بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ | |
|
| وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ |
|
وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى | |
|
| وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ |
|
فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ | |
|
| لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ |
|
وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها | |
|
| فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ |
|
تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِراً | |
|
| وَإِن هُوَ نامَ اِستَيقَظَت تَتَأَلَّبُ |
|
أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ | |
|
| وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ |
|
وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى | |
|
| رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ |
|
هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها | |
|
| بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ |
|
وَمازالَ فَجراً سَيفُ عُثمانَ صادِقاً | |
|
| يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ |
|
إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ | |
|
| تَكَشَّفَ داجي الخَطبِ وَاِنجابَ غَيهَبُ |
|
وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي | |
|
| لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ |
|
سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ | |
|
| ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ |
|
قَياصِرُ أَحياناً خَلائِفُ تارَةً | |
|
| خَواقينُ طَوراً وَالفَخارُ المُقَلَّبُ |
|
نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ | |
|
| لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ |
|
تَواصَوا بِهِ عَصراً فَعَصراً فَزادَهُ | |
|
| مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ |
|
هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها | |
|
| وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ |
|
نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ الدَهرُ بِهِ | |
|
| خُشوعاً وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ |
|
مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ | |
|
| بِشَمسِ اِستِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ |
|
تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى اِرتَقَيتَهُ | |
|
| فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ |
|
فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ | |
|
| تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ |
|
مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى | |
|
| فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ |
|
فَأَحيَيتَ مَيتاً دارِسَ الرَسمِ غابِراً | |
|
| كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ |
|
وَشِدتَ مَناراً لِلخِلافَةِ في الوَرى | |
|
| تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ |
|
سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ | |
|
| وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ |
|
فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ | |
|
| وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ |
|
حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ | |
|
| وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ |
|
وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً | |
|
| وَأَجلى بَياناً في القُلوبِ وَأَعذَبُ |
|
وَإِن يَذكُروا إِسكَندَراً وَفُتوحَهُ | |
|
| فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ |
|
وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً | |
|
| وَأَنفَذُ سَهماً في الأُمورِ وَأَصوَبُ |
|
ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا | |
|
| ظُهوراً يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ |
|
سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا | |
|
| لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ |
|
هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهاماً وَراءَهُ | |
|
| جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ |
|
فَلَمّا اِستَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم | |
|
| وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ |
|
أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم | |
|
| مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا |
|
وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً | |
|
| وَلَكِنَّ خُلقاً في السِباعِ التَأَهُّبُ |
|
كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم | |
|
| وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ |
|
وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها | |
|
| حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ |
|
مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ | |
|
| لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ |
|
ثَمانونَ أَلفاً أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ | |
|
| لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ |
|
إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ | |
|
| وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ |
|
فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى | |
|
| وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ |
|
وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم | |
|
| وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ |
|
تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي | |
|
| وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ |
|
وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني | |
|
| وَتُدبِرُ عِلماً بِالوَغى وَتُعَقِّبُ |
|
وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي | |
|
| وَتَأخُذُ عَفواً كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ |
|
وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا | |
|
| فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ |
|
يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها | |
|
| سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ |
|
يَجيءُ بِها حيناً وَيَرجِعُ مَرَّةً | |
|
| كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ |
|
وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ | |
|
| فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ |
|
وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي | |
|
| كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ |
|
وَيَجعَلُ ميقاتاً لَها تَنبَري لَهُ | |
|
| كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ |
|
فَظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما تَرى | |
|
| نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ |
|
تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى | |
|
| وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ |
|
وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ | |
|
| وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ |
|
وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأناً وَمَظهَراً | |
|
| وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ |
|
تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ | |
|
| وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ |
|
وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني | |
|
| بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ |
|
وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا | |
|
| يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ |
|
وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت | |
|
| فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ |
|
يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا | |
|
| وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ |
|
نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى | |
|
| فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ |
|
وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها | |
|
| فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ |
|
رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ | |
|
| تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ |
|
تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي | |
|
| وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ |
|
وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها | |
|
| بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ |
|
حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ | |
|
| عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ |
|
تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي | |
|
| وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ |
|
وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها دَماً | |
|
| إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ |
|
فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى | |
|
| أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ |
|
أَماناً أَماناً لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى | |
|
| لَوَ اَنَّ أَماناً عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ |
|
كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً | |
|
| وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ |
|
فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ | |
|
| وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ |
|
فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ | |
|
| أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ |
|
سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ | |
|
| بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ |
|
وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ | |
|
| مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ |
|
رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى اِنهِمالَهُ | |
|
| فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ |
|
فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اِقتَحَمتُها | |
|
| وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ |
|
أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً | |
|
| إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ |
|
إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ | |
|
| بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ |
|
فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ | |
|
| عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ |
|
بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها | |
|
| لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ |
|
رَواسي اِبتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ | |
|
| تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ |
|
فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلاً | |
|
| أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ |
|
فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ | |
|
| وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ |
|
تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ | |
|
| حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ |
|
إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها | |
|
| أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ |
|
يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ | |
|
| وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ |
