سَلِ البانَ عنهم أَينَ بانوا ويمَّموا | |
|
| أَلِلجزعِ ساروا أَم برامَةَ خيّموا |
|
وَهَل شُرعَت تلك القِبابُ بسَفحها | |
|
| وأَمسى بها حاديهُم يترنَّمُ |
|
وَهَل رنَّحت فيها الغَواني قدودها | |
|
| وأَغصانُها من غيرَةٍ تتبرَّمُ |
|
وَهَل هيمنَت ريحُ الصبا بشِعابها | |
|
| سُحَيراً وَراحَت بالشَذا تَتَنسَّمُ |
|
وَهَل وردت ماءَ العُذيب أَوانِسٌ | |
|
| فإنّي أَرى أَرجاءَه تَتَبَسَّمُ |
|
وَبي غادَةٌ منهنَّ ما أَسفرت ضحىً | |
|
| لشمس الضُحى إلّا غدت تتلثَّمُ |
|
تُغير سَنى الأَقمار غُرَّة وجهها | |
|
| وَيحسدُ عِطفيها الوشيجُ المقوَّمُ |
|
تقسَّمَ فيها الحسنُ لمّا تفردَّت | |
|
| فكُلُّ فؤادٍ في هَواها مقسَّمُ |
|
وَلَم أَنسَها وَالبينُ ينعقُ بيننا | |
|
| وَنارُ الجوى بين الجوانح تُضرَمُ |
|
وقد نثرت دُرَّ الدُموع بخدِّها | |
|
| وفي جيدها دُرُّ العقود المنظَّمُ |
|
أُسائلُها يوم التفرُّق عَن دَمي | |
|
| فتومي بكفٍّ عِندَ مَن وهي عَندمُ |
|
وَسارَت فَسالَت أَدمعٌ من محاجر | |
|
| فَما أبعدَت إلّا وأَكثرُها دَمُ |
|
وَراحَت حُداةُ العيس تشدو بذكرها | |
|
| وَظَلَّت مَطاياها تَغورُ وتُتهمُ |
|
وما كلَّمتني حين زُمَّت رحالُها | |
|
| وَلَكِنَّ قَلبي راح وهو مُكلَّمُ |
|
وَكَم من خليٍّ ثَمَّ لم يدرِ ما الهَوى | |
|
| غدا وهو مُغرىً بالصَبابة مُغرَمُ |
|
أَغارت عليه بالفتور لحاظُها | |
|
| وأَقصَدَه منها نِبالٌ وأَسهمُ |
|
تصرَّم صفو العيش بعد فِراقها | |
|
| فَلَم يبق إلّا حسرةٌ وتندُّمُ |
|
يَقولون سَل عنها الدِيارَ بذي الغضا | |
|
| وَهَل ذو الغضا إِلّا فؤادي المتَيَّمُ |
|
وَما خيّمت بالمُنحنى من مُحجّرٍ | |
|
| وَلكن ضُلوعي المنحنى والمخيَّمُ |
|
وإِن يمَّمت سَفحَ العَقيق بمقلتي | |
|
| فَيا حبَّذا سفحُ العَقيق الميمّمُ |
|
وَنفحةِ طيبٍ من لطائم نشرِها | |
|
| تحمَّلها عنها النَسيمُ المهَينِمُ |
|
فَجاءَ يجرُّ الذَيلَ من مَرَحٍ بها | |
|
| وَوافى بها وَالرَكبُ يَقظى ونُوَّمُ |
|
فَلَم يَدرِ ما أَهدَتهُ لي غير مهجَتي | |
|
| ولا اِرتاح إِلّا قَلبي المتأَلِّمُ |
|
لئن ضاعَ عهدي عندها بعد بُعدِها | |
|
| فَما ضاعَ عِندي عهدُها المتقدِّمُ |
|
وَلَم تَثنني عَنها مقالةُ لائِمٍ | |
|
| وإِن أَكثرت فيها وشاةٌ وَلوَّمُ |
|
وأَكتمُ وَجدي في هَواها تجلُّداً | |
|
| وَلكنَّ دَمعي بالغَرام يُترجمُ |
|
توهَّم سلواني العذولُ جهالةً | |
|
