أَزَفَّ الرَحيلُ وَحانَ أَن نَتَفَرَّقا | |
|
| فَإِلى اللِقا يا صاحِبَيَّ إِلى اللِقا |
|
إِن تَبكِيا فَلَقَد بَكَيتُ مِنَ الأَسى | |
|
| حَتّى لَكِدتُ بِأَدمُعي أَن أَغرَقا |
|
وَتَسَعَّرَت عِندَ الوَداعِ أَضالِعي | |
|
| ناراً خَشيتُ بِحَرّها أَن أَحرَقا |
|
ما زِلتُ أَخشى البَينَ قَبلَ وُقوعِهِ | |
|
| حَتّى غَدَوتُ وَلَيسَ لي أَن أُفرَقَ |
|
يَومَ النَوى لِلَّهِ ما أَقسى النَوى | |
|
| لَولا النَوى ما أَبغَضَت نَفسي البَقا |
|
رُحنا حَيارى صامِتينَ كَأَنَّما | |
|
| لِلهَولِ نَحذُرُ عِندَهُ أَن نَنطِقا |
|
أَكبادُنا خَفّاقَةٌ وَعُيونُنا | |
|
| لا تَستَطيعُ مِنَ البُكا أَن تَرمُقا |
|
تَتَجاذَبُ النَظَراتِ وَهيَ ضَعيفَةٌ | |
|
| وَنُغالِبُ الأَنفاسَ كَيلا تُزهَقا |
|
لَو لَم نُعَلِّل بِاللِقاءِ نُفوسَنا | |
|
| كادَت مَعَ العَبَراتِ أَن تَتَدَفَّقا |
|
يا صَحِبَيَّ تَصَبَّرا فَلَرُبَّما | |
|
| عُدنا وَعادَ الشَملُ أَبهى رَونَقا |
|
إِن كانَتِ الأَيّامُ لَم تَرفُق بِنا | |
|
| فَمِنَ النُهى بِنُفوسِنا أَن ترَفُقا |
|
إِنَّ الَّذي قَدَرَ القَطيعَةَ وَالنَوى | |
|
| في وُسعِهِ أَن يَجمَعَ المُتَفَرِّقا |
|
وَلَقَد رَكِبتُ البَحرَ يَزأَرُ هائِجاً | |
|
| كَاللَيثِ فارَقَ شِبلَهُ بَل أَحنَقا |
|
وَالنَفسُ جازِعَةٌ وَلَستُ أَلومُها | |
|
| فَالبَحرُ أَعظَمُ ما يُخافُ وَيُتَّقى |
|
فَلَقَد شَهِدتُ بِهِ حَكيماً عاقِلاً | |
|
| وَلَقَد رَأَيتُ بِهِ جَهولاً أَخرَقا |
|
مُستَوفِزٌ ما شاءَ أَن يَلهو بِنا | |
|
| مُتَرفِّقٌ ما شاءَ أَن يَتَرَفَّقا |
|
تَتَنازَعُ الأَمواجُ فيهِ بَعضَها | |
|
| بَعضاً عَلى جَهلٍ تُنازِعُنا البَقا |
|
بَينا يَراها الطَرفُ سوراً قائِماً | |
|
| فَإِذا بِها حالَت فَصارَت خَندَقا |
|
وَالفُلكُ جارِيَةٌ تَشُقُّ عُبابَهُ | |
|
| شَقّاً كَما تَفري رِداءً أَخلَقا |
|
تَعلو فَنَحسَبُحا تَأُمُّ بِنا السَما | |
|
| وَتَظَنُّ أَنّا راكِبونَ مُحَلَّقا |
|
حَتّى إِذا هَبَطَت بِنا في لُجَّةٍ | |
|
| أَيقَنتُ أَنَّ المَوتَ فينا أَحدَقا |
|
وَالأُفقُ قَد غَطّى الَبابُ أَديمَهُ | |
|
| فَكَأَنَّما غَشِيَ المِدادَ امُهرَقا |
|
لا الشَمسُ تَسطُعُ في الصَباحِ وَلا نَرى | |
|
| إِمّا اِستَطالَ اللَيلَ بَدراً مُشرِقا |
|
عِشرونَ يَوماً أَو تَزيدُ قَضَيتُها | |
|
| كَيفَ اِتَفَتُّ رَأَيتُ ماءً مُغدِقا |
|
نيويوركُ يا بِنتَ البُخارِ بِنا اِقصُدي | |
|
| فَلَعَلَّنا بِالغَربِ نَنسى المَشرِقا |
|
وَطَنٌ أَرَدناهُ عَلى حُبِّ العُلى | |
|
| فَأَبى سِوى أَن يَستَكينَ إِلى الشَقا |
|
