ما أَنصَفَ الطَلَلُ العافي بِماوانا | |
|
| لَم نُشجِهِ يَومَ سَلَّمنا وَأَشجانا |
|
عُجنا نُحَيّيهِ إِجلالاً وَتَكرِمَةً | |
|
| مِنّا فَلَم نُبكِهِ شَوقاً وَأَبكانا |
|
وَكُنتُ أَحسبُهُ وَالدَهرُ ذُو غِيَرٍ | |
|
| لَو لَم نُحَيِّ مَغانِيهِ لَحَيّانا |
|
فَلَستُ أَدري لِإِنكارٍ تَخَوَّنَهُ | |
|
| أَم بِالعُقوقِ عَلى عَمدٍ تَوَخّانا |
|
فَإِن يَكُن ذاكَ إِنكاراً فَلا عَجَبٌ | |
|
| فَالشَيءُ يُنكِرُهُ ذُو اللُبِّ أَحيانا |
|
رَأى عَلى شُعَبِ الأَكوارِ أَزفِلَةً | |
|
| شِيباً وَيَعهَدُنا بِالأَمسِ شُبّانا |
|
كُلٌّ مِنَ الضَعفِ قَد أَشفى عَلى هَرَمٍ | |
|
| وَعِندَهُ أَنَّ حينَ الشَيبِ ما حانا |
|
أَقُولُ وَالدَمعُ قَد بَلَّت بَوادِرُهُ | |
|
| مِنّا خُدُوداً وَأَذقاناً وَأَردانا |
|
وَقَد مُلِئتُ بِما عاينتُهُ عَجَبَاً | |
|
| ما ضَرَّ سَهمَ الرَزايا لَو تَخَطَّانا |
|
ما الذَنبُ لِلرَبعِ في هَذا فَنُلزِمُهُ | |
|
| عَتباً وَلَكِنَّ هَذا الدَهرَ لا كانا |
|
لَو لَم تَحُلَّ بِنادينا زَلازِلُهُ | |
|
| لَكانَ ذَلِكُمُ الإِنكارُ عِرفانا |
|
إِيهاً خَلِيلَيَّ مِن ذُهلِ بنِ ثَعلَبَةٍ | |
|
| مَن لَم يُهِن نَفسَهُ في حَقِّها هانا |
|
قُوما فَفي الأَرضِ عَن ذِي إِحنَةٍ سَعَةٌ | |
|
| وَالحُرُّ يَختارُ أَخداناً وَأَوطانا |
|
وَإِنَّني وَاجِدٌ في كُلِّ ناحِيَةٍ | |
|
| بِالدارِ داراً وَبِالجيرانِ جِيرانا |
|
كَم ذا المُقامُ عَلى ذُلٍّ وَمَنقَصَةٍ | |
|
| وَكَم أُجَرَّعُ كَأسَ الضَيمِ مَلآنا |
|
يَسُومني الخَسفَ أَقوامٌ أُبوّتهُم | |
|
| عَبِيدُ آبايَ إِقراراً وَإِذعانا |
|
أَرضى وَأَقنَعُ بِالحَظِّ الخَسيسِ وَلَو | |
|
| أُنصِفتُ كُنتُ لَها بَدءاً وُثنيانا |
|
وَيَعتَرِيني الأَذى مِن كُلِّ نازِلَةٍ | |
|
| أَلقى أَوائِلَهُ في الناسِ خمّانا |
|
يَعُدُّ إِن قالَ صِدقاً مِن مَفاخِرِهِ | |
|
| كَرّاً وَمرّاً وَمِسحاةً وَفدّانا |
|
يا دَهرُ إِن كُنتَ يَقظاناً فَقُم عَجِلاً | |
|
| أَو ما تَزالُ إِذا نُوديتَ وَسنانا |
|
فَاِنظُر أُمُوراً وَأَحوالاً مُنَكَّسَةً | |
|
| ما كُنتُ نائِلَها لَو كُنت يَقظانا |
|
جَدعاً وَعَقراً وَعَثراً يا زَمانُ وَلا | |
|
| لَعاً لَقَد سُمتَنا جَوراً وَعُدوانا |
|
ذَهَبتَ بِالعِزِّ وَاِستَبقَيتَ لِي غِرَراً | |
|
| صُمّاً عَن الخَيرِ وَالمَعرُوفِ عُميانا |
|
يَرى الغَنيمَةَ مَن يَرجُو نَوالَهُمُ | |
|
| أَن لا يَعُودَ إِلى نادِيهِ عُريانا |
|
وَجالِبُ المَدحِ يَستَمري أَكُفَّهُمُ | |
|
| كَحالِبِ التَيسِ يَرجُو مِنهُ أَلبانا |
|
يَعُدُّ مَمدُوحُهُم إِصغاءَ مَسمَعِهِ | |
|
| إِلى مُمَدِّحِهِ فَضلاً وَإِحسانا |
|
لِعِلمِهِ أَنَّهُ قَد جاءَ مُبتَدِعاً | |
|
| وَقالَ في حَقِّهِ زُوراً وَبُهتانا |
