إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
*من المعروف أن الصقر طيرٌ نبيل، فهو لا يحط على الجيف ولا يأكل إلا من صيد يده، ولا يهجر صغاره مهما كلف الأمر، وقد رأيت فيه نموذجاً رائعاً لبعض بني الإنسان. |
قد قام ينشر في الصباح جناحهُ في كبرياء |
ويشقُّ في نظراته حُجُبَ المدى |
حتى يفتش للفراخ عن الغِذاءْ |
ويحوم فوق مسالك الوادي وأطراف القممْ |
يهوي ويصعد تارة ويجوب أرجاء السماءْ |
وترن من عش الصغار على الذرى |
أصواتٌ يحملها الصدى |
جوعاً لصيدٍ سوف تحمله المخالبْ |
للمناقير التي بدأت تطالبْ |
سيد العشّ بوجبات الفطارْ |
والصقر يسبح صامتاً بين السحائب والضياءْ |
*** |
عُدْ يا أبي هتف الصغار وهم برابعةِ النهارْ |
ما كنتَ قد عودتنا صبراً على طولِ انتظارْ |
والجوع أضنانا فأين طرائد الوادي وأسراب الحمامْ |
والصقر أرهقه الطواف ولم يجد إلا الغبارْ |
والقحط أودى بالأرانب والطيورْ |
قد هاجرت جوعاً إلى خضر الخمائل والبذورْ |
وتصحرتْ تلك الشعاب وأمحلتْ |
وتحولت تلك المروجُ إلى قفارْ |
*** |
هل كان أجدى أن أهاجرْ |
مثلما فعل السنونو والأرانبُ والكواسرْ |
والصيف هذا العام جاء مبكراً والقحط جائر؟ |
ما شدني للمحلِ إلا ضعف أجنحة الفراخْ |
طولُ المسافة في الطريق وشر تغيير المناخْ |
هل كنت أتركهم هنا لمخالب الجوع وأنياب الفناءْ؟ |
لا ليس من طبع الصقور الهجر من أجل البقاء |
*** |
وطفا بجنحيه على متن الهضاب |
وبمقلتيه توثب الصياد أو قلق الطريدة في الضباب |
يمضي بإثر فريسةٍ ويخاف من وهم السرابْ |
وبدت له في أسفل الوادي بقايا جيفة حط ابن آوى فوقها |
ودنا غراب |
وبمسمعيه صدى زعيق صغاره |
والوقت آذن بالغياب |
وتحركت أحشاؤه جوعاً وغاص من الفضاءْ |
في دورة حول المكان ودورتين |
ليواقع الغربان أو يحظى بقسطٍ للفراخ |
لكنَّ رائحة الفريسة أجفلته فعاد يصعدُ في إباءْ |
ما شيمةُ الصقر الأبيِّ تناولُ الجيف الكريهة كالكلابْ |
إن لم يكن صيداً بمخلبه ولحماً طازجاً فلم العناءْ؟ |
والموتُ جوعاً ربما خيرٌ من الشبع الذليل أو مشاركة ابن آوى |
والذئاب |
ومضى يحلق عائداً فوق السحاب |
والوقتُ آذن بالإياب |
ويعود للعش المُدارى في الذرى |
لكنه خالي الوفاضْ |
لا شيء في منقاره يُهدى لأحشاء الفراخ |
ويحط منهوك القوى في العش لكن لا صراخ |
أين الصغارُ؟ وهبَّ في جزع يفتش في الجوارْ |
لا شيء إلا بعض ريشٍ منهمُ |
وعلى تراب العش بصمة ثعلبٍ ظهرتْ وشيء من دماءْ |
أقلع الصقر حزيناً غاضباً نحو السماء |
يُسمعُ الدنيا زعيقَه |
مثل من يدري طريقه |
ثم غاص من الأعالي كالشهاب |
وانقض نحو حجارة الوادي السحيقة |
كالذي يدري طريقه |
وهوى يمزق نفسه فوق الصخور بكبرياء |