ألاَ إنَّ نجدَ المجدِ أبيضُ مَلحوبُ | |
|
| وَلكنَّهُ جَمُّ المَهالِكِ مَرهوبُ |
|
هُوَ العسلُ المَاذيُّ يَشتارُه امرؤٌ | |
|
| بَغاهُ وأطرافُ الرماحِ يَعاسيبُ |
|
ذُقِ الموتَ إن شِئتَ العُلى وَاطعَمِ الردى | |
|
| فَنيلُ الأَمَاني بالمنيَّةِ مَكسوبُ |
|
خُضِ الحتفَ تَأمن خِطةَ الخسفِ إِنَّما | |
|
| يبوخُ ضرامُ الخطب والخطبُ مشبوبُ |
|
ألَم تخبرِ الأخبارَ في فتحِ خَيبرٍ | |
|
| فَفيها لِذي اللبِّ الملبِّ أَعاجيبُ |
|
وَفَوزُ عليٍّ بالعُلى فوزُها بِهِ | |
|
| فكلٌّ إلى كلٍّ مُضافٌ ومَنسوبُ |
|
حُصونٌ حَصان الفرج حَيثُ تبرّجت | |
|
| وَمَا كلّ ممتطّ الجزَارة مَركوبُ |
|
يناط عليها لِلنُّجومِ قَلائدٌ | |
|
| ويَسفلُ عَنها لِلغمامِ أهاضيبُ |
|
وتنهلُّ للجرباء فيها وَلم تصِب | |
|
| رذاذاً على شمّ الجبالِ أساكيبُ |
|
وكَم كسَّرت جَيشاً لِكِسرى وقصّرت | |
|
| يَدَي قيصرٍ تِلك القِنانُ الشَّناخيبُ |
|
وكَم مِن عَميدٍ بَات وهوَ عَميدُها | |
|
| ومن حَرِب أضحى بِها وهوَ محروبُ |
|
وَأَرعن موَّارٍ ألمَّ بمورِها | |
|
| فَلم يغنِ فيها جَرُّ مجرٍ وتكتيبُ |
|
وَلا حَامَ خوفاً لِلعدى ذلكَ الحِمى | |
|
| وَلا لاب شَوقاً لِلرَّدى ذلك اللّوبُ |
|
فَللخَطبِ عَنها وَالصروف صَوارفٌ | |
|
| كَما كَانَ عَنها للنَّواكبِ تنكيبُ |
|
تَقاصرُ عنها الحادِثاتُ فَللرّدى | |
|
| طَرائقُ إلا نَحوها وأساليبُ |
|
فَلمّا أرادَ اللَّه فضَّ خِتامِها | |
|
| وكلُّ عزيزٍ غَالَبَ اللَّه مَغلوبُ |
|
رَماها بِجيش يَملأ الأرضَ فَوقَه | |
|
| رِواقٌ مِنَ النَّصرِ الإلهيّ مَضروبُ |
|
يُسدّدهُ هديٌ مِنَ اللَّه وَاضِحٌ | |
|
| ويُرشِدُه نورٌ مِنَ اللَّه مَحجوبُ |
|
مَغاني الرَّدى فيهِ فأصيَدُ أشوَسٌ | |
|
| وَأجردُ ذيَّالٌ ومقَّاءُ سُرحوبُ |
|
وقَضّاءُ زُعف كَالحبابِ قَتيرُها | |
|
| وأسمرُ عسَّالٌ وأبيضُ مَخشوبُ |
|
نَهارُ سُيوفٍ في دُجى لَيل عثير | |
|
| فَأبيضُ وضَّاحٌ وأسودُ غِربيبُ |
|
عليٌّ أميرُ المؤمنينَ زعيمهُ | |
|
| وَقائدُه نَسرُ المفازةِ والذِّيبُ |
|
فَصبّ عَليها مِنه سَوطَ بَليةٍ | |
|
| عَلى كلِّ مَصبوبِ الإساءة مَصبوبُ |
|
فغادَرها بَعد الأنيسِ وللصَّدى | |
|
