أسائقَها للبينِ وهوَ عَجولُ
|
تَأَنَّ فَما هَذا المسيرُ قُفولُ
|
وقل لي فإنَّ المُستهامَ سَئُولُ
|
لِمَنْ طالعاتٌ في السّرابِ أُفولُ | |
|
| يقوِّمُها الحادونَ وَهْيَ تَميلُ |
|
تَجانَفْنَ عَنْ وَعْثِ الطّريقِ وسَهْلِهِ
|
وأَعْرَضْنَ عن خِصْبِ المَرادِ ومَحْلِهِ
|
فَهُنَّ على جَوْر الغَرامِ وعَدْلِهِ
|
نَواصلُ من جَوٍّ خَوائضُ مثلِهِ | |
|
| صُعودٌ على حكمِ الطّريقِ نُزولُ |
|
إذا أجْفَلَتْ في البيدِ جُفْلَ نَعامِها
|
كأنَّ أفاعي الرّمْلِ ثِنْيُ زِمامِها
|
ثَنَتْ لِيتَها نَحو الصَّبا وانتسامِها
|
هَواها وَراها والسُّرى عَن أَمامِها | |
|
| فهنَّ صَحيحاتُ النَّواظر حُولُ |
|
بِها مثلُ ما بالظاعِنينَ كآبةٌ
|
وصبرُهُما بعدَ الفراق خِلابةٌ
|
وللشّوقِ منها ما دعاها إِجابةٌ
|
تَضاغى وفي فَرْطِ التّضاغي صَبابةٌ | |
|
| وتَرغو وفي طولِ الرُّغاءِ غَليلُ |
|
أَهلّةُ بيدٍ والأَهِلَّةُ فَوْقَها
|
إذا لَمَحَتْ أجْبالَ سَلمى ورَوْقَها
|
كفى شوقُها شلَّ الحُداة وسَوْقَها
|
تُرادُ على نجدٍ ويَجْذِبُ شَوْقَها | |
|
| مَظَلٌّ عِراقيُّ الثَّرى ومَقيلُ |
|
أَلا قَلَّما تصفو مع البينِ عيشةٌ
|
وفي الشّوْقِ للنّائي هُمومٌ مُطيشةٌ
|
ولو أنّ أوطانَ المُفارِقِ بِيشَةٌ
|
وما جَهِلَتْ أن العراقَ معيشةٌ | |
|
| وروضٌ تُربِّيهِ صَباً وقَبولُ |
|
وفي الرَّكبِ مسلوبُ العزاءِ فقيدُهُ
|
يزيدُ إذا هبَّ النَّسيمُ وَقُودُهُ
|
وما كلُّ أسبابِ الغَرامِ تقودُهُ
|
ولكنَّ سِحراً بابِليّاً عُقودُهُ | |
|
| تُحَلَّلُ ألبابٌ بهِ وعُقولُ |
|
وقد حَمَلَتْ لَدْنَ القوامِ رشيقَهُ
|
حكى المسكُ فاهُ والمُدامةُ ريقَهُ
|
فأضحى بها نائِي المحلِّ سحيقَهُ
|
نجائبُ إنْ ضلَّ الحِمامُ طريقَهُ | |
|
| إلى أَنْفُسِ العُشّاقِ فَهْيَ دَليلُ |
|
وإنّي لأَشْكو مِنْ فراقِكَ هَزّةً
|
ورَوْعَةَ شَوْقٍ للحَشا مُسْتَفِزّةً
|
وقَدْ وَقَرَتْ في القلبِ عيسُكَ حَزّةً
|
حملْنَ وُجوهاً في الخدورِ أَعزَّةً | |
|
| وكلُّ عزيزٍ يومَ رُحْنَ ذَليلُ |
|
كَتَمْتُ هَوى ظَمياءَ كِتمانَ مُعْلِنِ
|
ونَهْنَهْتُ دمعاً عاصياً غير مُذْعِنِ