|
قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما | |
|
| عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ |
|
إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ اِنثَنَت | |
|
| وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ |
|
سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ | |
|
| وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ |
|
تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما | |
|
| إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ |
|
فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى | |
|
| وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ |
|
وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ | |
|
| هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ |
|
فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ | |
|
| مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ |
|
أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا | |
|
| أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ |
|
رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا | |
|
| بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ |
|
إِذا ما الدِيارُ اِستَصرَخَت بَدَرَت لَها | |
|
| كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ |
|
تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها | |
|
| فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفساً تُقَرِّبُ |
|
وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ | |
|
| فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ |
|
نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا | |
|
| رَواكِضُ في سَهلٍ كَما اِنسابَ ثَعلَبُ |
|
قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا | |
|
| لَهُم سَكَنٌ آناً وَآناً تَهَيُّبُ |
|
فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ | |
|
| فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ |
|
وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ | |
|
| وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ |
|
خِفافاً إِلى الداعي سِراعاً كَأَنَّما | |
|
| مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ |
|
مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم | |
|
| لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ |
|
وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ | |
|
| أَنِ اِلتَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ |
|
فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ | |
|
| وَلا شَهِدَت يَوماً مَعَدٌّ وَيَعرُبُ |
|
جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي | |
|
| إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ |
|
فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَباً | |
|
| وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ |
|
عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ | |
|
| مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ |
|
فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ | |
|
| وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ |
|
يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ | |
|
| دُخاناً بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ |
|
حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها | |
|
| كَما اِنهارَ طَودٌ أَو كَما اِنهالَ مِذنَبُ |
|
تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم | |
|
| بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ |
|
تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي | |
|
| وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ |
|
تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها | |
|
| وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ |
|
فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت | |
|
| تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ |
|
وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما | |
|
| تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ |
|
جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا | |
|
| وَقَلباً عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ |
|
عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم | |
|
| شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ |
|
إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ | |
|
| وَإِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ |
|
تَطَوَّعَ أَسراً مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي | |
|
| تَطَوَّعَ حَرباً وَالزَمانُ تَقَلُّبُ |
|
وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا | |
|
| وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ |
|
فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها | |
|
| عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ |
|
فَقَبَّلتُ كَفّاً كانَ بِالسَيفِ ضارِباً | |
|
| وَقَبَّلتُ سَيفاً كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ |
|
وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ | |
|
| وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا |
|
رُوَيداً بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا | |
|
| وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ |
|
أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني | |
|
| وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ |
|
وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ | |
|
| وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ |
|
إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ | |
|
| وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ |
|
وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ | |
|
| يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ |
|
رَفيقاً ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ | |
|
| قَدِ اِصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ |
|
إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا | |
|
| كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ |
|
فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني | |
|
| وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ |
|
تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما | |
|
| يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ |
|
فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها | |
|
| أَبَرُّ جَواداً إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ |
|
فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا | |
|
| نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ |
|
ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِياً | |
|
| إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ |
|
أَيَحمِلُني عُمراً وَيَحمي شَبيبَتي | |
|
| وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ |
|
إِذا نَحنُ مِتنا فَاِدفِنونا بِبُقعَةٍ | |
|
| يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ |
|
وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها | |
|
| لَها مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ |
|
فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ | |
|
| كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ |
|
وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها | |
|
| وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا |
|
مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم | |
|
| وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ |
|
فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ | |
|
| وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ |
|
فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى | |
|
| وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ |
|
وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا | |
|
| بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ |
|
هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم | |
|
| أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ |
|
أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم | |
|
| أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا |
|
وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا | |
|
| وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا |
|
وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِباً | |
|
| وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ |
|
وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ | |
|
| وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا |
|
سَلاماً مَلونا وَاِحتِفاظاً وَعِصمَةً | |
|
| لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ |
|
وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ | |
|
| يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ |
|
وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها | |
|
| وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ |
|
عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها | |
|
| وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ |
|
خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت | |
|
| مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ |
|
وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا | |
|
| وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ |
|
فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِداً | |
|
| وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ |
|
وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا | |
|
| مِئينَ وَآلافاً تَهيمُ وَتَسرُبُ |
|
نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا | |
|
| بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ |
|
وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا | |
|
| وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ |
|
يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى | |
|
| وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ |
|
وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها | |
|
| أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ |
|
فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ | |
|
| وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ |
|
وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ وَألُهُ | |
|
| وَمُزجٍ أَثاثاً بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ |
|
يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم | |
|
| وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ |
|
يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى | |
|
| وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضاً وَيُقضِبُ |
|
تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً | |
|
| وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ |
|
تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى | |
|
| وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ |
|
تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسّاً نِعالُهُم | |
|
| وَلَو وَجَدوا سُبلاً إِلى الجَوِّ نَكَّبوا |
|
هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ | |
|
| وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ |
|
قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقاً | |
|
| مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ |
|
ظَفِرنا بِهِ وَجهاً فَظَنَّ تَعَقُّباً | |