كَالعَبدِ يَخشى بَعدَ ما أَفنى الصِبى | |
|
| يَلهو بِهِ ساداتُهُ أَن يُعتَقا |
|
أَو كُلَّما جاءَ الزَمانُ بِمُصلِحٍ | |
|
| في أَهلِهِ قالوا طَغى وَتَزَندَقا |
|
فَكَأَنَّما لَم يَكفِهِ ما قَد جَنوا | |
|
| وَكَأَنَّما لَم يَكفِهِم أَن أَخفَقا |
|
هَذا جَزاءُ الجُمودِ ذَوي النُهى في أُمَّةٍ | |
|
| أَخَذَ الجُمودُ عَلى بَنيها مَوثِقا |
|
وَطَنٌ يَضيقُ الحُرُّ ذَرعاً عِندَهُ | |
|
| وَتَراهُ بِالأَحرارِ ذَرعاً أَضيَقا |
|
ما إِن رَأَيتُ بِهِ أَديباً موسَراً | |
|
| فيما رَأَيتُ وَلا جَهولاً مُملِقا |
|
مَشَتِ الجَهالَةُ فيهِ تَسحَبُ ذَيلَها | |
|
| تيهاً وَراحَ العِلمُ يَمشي مُطرِقا |
|
أَمسى وَأَمسى أَهلُهُ في حالَةٍ | |
|
| لَو أَنَّها تَعرو الجَمادَ لَأَشفَقا |
|
شَعبٌ كَما شاءَ التَخاذُلُ وَالهَوى | |
|
| مُتَفَرِّقٌ وَيَكادُ أَن يَتَمَزَّقا |
|
لا يَرتَضي دينَ الإِلَهُ مُوَفَّقاً | |
|
| بَينَ القُلوبِ وَيَرتَضيهِ مُفَرَّقا |
|
كَلِفٌ بِأَصحابِ التَعَبُّدِ وَالتُقى | |
|
| وَالشَرُّ ما بَينَ التَعَبُّدِ وَالتُقى |
|
مُستَضعَفٌ إِن لَم يُصَب مُتَمَلِّقا | |
|
| يَوماً تَمَلَّقَ أَن يَرى مُتَمَلِّقا |
|
لَم يَعتَقِد بِالعِلمِ وَهوَ حَقائِقٌ | |
|
| لَكِنَّهُ اِعتَقَدَ التَمائِمَ وَالرُقى |
|
وَلَرُبَّما كَرِهَ الجُمودَ وَإِنَّما | |
|
| صَعبٌ عَلى الإِنسانِ أَن يَتَخَلَّقا |
|
وَحُكومَةٌ ما إِن تُزَحزِحُ أَحمَقاً | |
|
| عَن رَأسِها حَتّى تُوَلِّيَ أَحمَقا |
|
راحَت تُناصِبُنا العِداءَ كَأَنَّما | |
|
| جِئنا فَرِيّاً أَو رَكِبنا موبِقا |
|
وَأَبَتَ سِوى إِرهاقِنا فَكَأَنَّما | |
|
| كُلُّ العَدالَةِ عِندَها أَن نُرهَقا |
|
بَينا الأَجانِبُ يَعبَثُونَ بِها كَما | |
|
| عَبِثَ الصَبا سَحَراً بِأَغصانِ النَقا |
|
بَغدادُ في خَطَرٍ وَمِصرُ رَهينَةٌ | |
|
| وَغَداً تَنالُ يَدُ المَطامِعِ جِلَّقا |
|
ضَعُفَت قَوائِمُها وَلَمّا تَرعَوي | |
|
| عَن غَيِّها حَتّى تَزولَ وَتُمحَقا |
|
قيلَ اِعشَقوها قُلتُ لَم يَبقَ لَنا | |
|
| مَعَها قُلوبٌ كَي نُحِبَّ وَنَعشَقا |
|
إِن لَم تَكُن أُمُّ البَنينِ شَفيقَةً | |
|
| هَيهاتَ تَلقى مِن بَنيها مُشفِقا |
|
أَصبَحتُ حَيثُ النَفسُ لا تَخشى أَذىً | |
|
| أَبَداً وَحَيثُ الفِكرُ يَغدو مُطلَقا |
|
نَفسي اِخلُدي وَدَعي الحَنينَ فَإِنَّما | |
|
| جَهلٌ بُعَيدَ اليَومِ أَن تَتَشَوَّقا |
|
هَذي هِيَ الدُنيا الجَديدَةُ فَاِنظُري | |
|
| فيها ضِياءَ العِلمِ كَيفَ تَأَلَّقا |
|
إِنّي ضَمِنتُ لَكِ الحَياةَ شَهِيَّةً | |
|
| في أَهلِها وَالعَيشَ أَزهَرَ مونِقا |
|