عَجَّبَ اللَّيْلُ مِنْها عِنْدَما بَرَزَتْ | |
|
| تُسَلْسِلُ النُّورَ في عَيْنَيْهِ عَيْناها |
|
فَظَنَّها وَهي عِنْدَ المَاءِ قائِمَةٌ | |
|
| مَنَارَةً ضَمَّهَا الشَّاطي وَفَدَّاها |
|
وَتَمْتَمَتْ نَجْمَةٌ في أذْنِ جارَتِها | |
|
| لمَّا رَأَتْها وَجُنَّتْ عِنْدَ مَرآها: |
|
أُنْظُرنَ يا إِخْوَتا هَذِي شَقيقَتُنا | |
|
| فَمَنْ تُرَاهُ عَلى الغَبْراءِ أَلْقَاها؟ |
|
أَتِلْكَ مَنْ حَدَّثَتْ عَنْها عَجَائِزُنا | |
|
| وَقُلْنَ إِنَّ مَليكَ الجِنِّ يَهْواها |
|
فَأَطْلَقَ المارِدُ الجَبَّارَ عاصِفَةً | |
|
| تَغْرو النُّجُومَ فَكانتْ مِنْ سَباياها؟ |
|
قَصَّتْ نُجَيْمَتُنا الحسناءُ بِدْعَتَها | |
|
| عَنْ نَجْمَةِ الشَّطِّ وَالآذانُ تَرْعاهَا |
|
وَكانَ بِالقُرْبِ مِنْها كَوْكَبٌ غَزِلٌ | |
|
| يُصْغِي فَلَما رَآها، سَبَّحَ الله |
|
وَرَاحَ يُقْسِمُ أَنْ لا باتَ لَيْلَتَهُ | |
|
| إِلاَّ عَلى شَفَتَيْها لاثِماً فاها |
|
يا مَلْعَبَ الشَّطِّ مِنْ (أَنْفا) أَتَعْلَمُ منْ | |
|
| داسَتْ عَلى صَدْرِكَ البازِيِّ رِجْلاها |
|
وَيا نَواتِئَ مِنْ مَوجٍ وَمنْ زَبَدٍ | |
|
| أَثْنى عَلَيْكَ وَحَسْبُ الفَخْرِ نَهْداها |
|
وَ الشَّطُّ في الصَّيْفِ جَنَّاتٌ مُفَوَّفَةٌ | |
|
| كَمْ فاخَرَ الجَبَلَ العالي وَكَمْ باهى |
|
إِذا أَرَتْكَ الجِبالُ الغِيدَ كاسِيَةً | |
|
| فالشَّطُّ أَذْوَقُ مِنْها حينَ عَرَّاها |
|
وافَتْ سُلَيْمى وَما أَدْري أَدَمْعَتُها | |
|
| تِلْكَ الَّتي لَمَعَتْ لي أَمْ ثَنَاياها |
|
وَذَلِكَ الأَبْيَضُ المَنْشورُ في يَدِها | |
|
| مِنْديلُها أَمْ سُطورُ الحُبِّ تَقْراها |
|
كَأَنَّما البَدْرُ قِدْماً كانَ خَادِمَها | |
|
| فَمُذْ أَرادَتْهُ نادَتْهُ فَلَبَّاها |
|
وما أَصابَ الهَوى نَفْساً وَأَشْقاها | |
|
| إِلاَّ وَأَلْقَتْ بِإُذْنِ البَدْرِ شَكْواها |
|
كَأَنَّهُ حَكَمُ العُشَّاقِ كَمْ وَسِعَتْ | |
|
| بَيْضاءُ جُبَّتِهِ شَتَّى قَضاياها |
|
أَوْ كاهِنُ الأَزَلِ الحالي بِشَيْبَتِهِ | |
|
| قَبَّالُ تَوْبَتِها ماحِي خَطاياها... |
|
أَمَّا سُلَيْمى فَما زاغَتْ وَلا عَثَرَتْ | |
|
| فَالْحُبُّ وَالطُّهْرُ يُمْنَاها وَيُسْراها |
|