|
وقَدْ قالت الأظعانُ للسَّلوةِ اظعَني
|
قسَمْنَ العُقولَ في السُّتورِ بأعينِ | |
|
| قواتلَ لا يُودى لَهُنَّ قَتيلُ |
|
محبٌّ إذا ما اللّيلُ غارَت نجومُهُ
|
تأوَّبَه بثُّ الهَوى وهمومُهُ
|
وفي الخِدرِ بدرٌ آفِلٌ لا يَريمُهُ
|
وفيهنَّ حاجاتٌ ودَيْنٌ غريمُهُ | |
|
| مَليٌّ ولكنَّ الملولَ مَطُولُ |
|
لُبَانةُ نفسٍ مستمرٍّ عناؤُها
|
عياءٌ على مرِّ الليالي دواؤُها
|
قَضى حبُّها ألاّ يصابَ شِفاؤُها
|
يَخِفُّ على أهلِ القِبابِ قضاؤُها | |
|
| لَنا وهيَ مَنٌّ في الرِّقابِ ثقيلُ |
|
وَقَفْتُ على ربعٍ لظمياءَ أقفرا
|
سقتْهُ دُموعي ما أراضَ ونوَّرا
|
فقلتُ لخدنَيَّ الخلِيّيْنِ أَعْذِرا
|
أبى الرّكبُ بالبيضاءِ إلاّ تنَكُّرا | |
|
| وقد تُعْرَفُ الآثارُ وهي مُحولُ |
|
سَأَلْتُ سَيالات الحمى فَتَمايَلَت
|
كمُوحَدَةٍ من جيرَةٍ قد تَزايَلَتْ
|
ففاضَتْ دموعٌ كالغُروبِ تَساجَلَتْ
|
ولمَّا وقَفْنا بالدّيارِ تَشاكَلَتْ | |
|
| جُسومٌ بَراهُنَّ البِلَى وطُلُولُ |
|
دعانا الهَوى واستوقَفَتْنا المَعارِفُ
|
وأَدَمى الحَشا والشَّوقُ للكَلْمِ قارِفُ
|
حمائمُ وُرُقٍ في الغصونِ هواتفُ
|
فباكٍ بداءٍ بينَ جَنْبيهِ عارفُ | |
|
| وباكٍ بما جرَّ الفِراقُ جَهولُ |
|
نَعَمْ هذهِ الأطْلالُ قَفْرٌ فَأَرْبعِ
|
وجَدّدْ بِها عَهْدَ المَشوقِ المودِّعِ
|
سأَسْقي ثَراها الرِّيَّ من سُحْبِ أَدْمُعي
|
وأسألُ عن ظمياءَ صمَّاءَ لا تَعي | |
|
| فأرضى بما قالَتْ ولَيْسَ تَقولُ |
|
تُصَدِّقُ ظمياءَ العَذولَ إذا افْتَرى
|
وأُكَذِّبُ سَمْعي في هَواها وما أَرى
|
وأَقْنَعُ منها بالخَيالِ إذا سَرى
|
ويُعْجِبُني منها بُزخْرُفِها الكَرى | |
|
| دُنُوٌّ إلى طولِ البِعادِ يَؤولُ |
|
مَلِلْتِ فَما تُدْني إليكِ شَفاعَةٌ
|
وعندَكِ للواشينَ سمْعٌ وطاعةٌ
|
وحفظُ عهودِ الغادِرينَ إضاعةٌ
|
وما أنتِ يا ظمياءُ إلاّ يَراعَةٌ | |
|
| تَميلُ مع الأَرْواحِ حيثُ تَميلُ |
|
لأنْتِ لِنَفْسي داؤُها ودَواؤُها
|
وراحَتُها لَوْ نِلْتُها وشِفاؤُها
|
إذا بِنْتِ ضاقَتْ أرضُها وسماؤُها
|
فإنْ كان سؤلاً للنّفوسِ بلاؤُها | |
