طِوالُ قَنًا تُطاعِنُها قِصارُ | |
|
| وَقَطرُكَ في نَدىً وَوَغىً بِحارُ |
|
وَفيكَ إِذا جَنى الجاني أَناةٌ | |
|
| تُظَنُّ كَرامَةً وَهِيَ احتِقارُ |
|
وَأَخذٌ لِلحَواضِرِ وَالبَوادي | |
|
| بِضَبطٍ لَم تُعَوَّدهُ نِزارُ |
|
تَشَمَّمُهُ شَميمَ الوَحشِ إِنسًا | |
|
| وَتُنكِرُهُ فَيَعروها نِفارُ |
|
وَما انقادَت لِغَيرِكَ في زَمانٍ | |
|
| فَتَدري ما المَقادَةَ وَالصِغارُ |
|
فَقَرَّحتِ المَقاوِدُ ذِفرَيَيها | |
|
| وَصَعَّرَ خَدَّها هَذا العِذارُ |
|
وَأَطمَعَ عامِرَ البُقيا عَلَيها | |
|
| وَنَزَّقَها احتِمالُكَ وَالوَقارُ |
|
وَغَيَّرَها التَراسُلُ وَالتَشاكي | |
|
| وَأَعجَبَها التَلَبُّبُ وَالمُغارُ |
|
جِيادٌ تَعجِزُ الأَرسانُ عَنها | |
|
| وَفُرسانٌ تَضيقُ بِها الدِيارُ |
|
وَكانَت بِالتَوَقُّفِ عَن رَداها | |
|
| نُفوسًا في رَداها تُستَشارُ |
|
وَكُنتَ السَيفَ قائِمُهُ إِلَيهِمْ | |
|
| وَفي الأَعداءِ حَدُّكَ وَالغِرارُ |
|
فَأَمسَت بِالبَدِيَّةِ شَفرَتاهُ | |
|
| وَأَمسى خَلفَ قائِمِهِ الحِيارُ |
|
وَكانَ بَنو كِلابٍ حَيثُ كَعبٌ | |
|
| فَخافوا أَن يَصيروا حَيثُ صاروا |
|
تَلَقَّوا عِزَّ مَولاهُمْ بِذُلٍّ | |
|
| وَسارَ إِلى بَني كَعبٍ وَساروا |
|
فَأَقبَلَها المُروجَ مُسَوَّماتٍ | |
|
| ضَوامِرَ لا هِزالَ وَلا شِيارُ |
|
تُثيرُ عَلى سَلَميَةَ مُسبَطِرًّا | |
|
| تَناكَرُ نَحتَهُ لَولا الشِعارُ |
|
عَجاجًا تَعثُرُ العِقبانُ فيهِ | |
|
| كَأَنَّ الجَوَّ وَعثٌ أَو خَبارُ |
|
وَظَلَّ الطَعنُ في الخَيلَينِ خَلسًا | |
|
| كَأَنَّ المَوتَ بَينَهُما اختِصارُ |
|
فَلَزَّهُمُ الطِرادُ إِلى قِتالٍ | |
|
| أَحَدُّ سِلاحِهِمْ فيهِ الفِرارُ |
|
مَضَوا مُتَسابِقي الأَعضاءِ فيهِ | |
|
| لِأرؤسِهِمْ بِأَرجُلِهِمْ عِثارُ |
|
يَشُلُّهُمُ بِكُلِّ أَقَبَّ نَهدٍ | |
|
| لِفارِسِهِ عَلى الخَيلِ الخِيارُ |
|
وَكُلِّ أَصَمَّ يَعسِلُ جانِباهُ | |
|
| عَلى الكَعبَينِ مِنهُ دَمٌ مُمارُ |
|
يُغادِرُ كُلَّ مُلتَفِتٍ إِلَيهِ | |
|
| وَلَبَّتُهُ لِثَعلَبِهِ وَجارُ |
|
إِذا صَرَفَ النَهارُ الضَوءَ عَنهُمْ | |
|
| دَجا لَيلانِ لَيلٌ وَالغُبارُ |
|
وَإِنْ جُنحُ الظَلامِ انجابَ عَنهُمْ | |
|
| أَضاءَ المَشرَفِيَّةُ وَالنَهارُ |
|
يُبَكّي خَلفَهُمْ دَثرٌ بُكاهُ | |
|
| رُغاءٌ أَو ثُؤاجٌ أَو يُعارُ |
|
غَطا بِالعِثيَرِ البَيداءَ حَتّى | |
|
| تَحَيَّرَتِ المَتالي وَالعِشارُ |
|
وَمَرّوا بِالجَباةِ يَضُمُّ فيها | |
|
| كِلا الجَيشَينِ مِن نَقعٍ إِزارُ |
|
وَجاؤوا الصَحصَحانَ بِلا سُروجٍ | |
|
| وَقَد سَقَطَ العِمامَةُ وَالخِمارُ |
|
وَأُرهِقَتِ العَذارى مُردَفاتٍ | |
|
| وَأَوطِئَتِ الأُصَيبِيَةُ الصِغارُ |
|
وَقَد نُزِحَ الغُوَيرُ فَلا غُوَيرٌ | |
|
| وَنِهيا وَالبُيَيضَةُ وَالجِفارُ |
|
وَلَيسَ بِغَيرِ تَدمُرَ مُستَغاثٌ | |
|
| وَتَدمُرُ كَاسمِها لَهُمُ دَمارُ |
|
أَرادوا أَن يُديروا الرَأيَ فيها | |
|
| فَصَبَّحَهُمْ بِرَأيٍ لا يُدارُ |
|