| بما جنَّ قَلبي ساءَ ما يتوهَّمُ |
|
فَيا جيرةً كانوا وكنّا بقربهم | |
|
| نُذِلُّ تَصاريفَ الزَمان ونُرغمُ |
|
تحلّى بهم عيشي لَيالي وصالِهم | |
|
| فمرَّت فأَضحى وهو صابٌ وعَلقمُ |
|
نشدتكُمُ هَل عهدُنا بطوَيلع | |
|
| على العَهد مأهولٌ كما كنت أَعلمُ |
|
وَهَل دارُنا بالشِعب جامعةٌ لنا | |
|
| وَهَل عائدٌ بالوَصل عيدٌ وموسمُ |
|
نأَيتم فأذوى ناضرَ العَيش نأيُكم | |
|
| وَعادَ رَبيعُ الوصل وهو محرَّمُ |
|
وَلَو شئتُمُ ما فرَّق البينُ بيننا | |
|
| ولا عنَّ طَيرٌ للتفرُّقِ أَشأمُ |
|
وَلكنّكم أَبعدتُمُ شُقَّة النَوى | |
|
| فأَصبحتُ من جور النَوى أَتظلَّمُ |
|
صِلوا أَو فصدّوا كيف شئتم فأَنتم | |
|
| أَحبِّةُ قَلبي جرتم أَم عدَلتمُ |
|
وإِن جلَّ خَطبي في هواكم فمخلصي | |
|
| إِذا عَظُم الخطبُ الجنابُ المعظَّمُ |
|
محمَّد المبعوث من آل هاشمٍ | |
|
| وَخاتم رُسل اللَه وهو المقدَّمُ |
|
نبيُّ الهدى بحرُ النَدى أَشرفُ الورى | |
|
| وأَكرمُ خلق اللَه جاهاً وأَعظمُ |
|
بمبعثه إِنجيلُ عيسى مبشِّرٌ | |
|
| وَتَوراةُ موسى والزبورُ مُترجمُ |
|
به أَشرقت شَمسُ الهِداية بعدما | |
|
| أَضَلَّ الورى لَيلٌ من الغيِّ مُظلمُ |
|
له معجزاتٌ لا يُوارى ضياؤُها | |
|
| وَكَيفَ يوارى الصبحُ أَم كيفَ يُكتَمُ |
|
بمَولده غارَت بحيرةُ ساوةٍ | |
|
| وإيوانُ كسرى راح وهو مهدَّمُ |
|
وأَخمدَ نيرانَ المجوس قدومُه | |
|
| وَكانَت على عُبّادِها تتضرَّمُ |
|
وأَمسَت نجومُ الأفق تَدنو وشهبُها | |
|
| رجومٌ لسُرّاق الشياطين تَرجمُ |
|
درَّت على ظِئريه من بركاته | |
|
| بمقدمِه أَنواعُ بِرٍّ وأَنعُمُ |
|
ورُدَّت عليه الشَمسُ بعد غروبها | |
|
| وَشُقَّ له بَدرُ السَماء المتمَّمُ |
|
وَفاضَت مياهٌ من أَنامِل كفِّه | |
|
| فَأَروَت بها علاً ظِماءٌ وَحوَّمُ |
|
وَمن شاطئ الوادي أَجابتهُ دوحةٌ | |
|
| وَجاءَت إليه من قَريبٍ تُسلِّمُ |
|
وحنَّ إليه الجذعُ بعد فِراقه | |
|
| فَراح لما قد نالَه يتحطَّمُ |
|
وفي كفِّه من خشيةٍ سبَّح الحصى | |
|
| ومن جودها أَثرى فَقيرٌ ومُعدِمُ |
|
ترقّى إلى السَبع السَماوات صاعِداً | |
|
| وَبارئه يُدنيهِ برّاً ويُكرمُ |
|
فأَمَّ جميعَ الأَنبياءِ مقدَّماً | |
|
| وَحُقَّ له حَقّاً هناك التَقَدُّمُ |
|
وَصَلّى عليه اللَه في ملكوته | |
|
| وَقالَ لنا صَلّوا عليه وَسَلِّموا |
|
نبيٌّ هو النورُ المضيءُ لناظر | |
|
| وَلَم أَرَ نوراً قبله يتجسَّمُ |