|
| فإنّكِ للْبَلْوَى وإنَّك سُولُ |
|
تَوَهمٌ ما أراني الدَّهرُ أمْ حُلُمُ
|
وصَبْوَةٌ كلُّ هذا الوجدِ أمْ لَمَمُ
|
أحببتُ قوماً وإفراطُ الهَوى نَدَمُ
|
ولَّوُا فَلَما رجوْنا عدلَهم ظلموا | |
|
| فليتَهم حكموا فينا بِما علِموا |
|
ساوَى حُضورَهُمُ عِندي مغيبهُمُ
|
وصنتُهم فيهما عَمّا يَعيبُهمُ
|
ومُنذُ قالَ الوَرى هذا حبيبُهمُ
|
ما مرَّ يوماً بفكري ما يَريبُهمُ | |
|
| ولا سَعَتْ بي إلى ما ساءَهُمْ قَدَمُ |
|
كَمْ رُضْتُ نفسيَ بالسُّلوانِ فامتَنَعَتْ
|
وكَمْ أضاعوا مواثيقَ الهَوى ورعَتْ
|
فما نقمتُ عليهمْ غَدَرةً فَضَعَتْ
|
ولا أضَعْتُ لهم عهداً ولا اطَّلَعَتْ | |
|
| على وَدائِعِهِمْ في صَدْريَ التُّهَمُ |
|
مِنْ فَرْطِ وجدي بِهمْ أحبَبْتُ غَدْرَهُمُ
|
واللّومُ فيهم لسَمْعي مِنهُ ذِكْرهُمُ
|
وصنْتُ حتّى عن الأوْهامِ سِرَّهُمُ
|
فليتَ شِعري بِما استَوْجَبْتُ هَجْرَهُمُ | |
|
| مَلّوا فَصَدّهُمُ عن وَصْلَيَ السّأَمُ |
|
ما صَرَّحوا لي بأسبابِ القِلى وكَنَوْا
|
إلاّ وَقال الهَوى مَهْلاً سواكَ عَنَوْا
|
وكُلّما أَهْمَلوا حِفْظَ الهَوى وَوَنَوا
|
حَفِظْتُ ما ضيّعوا أَغْضَيْتُ حين جنَوْا | |
|
| وَفَيْتُ إذ غَدَرُوا واصَلْتُ إذ صَرَموا |
|
كَمْ قَدْ سَعَيْتُ حريصاً في مُرادِهِمُ
|
وكَمْ رَعَيْتُ هَواهُمْ في بِعادِهِمُ
|
فَحينَ أصبَحْتُ طَوْعاً في قِيادِهمُ
|
حُرِمْتُ ما كنْتُ أرْجو من وِدادِهِمُ | |
|
| ما الرِّزقُ إلاّ الذي تجري بهِ القِسَمُ |
|
أوْطَنْتُهم خِلْبَ قَلبي دونَ مَوْطِنِهِم
|
فأحْرَجوا بِالتَجنّي رَحْبَ مَسْكَنِهِم
|
حَتّى لعنْد مُسيئيهِم ومُحسنهِم
|
مَحاسِني مُنْذُ مَلّوني بِأعيُنِهِمِ | |
|
| قَذىً وذكْري في آذانِهِم صَمَمُ |
|
هُم أباحوا الضَّنى جِسْمي وكانَ حِمى
|
وأمْطروا مُقْلَتِي بعدَ الدُّموعِ دَمَا
|
ومَا رَعَوا في الهَوى عَهْداً ولا ذِمَمَا
|
وبعدُ لو قيلَ لي ماذا تُحِبُّ وما | |
|
| مُناكَ من زينةِ الدّنيا لَقُلْتُ هُمُ |
|
راعُوا فُؤادي بالهِجرانِ حينَ أمِنْ
|
وكانَ بالوصْلِ منهُم لَوْ رَعَوْه قَمِنْ
|
ولَوْ تعوَّضَ عنهُم بالشّباب غُبِنْ
