هل تَثنِيَنَّ غُرُوبَ دمع ساكِبِ | |
|
| مَنْ شامَ بارِقَةَ الغمامِ الصَّائِبِ |
|
أَبَتِ العزيمةُ من فؤادٍ جامِدٍ | |
|
| أَنْ تستقيدَ لِماءِ جفنٍ ذائبِ |
|
مَن تَرْمِهِ حَدَقُ المكارِمِ تُصْبِهِ | |
|
| عن مُصبِياتِ أَحِبَّةٍ وَحَبائبِ |
|
ففِراقُ رَبَّاتِ الخُدُورِ مُكفَّرٌ | |
|
| بِلِقاءِ نجمِ المكرُماتِ الثَّاقِبِ |
|
قالتْ وَقَدْ مَزَجَ الوداعُ مدامعاً | |
|
| بمدامِعٍ وترائباً بترائِبِ |
|
أَتَفَرُّقٌ حَتَّى بمنزلِ غُرْبَةٍ | |
|
| كم نحنُ للأَيَّامِ نُهْبَةُ ناهِبِ |
|
فِي كلِّ يومٍ مُنتوىً مُتباعِدٌ | |
|
| يرمي حُشاشَةَ شملِنا المُتقارِبِ |
|
وَثَنَتْ تُذَكِّرُ مُقرَباتِ سفائنٍ | |
|
| عُذْنا بِهَا من مُقفِراتِ سباسِبِ |
|
أَيامَ تؤْنِسُنا فَلاً وسواحِلٌ | |
|
| عن آنساتِ مقاصِرٍ ومَلاعِبِ |
|
نَعَبَ الغرابُ بِهَا فطارَ بأَهلِها | |
|
| سِرْباً على مِثلِ الغرابِ النَّاعِبِ |
|
خرِقُ الجَناحِ إِلَى الرِّياحِ مُضلَّلٌ | |
|
| بشَمَائِلٍ لعِبتْ بِهِ وجنائبِ |
|
يهوي بذي طِمْرَينِ مزَّقَ لبسَها | |
|
| أَيدي لَوَاهِفَ للنفوس نوادِبِ |
|
فِي غَوْلِ ذي لُجَجٍ لَبِسْنَ دياجياً | |
|
| تركَ الحياةَ لنا كَأَمسِ الذَّاهِبِ |
|
قاسيتُهُنَّ غوارباً كَغَياهبٍ | |
|
| وَسريتُهُنَّ غياهباً كَغواربِ |
|
نَجلُو ظلامَ اللِّيلِ قبلَ صباحِهِ | |
|
| بلَظى زفيرٍ أَوْ برأْسٍ شائِبِ |
|
يا هَذِهِ لله تِلْكَ حدائقاً | |
|
| زهراتُهُنَّ مفارقي وذوائبي |
|
مثلَ الرِّياضِ تفتَّحتْ أَكمامُها | |
|
| عن مُحْكَماتِ بصائري وَتَجَارِبي |
|
فذخَرْتُ للألبابِ كِفَّةَ حابلٍ | |
|
| وَلأَشْطُرِ الأَيَّامِ كَفَّيْ حالِبِ |
|
وَرَميْتُ آفاقَ العِراقِ بشُرَّدٍ | |
|
| لَيْسَ العجائبُ عندها بعجائِبِ |
|
من كل ساحِرةٍ كَأَنَّ روِيَّها | |
|
| فِي أَلسُنِ الرَّاوينَ رِيقةُ كاعبِ |
|
وَلَكَمْ وَصلتُ تنائِفاً بتنائِفٍ | |
|
| حَتَّى وَصَلْتُ مشارِقاً بمَغارِبِ |
|
فكأَنَّمَا قَفَّيتُ إِثْرَ بدائعي | |
|
| فِي الأَرْضِ أَوْ ناوَيتُ شَأْوَ غرائبي |
|
أَوْ رُمْتُ حظِّي فِي السماء وَقَدْ جرى | |
|
| لمداهُ فِي فَلَكِ الفضاءِ الغائِبِ |
|
وَلئِنْ دَجتْ لي الحادثاتُ فما أرى | |
|
| نُورَ اليقينِ بطرفِ ظنٍّ كاذِبِ |
|
صدقَتْنِيَ الأَنباءُ ضربةَ لازِمٍ | |
|