|
نَبيٌّ أَبانَ الدينَ بعدَ خفائِه | |
|
| وأَوضحَ منه ما يحلُّ وَيحرُمُ |
|
وَجلّى ظَلامَ الشِركِ منه بغرَّةٍ | |
|
| هي الصبحُ لكن أفقُها ليس يظلِمُ |
|
هُوَ البَحرُ والبَرُّ الرؤوفُ وإِنَّه | |
|
| أَبرُّ بنا من كُلِّ بَرٍّ وأَرحَمُ |
|
يَجودُ وقد لاحَت تباشيرُ بِشرِه | |
|
| وَيبذلُ وهو الضاحكُ المتبسِّمُ |
|
مكارمُه أَربَت على الحصرِ كَثرةً | |
|
| وكُلُّ بَليغٍ عَن مَعاليه مُفخَمُ |
|
وَماذا يَقولُ المادحونَ وقد أَتى | |
|
| بِمدحتِه نصٌّ من الذِكر مُحكَمُ |
|
إذا ما بدا في آله الغُرِّ خلتَه | |
|
| هُنالكَ بدرَ التمِّ حفَّته أَنجُمُ |
|
عليٌّ أَميرُ المؤمنين وصيُّه | |
|
| إليه اِنتَهى كُلُّ النُهى والتكرُّمُ |
|
به ضاءَ نورُ الحقِّ واتَّضحَت لنا | |
|
| مَعالِمُ دين اللَه والأَمرُ مُبهَمُ |
|
وَما أَنكرت أَعداؤُه عَن جهالة | |
|
| مناقبَه العُظمى ولكنَّهم عَموا |
|
هُوَ البطلُ الشهمُ الأَغرُّ السُمَيدع ال | |
|
| همامُ السريُّ الأَكرَمُ المتكرِّمُ |
|
يفلُّ شَبا الأَعداءِ وهو مُذرَّبٌ | |
|
| وَيَثني عنانَ الجيش وهو عَرَمرَمُ |
|
لئن جَحدت قَومٌ عظيمَ مقامِه | |
|
| وَقالوا بِما قالوا ضَلالاً وأَبهموا |
|
فقد شهدَ الذكرُ المبينُ بفضله | |
|
| وَطيبةُ وَالبيتُ العَتيقُ وَزَمزَمُ |
|
وأَبناؤُهُ من بعده أَنجم الهُدى | |
|
| هم العروةُ الوثقى الَّتي لَيسَ تُفصَمُ |
|
مودَّتُهم أَجرُ النبوَّة في الورى | |
|
| وَحبُّهم فرضٌ علينا محتَّمُ |
|
هم القَومُ كُلُّ القومِ في الفضل والنَدى | |
|
| وَما منهم إلّا مُنيلٌ ومُنعِمُ |
|
ولا عيبَ فيهم غَير أَنَّ نزيلَهم | |
|
| يُخيَّرُ فيما عندَهم وَيُحكَّمُ |
|
عليهم صَلاةُ اللَه ما هبَّت الصَبا | |
|
| وَنشرُهم من طيِّها يتنسَّمُ |
|
فَيا خَيرَ خَلقِ اللَه جئتُك قاصِداً | |
|
| وَقصدُك في الدارين مَغنىً ومغنَمُ |
|
فكن لي شَفيعاً من ذنوبيَ في غَدٍ | |
|
| إذا أَحرزت أَهلَ الذُنوب جهنَّمُ |
|
وأَنعِم فدتكَ النَفسُ لي بزيارةٍ | |
|
| فأَنتَ الَّذي يولي الجزيلَ وَيُنعِمُ |
|
فَقَد طالَ بُعدي عن جَنابك سيِّدي | |
|
| وَقَلبيَ بالأَشواق نحوكَ مُفعَمُ |
|
وَفي النَفس آمالٌ أريد نجاحَها | |
|
| وأَنتَ بما في النَفس أَدرى وأَعلَمُ |
|
عليكَ صَلاةُ الله ثمَّ سَلامُه | |
|
| مَدى الدَهر لا يَفنى ولا يتصَرَّمُ |
|
وآلِكَ وَالصحب الكرام أولي النُهى | |
|
| بهم يُبدأ الذكرُ الجَميل وَيُختَمُ |
|