إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
اللُّصُّ تسلل للبيتِ |
واقتحم بجرأةٍ مختطفِ |
كلَّ الغرفِ |
من حبلٍ مُدَّ إلى السّطحِ |
هبطَ المقتحمُ لنافذتي |
وانسلَّ بخفةِ محترفِ |
ليشاركني حجرة نومي |
حتى ومقاعدَ مائدتي |
ساكنني قسراً قاسمني |
حتى بمشاعر عائلتي |
حتى بمحبة أبنائي |
لم يسرق شيئاً من مالي |
وأثاث البيت أو التحفِ |
بل سرق كتابي أودعه رفَّ الكتبِ |
قد صادر صوتي وندائي |
ألغى سمعي |
ما عدت أحسُّ بأصدائي |
وأقام جداراً قهرياً بيني وبقية أبنائي |
حاصرنا فرداً فرداً |
وأزال جسور تواصلنا |
وتدخل حتى بحواري الذاتي ودفتر أشعاري |
*** |
من أنت؟ سألتُ فطمأنني |
إني الرائي عجباً أو تجهلُ ما الرائي؟ |
من أين أتيت لإيذائي؟ |
لتنغصَّ عمري وحياتي |
قال الرائي |
طرفي مربوطٌ بهوائي |
يجمعُ أخبار الإنسانِ |
من أقصى أرضٍ ومكانِ |
أسكبها بين أياديكمْ |
وأطوفُ العالم أحضره لنواديكمْ |
قد جئتُ أزيدُ مباهجكمْ |
وأسليكمْ |
لكنكَ تسلبُ أوقاتي |
وتدسُّ السُّمَّ مع الدّسمِ |
تغسل أدمغة الأبناءِ |
بمسلسلِ عنفٍ وفناءِ |
ومشاهد عري ونساءِ |
تُذكّي رغباتٍ كامنةً |
في الظّلِّ تتوقُ لإرواء |
قل ماذا أفعل يارائي؟ |
فأجاب اللص بإقناعِ |
لك أن تختار بلا حرجٍ |
إسكاتي حيناً وسماعي |
لكني لا أقوى أبداً |
أن أسكت صوتك أنَّى شئتُ |
وأغضبُ أم الأولادِ |
يا من أخرست تحاورنا |
وبقيت لوحدك في السمر |
نجم السهرات مع الأسرِ |
تحتل جميع الأبعادِ |
أفسدت حياتي يا رائي |
وسرقت هدوئي وأماني |
أخبارك تطفح بالمحنِ |
وكوارثُ أرضٍ وشعوبٌ يحصدها الجوع وتأكلها |
حرب الرومانِ أو التَّترِ |
يا حامل سرَّ مباهجنا ومسلينا |
في كل مساءٍ تغرقنا ببحار الحزن أو الشجنِ |
من مشهد طفلٍ يتلوى جوعاً أو ينزفُ في خطرِ |
قل لي ما أفعل يا رائي؟ |
*** |
وتبيعُ لنا كل السِّلعِ |
أنواعاً كَسُدتْ لا تلقى |
في السوق مبيعاً ورواجاً |
زينها مخرج إعلانِ |
صورها شيئاً وهاجا |
زيفها أودع فيها ما ليس بها حتى تغدو |
هدفاً لمطالب إنسانِ |
ماساً يتلألأُ، ديباجاً |
فإذا جربها ألقاها |
واكتشف بأنَّ محاسنها |
أشلاءُ سراب ودخانِ |
*** |
أفسدت حياتي يا رائي |
وهدمتَ بعصرٍ مجنونٍ ما كنتُ أشيدُ لأبنائي |
حرضتَ غرائزَ أنجالي |
وأثرتَ عداءً مجنوناً |
بين المدرسةِ وعيالي |
وقطعت خيوط محبتنا |
وفرضت وجودك في أوقات تجمعنا |
وسرقت هناءَ الأعيادِ |
يا مرضاً داهم قريتنا |
وانتشر بصمتٍ كوباءِ |
وانتهك تُراثَ فضائلنا |
وتفشى حتى بهوائي |
أتحسس نفسي كل صباحْ |
أمتحن بخوف ذاكرتي |
أختبر جنوني وذكائي |
أتلمس رأسي أطرافي |
وأجرب صوتي وندائي |
لأؤكد نفسي ووجودي |
وبأني أبداً لم أفقد أثناء الليل المنصرمِ |
جزءاً من نفسي في الرائي |
شيئاً من طهري ونقائي |