إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
لو كانتْ تسمعُني الصحراءْ |
لطلبتُ إليها أن تتوقّف عن تفريخِ ملايينِ الشعراءْ |
وتحرِّر هذا الشّعب الطيّبَ من سيفِ الكلماتْ |
ما زلنا منذُ القرنِ السّابعِ، نأكلُ أليافَ الكلماتْ |
نتزحلقُ في صمغِ الرّاءاتْ |
نتدحرجُ من أعلى الهاءاتْ |
وننامُ على هجوِ جريرٍ |
ونفيقُ على دمعِ الخنساءْ |
ما زلنا منذ القرنِ السابعِ .. خارجَ خارطةِ الأشياءْ |
نترقّبُ عنترةَ العبسيَّ .. يجيءُ على فَرَسٍ بيضاءْ |
ليفرِّجَ عنّا كربتَنا .. ويردَّ طوابيرَ الأعداءْ .. |
ما زلنا نقضمُ كالفئرانِ .. مواعظَ سادتِنا الفقهاءْ |
نقرأُ معروفَ الإسكافيَّ ونقرأُ أخبارَ الندماءْ |
ونكاتَ جُحا .. |
ورجوعَ الشيخِ .. |
وقصّةَ داحسَ والغبراءْ .. |
يا بلدي الطيّبَ، يا بلدي |
الكلمةُ كانتْ عصفوراً .. |
وجعلنا منها سوقَ بغاءْ .. |
لو كانتْ نَجدٌ تسمعُني |
والربعُ الخالي يسمعني |
لختمتُ أنا بالشّمعِ الأحمرِ سوقَ عُكاظْ |
وشنقتُ جميعَ النجّارينَ .. وكلَّ بياطرةِ الألفاظْ |
ما زلنا منذُ ولادتِنا .. |
تسحقُنا عجلاتُ الألفاظْ |
لو أُعطى السّلطةَ في وطني |
لقلعتُ نهارَ الجمعةِ أسنانَ الخُطباءْ |
وقطعتُ أصابعَ من صبغوا .. بالكلمةِ أحذيةَ الخُلفاءْ |
وجلدتُ جميعَ المنتَفعينَ بدينارٍ .. أو صحنِ حساءْ |
وجلدتُ الهمزةَ في لغتي .. وجلدتُ الياءْ |
وذبحتُ السّينَ .. وسوفَ .. وتاءَ التأنيثِ البلهاءْ |
والزخرفَ والخطَّ الكوفيَّ، وكلَّ ألاعيبِ البُلغاءْ |
وكنستُ غبارَ فصاحَتنا .. |
وجميعَ قصائدنا العصماءْ .. |
يا بلدي .. |
كيفَ تموتُ الخيلُ .. ولا يبقى إلا الشعراءْ؟ |
لو أُعطى السُّلطة في وطني |
أعدمتُ جميعَ المنبطحينَ على أبوابِ مقاهينا |
وقصصتُ لسانَ مغنّينا |
وفقأتُ عيونَ القمرِ الضاحكِ من أحزانِ ليالينا |
وكسرتُ زجاجتَهُ الخضراءْ .. |
وأرحتُكَ يا ليلَ بلادي .. |
من هذا الوحشِ الآكلِ من لحمِ البُسطاءْ .. |
يا بلدي الطيّبَ .. يا بلدي |
لو تنشفُ آبارُ البترولِ .. ويبقى الماءْ |
لو يُخصى كل المنحرفينَ .. وكلُّ سماسرةِ الأثداءْ |
لو تُلغى أجهزةُ التكييفِ .. من الغرفِ الحمراءْ |
وتصيرُ يواقيتُ التيجانِ .. نعالاً في أقدامِ الفقراءْ .. |
أو أملكُ كرباجاً بيدي .. |
جرّدتُ قياصرةَ الصحراءِ من الأثوابِ الحضريَّهْ |
ونزعتُ جميعَ خواتمهمْ |
ومحوتُ طلاءَ أظافرهمْ |
وسحقتُ الأحذيةَ اللمّاعةَ .. والسّاعاتِ الذهبيّهْ |
وأعدتُ حليبَ النُوقِ لهمْ |
وأعدتُ سروجَ الخيلِ لهمْ |
وأعدتُ لهم، حتّى الأسماءَ العربيّهْ |
لو يكتُبُ في يافا الليمونُ .. لأرسلَ آلافَ القُبلاتْ |
لو أنَّ بحيرةَ طبريّا .. |
تُعطينا بعضَ رسائلِها .. |
لاحترقَ القارئُ والصفحاتْ .. |
لو أنَّ القدسَ لها شفةٌ .. |
لاختنقت في فمها الصلواتْ |
لو أنَّ .. وما تُجدي لو أنَّ .. ونحنُ نسافرُ في المأساةْ |
ونمدُّ الأرضَ المحتلّهْ .. حبْلاً شعريَّ الكلماتْ |
ونمدُّ ليافا منديلاً طُرِّزَ بالدمعِ .. وبالدعواتْ |
يا بلدي الطيّبَ .. يا بلدي |
ذبحَتْكَ سكاكينُ الكلماتْ |