وَجَيشٍ كُلَّما حاروا بِأَرضٍ | |
|
| وَأَقبَلَ أَقبَلَت فيهِ تَحارُ |
|
يَحُفُّ أَغَرَّ لا قَوَدٌ عَلَيهِ | |
|
| وَلا دِيَةٌ تُساقُ وَلا اعتِذارُ |
|
تُريقُ سُيوفُهُ مُهَجَ الأَعادي | |
|
| وَكُلُّ دَمٍ أَراقَتهُ جُبارُ |
|
فَكانوا الأُسدَ لَيسَ لَها مَصالٌ | |
|
| عَلى طَيرٍ وَلَيسَ لَها مَطارُ |
|
إِذا فاتوا الرِماحَ تَناوَلَتهُمْ | |
|
| بِأَرماحٍ مِنَ العَطَشِ القِفارُ |
|
يَرَونَ المَوتَ قُدّامًا وَخَلفًا | |
|
| فَيَختارونَ وَالمَوتُ اضطِرارُ |
|
إِذا سَلَكَ السَماوَةَ غَيرُ هادٍ | |
|
| فَقَتلاهُمْ لِعَينَيهِ مَنارُ |
|
وَلَو لَم تُبقِ لَم تَعِشِ البَقايا | |
|
| وَفي الماضي لِمَن بَقِيَ اعتِبارُ |
|
إِذا لَم يُرعِ سَيِّدُهُمْ عَلَيهِمْ | |
|
| فَمَن يُرعي عَلَيهِمْ أَو يَغارُ |
|
تُفَرِّقُهُمْ وَإِيّاهُ السَجايا | |
|
| وَيَجمَعُهُمْ وَإِيّاهُ النِجارُ |
|
وَمالَ بِها عَلى أَرَكٍ وَعُرضٍ | |
|
| وَأَهلُ الرَقَّتَينِ لَها مَزارُ |
|
وَأَجفَلَ بِالفُراتِ بَنو نُمَيرٍ | |
|
| وَزَأرُهُمُ الَّذي زَأَروا خُوارُ |
|
فَهُمْ حِزَقٌ عَلى الخابورِ صَرعى | |
|
| بِهِمْ مِن شُربِ غَيرِهِمُ خُمارُ |
|
فَلَم يَسرَح لَهُمْ في الصُبحِ مالٌ | |
|
| وَلَم توقَد لَهُمْ بِاللَيلِ نارُ |
|
حِذارَ فَتىً إِذا لَم يَرضَ عَنهُمْ | |
|
| فَلَيسَ بِنافِعٍ لَهُمُ الحِذارُ |
|
تَبيتُ وُفودُهُمْ تَسري إِلَيهِ | |
|
| وَجَدواهُ الَّتي سَأَلوا اغتِفارُ |
|
فَخَلَّفَهُمْ بِرَدِّ البيضِ عَنهُمْ | |
|
| وَهامُهُمُ لَهُ مَعَهُمْ مُعارُ |
|
وَهُمْ مِمَّن أَذَمَّ لَهُمْ عَلَيهِ | |
|
| كَريمُ العِرقِ وَالحَسَبُ النُضارُ |
|
وَأَضحى بِالعَواصِمِ مُستَقِرًّا | |
|
| وَلَيسَ لِبَحرِ نائِلِهِ قَرارُ |
|
وَأَصبَحَ ذِكرُهُ في كُلِّ أَرضٍ | |
|
| تُدارُ عَلى الغِناءِ بِهِ العُقارُ |
|
تَخِرُّ لَهُ القَبائِلُ ساجِداتٍ | |
|
| وَتَحمَدُهُ الأَسِنَّةُ وَالشِفارُ |
|
كَأَنَّ شُعاعَ عَينِ الشَمسِ فيهِ | |
|
| فَفي أَبصارِنا مِنهُ انكِسارُ |
|
فَمَن طَلَبَ الطِعانَ فَذا عَلِيٌّ | |
|
| وَخَيلُ اللهِ وَالأَسَلُ الحِرارُ |
|
يَراهُ الناسُ حَيثُ رَأَتهُ كَعبٌ | |
|
| بِأَرضٍ ما لِنازِلِها استِتارُ |
|
يُوَسِّطُهُ المَفاوِزَ كُلَّ يَومٍ | |
|
| طِلابُ الطالِبينَ لا الانتِظارُ |
|
تَصاهَلُ خَيلُهُ مُتَجاوِباتٍ | |
|
| وَما مِن عادَةِ الخَيلِ السِرارُ |
|
بَنو كَعبٍ وَما أَثَّرتَ فيهِمْ | |
|
| يَدٌ لَم يُدمِها إِلّا السِوارُ |
|
بِها مِن قِطعَةٍ أَلَمٌ وَنَقصٌ | |
|
| وَفيها مِن جَلالَتِهِ افتِخارُ |
|
لَهُم حَقٌّ بِشِركِكَ في نِزارٍ | |
|
| وَأَدنى الشِركِ في أَصلٍ جِوارُ |
|
لَعَلَّ بَنيهِمُ لِبَنيكَ جُندٌ | |
|
| فَأَوَّلُ قُرَّحِ الخَيلِ المِهارُ |
|
وَأَنتَ أَبَرُّ مَن لَو عُقَّ أَفنى | |
|
| وَأَعفى مِن عُقوبَتِهِ البَوارُ |
|
وَأَقدَرُ مَن يُهَيِّجُهُ انتِصارٌ | |
|
| وَأَحلَمُ مَن يُحَلِّمُهُ اقتِدارُ |
|
وَما في سَطوَةِ الأَربابِ عَيبٌ | |
|
| وَلا في ذِلَّةِ العُبدانِ عارُ |
|