مَنْ كانَتْ الكُورَةُ الخَضْراءُ مَنْبِتَهُ | |
|
| فَلَيْسَ يُنْبِتُ إِلاَّ المَجْدَ وَالجاها |
|
تَعَلَّقَتْهُ طَرِيراً، كالهِلال على | |
|
| غُصْنٍ منَ البانِ مَاضِي العَزْمِ، تَيَّاها |
|
نَمَتْهُ لِلْشَّرَفِ الأَسْمَى عُمُومَتُها | |
|
| وَنَشَّأَتْهُ على ما كانَ جَدَّاها |
|
أَحَبَّها وأَحَبَّتهُ وَعاهَدَها | |
|
| أنْ لا يُظلِّلَهُ في الحُبِّ إِلاَّها |
|
فَيَبْنِيا في ظلاِلِ الأرزِ وَكْرَهُما | |
|
| وَيجْرَعا من كؤُوس الحُبِّ أَشْهاها... |
|
وَرَاحَ يَقْرَعُ بابَ الرِّزْقِ مُشْتَمِلاً | |
|
| بِعَزْمَةٍ سَنَّها عِلْمٌ وَأمْضَاها |
|
حتَّى انْثَنى وَعلى أَجْفانِهِ بَلَلٌ | |
|
| وَدَّ الإِباءُ له لَوْ كانَ أَعْماها |
|
بَكى فؤادٌ لِسلمى والبِلادِ معاً | |
|
| وأَنْفُسٍ رَضِيَتْ في الذُّلِّ مَثْواها |
|
فَحَمَّلَ المَوجَ منْ أشجانِهِ حُمَماً | |
|
| وشَدَّ يَضْرِبُ أُولاها بأُخْراها |
|
وقال واليأْسُ يمْشي في جَوارِحِهِ | |
|
| دِيارُ سُلْمَى عَلى رُغْمٍ هَجَرْناها |
|
خمسٌ مِنَ السَّنَواتِ السُّودِ لا رجِعَتْ | |
|
| صَبَّتْ عَلى رأسِ لُبْنانٍ بَلاياها |
|
وَحُبُّ سُلْمَى ورِيقٌ مِثْلُ أوّلِهِ | |
|
| سَقَتْهُ منْ ذِكْرياتِ الأَمْسِ أَنْداها |
|
تَمْضي لِواجبِها حتى إِذا انْصَرَفَتْ | |
|
| فَلَيْسَ يَشْغَلُها إِلاَّ فُؤَاداها |
|
سَلْمَى أَرَى الشَّمْسَ في خَدَّيْكِ ضاحِكَةً | |
|
| وكُنْتِ كالغَيْمَةِ المَقْطُوبِ جَفْناها |
|
أَنَفْحَةٌ من فُؤَادٍ؟ كِدْتُ أَقرَأُها | |
|
| فَفي عُيُونِكِ مَبْنَاها وَمَعْنَاها |
|
أَمْ سَوْرَةٌ مِنْ عِتَابٍ؟ أَيُّ فاجِئَةٍ | |
|
| في لَحْظَةٍ صَبَغَ الخَدَّيْنِ لَونَاها |
|
قُولي فَلَيسَ سِوى الخُلْجَانِ تَسْمَعُنا | |
|
| وَرَقْرِقيها سُلافاً فَوقَ حَصْبَاها... |
|
-: (قُلْ لِلْحَبيبِ إذا طَابَ البِعادُ لَهُ | |
|
| وَنَقَّلَ النَّفْسَ مِنْ سُلْمَى لِلَيْلاها |
|
وَاسْتأْسَرَتْهُ وَإخْوَاناً له سَبَقوا | |
|
| مَظَاهِرٌ مِنْ رَخاءٍ ما عَرَفْنَاها |
|
إِنَّا إِذَا ضَيَّعَ الأوْطَانَ فِتْيَتُها | |
|
| واسْتَوثَقُوا بِسِوَاها ما أَضَعْنَاها |
|
حَسْبُ البُنُوَّةِ إِنْ ضَاق الرِّجالُ بِها | |
|
| أَنَّ الَّتي أَرْضَعَتْها المَجْدَ أُنْثَاها...) |