| بأرجائها ترجيعُ لحنٍ وتَطريبُ |
|
يَنوحُ عَليها نوحَ هَارونَ يُوشعٌ | |
|
| ويَذرِي عَليها دَمعَ يُوسف يَعقوبُ |
|
بِها مِن زَمَاجيرِ الرّجالِ صَواعِقٌ | |
|
| ومِن صَوبِ آذيِّ الدِّماء شآبيبُ |
|
فكَم خَرَّ مِنها لِلبوارقِ مبرقٌ | |
|
| وكم ذلَّ فيها للقنا السّلب مَسلوبُ |
|
وكَم أصحبَ الصَّعبُ الحرونُ بأَرضها | |
|
| وكَم باتَ فِيها صاحبٌ وهوَ مَصحوبُ |
|
وَكَم عاصِبٍ بالعصبِ هامته ضُحى | |
|
| ولم يُمسِ إِلا وهو بالعصبِ مَعصوبُ |
|
لَقد كانَ فيها عِبرةٌ لمجرّب | |
|
| وإن شابَ ضرّاً بالمنافعِ تجريبُ |
|
وما أنسَ لا أنسَ اللّذين تقدَّما | |
|
| وفرَّهُما والفرُّ قد عَلما حُوبُ |
|
ولِلرايةِ العُظمى وَقد ذَهبا بِها | |
|
| مَلابس ذُلّ فَوقَها وجَلابيبُ |
|
يَشلُّهما مِن آلِ مُوسى شَمَردَلٌ | |
|
| طَويلُ نِجادٍ أجيدُ يَعبوبُ |
|
يَمجّ مَنوناً سَيفُهُ وسِنانُهُ | |
|
| ويَلهَبُ ناراً غِمدُهُ والأنابِيبُ |
|
أحَضرُهُما أم حَضرُ أَخرَجَ خاضِبٍ | |
|
| وَذانِ هُما أم ناعِمُ الخدِّ مَخضُوبُ |
|
عَذَرتُكما إنَّ الحِمامَ لمبغَضٌ | |
|
| وإِنَّ بَقاءَ النَّفسِ للنَّفسِ محبُوبُ |
|
ليكرهُ طَعمُ الموتِ والموتُ طالبٌ | |
|
| فَكيفَ يَلذُّ الموتُ والموتُ مطلوبُ |
|
دَعا قَصبَ العَليَاءِ يَملِكُها امرؤٌ | |
|
| بغيرِ أفَاعيلِ الدناءةِ مقضُوبُ |
|
يَرى أنَّ طُولَ الحَرب والبُؤسِ راحَةٌ | |
|
| وأَنّ دَوامَ السِّلم والخَفضِ تَعذيبُ |
|
فلِلَّهِ عينا مَن رآهُ مُبارِزاً | |
|
| وَللحَربِ كأسٌ بالمنيّةِ مَقطوبُ |
|
جَوادٌ عَلا ظَهر الجوادِ وأَخشَبٌ | |
|
| تَزَلزَل مِنهُ في النزالِ الأخاشِيبُ |
|
وأبيَضُ مَشطُوبُ الفرند مُقَلَّدٌ | |
|
| به أبيَضٌ ماضي العَزيمةِ مَشطُوبُ |
|
أجدَّكَ هَل تَحيا بمَوتِكَ إنَّني | |
|
| أرى الموتَ خَطباً وهو عندك مَخطوبُ |
|
دِماءُ أَعاديكَ المدامُ وغَابةُ الر | |
|
| رِماحِ ظِلالٌ والنِّصالُ أكاويبُ |
|
تَجلّى لكَ الجبَّارُ في مَلَكُوتهِ | |
|
| ولِلحَتفِ تَصعيدٌ إليكَ وتَصويبُ |
|
وللشَّمسِ عَينٌ عن عُلاكَ كَليلةٌ | |
|
| وَللدَّهرِ قَلبٌ خافِقٌ منكَ مرعوبُ |
|
فَعايَنَ ما لولا العَيَانُ وَعلمُه | |
|
| لَما ارتاب شكّاً أَنهُ فيكَ مَكذوبُ |