| أن لَيْسَ همُّ الدهرِ ضربةَ لازِبِ |
|
فشفيتُ فِي حُرِّ التجمُّلِ غُلَّتي | |
|
| وقَضيتُ من حسنِ العزاءِ مآربي |
|
وَحَرَسْتُ عِرضي بالتوكُّل من نأى | |
|
| عنّي بجانِبِهِ نَأَيْتُ بجانبي |
|
ولقد رأيتُ الجِدَّ لَيْسَ ببالغٍ | |
|
| وَالعَجزَ لَيْسَ عن الصِّراطِ بناكِبِ |
|
كم قَدْ سعدتُ بما تمنَّى حاسِدي | |
|
| قدْراً وَخِبتُ بما تخيَّرَ صاحِبي |
|
وَوَجدتُ طعمَ السُّمِّ فِي شهدِ الجَنى | |
|
| وَأُجَاجَ شُرْبي فِي نمير مشَارِبي |
|
ورَفلتُ فِي النِّعَمِ السوابغ مُلبِسي | |
|
| أَثوابَها الدهرُ الَّذِي هوَ سالبي |
|
يا رَبَّةَ الخِدْرِ اسْتَجِدِّي سَلْوةً | |
|
| جَدَّ النَّجاءُ بهائمٍ بكِ لاعبِ |
|
إِمَّا شجيتِ برحلتي فاستبشِري | |
|
| بجميل ظنّي من جميلِ عواقبي |
|
وَلئن جنيت عَلَيْكِ تَرْحَة راحِلٍ | |
|
| فأَنا الزَّعيم لَهَا بفرْحَةِ آيب |
|
هل أَبْصَرَتْ عيناكِ بدْراً طالِعاً | |
|
| فِي الأُفقِ إِلّا من هلالٍ غاربِ |
|
وَاللهُ من بعدِي عَلَيْكِ خليفتي | |
|
| وخَليفةٌ هُديَتْ إِلَيْهِ مَذاهِبي |
|
بَيْني وبَينكِ أَنْ يُلَبِّي دعوتي | |
|
| داعي لَبيبٍ من مُناخِ ركائبي |
|
وأُهِلَّ نحوَ فِنائِهِ وَعَطَائِهِ | |
|
| فيُهِلَّ نحو وسائلي ورَغائبي |
|
وَأُشِيم بَرْقَ يمينه وجبينِهِ | |
|
| وَيشُمُّ ريحَ أَوَاصِري ومَطالبي |
|
وَأَهُزُّهُ بشوافِعٍ من عامِرٍ | |
|
| تُزْري بكلِّ قرابةٍ وَمَناسِبِ |
|
فَهُناكَ جاءَتْكِ الخطوبُ خواضِعاً | |
|
| وَمشى إليكِ الدهرُ مِشيَةَ تائِبِ |
|
وأَنابَ سُلطانُ النوائِبِ وانْثنَت | |
|
| ذُلَلاً وأعتبَ كلُّ مولىً عاتبِ |
|
ملكٌ متى أَرْمِ الحوادِثَ باسمهِ | |
|
| تقتُلْ أَفاعِيها سُمُومُ عقارِبي |
|
الرَّافِعُ الأَعْلامَ فَوْقَ خوافِقٍ | |
|
| والقائدُ الآسادَ فَوْقَ شَوازِبِ |
|
مَلِكٌ تكرَّمَ عَنْ خلائِقِ غادِرٍ | |
|
| فأثابهُ الرحمنُ قدرةَ غالِبِ |
|
يقضي فَيُمْضي كُلَّ حقٍّ واجبٍ | |
|
| إِلّا إِذَا أعطى ففوْقَ الواجِبِ |
|
قُفلٌ عَلَى الإسلامِ ممنوعٌ لَهُ | |
|
| عن قلبٍ كلّ مُعانِدٍ وَمُناصِبِ |
|
لا يخلعُ الإِسلامُ حُلَّةَ آمِنٍ | |
|
| منهُ وَلا الإِشراكُ رِبقَةَ هائِبِ |
|
حَرَمُ الهُدى سُمُّ العِدى أُمنِيَّةٌ | |
|
| لمُسالِمٍ وَمنِيَّةٌ لمُحارِبِ |
|
وَقفٌ عَلَى عَلَمِ الثُّغُورِ مُقارِبٌ | |
|