|
هُمُ مجالُ الكَرى من مُقْلَتَيَّ ومِنْ | |
|
| قَلبي محلُّ المُنى جاروا أو اجْتَرَموا |
|
لَمْ يَتْرُكِ الوَجْدُ لي في غيرِهمْ أَمَلا
|
ولَم أُطِعْ فيهِمْ نُصْحاً ولا عَذَلا
|
وبعدَ ما أشعروني في الهَوى خَبَلا
|
تبدّلوا بي ولا أبغي بِهم بَدَلا | |
|
| حَسْبي بهم أَنصفوا في الحُكمِ أوْ ظَلَموا |
|
فَقُلْ لساري الدُّجى تهديه ظُلْمَتُهُ
|
واللّيلُ كالبحرِ تعلو الأرضَ جُمّتُهُ
|
تُغْري الفَلا والدُّجى والهولَ عزْمَتُهُ
|
يا راكِباً تقطَعُ البيداءَ هِمُّتُهُ | |
|
| والعيسُ تعجِزُ عمَّا تدركُ الهِممُ |
|
إذا وصلتَ وقاكَ اللهُ مَهلكَةً
|
وذادَ عنكَ الرَّدى إن خُضتَ مَعركةً
|
فَما سلمتَ فقدْ مُلِّكْتَ مملكَةً
|
بلّغْ أَميري معينَ الدّين مَأْلُكَةً | |
|
| منْ نازحِ الدّار لكنْ وُدُّهُ أَمَمُ |
|
لَمّا وَليتَ الرّعايا سُرَّ كلُّ ولي
|
وسُسْتَهُم بالتُّقى في القولِ والعَملِ
|
تُمْضي القضايا بِلا حَيْفٍ ولا زَلَلِ
|
وأنتَ أعدلُ من يُشكى إليهِ ولي | |
|
| شَكِيَّةٌ أنتَ فيها الخصْمُ والحَكَمُ |
|
فاسمَعْ قضيّةَ مَأخوٍذ بخُلَّتِهِ
|
وفاؤُه لكَ أرْداهُ بغُلَّتِهِ
|
ولَمْ يكُن عالماً في طِبِّ عِلَّتِهِ
|
هَلْ في القضيّةِ يا مَنْ فضلُ دولتِهِ | |
|
| وعدلُ سيرتِهِ بينَ الوَرى عَلَمُ |
|
أمْ في كريمِ السَّجايا وهيَ قَدْ فُقِدَتْ
|
أمْ في العُلا وهي بالعُدوانِ قد عُدمَتْ
|
وساءَها فَلَحتْ من بعد ما حَمِدَتْ
|
تَضييعُ واجِب حقِّي بعد ما شهِدتْ | |
|
| به النّصيحةُ والإخلاصُ والخِدَمُ |
|
يا لهفَ نفسي ولهفٌ طالَما شَفَتِ
|
لم تُغنِ عنّي تجاريبي ومعرِفَتي
|
حتى اغتررْتُ بآمالٍ مزَخْرَفَةِ
|
وما ظننتُكَ تنسى حقَّ معرفتي | |
|
| إنّ المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ |
|
يا مَنْ إذا استأذَنَ السّاعي عَلَيه أَذِنْ
|
إِذا الغَديرُ أقامَ الماءُ فيهِ أجِنْ
|
وَلَمْ يطلُ مكثُ ميثاقي فكيف أَسِنْ
|
ولا اعتقدتُ الذي بيني وبينَك مِنْ | |
|
| وُدٍّ وإنْ أجلبَ الأعداءُ يَنْصَرِمُ |
|
وكم رَماني العِدا بَغياً بِإفكِهِمُ
|
