إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
أتيتَ لهذه الدنيا على عجلِ |
وليداً خائر الأنفاس بين الخوفِ والوجلِ |
ولدتَ بوقتنا الضائع |
قدمتَ بعصرنا الراكع |
بعصر تجبر الميسور فوق تذلل الجائع |
لماذا جئت في زمن الهروب المرِّ والدجلِ؟ |
لماذا جئتَ للأرض التي تعبتْ من الأمراض والعللِ؟ |
وفي سنواتِ قحط الفكر أو سلبية المقلِ |
أما خُبرتَ أنَّ الخصبَ غادرنا؟ |
وأنَّ الثورَ لم يتركْ ربيعاً قطُّ للحملِ |
وأنَّ الذئبَ حاصرنا من الصحراء للجبلِ؟؟ |
وممنوعُُ على القطعانِ أنْ ترعى |
سوى الخشخاشِ والخبلِ؟؟ |
*** |
مصادرةُُ على أفواهنا اللغةُ |
مصادرةُُ حروفُ العطفِ والموصوفُ والصفةُ |
وكلُّ مصادر الأفعالِ والتمييزُ والفاعلْ |
وكلُّ حروف الاستفهام والموصولُ والصلةُ |
وليسَ لنا سوى المفعولُ فيهِ تلوكه الشفةُ |
*** |
أما نُبئتَ قبل مجيئكَ الميمون أنْ تسعى؟ |
خفيفاً صامتَ الخطواتِ بين النهر والمرعى |
لكي لا توقظ التمساح والغربان والأفعى |
وأنْ تتعلم الإصغاءَ والإيماءَ والسمعا |
وأنْ تحذرْ تخاريف اللسانِ وزلَّةَ الشفةِ |
أما أبلغتَ أنَّ الأرضَ قدْ ضاقتْ بنا ذرعا؟؟ |
وأنَّا كالغُثا في السيل لا نجدي الربى نفعا |
فكيف أتيتَ والسكينُ قاطعةُُ |
حبالَ الصوتِ والرئةِ؟ |
*** |
أما قالت لك الأرواحُ أنَّ شتاءنا خدرُ؟ |
وأنَّ ربيعنا وهَنُ؟ |
وأنَّ الليلَ قطبيُُ بأعيننا |
توقفَ عنده الزمنُ؟ |
وأنَّ كرامةَ الإنسانِ ضائعةُُ |
كما الإنسانُ ممتهنُ؟ |
تجارتنا هي الإنسانُ والبترولُ والكفنُ |
بسوقِ الرشوةِ السوداءِ قد نفقتْ |
ضمائرُ مالها ثمنُ |
فكيفَ قدمتَ والإنسانُ مرتهنُ |
*** |
لماذا جئتَ والأسواقُ خاليةُُمن اللبنِ؟ |
وطافحةُُ بأطنانٍ من التبغ |
وأصنافٍ من الديباج والعطرِ |
وأنواعٍ مميزةٍ من الكونياك والخمرِ |
لفافةُ تبغك البيضاءِ جاهزةُُ |
وكأسُ الخمر قد سدَّتْ مكانَ الخبز واللبنِ |
فلا تحزنْ لأنَّ الجوعَ سيدَ آخرِ الزمنِ |
*** |
لماذا جئتَ يا ولدي؟ |
بعصر تكاثر العللِ؟ |
بعصر الإيدز والسرطانِ والأفيونِ والشللِ؟ |
تآمر ضدكَ النخاسُ قبلَ قدومكَ الوجلِ |
وكلُ عناكب الماسونِ والمافيا |
وكلِّ دسائسِ الدولِ |
فكيفَ أتيتَ عالمنا الحبيسِ بقمقم الجانِ؟ |
الأسير بدونِ جدرانٍ وقضبانِ |
تقيده مصالحُ ألفِ شيطانٍ وشيطانِ |
تسيرهُ مطامعُ آل كابوني ومنفعةُُ لكهَّانِ |
أما نبئتَ أنَّ الطفلَ فوقَ الأرضِ محكومُُ بإعدامِ |
وأنَّ الجرحَ مسمومُُ ينزُّ بصمته الدامي |
وأنَّ القمحِ لا يكفي جيوش الجوعِ عند العالم النامي |
