. |
يا سُلطانةُ، يا نوَّارةُ، يا قنديلاً مشتعلاً في القلبْ |
قومي كي يبقى العالمُ يا بيروتْ.. |
ونبقى نحنُ.. |
ويبقى الحبّْ... |
قومي.. |
يا أحلى لؤلؤةٍ أهداها البحرْ |
الآن عرفنا ما معنى .. |
أن نقتلَ عصفوراً في الفجرْ |
الآنَ عرفنا ما معنى .. |
أن ندلقَ فوقَ سماءِ الصّيفِ زجاجةَ حبرْ |
الآن عرفنا .. |
أنّا كُنّا ضدَّ اللهِ .. وضدَّ الشّعرْ .. |
5 |
يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ .. |
يا حيثُ الوعدُ الأوّلُ .. والحبُّ الأوّلُ .. |
يا حيثُ كتبنا الشعرَ .. |
وخبّأناه بأكياسِ المُخملْ .. |
نعترفُ الآنَ .. بأنّا كُنّا يا بيروتُ، |
نُحبّكِ كالبدوِ الرُحّلْ .. |
ونُمارسُ فعلَ الحبِّ .. تماماً |
كالبدوِ الرُحَّلْ ... |
نعترفُ الآنَ .. بأنَّكِ كُنتِ خليلتنا |
نأوي لفراشكِ طولَ اللّيل ... |
وعندَ الفجرِ، نهاجرُ كالبدوِ الرُحَّلْ |
نعترفُ الآنَ .. بأنّا كُنّا أميّينَ .. |
وكُنّا نجهلُ ما نفعلْ .. |
نعترفُ الآنَ، بأنّا كُنّا مِن بينِ القَتَلَهْ .. |
ورأينا رأسكِ .. |
يسقطُ تحتَ صخورِ الرَوْشَةِ كالعصفورْ |
نعترفُ الآنَ .. |
بأنّا كُنّا - ساعةَ نُفِّذَ فيكِ الحُكمُ - |
شهودَ الزورْ .. |
6 |
نعترفُ أمامَ اللهِ الواحدِ .. |
أنّا كُنّا منكِ نغارُ .. |
وكانَ جمالكِ يؤذينا .. |
نعترفُ الآنَ .. |
بأنّا لم ننصفْكِ .. ولم نعذُرْكِ .. ولم نفهمْكِ .. |
وأهديناكِ مكانَ الوردةِ سِكّينا ... |
نعترفُ أمامَ اللهِ العادلِ ... |
أنّا راودناكِ .. |
وعاشرناكِ .. |
وضاجعناكِ .. |
وحمّلناكِ معاصينا .. |
يا ستَّ الدنيا، إن الدنيا بعدكِ ليستْ تكفينا .. |
الآنَ عرفنا .. أنَّ جذوركِ ضاربةٌ فينا .. |
الآنَ عرفنا .. ماذا اقترفتْ أيدينا .. |
7 |
اللهُ .. يفتّشُ في خارطةِ الجنّةِ عن لُبنانْ |
والبحرُ يفتّشُ في دفترهِ الأزرقِ عن لُبنانْ |
والقمرُ الأخضرُ .. |
عادَ أخيراً كي يتزوّجَ من لُبنانْ .. |
أعطيني كفّكِ يا جوهرةَ اللّيلِ، وزنبقةَ البلدانْ |
نعترفُ الآنَ .. |
بأنّا كُنّا ساديّينَ، ودمويّينَ .. |
وكُنّا وكلاءَ الشيطانْ |
يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ .. |
قومي من تحتِ الرَدمِ، كزهرةِ لوزٍ في نيسانْ |
قومي من حُزنكِ .. |
إنَّ الثورةَ تولدُ من رحمِ الأحزانْ |
قومي أكراماً للغاباتِ .. |
وللأنهارِ .. |
وللوديانِ .. |
قومي إكراماً للإنسانْ .. |
إنّا أخطأنا يا بيروتُ .. |
وجئنا نلتمسُ الغفرانْ .. |
8 |
ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ المجنونهْ .. |
يا نهرَ دماءٍ وجواهرْ .. |
ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ القلبِ الطيّبِ .. |
يا بيروتُ الفوضى .. |
يا بيروتُ الجوعِ الكافرِ .. والشّبعِ الكافرِ .. |
ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ العدلِ .. |
ويا بيروتُ الظلمِ .. |
ويا بيروتُ السّبْيِ .. |
ويا بيروتُ القاتلِ والشاعرْ .. |
ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ العشقِ .. |
ويا بيروتُ الذبحِ من الشّريانِ إلى الشّريانْ .. |
ما زلتُ أحبُّكِ رغمَ حماقاتِ الإنسانْ |
ما زلتُ أحبُّكِ يا بيروتُ .. |
لماذا لا نبتدئُ الآنْ؟ |