قَضى الدهرُ أن أهواكَ غير مُمتَّعِ | |
|
| فلم نجتمع يوماً ولم نتودَّعِ |
|
إذا لم يكن لي في السّلام تعلَّةٌ | |
|
| رضيتُ وداعاً منهُ علّةَ مُوجَع |
|
ولكنَّ من يَهوى كثيراً منالُهُ | |
|
| قليلٌ فما أشقى الفَتى بالتولُّع |
|
وهذا نصيبُ الطِّيبينَ فطالما | |
|
| شكوتُ الذي أشكوهُ غيرَ مشفَّع |
|
فأنتَ نَسيبي والقرابةُ بيننا | |
|
| شعورٌ وفهمٌ فاسترح وترفَّع |
|
عهدتُك طَلقَ الوجهِ والكفِّ للألى | |
|
| رَجوكَ فلم تَمنَع ولم تتمنَّع |
|
وكنتَ كريماً عسرُهُ مثلُ يُسرهِ | |
|
| أبى عزَّةً أو عفةً ذلَّ مَطمَع |
|
فما ضاع دمعُ الأهلِ والصحبِ في الأسى | |
|
| وقد كنتَ للأحبابِ غيرَ مضيّع |
|
نُعيتَ فكان الحزنُ للناسِ شاملاً | |
|
| ونَعيُكَ للأحبابِ غيرَ مضيّع |
|
فلا كان يومٌ قيلَ في صُبحهِ قَضى | |
|
| عميدٌ فأنسُ الدّارِ وحشةُ بَلقَع |
|
لقد شهدت أطوادُ لبنانَ هولَهُ | |
|
| فكادت تهي من هيبةٍ وتخشّع |
|
تمثّلَ يومُ الحشرِ فيهِ ونورُهُ | |
|
| ظلامٌ كأنَّ الجوَّ وجهُ مقنَّع |
|
فلم أرَ فرقاً بينَ عرسٍ ومأتم | |
|
| لما كانَ في ذاكَ الحفالِ المجمَّع |
|
فُجِعنا بمن إحسانُه مثلُ حسنهِ | |
|
| وأيُّ محبٍّ عاشَ غيرَ مروّع |
|
وجدنا على روقِ الشّبابِ بدَمعِنا | |
|
| فكان كغيثٍ فوقَ ريانَ مُمرع |
|
وأصعبُ شيءٍ فرقةٌ بعد إلفةٍ | |
|
| فكم مهجةٍ منها تسيلُ بمدمع |
|
فما أوجد الإخوانُ والأخواتُ في | |
|
| مماتِ الذي قد كان بهجةَ أربُع |
|
مَضى وقلوبُ الصَّحبِ حوليه جمةٌ | |
|
| وأدمعُهم ماءٌ على نارِ أضلع |
|
ومن ذا يردُّ الموتَ عنهُ وقد سطا | |
|
| على كلِّ ذي عرشٍ وجيشٍ مدرَّع |
|
فلو أنه يفدَى ببعض حياتنا | |
|
|
|
ولم نكُ يوماً آسفينَ لأنّنا | |
|
| نُقاسمهُ ما هانَ عند التفجُّع |
|
ويا حبّذا ما كان منه وذِكرُهُ | |
|
| لهُ نفحاتُ الفاغمِ المتضوّع |
|
فأنّى لنا ذيّالِكَ الظرفُ والنَّدى | |
|
| وتِلكَ السَّجايا بعد أهولِ مَصرَع |
|
ولطفُ ابتِسامٍ في عذوبةِ مَنطقٍ | |
|
| وحسنُ كلامٍ في حديثٍ منوَّع |
|
فكيفَ أُعزّي أهلهُ وأنا الذي | |
|
| يُشارِكُهم في حزنِهم غيرَ مدّع |
|
ألا يا أخا الفتيانِ كيفَ تركتَنا | |
|
| فأوحَشتَ منا كلَّ قلبٍ ومَوضع |
|
عزيزٌ علينا أن تواريكَ تربةٌ | |
|
| فتفقدُ منكَ الدارُ أجملَ مطلع |
|
ولو فزتُ قبلَ الموتِ منكَ بنظرةٍ | |
|
| لكانت عزاءً لي على غيرِ مقنع |
|
ولكنَّ نفسي لاعها الموتُ في النَّوى | |
|
| وليست على مرأى حبيبٍ ومسمع |
|
ترنَّحتَ غصناً مزهراً في خَميلةٍ | |
|
| غدا بعد طلِّ الصبحِ يُسقى بأدمع |
|
تناثرَ مِنكَ الزَّهرُ وارتحلَ الشّذا | |
|
| فبعدَكَ لا أرجو ربيعاً لمربع |
|
وكنتَ حبيبَ الكلِّ في علو مجلسٍ | |
|
| فبتَّ فقيدَ الكلَّ في عمقِ مضجع |
|
عزاءً ذوي القُربى فما المرءُ خالدٌ | |
|
| ولو حازَ دَهراً ملكَ كِسرى وتُبّع |
|
تأسّوا بإخوانٍ أُصيبوا بإخوةٍ | |
|
| فما الأرضُ إِلا مرقدٌ بعد مرتع |
|