حسْبِي رِضاكَ من الدهرِ الَّذِي عَتَبا | |
|
| وجُودُ كَفَّيْكَ للحَظِّ الَّذِي انْقَلَبا |
|
يا مالِكاً أَصبحَتْ كَفِّي وَمَا مَلَكَتْ | |
|
| ومُهْجَتِي وحَياتِي بَعْضَ مَا وَهَبا |
|
ما أَقْلَعَ الغيثُ إِلّا رَيْثَما خَفَقَتْ | |
|
| مَجَادِحُ الجودِ من يُمْناكَ فَانْسَكَبا |
|
ولا نَأَى السَّعْدُ إِلّا وَهْوَ تَجذِبُهُ | |
|
| شوافِعُ المجدِ عن عَلْيَاكِ فاقْتَرَبا |
|
أَنتَ ارْتَجَعْتَ المنى غُرّاً مُحَجَّلَةً | |
|
| نحوِي وَقَدْ أَعجَزَتْنِي دُهْمُها هَرَبا |
|
لَئِنْ دَهَتْنِي شَمالاً حَرْجَفاً عَصَفَتْ | |
|
| بماءِ وَجْهِي لقد أَنشأْتَها سُحُبا |
|
لَئِنْ تُنُوسِيَ تحرِيمُ المُحَرَّمِ لي | |
|
| سَعْياً لعَجْلانَ مَا أَمَّنت لي رَجَبا |
|
أَنَّسْتَنِي بِسَنا الإِصباحِ منبلِجاً | |
|
| فِي حِينِ أَوْحَشَنِي البدرُ الَّذِي غَرَبَا |
|
وصَبَّحَتْنِي غَوادٍ منكَ مُغْدِقَةٌ | |
|
| عن بارِقٍ لِيَ فِي جُنْحِ الظَّلامِ خَبا |
|
لَئِنْ توهَّمَهُ الأَعداءُ لي نُكَباً | |
|
| أَنْحَتْ عليَّ لقد عُوِّضْتُها رُتَبا |
|
لَئِنْ فُجِعْتُ بِهَا بيضاءَ من وَرَقٍ | |
|
| تبأَى عَليَّ لقد أُخْلِفْتُها ذَهَبا |
|
فَمَنْ يباري جوادَ الشُّكْرِ فيكَ وَقَدْ | |
|
| ناوَلْتَنِي يَدَكَ العلياءَ يومَ كبَا |
|
وكنتَ ملجأَهُ فِي النائِباتِ وَقَدْ | |
|
| سالَ الزمانُ عَلَيْهِ أَسهُماً وظُبى |
|
وذَبَّ عدلُكَ دونَ الحقِّ منتقِماً | |
|
| ورَدَّ نصرُكَ ظُلْمَ العِلْمِ مُحْتَسِبا |
|
حَتَّى تلافَيْتَ في ضَنْكِ المقامِ لَهُ | |
|
| حَظّاً غَدَا بَيْنَ أَيدي الظُّلْمِ مُنْتَهَبَا |
|
أَبى لَكَ اللهُ إِلّا أَن تفوزَ بِهَا | |
|
| خيراً ثواباً وخيراً عندَهُ عُقُبا |
|
أَيادِياً إِنْ أَكُنْ مخصوصَ نُصْرَتِها | |
|
| فقد عَمَمْتَ بِهِنَّ العِلْمَ والأَدَبا |
|
وأَنْعُماً أَكْسَبَتْنِي عزَّ مَفْخَرِها | |
|
| وغادَرَتْ كاشِحِي رَهْناً بِما كَسَبا |
|
فإِنْ يَقَعْ جُهْدُ شكري دونَهُنَّ فقد | |
|
| أَوْجَبْنَ من حُسْنِ ظَنِّي فَوْقَ مَا وَجَبا |
|
من بعدِ مَا أَضرم الواشُونَ جَاحِمَةً | |
|
| كَانَتْ ضلوعي وأَحشائِي لَهَا حَطَبا |
|
ودَسَّسُوا لِيَ فِي مَثْنى حبائِلِهِمْ | |
|
| شنعاءَ بِتُّ بِهَا حَرَّانَ مُكْتَئِبا |
|
حَتَّى هُزِزْتُ فَلا زَنْدُ القريضِ كَبَا | |
|
