يا سايراً نحوَ الحجاز مُشمراً | |
|
| اجْهَدْ فَدَيْتُك فِي المَسير وَفِي السُّرى |
|
وتدَرَّع الصبرَ الجميلَ ولا تكُنْ | |
|
| فِي مطلب المَجْدِ الأثيلِ مُقَصرَا |
|
اقصدْ إِلَى حَيْثُ المكارمُ والندى | |
|
| يلقاكَ وجههما مضيئاً مقمرا |
|
وإذا سهرت الليلَ فِي طلب العلا | |
|
| فحذارِ ثُمَّ حَذَارِ من خدْع الكرى |
|
إن كلتِ النجبُ الركائبُ تارةً | |
|
| فأعِدْ لَهَا ذكر الحَبيب مُكَررا |
|
وأبعث لَهَا سرَّ المُدامِ فإنها | |
|
| بالذِّكرِ لا تَنْفكُّ حَتَّى تَسْكَرا |
|
وإذا اخْتفتْ طُرقُ المَسير وظَلّ من | |
|
| أشكالِها نَظرُ البصير محيرا |
|
فالقصْدُ حَيْثُ النورُ يُشرقُ ساطِعاً | |
|
| والطرق حيثْ ترَى الثَّرى مُتَعطرا |
|
قف بالمنازلِ والمَناهل من لدُنْ | |
|
| وادي قباءَ إِلَى حِمى أمُ القُرَى |
|
وتوَخّ آثارَ النَّبي فَضَعْ بِهَا | |
|
| مُتَشرِّفاً خَدَّيكَ فِي عَفْر الثَّرَى |
|
وَإذَا رَأيتَ مهابِطَ الوحيِ الَّتِي | |
|
| نَشرتْ عَلَى الآفاق نُوراً نَوَّرَا |
|
فاعلم بأنَّكَ مَا رَأيتَ شَبِيهَهَا | |
|
| مُذْ كنتَ فِي ماضيَ الزَّمان ولا يرى |
|
شرفاً لأمكنة تَنَزَّلَ بَيْنَها | |
|
| جبريلُ عن رب السماء مُخَبِّرا |
|
فَتَأَثَّرَتْ عنهُ بأحسنِ بهجة | |
|
| أُفدى الجَمالَ مُؤثَّراً ومُؤَثِّرا |
|
تردَّد المحتارُ بَيْنَ بَعِيدهَا | |
|
| وقَرِيبِها مُتَبدّياً مُتَحَضرَا |
|
فتبرمتْ بجمالهِ وتشرَّفَتْ | |
|
| بجلالهِ وَرَأَتْ مَقَاماً أكْبَرا |
|
واسْتَوْدَعت من سره مَا كاد أنْ | |
|
| يُبدَى لنا مَعنى الكمال مُصَوَّرَا |
|
سرٌّ فهمنا كنههُ لَمْ يَشْتَبِهْ | |
|
| فنشكَّ فِيهِ وَلَمْ يهنْ فَيُفَسَّرَا |
|
اللهُ أكْبَرُ مَا أعزَّ جَنَابَه | |
|
| وأجلَّ رفعْتَه عَلَى كُل الورَى |
|
ولقدْ أقولُ إذَا الكواكبُ أشرَقَتْ | |
|
| وترفعتْ فِي منتهَى شرف الذرى |
|
لا تفخراً زُهراً فإنَّ مُحَمَّداً | |
|
| أعلى عُلاً مِنهَا وأشرقُ جوهَرا |
|
أحيى الإلهُ بِبعثِه سُننَ الهُدَى | |
|
| وأعادَ مِن عَهْد النَّبُوَّةِ أعصرَا |
|
وأتى بِهِ والنَّاسُ فِي ظُلَم الْعَمَى | |
|
| مُولى المعَارفُ والقلوب فأنشرا |
|
نِلنَا بِهِ مَا قَدْ رأينا من عُلاً | |
|
| معَ مَا يؤمل فِي القيامة أنْ ترى |
|
فَبِهِ المَلاذُ تَقَدَّماً وتأخراً | |
|
| ولَهُ الجَميلُ مُحقّقًا ومقرَّرَا |