وأنَّ سفينةَ القرصانِ رابضةُُ قبالةَ ساحل الوطنِ |
مصوبةُُ مدافعها على الأزهارِ والأطيارِ والمدنِ |
فكيف تواجه القرصانَ والشيطانَ والساحرْ؟ |
وأنتَ حمامةُُ بيضاءُ بين الخوفِ والوهنِ؟ |
*** |
لماذا جئتَ والزلزالُ جزأنا إلى دولٍ من الفتنِ؟؟ |
وكسَّر تحتنا الأرضَ التي كانت لنا وطنا |
إلى نتفٍ من الوطنِ |
تباعدها أخاديدُُ من الأحقاد والحسدِ |
وجدرانُُ من الأشواكِ شاهقةُُ |
وأقفالُُ وأبوابُ |
لكلِّ مدينةٍ علمُُ ومئذنةُُ ومحرابُ |
وديكُُ فوق صهوتها رخيمُ الصوتِ كذابُ |
ولا تعجبْ إذا أخبرتَ أنَّ دفاعكَ المشروعَ عن وطنكْ |
مكابرةُُ وإرهابُ |
وأنَّ محبةَ الوطنِ |
تُعدُّ تطرفاً أعمى |
تُعدُّ تعصباً أعمى وجرماً ليس يغتفرُ |
وأنَّ غزاتنا القتلة بني صهيون أحبابُ |
لهمْ حقُّ الوجودِ الحرِّ أنَّى سهمهم نشبا |
لهم حقُّ اغتصاب الأرضِ أنَّى جيشهم وثبا |
لهم صدرُ المكانِ الرحبِ والباقونَ في العتبة |
همُ الملاكُ أهلُ الدار والباقونَ أغرابُ |
وأنَّ سياسةَ التجويع والتطبيع ماضيةُُ |
ليظفرَ كلُّ مغتصبٍ بما اغتصبه |
فحاذر يا حبيب العمر حاذر أرضنا الخربة |
ولا تدهش إذا حياكَ قربَ القدسِ عبريُُ |
له كالغولِ أنيابُ |
بطلقاتٍ من الرشاش زاعقةٍ |
تهاوى بعدها طفلُُ بريء الوجه مخضابُ |
ولا تعجب إذا شاهدت أنَّ صغارنا الأطفالُ قد شابوا |
وأنَّ خيولنا خشبُ |
وأنَّ سيوفنا قصبُ |
وأنَّ رجالنا الفرسانُ عن أسيافهم تابوا |
ولا تعجبْ إذا لاحظتَ أنَّ جهادنا خُطبُ |
وألفاظُُ منمقةُُ مقالاتُُ |
نفاقُُ أصفرُُ كذبُ |
تقاعدنا فقامَ صغارنا يمحونَ وصمتنا |
ببضعِ حجارةٍ خلقتْ لهم وطنا |
ببضع حجارةٍ نسجتْ لنا كفنا |
تبارك جيشنا الأولادُ واصمدْ أيها الحجرُ |
تباركَ جندنا الأطفالُ واصمتْ أيها الأدبُ |
فما عادتْ تخدرنا القصائدُ فيكَ والكتبُ |
تبارك وجهكَ القمرُ |
أيا طفلاً خرافياُ يطرزهُ رذاذُ الدَّمِ والشررُ |
تباركَ وجهكَ البركانُ والغضبُ |
وكفكَ والحصى فيهِ |
يعرِّي كُلَّ ما فينا وينتحبُ |
ويفضحُ عُرينا فينا |
ويُسقط من مآذننا جميع مكبراتِ الصوتِ والديكة |
ونحنُ ببؤرة الأحداث واللهبِ |
قعيدون عن الحركة |
مقيمونَ بكل معابد التوحيدِ للصلوات والدعوات والبركة |
فقم يا طفلي المنكود للحاراتِ في القدسِ |
لتكتبَ صفحةً بيضاءَ في تاريخنا المملوء بالبؤسِ |
وصحبكَ يا صغير اليوم منتظرون أنْ تأتي |
لتحملَ وزرَ أجدادكْ |
حصىً فيها بذور النصر والشهداءُ مشتركة |
لتنزفَ في أزقتهم كعصفورٍ |
رمى الصيادَ أرداهُ |
وقطَّع أذرعَ التنين والشبكة |