| فيما لَدَيَّ ولا سيفُ البدِيهِ نَبا |
|
وأَشرقتْ شاهِداتُ الحَقِّ تَنْشُرُ لي | |
|
| نُوراً غَدَتْ فِيهِ أَقوالُ الوُشاةِ هَبا |
|
هيهاتَ أَعْجَزَ أَهْلَ الأَرضِ أن يجِدُوا | |
|
| لِلدُّرِّ غَيْرَ عُبابِ البحرِ مُنْتَسَبا |
|
وحاشَ لِلْوَرْدِ أَن يُعزى إِلَى رَمَضٍ | |
|
| وأَن يكونَ لَهُ غيرُ الربيعِ أَبا |
|
لِمَنْ سَنا الشَّمْسِ إِن أَضْحَتْ مُشكَّلَةً | |
|
| فِيهِ لِمَنْ نَفَحَاتُ المِسْكِ إِن كُذِبا |
|
ومَنْ يُكَذِّبُ فِي آثارِ مَوْقِعِهِ | |
|
| مُهَنَّداً خَذِماً أَوْ عامِلاً ذَرِبا |
|
وكيفَ يَصْدُقُني منكَ الرَّجَاءُ وَلا | |
|
| أجْزِي ثَناءَكَ إِلّا المَيْنَ والكَذِبا |
|
ودُونَ مَا أَنا من نُعْماكَ مُحتمِلٌ | |
|
| مَا أَنْطَقَ الصخر أَوْ مَا أَنْبطَ القُلُبا |
|
حاشى لقدرِكَ أَن أُزْجِي الثَّناءَ لَهُ | |
|
| دَعْوىً وأُهْدِي إِلَيْهِ الدُّرَّ مُغْتَصَبا |
|
لكنَّها هِمَمٌ أَنْشَأْتَها نِعَماً | |
|
| تَشاكَها بنفيسِ القَدْرِ فاصْطَحَبا |
|
ولستُ أَوَّلَ من أَعْيَتْ بدائِعُهُ | |
|
| فاسْتَدْعَتِ القَوْلَ مِمَّنْ ظَنَّ أَوْ حَسِبا |
|
إِنَّ امْرَأَ القَيْسِ فِي بَعْضٍ لَمُتَّهَمٌ | |
|
| وَفِي يَدَيْهِ لِوَاءُ الشِّعْرِ إِنْ رَكِبا |
|
والشِّعْرُ قَدْ أَسَرَ الأَعشى وقَيَّدَهُ | |
|
| خُبْراً وَقَدْ قِيلَ والأَعْشى إِذَا شَرِبا |
|
وكيفَ أَظْما وبحرِي زَاخِرٌ فطناً | |
|
| إِلَى خيالٍ من الضَّحْضَاحِ قَدْ نَضَبا |
|
فَإِنْ نأَى الشَّكُّ عنِّي أَوْ فها أَنا ذا | |
|
| مُهَيَّأً لِجَليِّ الخُبْرِ مُرْتَقِبا |
|
عَبْدٌ لِنُعماكَ فِي كَفَّيْهِ نَجْمُ هُدىً | |
|
| سارٍ بِمَدْحِكَ يَجْلُو الشَّكَّ والرِّيَبا |
|
إِن شِئْتَ أَمْلى بَدِيعَ الشِّعْرِ أَوْ كَتَبا | |
|
| أَوْ شئتَ خاطَبَ بالمنثورِ أَوْ خَطَبا |
|
كَرَوْضَةِ الحَزْنِ أَهْدى الوشْيَ مَنْظَرُها | |
|
| والماءَ والزَّهْرَ والأَنوارَ والعُشُبا |
|
أَوْ سابَقَ الخيلَ أَعْطى الحُضْرَ مُتَّئِداً | |
|
| والشَّدَّ والكَرَّ والتَّقْرِيبَ والخَببَا |
|
سَبَكْتُهُ عامِريَّ السِّنْخِ مُنْقَطِعاً | |
|
| إِلَيْكَ من سائِرِ الآمالِ مُنْقَضِبا |
|
فَحَقَّ للعلمِ أَن يُزْهى بِهِ فَرَحاً | |
|
| وحقَّ للشعرِ أن يَشْدُو بِهِ طَرَبا |
|
فأَحْجَمَ الدهرُ مِنِّي عن فَتى أَدَبٍ | |
|