| لمباعِدٍ وَمُباعِدٌ لمُقاربِ |
|
فَمُراقِبُ الإِسلامِ غَيْرُ مُراقبٍ | |
|
| وَمُصاقِبُ الأَعداءِ غيرُ مُصاقِبِ |
|
مُوفٍ بعَلياءِ الثُّغُورِ لِرَغْبةٍ | |
|
| من راغِبٍ أَوْ رَهْبَةٍ منْ راهِبِ |
|
تُضحي عطاياهُ تحِيَّةَ زائرٍ | |
|
| وَتبيتُ روعتُهُ نَجِيَّةَ هارِبِ |
|
يا من يُلاقي النَّازِلِين قِبابَهُ | |
|
| بجبينِ مَوْهُوبٍ وَرَاحَةِ وَاهبِ |
|
وإِذا التقى الجمعانِ أَوَّلُ طاعنٍ | |
|
| وإِذا اسْتَحَرَّ الطَّعنُ أَوَّلُ ضاربِ |
|
وَإِذا تَؤُوبُ الخيلُ آخِرُ نازِلٍ | |
|
| وَإِذا دعا الداعي فأَوَّلُ راكِبِ |
|
كَرُمَتْ أَيادِيكَ الَّتِي أَنشأْتَها | |
|
| أترابَ كُلِّ مؤمِّلٍ أَوْ راغبِ |
|
من كُلِّ بكْرٍ فِي يمينِكَ حُرَّةٍ | |
|
| يرفُلْنَ بَيْنَ قلائدٍ وجَلاببِ |
|
هذِي لأَوَّلِ خاطِبٍ وَلِدَاتُها | |
|
| يهتِفنَ فِي الآفاقِ هلْ منْ خاطِبِ |
|
وَيَجِلُّ قَدْرُكَ عن وِلادَةِ يافِث | |
|
| أَوْ قَيصَرٍ أَوْ عن أَرُومِ صَقالِبِ |
|
بَلْ أَنتَ بكْرُ غمامَةٍ من بارِقٍ | |
|
| لَقِحَتْ بِهِ أَوْ صَعْدَةٍ من قاضِبِ |
|
قَبِلَتكَ أَيْدِي هِمَّةٍ وَسِيادَةٍ | |
|
| وَرَضَعْتَ دَرَّ مكارِمٍ وَمَواهِبِ |
|
في عزِّ مَهدٍ مَا استَقَرَّ مكانُهُ | |
|
| إِلّا بقربِ مَنابرٍ وَمَحارِبِ |
|
وَفُطِمْتَ يوْمَ فُطِمتَ فِي رَهَجِ الوَغى | |
|
| عند التفافِ كتائبٍ بكتائبِ |
|
حَتَّى حَلَلْتَ من السماءِ مراتِباً | |
|
| تركَت كَواكِبَها بغيرِ مَراتِبِ |
|
فلَئِنْ طَلبتَ هُناكَ حقّاً صاعداً | |
|
| فلأَنْتَ أَقرَبُ من وريدِ الطَّالِبِ |
|
وَلئن وَهَبتَ لقد وَهبتَ مساعياً | |
|
| أَصبحْنَ حَلْيَ مآثري وَمَناقِبي |
|
شيَماً بِهَا حَلَّيْتُ غُرَّ قصائِدي | |
|
| وجَعلْتُهُنَّ أَهِلَّةً لِكواكِبي |
|
وَذَخَرْتُ للأَزْمانِ من حَسناتِهَا | |
|
| مثْلَ القلائدِ فِي نحورِ كواعبِ |
|
ولأَشفِيَنَّ بِهَا سَقامَ تَغَرُّبِي | |
|
| ولآسُوَنَّ بِهَا جراحَ مَصائبي |
|
ولأَجْعَلَنْ منها تمائِمَ خائفٍ | |
|
| من طائِفٍ أَوْ مِنْ رجاءٍ خائبِ |
|
ولأَتْرُكَنَّ ثناءها وجزاءها | |
|
| قوتَ المُقيمِ غداً وزادَ الرَّاكبِ |
|
وسرورَ محزونٍ وأُنْسَ مُغَرَّبٍ | |
|
| وحُليَّ أَوْتارٍ وروضَةَ شاربِ |
|
ولقد نَثَرْتُ عَلَيْكَ شَكلَكَ جَوْهَراً | |
|
| لا مَا قمَشتُ وضمَّ حبلُ الحاطبِ |
|