إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
1 |
ننتظرُ القطارْ |
ننتظرُ المسافرَ الخفيَّ كالأقدارْ |
يخرجُ من عباءةِ السنينْ |
يخرجُ من بدرٍ، من اليرموكِ، |
من حطّينْ .. |
يخرجُ .. |
من سيفِ صلاحِ الدّينْ .. |
من سنةِ العشرينْ |
ونحنُ مرصوصونَ .. |
في محطّةِ التاريخِ، كالسّردينْ .. |
يا سيّداتي سادتي: |
هل تعرفونَ ما حُريّةُ السّردينْ؟ |
حينَ يكونُ المرءُ مضطرّاً |
لأن يقولَ رغمَ أنفهِ: آمينْ |
حينَ يكونُ الجرحُ مضطرّاً |
لأن يُقبّلَ السكّينْ .. |
يا سيّداتي سادتي: |
من سنةِ العشرينْ |
ونحنُ كالدجاجِ في أقفاصنا |
ننظرُ في بلاهةٍ |
إلى خطوطِ سكّةِ الحديدْ |
أفقيّةٌ حياتُنا .. |
مثلَ خطوطِ سكّةِ الحديدْ |
ضيّقةٌ .. ضيّقةٌ |
مثلَ خطوطِ السكّةِ الحديدْ |
ساعاتُنا واقفةٌ |
لا اللهُ يأتينا .. ولا موزّعُ البريدْ |
من سنةِ العشرينْ، حتى سنةِ السبعينْ |
نجلسُ في انتظارِ وجهِ الملكِ السعيدْ |
كلُّ الملوكِ يشبهونَ بعضَهمْ |
والملكُ القديمُ، مثلُ الملكِ الجديدْ |
2 |
ننتظرُ القطارْ |
ونحملُ البيارقَ الحمراءَ، والأزهارْ |
تمضغُنا مكبّراتُ الصوتِ في الليلِ |
وفي النهارْ |
تنشرُنا إذاعةُ الدولةِ بالمنشارْ |
إنتبهوا! |
إنتبهوا! |
خمسينَ يوماً ربّما تأخّرَ القطارْ |
خمسينَ عاماً ربّما تأخّرَ القطارْ |
تقيّحتْ أفخاذُنا من كثرةِ الجلوسْ |
تقيّحَتْ .. |
في رأسنا الأفكارْ |
وصارَ لحمُ ظهرِنا |
جزءاً من الجدارْ |
جاؤوا بنا عشرينَ ألفَ مرّةً |
تحتَ عويلِ الريحِ والأمطارْ |
واستأجروا الباصاتِ كي تنقلنا |
ووزّعوا الأدوار .. |
وعلّمونا .. كالقرودِ الرقصَ |
والعزفَ على المزمارْ |
ودرّبونا .. |
ككلابِ الصيد كيفَ ننحني |
للقادمِ المسكونِ بالدهشةِ والأسرارْ |
إذا أتى القطارْ .. |
3 |
لم نَرَهُ .. |
لكنَّ مَن رأوهُ فوقَ الشاشةِ الصغيرهْ |
يبتلعُ الزجاجَ .. |
أو يسيرُ كالهنودِ فوقَ النارْ |
ويُخرجُ الأرانبَ البيضاءَ من جيوبهِ |
ويقلبُ الفحمَ إلى نُضارْ |
يؤكّدونَ أنّهُ .. |
من أولياءِ اللهِ .. جلَّ شأنُهُ |
وأنَّ نورَ وجههِ يحيِّرُ الأبصارْ .. |
وأنّهُ سيحملُ القمحَ إلى بيوتنا |
والسمنَ .. والطحينَ .. بالقنطارْ |
ويجعلُ العميانَ يبصرونْ |
ويجعلُ الأمواتَ ينهضونْ |
ويزرعُ الحنطةَ في البحارْ |
وأنّهُ في سنواتِ حكمهِ |
يُدخلنا لجنّةٍ .. |
من تحتها تنسكبُ الأنهارْ |
لم نرَهُ .. |
ولم نقبّلْ يدهُ |
لكنَّ مَن تبرّكوا يوماً بهِ .. |
قالوا بأنَّ صوتَهُ |
يُحرّكُ الأحجارْ .. |
وأنّهُ .. |
وأنّهُ .. |
هوَ العزيزُ الواحدُ القهّارْ .. |
4 |
ننتظرُ القطارْ |
مكسورةٌ منذُ أتَينا ساعةُ الزمانْ |
والوقتُ لا يمرُّ .. |
والثواني ما لها سيقانْ |
تعلكُنا .. |
تنهشُنا .. |
مكبّراتُ الصوتِ بالأسنانْ .. |
إنتبهوا! |
إنتبهوا! |
لا أحدٌ يقدرُ أن يغادرَ المكانْ |
ليشتري جريدةً .. |
أو كعكةً .. |
أو قطعةً صُغرى من اللبانْ |
لربّه، لا أحدٌ، يقدرُ أن يقولَ: |
يا ربّاه |
لا أحدٌ .. |
يقدرُ أن يدخلَ، حتّى، دورةَ المياهْ .. |
تعالَ يا غودو .. |
وخلّصنا من الطغاةِ والطغيانْ |
ومن أبي جهلٍ، ومن ظُلمِ أبي سُفيانْ |
فنحنُ محبوسونَ في محطّةِ التاريخِ كالخرفانْ |
أولادُنا ناموا على أكتافِنا .. |
رئاتُنا .. تسمّمَتْ بالفحمِ والدخانْ |
والعَرْضَحَالاتُ التي نحملُها |
عن قلَّةِ الدواءْ .. |
والغلاء .. |
والحِرمان .. |
صادَرَها مرافقو السلطانْ |
تعالَ يا غودو .. وجفِّفْ دمعَنا |
وأنقذِ الإنسانَ من مخالبِ الإنسانْ |
5 |
تعالَ يا غودو .. |
فقد تخشَّبتْ أقدامُنا انتظارْ |
وصارَ جلدُ وجهِنا .. |
كقطعةِ الآثارْ .. |
تبخّرتْ أنهارُنا |
وهاجَرَتْ جبالُنا |
وجَفّتِ البحارْ |
وأصبحتْ أعمارُنا ليسَ لها أعمارْ |
تعالَ يا غودو .. فإنَّ أرضَنا |
ترفضُ أن تزورَها الأمطارْ |
ترفضُ أن تكُبرَ في ترابِنا الأشجارْ |
تعالَ .. فالنساءُ لا يحبلنَ .. |
والحليبُ لا يدرُّ في الأبقارْ |
إن لم تجئْ من أجلنا نحنُ .. |
فمن أجلِ الملايينِ من الصّغارْ |
من أجلِ شعبٍ طيّبٍ .. |
ما زالَ في أحلامهِ |
يُقرقشُ الأحجارْ |
يقرقشُ المعلّقاتِ العشرَ .. |
والجرائدَ القديمهْ |
ونشرةَ الأخبارْ |