|
الحَمدُ لِلّهِ لَم أُنزِل بِهِم أَمَلاً | |
|
| يَوماً فَأَرجِعُ كابي الزَّندِ خَزيانا |
|
وَلا رَأَيتُهُمُ أَهلاً لِمَكرُمَةٍ | |
|
| فَأَجتَدي مِنهُمُ مَقتاً وَحِرمانا |
|
وَكَيفَ أُنزِلُ آمالي بِمُقرِفَةٍ | |
|
| مَصّوا أَفاوِيقَ ثَديِ اللُؤمِ وِلدانا |
|
يَرى جَوادُهُم العافي فَتَحسِبُهُ | |
|
| رَأى هِزَبراً هَريتَ الشَدقِ طيّانا |
|
يُخالُ سائِلهُم مِن صَرِّ أَوجُهِهم | |
|
| بِالمِلحِ يَعرِكُ آنافاً وَآذانا |
|
كَأَنَّما نَغمَةُ المُمتاحِ سَيبُهُمُ | |
|
| سَهمٌ أَحَنَّ بِهِ كَبداءَ مِرنانا |
|
جُودُ الكَريمِ لمن أَصفي مَوَدَّتَهُ | |
|
| بَدءاً وَعَوداً وَإِسراراً وَإِعلانا |
|
وَجُودُ كُلِّ لَئيمِ الطَبعِ يُمطِرُهُ | |
|
| أَهلَ العَداوَةِ أَو مَن كانَ عَجّانا |
|
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي لِطيَّتِهِ | |
|
| وَجناءَ مَوّارَةِ الضَبعَينِ مِذعانا |
|
أَبلِغ عَلى النَأيِ قَومي حَيثُ ما نَزَلُوا | |
|
| بَرّاً وَبَحراً وَأَجبالاً وَغِيضانا |
|
وَقُل لَهُم عَن لِساني غَيرَ مُتَّئِبٍ | |
|
| قَولاً تُبَيِّنُهُ لِلقَومِ تِبيانا |
|
كَم ذا التَغافُلُ عَمّا قَد مُنِيتُ بِهِ | |
|
| وَكَم أَهُزُّكُمُ مَثنى وَوُحدانا |
|
أَتَقنَعُونَ بِأَن أَطوي رَجاءَكُمُ | |
|
| يَأساً وَأَن أَتَرَجّى الحَيَّ قَحطانا |
|
وَأَن أُفارِقَكُم حَرّانَ قَد بَرَدَت | |
|
| بِيَ المُعادُونَ أَحقاداً وَأَضغانا |
|
لا وَفَّقَ اللَهُ في بَدوٍ وَلا حَضَرٍ | |
|
| أَعَقَّنا لِمَواليهِ وَأَجفانا |
|
وَلا رَعى في رَعاياهُ الَّتي حُفِظَت | |
|
| أَبَرَّنا بِمُعادِيهِ وَأَحفانا |
|
يا لَيتَ شِعرِيَ إِن زُمَّت رَكائِبُنا | |
|
| وَقُطِّعَت مِن قُرى البَحرَينِ أَقوَانا |
|
وَأَصبَحَت قَد أَناخَت في ذُرى مَلِكٍ | |
|
| مِن حِميَرٍ أَو بَقايا الحَيِّ كَهلانا |
|
وَجاءَتِ القَومُ أَفواجاً لِتَسأَلَني | |
|
| فَصادَفُوا مَنطِقي لِلفَضلِ عُنوانا |
|
فَإِن أُجَمجِم وَأُخفي عَنهُمُ خَبري | |
|
| حَمِيَّةً جَلَبَت هَوناً وَنُقصانا |
|
وَإِن أَقُل كُنتُ ذا مالٍ فَمَزَّقَهُ | |
|
| صَرفٌ مِنَ الدَهرِ ما يَنفَكُّ يَلحانا |
|
يُقالُ لي كُلُّ تَفريقٍ لَهُ سَبَبٌ | |
|
| يَجري فَأورِد عَلَينا الأَمرَ وَالشانا |
|
فَإِن أَقُل سَيِّدا قَومي هُما سَبَبٌ | |
|
| لِذاكَ لَم أَرَ هَذا القَولَ إِحسانا |
|
هَذا لَعَمري أَطاعَ الكاشِحينَ وَلَم | |
|
| يَعطِف وَأَصغى إِلى الواشينَ إِذعانا |
|
وَمَنَّ بَعدَ ذَهابِ المالِ عَن عَرَضٍ | |
|
| يفَتِّرُ النَفسَ كَي نَدعُوهُ مَنّانا |
|
وَجِئتُ هَذا أُرَجّي عِندَهُ أَمَلاً | |
|
| نَزراً فَصادَفتُ إِعراضاً وَحِرمانا |
|
وَفي مَوَدَّتِهِ لاقَيتُ كُلَّ أَذىً | |