|
| وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ |
|
فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ | |
|
| وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ |
|
يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِباً | |
|
| لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ |
|
مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها | |
|
| تَوَدُّ لَوِ اِنشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ |
|
مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ | |
|
| فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ |
|
تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلاً | |
|
| فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ |
|
فَمِن خَلفِها طَوراً وَحيناً أَمامَها | |
|
| وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ |
|
فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها | |
|
| إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ |
|
فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ | |
|
| وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ |
|
وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها | |
|
| صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ |
|
رُؤىً إِن تَكُن حَقّاً يَكُن مِن وَرائِها | |
|
| مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ |
|
وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِياً | |
|
| عَلى السَهلِ لُدّاً يَرقُبونَ وَنَرقُبُ |
|
وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ | |
|
| وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ |
|
تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي | |
|
| وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ |
|
وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ | |
|
| غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ |
|
حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما | |
|
| فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ |
|
وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ | |
|
| وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ |
|
كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم | |
|
| قَطيعٌ بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ |
|
كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ | |
|
| نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ |
|
كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجاً | |
|
| قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَوراً وَتُسلَبُ |
|
كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلاً | |
|
| جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ |
|
كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ | |
|
| كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ |
|
كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ | |
|
| هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ |
|
كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ | |
|
| تَراهُنَّ فيها ضُحَّكاً وَهيَ نُحَّبُ |
|
كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرّاً وَسيمَةً | |
|
| دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ |
|
كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى | |
|
| مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ |
|
كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى | |
|
| كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ |
|
كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ | |
|
| كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ |
|
كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ | |
|
| دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ |
|
كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ | |
|
| مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ |
|
كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا | |
|
| مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا |
|
كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً | |
|
| كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ |
|
كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى | |
|
| فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ |
|
وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا | |
|
| وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ |
|
مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها | |
|
| فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ |
|
رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ | |
|
| فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ |
|
وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ | |
|
| مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ |
|
أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما | |
|
| مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ |
|
تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ | |
|
| فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ |
|
حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت | |
|
| عَلى عَجَلٍ وَاِستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ |
|
تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني | |
|
| وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ |
|
تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ اِستَحالَةً | |
|
| وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا |
|
فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى | |
|
| بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ |
|
سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ | |
|
| وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ |
|
فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً | |
|
| عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ |
|
صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ | |
|
| وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ |
|
كَما اِزدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ | |
|
| أَوِ اِرتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ |
|
فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ | |
|
| وَلَم تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ |
|
هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ | |
|
| وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ |
|
وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزّاً وَمَنعَةً | |
|
| وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ |
|
رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم | |
|
| وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ |
|
وَمَن كانَ مَنسوباً إِلى دَولَةِ القَنا | |
|
| فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ |
|
فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ | |
|
| وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ |
|
وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى | |
|
| وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ |
|
وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها | |
|
| وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ |
|
وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ | |
|
| وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا |
|
وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ | |
|
| وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ |
|
وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى | |
|
| يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ |
|
لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ | |
|
| تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ |
|
أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ | |
|
| وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ |
|
أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم | |
|
| وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ |
|
أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا | |
|
| أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ |
|
أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ | |
|
| عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ |
|
أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ | |
|
| إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ |
|
إِلى ذي اِنتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ | |
|
| وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ |
|
شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ | |
|
| وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ |
|
فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم | |
|
| وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ |
|
فَعَفواً أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ | |
|
| دَعَت قادِراً مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ |
|
ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها | |
|
| وَأَنتَ عَلى اِستِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ |
|
إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقاً | |
|
| فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ |
|
وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم | |
|
| فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ |
|
لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم | |
|
| وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ |
|
فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً | |
|
| فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ |
|
وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم | |
|
| فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا |
|
فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي | |
|
| إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ |
|
يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ | |
|
| وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ |
|
أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت | |
|
| فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ |
|
فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ | |
|
| وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ |
|
أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ | |
|
| لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ |
|
مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها | |
|
| جَميعاً لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ |
|
أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها | |
|
| وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ |
|
وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ | |
|
| فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ |
|
فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً | |
|
| فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ |
|
وَإِنّي لَطَيرُ النيلِ لا طَيرَ غَيرُهُ | |
|
| وَما النيلُ إِلّا مِن رِياضِكَ يُحسَبُ |
|
إِذا قُلتُ شِعراً فَالقَوافي حَواضِرٌ | |
|
| وَبَغدادُ بَغدادٌ وَيَثرِبُ يَثرِبُ |
|
وَلَم أَعدَمِ الظِلَّ الخَصيبَ وَإِنَّما | |
|
| أُجاذِبُكَ الظِلَّ الَّذي هُوَ أَخصَبُ |
|
فَلا زِلتَ كَهفَ الدينِ وَالهادِيَ الَّذي | |
|
| إِلى اللَهِ بِالزُلفى لَهُ نَتَقَرَّبُ |
|