|
لُبْنَانُ ما لِفِراخِ النَّسْرِ جائِعَةً | |
|
| وَالأَرْضُ أَرْضُكَ أَعْلاها وَأَدْناها |
|
أَلِلْغَرِيبِ اخْتِيالٌ في مَسَارِحِها | |
|
| وَلِلْقَريبِ انْزِواءُ في زَواياها؟ |
|
مَنْ ظَنَّ أَنَّ الرَّياحينَ الَّتي سُقِيَتْ | |
|
| دُمُوعَنا الحُمْرَ قَدْ ضَنَّتْ برَيَّاها |
|
كأَنَّ ما غَرَسَ الآباءُ مِنْ ثَمَرٍ | |
|
| لِغَيْرِ أبنائِهمْ قَدْ طابَ مَجْنَاها |
|
ومَا بَنَوْهُ على الأَحقابِ منْ أُطُمٍ | |
|
| لِغَيْر أَبْنائِهم قَدْ حَلَّ سُكْناها؟.. |
|
لا، لَمْ أَجِدْ لَكَ في البُلْدانِ من شَبَهٍ | |
|
| ولا لِناسِكَ بَيْنَ النَّاسِ أشْباها |
|
لوْ مَسَّ غَيْرَكَ هَذا الذُّلُّ من أسَدٍ | |
|
| لَعَضَّ جِبْهَتَهُ سَيْفٌ وحَنَّاها.. |
|
قالوا الصداقة قلنا أين شاهدها | |
|
| أعندما تلفظ الأجداث موتاها |
|
|
| أوما العميد ولبنان تبناها |
|
ونحن لو نولوا الأزراء بغيتها | |
|
|
بكى فؤاد لسلمى والبلاد معاً | |
|
| وأنفس رضيت في الذل مثواها |
|
فحمل الموج من أشجانه حمماً | |
|
|
وقال واليأس يمشي في جوارحه | |
|
| ديار سلمى على رغم هجرناها |
|
|
| لغير أبنائهم قد طاب مجناها |
|
وما بنوه على الأحقاب من أطم | |
|
| لغير أبنائهم قد حل سكناها |
|
من ظن أن الرياحين التي سقيت | |
|
| دموعنا الحمر قد ضنت برياها |
|
خمس من السنوات السود لا رجعت | |
|
| صبت على رأس لبنان بلاياها |
|
|
| سقته من ذكريات الأمس أنداها |
|
تمضي لواجبها حتى إذا انصرفت | |
|
|
سلمى أرى الشمس في خديك ضاحكة | |
|
| وكنت كالغيمة المقطوب جفناها |
|
|
|
|
| في لحظة صبغ الخدين لوناها |
|
قولي فليس سوى الخلجان تسمعنا | |
|
| ورقرقيها سلافاً فوق حصباها |
|
أو فأمري الطرس يغدو للهوى قبلاً | |
|
| حمراً ترصع أجياداً وأفواها |
|
وأشرف البدر يهوي نحو مغربه | |
|
| حتى أتى الضفة الأخرى وحاذاها |
|
|
| كغادة وهى تلهو ضاع قرطاها |
|
فاستوقفته وقالت وهى كاسفة | |
|
|
قل للحبيب إذا طاب البعاد له | |
|
| ونقل النفس من سلمى لليلاها |
|
واستأسرته وإخواناً له سبقوا | |
|
|
إنا إذا ضيع الأوطان فتيتها | |
|
| واستوثقوا بسواها ما أضعناها |
|
حسب البنوة إن ضاق الرجال بها | |
|
| أن التي أرضعتها المجد أنثاها |
|