إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|
ويسألني |
طبيب النفس والأعصاب عن نفسي |
عن الأيام في الأسبوع |
عن يومي وعن أمسي |
ويرقبني |
بنظرة حاذقٍ يرتاب في نطقي وفي همسي |
ويسألني عن الأعدادِ عن تاريخي المنسي |
وينبش ضمن أعماقي عن العقد |
وعن سببٍ لأحزاني التي تبدو بلا سبب |
أقول: بأنَّ أيامي تساوتْ في رتابتها من الميلاد للأبدِ |
فسبتي شابه اثنينيكئيبُ مثلما أحدي |
أعيش كضفدعٍ أعمى أصمِّ الأذن مرتعد |
تساوى في وحولِ القهر ماضٍ عشته بغد |
من الميلادِ للأبدِ |
*** |
ويسألني عن المطرِ |
أفيد بأنَّه دمع السماء ومأتم القمرِ |
الذي يبكي من البشرعلى البشرِ |
على الأطفال في مدنٍ من الإرهاب والخطرِ |
من السادية العمياء في جيشٍ من التترِ |
وفي قبرٍ جماعيٍ به نتفُ من البشر |
على أطلالِ جدرانٍ من الحجرِ |
وأكواخٍ تهاوتْ فوقَ أهليها بلا نذرِِ |
على جيشٍ من الأيتام منتشرِ بأرض العالم الثالث |
ذرته مجازر الشيطانتحت الريح والمطرِ |
بلا أسرِ |
*** |
ويسألنيطبيب النفس في عجبِ |
عن الحبِ |
وعن شعرٍ رقيق اللون في أدبي |
وعن ذاتيةٍ تطغى على كتبي |
فكيف تسلل الإنسان للبرج الخرافي الذي يعلو |
عن الصخبِ؟ |
أقول: بأنني كالبحرِ في حزنيوفي طربي |
أعيش تجاربي طفلاً بريئاً جامح الغضب |
أحاور تارةً نفسي |
وأكسر تارةً لعبي |
وأصفو حين يصفو النوأو أبكي بلا سببِ |
وأرغي تارةً أخرى من الإرهاقِ والتعبِ |
أجبني يا طبيبَ النفس من يقوى؟ |
بهذا العصرِأن يشكو من التعب؟ |
وأن يرغي من الغضبِ |
ومن حربٍ نمارسها بلا سببِ |
ليملأ أزرق العينينِ موقدهوخزنته |
بأطنانٍ من البترول والذهبِ |
لينعم طفله المتخوم بالتفاح والعنبِ |
بآلافٍ من اللعبِ |
نخلِّف جيش أيتامٍ من العرب |
فوا عجبي!!و واعجبي!! |
*** |
ليلعب تاجر البارود لعبته |
ويربي من دماء الشرق ثروته |
يوظفنا |
ليقتل بعضنا بعضا |
وينهب بعضنا بعضا |
ويجعل من أخي سيفاً على عنقي وسَّيافا |
ويعطيني أنا سوطاً لأجلده ويدعو ذاك إنصافا |
ويقسم جمعنا شيعاً مشتتةوأحلافا |
ويجلس بيننا حكماً فضولياًوعرَّافا |
وينهب من خزائننا ملاييناًوآلافا |
*** |
نزيف الجرح يا دكتور في لبنان أرهقنا |
وأدمانا |
ونهر الدم في بوبيان والأهوارَ مزدحمُ |
بقتلانا |
وإسرائيل ترقبنامصفقةً، مشجعةً |
لكلِّ معقد سفاح ينهش من خلايانا |
تقرر في بلاد الغرب أن نحيا تماسيحاًوحملانا |
وقوداً في أتونِ النارِ تدفعنايد الجلادِ |
أفراداً وقطعانا |
زرافاتٍ ووحدانا |
تقرر أنْ نعيش العمر إرهاباً وأحزانا |
وأنْ نرضى بإسرائيل بالكرباج نعشقها |
وبالإكراه نمنحها مزيداً من أراضينا |
وأنْ نخفي عن الجزارِ شكوانا |
ونلثم راحة الجلاد مغفرةً |
ونجثو عنده شكراً وعرفانا |
*** |
فكيف تريد يا دكتور أنْأنجو من التعبِ؟ |
وأنْ أحيا بلا أذنٍ ولا عينٍ بفرن النار واللهبِ؟ |
تقول بأنني عصبي؟ |
أجل عصبي |
وعين الذئبِ ترصدني تراقبني تحاصرني |
تسدّ منافذ الهربِ |
تمصّعروقي الحبلى بنار السخط والغضبِ |
فكيف ألمُّ أشتاتي؟ |
أنا المذعور من قلمي وأوراقي |
أنا المذعور من أصداء أنفاسي على كتبي |
أنا الجاثي على ركبي |
أنا الحاني على أجساد أطفالي من الرعبِ |
أجل عصبي أجل عصبي |
*** |
لماذا يا طبيب النفس ترهقنيوتحرجني |
وتسحب من فمي ماءًثقيلاً سوف يخنقني |
ويشنقني |
نزيف الحرف في ثغرييقيدني |
وصمت الغرفة البيضاءِ والجدرانتسحقني |
عصابيُوبي هوسُ رماديُ يمزقني |
عصابيُ وبي خوفُ يعيش معيويقلقني |
فأنقذني من الكابوس فالكابوس يقتلني |
لأفضل لي بعصر الرعبِ أنْ أنأى وأعتزل |
وأكتب في عيونِ الغيدِ شعراً كله غزل |
وأشدو فوق متكأي إلى أنْتثمل المقل |
أغثني يا طبيب النفس من نفسي أنا خجلُ |
أنا المقهور من زمني |
أنا المحكوم بالإعدامِ فوق مزابلِ المدنِ |
أنا المجنون بالإكراه والمغلول في كفني |
أنا المخنوق في دمع اليتامى من بني وطني |
أنا المنزوع من بدني |