|
| وَاِجتيحَ وَفرِيَ بُغضاً لِي وَشَنآنا |
|
وَكُلُّ ذِي غُصَّةٍ بِالماءِ يَدفَعُها | |
|
| فَكَيفَ يَصنَعُ مَن بِالماءِ غَصّانا |
|
وَما عَلى مَن يَقُولُ الصِدقَ مِن حَرَجٍ | |
|
| وَلَيسَ تَلزَمُهُ ذَنباً وَلا ذانا |
|
لا عَزَّ قَومٌ يَعيشُ الكَلبُ ذا بغَرٍ | |
|
| ما بِينَهُم وَيَمُوتُ اللَيثُ عَطشانا |
|
وَقائِلٍ عَدِّ عَن نَظمِ القَريضِ فَقَد | |
|
| أَسمَعتَ مِن قَبلُ لَو نَبَّهتَ يَقظانا |
|
المَجدُ أَمسى دَفيناً بِالعذارِ فَقُم | |
|
| كَيما تُقيمَ لَهُ نَوحاً وَإِرنانا |
|
فَلَيسَ بَعدَ عِمادِ الدِينِ مِن مَلِكٍ | |
|
| تَخُطُّ فيهِ رُواةُ الشِعرِ دِيوانا |
|
يا ثُكلَ أُمِّ العِدى وَالمَكرُماتِ أَما | |
|
| لَو يَنطِقُ الدَهرُ عَزّاها وَعَزّانا |
|
فَقُلتُ لَم نَرَ فيهِ مِن خِلالِ عُلاً | |
|
| إِلّا وَنَحنُ نَراها في اِبنِهِ الآنا |
|
حَزمٌ وَعَزمٌ وَبَأسٌ صادِقٌ وَنَدىً | |
|
| غَمرٌ وَحِلمٌ وَعَقلٌ فاقَ لُقمانا |
|
يا فَضلُ دَعوةَ ذِي قُربى دَعاكَ وَقَد | |
|
| أَحَسَّ لِلضَيمِ في أَحشاهُ نِيرانا |
|
أَنتَ الَّذي تَرَكَ الأَعداءَ هَيبَتُهُ | |
|
| كُلٌّ يُجَمجِمُ ما يَلقاهُ حَيرانا |
|
يَأبى لَكَ المَجدُ وَالطَبعُ الكَريمُ بِأَن | |
|
| تُدعى عَلى المالِ لِلأَحداثِ خَزّانا |
|
يا مَن يَرى بَذلَهُ الأَموال فائدةً | |
|
| تَبقى لَهُ وَيَرى الإِمساكَ خُسرانا |
|
وَأَنتَ للدَوحَةُ اللّاتي أَرُومَتُها | |
|
| طابَت فَمَدَّت عَلى الأَغصانِ أَغصانا |
|
وَفِي يَدَيكَ سَحابُ الجُودِ تُمطِرُها | |
|
| عَلى الخَلائِقِ أَوراقاً وَعِقيانا |
|
أُعِيذُ مَجدَكَ أَن أَشقى وَتَعرِفُني | |
|
| نُيُوبُ دَهرٍ تَرُدُّ القَرمَ حُلّانا |
|
نَماكَ لِلمَجدِ آباءٌ بِهِم شَرُفَت | |
|
| رَبِيعَةُ الغُرُّ عَدناناً وَقَحطانا |
|
قَومٌ هُمُ ثَأَرُوا حُجراً وَهُم أَسَرُوا | |
|
| عَمراً وَهُم قَهَرُوا ذا التاج صُهبانا |
|
وَهُم أَباحُوا حِمى كِسرى وَهُم قَتَلُوا | |
|
| هامُرزَ وَاِستَنزَلُوا الأُسوارَ مَهرانا |
|
كانُوا جِبالاً لِنَجدٍ تَستَقِرُّ بِها | |
|
| عَن الزَلازِلِ إِن ماجَت وَأَركانا |
|
حَتّى إِذا اِرتَحَلُوا عَن جَوِّها اِضطَرَبَت | |
|
| وَبُدِّلَت مِنهُمُ خَسفاً وَخِذلانا |
|
وَأَصبَحَت بِقُرى البَحرَينِ خَيلُهُمُ | |
|
| تَجُرُّ لِلعِزِّ أَشطاناً وَأَرسانا |
|
لَولا نُزولهُمُ في جَوِّها لَرَأَت | |
|
| رَبِيعَةٌ هَرَباً كَيشاً وَمَكرانا |
|
لَكِنَّهُم أَثبَتُوا آساسَها وَنَفَوا | |
|
| عَنها حَمِيَّ بنَ عَيمانٍ وَحَدّانا |
|
كَما نَفَت قَبلَ ذا قَسراً أَوائِلُهُم | |
|
| عَنها إِياداً وَحُلواناً وَجِيلانا |
|
فَهاكَها يا عِمادَ الدِينِ حاوِيَةً | |
|
| دُرّاً وَمِسكاً وَياقُوتاً وَمَرجانا |
|