| قَدْ حالَفَ العِزَّ والأَملاكَ والعَرَبا |
|
وبَلَّغَتْهُ المُنى من حِمْيَرٍ أَمَلاً | |
|
| وأَعلَقَتْهُ العُلا من عامِرٍ سَبَبَا |
|
فأَضْحَتِ المُنْيَةُ الغَرَّاءُ لي وَطَناً | |
|
| وأَضْحَتِ الدعوةُ العَلْياءُ لي نَسَبا |
|
وذُلِّلَتْ ليَ أرضٌ أَيْنَعَتْ ثَمَراً | |
|
| وظلَّلَتْنِي سماءٌ مُلِّئَتْ شُهُبا |
|
وَقَدْ وَجَدْتُ عياذَ اللهِ أَمَّنَني | |
|
| فِي ذِمَّةِ المَلِكِ المنصورِ مَا حَزَبا |
|
من شَرِّ تَشْغِيبِ حُسَّادِي إِذَا حَسَدُوا | |
|
| وشَرِّ غاسِقِ أَيَّامِي إِذَا وَقَبا |
|
وفَلَّ عَنِّيَ أَحزابَ العِدى مَلِكٌ | |
|
| مُعَوَّدٌ أن يَفُلَّ الجحفلَ اللجِبا |
|
ويَتْركَ المَلِكَ الجَبَّارَ مُخْتَلَعاً | |
|
| عنهُ رِداء العُلا والعِزِّ مُسْتَلَبا |
|
مُجدَّلاً بِجُنُوبِ الأَرْضِ مُنْعَفِراً | |
|
| ومُشْعَراً بِنَجِيعِ الجَوْفِ مُخْتَضَبا |
|
وقائِدُ الخيلِ عَمَّ الجوَّ عِثْيَرُها | |
|
| ومادَتِ الأَرْضُ من أَهوالِها رُعُبا |
|
وصفوةُ اللهِ مِنْ أَنصارِ دَعْوَتِهِ | |
|
| ومن تَنْقَّى لنصرِ الدِّينِ وانْتَخَبا |
|
مُوفٍ عَلَى الرُّتَبِ القُصْوى مدىً فَمدىً | |
|
| ووارِثُ المُلْكِ قحطاناً أَباً فَأَبا |
|
حَيْثُ اعْتَزَى فَخْرُ إِسماعِيلَ فِي سَلَفَيْ | |
|
| هُودٍ وحيثُ تلاقَتْ خِنْدِفٌ وسَبا |
|
من كُلِّ قَرْمٍ غَدا بالمجدِ مُشْتَمِلاً | |
|
| ومُسْتَقِلّاً بتاجِ المُلْكِ مُعْتَصِبا |
|
أَلقَتْ إِلَى يدِهِ الدُّنيا أَزِمَّتَها | |
|
| فأَحرزَ الأَرْضَ مُلْكاً والعُلا حَسَبا |
|
مُسْتَحْقِرٌ لِعُبَابِ البَحْرِ إِنْ وَهَبَا | |
|
| ومُسْتَكِنٌّ بِرُكْنِ الحِلْمِ إِنْ غَضِبا |
|
كَأَنَّهُ والمُنى تَسعى إِلَى يَدِهِ | |
|
| صَبٌّ تَنَسَّمَ من نَحْوِ الحبيبِ صَبا |
|
فَلْيَشْكُرِ اللهَ يَا مَنْصورُ مِنكَ يَداً | |
|
| كَشَفْتَ عَنِّي بِهَا الأَحزانَ والكُرَبا |
|
وطالَمَا لاذَتِ الدُّنيا بِحِقْوِكِ مِنْ | |
|
| خَطْبٍ أَلَمَّ فَكُنْتَ المَعْقِلَ الأَشِبا |
|
وكيفَ يُخلِفُ مِنكَ الظَّنُّ مَا رَغِبا | |
|
| أَوْ يُعْوِزُ المَجْدَ فِي كَفَّيْكَ مَا طَلَبَا |
|
وَقَدْ غَدَوْتَ لآمالِ الوَرى أَمَداً | |
|
| وَقَدْ غَدَوْتَ لأَفلاكِ العُلا قُطُبا |
|
وأَنْتَ بَحْرُ الندى لَمْ يَأْلُ أَنْ عَذُبا | |
|
| وأَنتَ حِزْبُ الهُدى لَمْ يَعْدُ أَنْ غَلَبا |
|