فلَمْ أَرقَّ ولم أفرَقْ لبَغْيِهِمُ
|
وكم سَعَوْا بي فلَمْ أحفِل بسعْيِهِمُ
|
لكنْ ثِقاتُكُ ما زالوا بغشِّهِمُ | |
|
| حتّى استوتْ عندكَ الأنوارُ والظُّلَمُ |
|
ما كان أبعَدَهُم فهماً وأجهَلَهُمْ
|
مالوا ومالَوْا عَلى من كانَ مَوَّلَهُمْ
|
وقبلَهُ خَوَلا كانوا فخَوَّلَهُم
|
باعوكَ بالبَخسِ يرجون الغنى ولَهُمْ | |
|
| لو أنَّهم عَدِموكَ الويلُ والعَدَمُ |
|
كيفَ اغتررتَ بِهِمْ فيما أَمَرْتَهُمُ
|
حتى كأنَّك يوماً ما خبرتَهُمُ
|
وغورُهمْ كان يبدو لو سَبَرتَهُمُ
|
واللهِ ما نصحوا لمَّا استشرتَهُمُ | |
|
| وكلُّهم ذو هوىً في الرأيِ متَّهَمُ |
|
كان التحاملُ منهمْ في إشارَتِهِم
|
والنّقصُ في دينِهم أو في عِبارتِهِم
|
وكلُّ ذلكَ نوعٌ من تجارتِهِم
|
كم حرَّفوا من مقالٍ في سِفارتِهم | |
|
| وكم سَعَوْا بفسادٍ ضلُّ سعيُهُمُ |
|
قالوا الأميرُ وفيٌّ بالعهودِ فلُذْ
|
بِذي الحميَّةِ إن خَطْبٌ ألمَ وعُذْ
|
والوصفُ في السمعِ قبلَ الامتحانِ يَلَذّ
|
أين الحميّةُ والنّفسُ الأبيّةُ إذْ | |
|
| ساموكَ خُطَّةَ خسفٍ عارُها يصِمُ |
|
لمَّا رأيتَ لصَرفِ الدّهرِ واعِظةً
|
للخيرِ والشَّرِّ ما تَنفكُّ حافظةً
|
حتى تَشيعَ سماعاً أو ملاحظَةً
|
هلاّ أنِفْتَ حياءً أو محافظةً | |
|
| من فعلِ ما أنكرَتْهُ العُربُ والعجمُ |
|
أتيتَ فينا وما اقتادتْكَ مَوجِدةٌ
|
إساءةً هي للإحسانِ مُفسِدَةٌ
|
أغربْتَ فيها فجاءَت وهي مُفردةٌ
|
أسلمتَنا وسيوفُ الهند مغمَدةٌ | |
|
| ولم يُروِّ سِنانَ السمهرِيِّ دَمُ |
|
ما شُبتُ حُسنَ ظُنوني فيكَ بالتُّهَمِ
|
ولم تَمُرَّ بِفِكْري خَجلةُ النَّدمِ
|
وأنَّ إفك الأَعادي مُخْفِرٌ ذمَمي
|
وكنتُ أَحسَبُ مَن والاكَ في حَرمٍ | |
|
| لا يَعتريه به شَيْبٌ ولا هَرَمُ |
|
يأوي إلى حُسن عهدٍ مِنكَ ما ابتُذِلا
|
ولا ابْتَغى بصديقٍ صادِقٍ بَدَلا
|
ولا رأَى الخِلُّ منه ساعةً مَلَلا
|
وأَنَّ جارَك جارٌ للسموءَلِ لا | |
|
| يَخشى الأعادي ولا تَغتالُه النِّقَمُ |
|
إساءةً جئتَها واللهُ يغفُرهَا
|
يُذيعُها الدَّهرُ في الدّنيا وينشُرُها
|
والخلقُ أجمعُ يأباها ويُنْكِرها
|