|
وَشَاهَدَ مَرأىً جَلّ عَن أَن يَحدَّهُ | |
|
| مِنَ القَومِ نَظمٌ في الصَحائفِ مَكتوبُ |
|
وأَصلتَ فِيها مرحبُ القوم مِقضباً | |
|
| جرازاً بِه حَبلُ الأمانيِّ مَقضوبُ |
|
وقَد غَصَّتِ الأرضُ الفضاءُ بخيله | |
|
| وضُرِّجَ مِنها بِالدماءِ الظَّنابيبُ |
|
يَعاقيبُ رَكضٍ في الرّبُودِ سَوابحٌ | |
|
| يُماثِلُها لولا الوُكونُ اليعَاقيبُ |
|
فَأشرَبهُ كأسَ المنيّة أحوَسٌ | |
|
| مِنَ الدّم طعِّيمٌ وللدّم شرّيبُ |
|
إذا رامه المقدارُ أو رام عكسَهُ | |
|
| فَلِلقُربِ تَبعيدٌ ولِلبُعدِ تقريبُ |
|
فَلم أرَ دَهراً يَقتُلُ الدّهرَ قَبلَها | |
|
| ولا حتفَ عَضبٍ وهوَ بالحتفِ مَعضُوبُ |
|
حَنانيكَ فَازَ العُربُ مِنكَ بسؤدَدٍ | |
|
| تَقاصَرَ عنهُ الفُرسُ والرُّومُ والنوبُ |
|
فما ماسَ مُوسى في رداءٍ منَ العُلى | |
|
| وَلا آب ذِكراً بَعدَ ذِكرِك أَيُّوبُ |
|
أرى لَكَ مَجداً ليسَ يُجلَب حَمدُهُ | |
|
| بمدحٍ وَكلّ الحمدِ بالمدحِ مجلوبُ |
|
وَفَضلاً جَليلاً إن ونى فَضلُ فاضلٍ | |
|
| تعاقبَ إدلاجٌ عَليه وتأويبُ |
|
لِذاتِكَ تَقديسٌ لِرَمسِكَ طُهرَةٌ | |
|
| لِوَجهِكَ تعظيمٌ لمجدِكَ تَرجيبُ |
|
تقيلتَ أفعالَ الرُّبوبيَّةِ التي | |
|
| عذرتُ بها من شكّ أنَّكَ مَربوبُ |
|
وَقَد قِيلَ في عيسى نَظيركَ مثلَه | |
|
| فخسرٌ لمن عادى عُلاك وَتَتبيبُ |
|
عَلَيكَ سَلامُ اللَّه يا خَيرَ من مَشى | |
|
| به بَازلٌ عَبر المَهامهِ خُرعُوبُ |
|
ويا خيرَ من يُغشى لدفعِ ملمّةٍ | |
|
| فيأمنُ مرعوبٌ ويترفُ قُرضوبُ |
|
ويَا ثاوياً حَصباءُ مَثواهُ جوهَرٌ | |
|
| وَعيدانُه عُودٌ وتُربَتُه طيبُ |
|
تكُوسُ به غرُّ الملائكِ رفعَةً | |
|
| ويَكبرُ قدراً أن تكوسَ به النّيبُ |
|
يَجلُّ ثَراهُ أن يضرِّجه الدّمُ ال | |
|
| مُراقُ وَتَغشاهُ الشوى والعَراقيبُ |
|
وَيا عِلّة الدُّنيا وَمَن بَدو خَلقها | |
|
| له وَسَيتلو البدو في الحشر تَعقيبُ |
|
وَيا ذا المَعالي الغُرّ والبَعضُ مُحسَب | |
|
| دَليلٌ على كُلٍّ فما الكُلُّ محسُوبُ |
|
ظَنَنتُ مَديحي في سِواكَ هِجاءه | |
|
| وَخِلتُ مَديحي أنه فيكَ تَشبيبُ |
|
وقال لهُ الرَّحمنُ ما قالَ يوسُفٌ | |
|
| عَداكَ بِما قدَّمتَ لومٌ وتثريبُ |
|