إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
نعيشُ في مدينةِ الظلامُ |
مدينة الوحول والعمى |
نعانقُ الأفاعي ندُّبُّ كالهوامْ |
نضاجعُ العناكب المقيتة |
ونحتسي النفاق في كؤوسها المميته |
نُحسُّ في كلامها لزوجةَ الهلامْ |
نشُّمُ في جحورها رطوبةَ المقابرْ |
ونرتدي الوجوه والبراقع |
بألفِ وجهٍ مستعارٍ نكتبُ الشرائع |
نعلق المواعظ الحكيمة |
بأضلع المخَادعْ |
وندَّعي الفضيلةْ |
نعيشُ في مدينةٍ قوامها الكلامْ |
هواؤها الشقاقُ والخصامْ |
دروبها ثقيلةُ الخطى كسيحةُ العظامْ |
سهولها عقيمةُ المزارعْ |
رفوفُ مكتباتها هزيلةُ المراجعْ |
أشعارها رتيبةُ المقاطع |
تخدرُ المشاعر الكليلةْ |
وتجلبُ النعاسَ للمحاجر الذبولةْ |
كأنها أنشودةُ الضفادعْ في هدأة الظلامْ |
*** |
الله يا مدينةَ الذبابِ والدوابْ |
ومرتع السبابِ والذئابْ |
الله يا مدينة المضاجعِ |
والجنسِ والمواجعْ |
تأنَّقي تجمَّلي بالتبر والرخامْ |
وأغلقي نوافذ الأشعةِ الجريئةْ |
وشوهي الطفولة البريئةْ |
بالخوفِ والسقامْ |
ووسعي ما شئتِ أنْ توسعي |
مستنقع الصديدِ والطحالبْ |
وانشبي المخالبْ |
بأعين النوار س البريئةْ |
وأطفئي المشاعلَ المضيئة |
وصادري في بحركِ المراكبْ |
والشعر والدفاترْ |
وحنطِّي في سقفك العناكبْ |
والشمس والكواكبْ |
وشوهي ملامح الحقيقة بالملح والركامْ |
فلنْ تدومَ عندنا ستائرُ الظلامْ |
ولن تظلَّ فوقنا سماؤك الكئيبة |
*** |
الله يا مدينة الطقوسِ والكهانةْ |
ولعنة الفلوسِ في الضمائر المدانةْ |
تجملي! تبهرجي! بالطهر والعبادةْ |
تزيني بمظهر الوقار والسيادة |
وفي حشاكِ يقتلُ النفاقُ ألفَ صرخةٍ جبانةْ |
الله يا مدينة الفصامِ والحزانى |
وقمقم الطفولة المشوهة |
بعتمة المهانة |
إلى متى؟ وأنتِ في القوالب الرتيبة؟ |
تكررين نفسكِ الكئيبة |
وترفضين رغم آلام المخاض فكرة الولادة |
حاولي أنْ تفهمي |
حاولي أنْ تنطقي |
جربي أنْ تفتحي رئتيك للجو النقي |
أنْ ترشفي شمس الصباح بجلدكِ المتشققِ |
أنْ تطلقي قيد الخيال الهاجع المتشوقِ |
أنْ تبدعي وتفكري بطريقة أخرى وأنْ تتألقي |
أنْ تكسري كلَّ التوابيتِ القديمةِ والقوالبْ |
وتمزقي ثوب التراثِ الضيقِ |
*** |
اللهُ يا مدينةَ المقابرْ |
تغيري أو غادري أو كلنا نغادرْ |
تبدلي تطوري |
فكُلُّ شيءٍ خاضعُُ لسنَّة التطورِ |
وأنتِ في قوالبِ الأسلافِ كالمكابرْ |
بليدةَ المشاعرْ |
بفكركِ الخفي والمجاهرْ |
بفنكِ القديم والمعاصرْ |
بحزنكِ المقيمِ والمسافرْ |
وأنتِ أنتِ من قديمِ الأزلِ |
كوجه هذا الجبلِ |
كدودةٍ تشرنقتْ وبعدُ لم تُكمَّلِ |
رهينةً في قبضة الذئابِ والكواسرْ |
أرجوكِ أنْ تمارسي الولادة |
لتزرعي مواسم السعادة |
وتنفضي عن العيونِ الخدرَ والبلادةْ |
لكلِّ أطفالِ الغدِ |
تحولي تبدَّلي وأحرقي الوسادة |
ومزقي ستائر العقولِ والضمائرْ |
لشمسكِ المعادة |