هبنا جَنَينا ذُنوباً لا يُكَفِّرُها | |
|
| عُذْرٌ فماذا جَنى الأطفالُ والحُرُمُ |
|
ما زلتَ في كلِّ حالٍ مُحسناً وَرِعَا
|
ترى الإساءةَ في وجهِ العُلا طَبَعا
|
لكنَّ فِعلَك فيهم جاءَ مُبتَدَعا
|
ألقَيتَهم في يدِ الإفرنج مُتَّبِعا | |
|
| رضا عِداً يُسخِطُ الرحمنَ فِعلُهُمُ |
|
أَخفى الهوى عَنك بعد الكشفِ أمرَهُمُ
|
حتّى لأنكرتَ يا مَخدوعُ مكرَهُمُ
|
وسوفَ تَعرِفُ بعد الفَوتِ غَدرهُمُ
|
همُ الأعادي وقاكَ اللهُ شرَّهُمُ | |
|
| وهُم بزعمِهِمُ الأعوانُ والخدَمُ |
|
ما أنصفوكَ أتَوْا ما لستَ تَجهلَهُ
|
وما استَقَلّوا بعبءٍ أنت تحمِلُهُ
|
وخالفوا كلَّ خيرٍ كنتَ تَفعلُهُ
|
إذا نهضتَ إلى مجدٍ تُؤثِّلُهُ | |
|
| تَقاعدوا فإذا شيَّدتَهُ هَدَموا |
|
صَدَّقْتَهمْ وعهودُ القومِ كاذبةٌ
|
وكلّ أحلامِهم في الغدرِ عازِبةٌ
|
لغيرِ دولتِكَ الغرّاءِ طالِبَةٌ
|
وإن عَرَتكَ من الأيّامِ نائبةٌ | |
|
| فكلُّهم للَّذي يُبكيكَ مُبتَسِمُ |
|
ضَلالَةٌ قد أظلّتهُم غَوايتُها
|
ودولَةٌ رُفعت بِالغدْرِ رايَتُها
|
دَنت لِكُفرانِها النُّعمى نِهايَتُها
|
حتى إذا ما انجلَت عَنهُمْ غَيابَتُها | |
|
| بِحِدِّ عَزمكَ وهو الصَّارِمُ الخَذِمُ |
|
وأصبحوا في نعيمٍ ما له خَطرُ
|
ما يعتري عَيشَهم بؤسٌ ولا ضَررُ
|
ولم يَرُعَ سَرحَهُم خوفٌ ولا حَذَرُ
|
رَشفتَ آجنَ عيشٍ كلُّه كدَرٌ | |
|
| وَوِرْدُهم من نداك السلسَلُ الشَّبِمُ |
|
أحلَتَهُمْ غَلطاً أعلى ذرى الأُفُقِ
|
فلم يَرَوْا حقَّ تلكَ الأنعُمِ الدُّفُقِ
|
وعامَلوكَ بِغِشِّ الغِلِّ والمَلَقِ
|
وإن أتاهُم بقَولٍ عنكَ مُختَلَقِ | |
|
| واشٍ فَذاك الذي يُحبى ويُحتَرَمُ |
|
أَخفَوْا من الغِلِّ ما أخفَوْهُ ثمَّ عَلَنْ
|
وأضمَروا مِحناً مِن غِشِّهم وإحَنْ
|
وأنكروا نِعَماً طوَّقْتَهُم ومِنَنْ
|
وكلُّ مَن مِلْتَ عنهُ قرَّبوهُ مَنْ | |
|
| والاك فَهو الذي يُقصى ويُهْتَضَمُ |
|
ما زلتَ في وُدِّهم تَجري على سَنَنِ
|
وهمْ عِداك فيا لله للغَبنِ
|
أعوانُ عادِيةِ الأيّامِ والزّمنِ
|
بغياً وكُفراً لِمَا أوليتَ من مِنَنِ | |
|
| ومَرتَعُ البغيِ لولا جَهلُهم وِخِمُ |