|
لله مَا فِيهِ مِنَ الشرفِ الَّذِي | |
|
| أعيَا عَلَى حُسَّابِه أنْ يُحْصرا |
|
فَسَعادَةٌ أوليةٌ سَبَقَتْ وَمَا | |
|
| هوَ ثابتٌ أزلاً فلنْ يَتَغَيَّرا |
|
وسيادَةٌ بارَى الأنامَ لَهَا وَلا | |
|
| سيما إذَا قدموا عَلَيْهَا المحشَرا |
|
وَزَهَادَةٌ مَا اسْتَصْلَحَت شَيئاً من الدْ | |
|
| دُنْيا لأنْ يُصغِي إِلَيْهِ ويَنظُرا |
|
وجَلالَةٌ فِي الخُلْقِ حَتَّى إنَّه | |
|
| أثنى عَلَيْهَا من بَرَاهُ وَصَوَّرا |
|
وطهارةٌ فِي الخَلْق حَتَّى إنَّهُ | |
|
| يندَى مع الأعرافِ مِسكاً أذفَرَا |
|
وتجاوزٌ يُنسى العيوب تكرماً | |
|
| ويُغادِر الذنب الكبير مُحقرا |
|
ومواهبٌ يأتي لَهَا التأمِيلُ مُسْ | |
|
| تقصىً فَيَرجعُ عَندَهُ مستقصرَا |
|
ومهابةٌ مَلأ القلوبَ بَهاؤُهَا | |
|
| واسْتَنْزَلَتْ كِبْرَ المُلوكِ مُصغَّرَا |
|
نَزَلَتْ عَلَى قِدَم الزمان بِتُبَّعٍ | |
|
| وَدَنَتْ عَلَى بُعد المَزارِ بِقَيصَرا |
|
ولربما هبَّ القِتالُ فلوْ غَدَتْ | |
|
| للَّيْثِ نالَ بِهَا الفريسةَ مُخْدَرَا |
|
وبَديعُ لُطفِ شَمائل مِن دونِها | |
|
| مَاءُ الغَمامَة والنَّسيمِ إِذَا سَرَى |
|
مَع سَطْوَة لله فِي يوْم الوَغَى | |
|
| تعنُو لشدَّةِ بأسها أَسْدُ الشرى |
|
متعادلُ الطَّرَفيْن فِي طرُق العلا | |
|
| عدلا وحاشاهُ بأن يَسْتَجْورا |
|
لا يُنْكَرُ المَعْرُوفُ مِن أَخلاقه | |
|
| فإِذا استبيحَ حمى الإلَه تَنَكَّرَا |
|
عضبا لو أن البيض تدركُ كنهه | |
|
| دانتْ لَهَا رعباً فسالتْ أنْهُرَا |
|
شوْقِي لِقُرِب جنانه وصَحابِه | |
|
| شوقاً يجِلُّ يسيرُهُ أن يذْكرا |
|
أفنى كنوزَ الصَّبر من إسرافه | |
|
| وجرَى علَى الأحشاء منْهُ مَا جرى |
|
إِن لاح صُبحٌ كَانَ وجداً مقلقاً | |
|
| أَوْ جنَّ ليلٌ هماً مسهرَا |
|
لا وَاخَذَ اللهُ الزمانَ فإنَّه | |
|
| أعنى مُرادِي مِنْهُ أن يتيسرا |
|
أرجُو وصَالَ أحبّتي فكأنَّمَا | |
|
| أرجو المحَالَ وُجُودَهُ المتعَذرَا |
|
وأَسيرُ نَحْو مقامِهِم حَتَّى إِذَا | |
|
| شَارفْتُ رؤيته رَجعتُ القهقَرَا |
|
متلوّناً فِي الحالِ والمتَغير الأحْوَا | |
|
| لِ يَلْقَى شرْبَهُ مُتَغَيرا |
|
يَا خاتم الرُّسَل الكرامِ نداءَ مَنْ | |
|
| وافى إِلَيْكَ مديحَه مُسْتَعذَرَا |
|
أنا ضَيفك المدعو يومَ معادنا ال | |
|
| مرجوّ فاجْعَلْ منْ قرايَ الكوثَرَا |
|