|
أَخفيتَ بادي مَساويهم لِتَسْتُرَهُمْ
|
ولو كشفتَهُمُ لم ترض مَكسِرَهُمْ
|
فاكشِفْ ببحثِك ما أخفَوْا لتُنكرَهُمْ
|
جرِّبهُمُ مثل تجريبي لتَخْبُرَهُمْ | |
|
| فلِلرّجالِ إذا ما جُرّبوا قِيَمُ |
|
ما زلتُ مُذْ كنتُ في عينِ العَدوِّ قَذى
|
يَرى محلِّيَ فَوق النَّجمِ مُنتَبِذا
|
فسلهمُ بي تَزِدهُم مِن جَوىً وأَذى
|
هل فيهِمُ رجلٌ يُغني غَنايَ إِذا | |
|
| جلَّى الحوادِثَ حدُّ السَّيف والقَلَمُ |
|
أم فيهِمُ من يُجلِّي حِندِسَ الشَّبَهِ
|
بِعَزمِ أروعَ مِدراكٍ لِمَطْلَبِهِ
|
ماضٍ على الهَولِ مُستوطٍ لمَركَبِهِ
|
أم فيهمُ مَن لَه في الخَطبِ ضاق به | |
|
| ذَرعُ الرجالِ يدٌ يسطو بها وفَمُ |
|
عرفتَ غِشَّهُمُ في السِّرِّ والعَلَنِ
|
وأنَّ نِيَّاتِهم ملأى مِن الدَّرَنِ
|
ولم تَزل عاكِفاً منهم على وَثَنِ
|
لكنَّ رأيَكَ أدناهُم وأبعَدني | |
|
| فليتَ أَنَّا بِقدرِ الحُبِّ نَقْتَسِمُ |
|
لمَّا خَلَطْتَ يَقينَ الوُدِّ بالشَّبَهِ
|
رَعيتَ عَهدي بطَرفٍ غَيرِ مُنتَبِهِ
|
ومِلتَ بالوُدِّ عن مَلْحوبِ مَذْهَبِهِ
|
وما سَخِطتُ بِعادي إذْ رضيتَ بِه | |
|
| ولا لجُرحٍ إذا أرضاكُمُ أَلَمُ |
|
لا تَحسبَنَّ الرّزايا ضَعْضَعَتْ جَلَدي
|
ولا النّوى عن دمشقٍ فَتَّ في عَضُدي
|
أنَّى ثَوى اللَّيْثُ فَهو الخِيْسُ للأسَدِ
|
ولستُ آسَى على التَّرحالِ عن بَلد | |
|
| شُهْبُ البُزاةِ سواءٌ فيه والرَّخَمُ |
|
أقولُ إذ فاتَ حَزمي عزَمَةُ الرّشَدِ
|
وقد بَدا ليَ ما لم يَجرِ في خَلَدي
|
لله درُّكَ لولا الغَبْنُ من بَلَدِ
|
تعلَّقَتْ بِحبالِ الشَمسِ مِنهُ يَدي | |
|
| ثَمَّ انثَنَتْ وهي صِفرٌ مِلْؤُها نَدَمُ |
|
كم عَزَّني أمَلي فيه وسوَّفَني
|
وكَم وثِقتُ بميعادٍ فأخْلَفَني
|
حتى تَلاشى رجائِي فيهِ ثمَّ فَنِي
|
لَكِنْ فِراقُكَ آسانِي وآسفَنِي | |
|
| فَفي الجوانِح نارٌ منه تَضْطَرِمُ |
|
ومثلَ وجدِي لبُعدِي عنكَ لم أَجِدِ
|
وكَم شَجِيتُ بتَرحَالٍ ومُفْتَقَدِ
|
فَما تنكّر لِي صبْرِي ولا جَلَدِي
|
فاسلَم فما عِشتَ لي فالدَّهرُ طَوْعُ يَدِي | |
|
| وكلُّ ما نَالَنِي من بُؤسِهِ نِعَمُ |
|