سَعَيْت لهذا المُلك بالهمَّة الكبرى | |
|
| فأدركتَ أَفنائها الدَّولة الغرَّا |
|
وسرتَ على نُبل الأَسَنَّة للعلى | |
|
| ومن رامَ إدراك العُلى ركبَ الوعرا |
|
لنيل المنى جُزتَ المسير وإنَّما | |
|
| يخوض عباب البحر من يطلب الدّرَّا |
|
إذا عارضت دون المرام بحيرةٍ | |
|
| من الحتف صيّرت الحديد لها جسرا |
|
وإنْ رقمت فوق الأَنام حنادسٌ | |
|
| جَلَيْتَ من الرَّأي السَّديد لها فجرا |
|
قدِمتَ قدوم اللَّيث غابة شبله | |
|
| ونزّهت هذا الملك بالنيَّة الخضرا |
|
درى الملك يا مولايَ أَنْتَ فؤاده | |
|
| فضمَّك منه حين أسكنك الصَّدرا |
|
رقيتَ على كرسيّه فأَزَنْتَهُ | |
|
| فأَصْبَحْتَ كالتوريد في وجنة العَذرا |
|
فما هذه الفيحاء إلاَّ قلادة | |
|
| ونحرك من كلِّ النّحور بها أحرى |
|
وما هي إلاَّ كاعبٌ قد تستَّرتْ | |
|
| قد اتَّخَذَتْ خَيْسَ الأُسُود لها خدرا |
|
فجوزاء أُفقٍ بالدَّراري تمنْطَقَتْ | |
|
| مخدّمة تَستخدم البيض والسُّمرا |
|
لقد مطلت بالوعد عصراً وعاودت | |
|
| فجادت بوصلٍ بعدما مطلت دهرا |
|
تزَوَّجْتَها أَيْماً عجوزاً مُسِنَّةً | |
|
| فأَضْحَتْ لديك الآن كاعبةً بكرا |
|
فحكتَ لها ثوب المفاخر بالنَّدى | |
|
| وألبَستها من بأسك الحُلَّةَ الخضرا |
|
وهيَّأْتَ من نقد العوالي صداقها | |
|
| وأَنْقَدْتَ من بيض الحديد لها مهرا |
|
قَدِمتَ لها من بعد كشف حجابها | |
|
| فكنت لعوراء الزَّمان لها سترا |
|
فعُدت إليها بالتقرُّب بعدما | |
|
| علاها قنوطٌ أَنْ تعود لها أُخرى |
|
تدانيتَ منها كالهلال ولم تزلْ | |
|
| تَنَقَّلُ حتَّى عُدْتَ في أُفقها بدرا |
|
وَوَدَّعْتَها مكروبة اللُّبّ والحشا | |
|
| وأُبْتَ وأَبْدَتْ من مسرَّتها البشرى |
|
فإنْ طاوَعَتْكَ اليوم جهراً وصالها | |
|
| فقد كانَ هذا الأَمر في نفسها سرَّا |
|
فكم مراً آنٌ وهي تكتم شوقها | |
|
| إليكَ وتُحْيي ليلَها كلَّه سرَّا |
|
لأمر القضا كادَت تفرّ إذا رأت | |
|
| لوصلك وقتاً ولم تجد دونه عذرا |
|
لقد أحْدَقَتْ بعد العمى بك عينها | |
|
| وأحدَثْتَ في أجفانها الفتك والسّحرا |
|
وحَلَّيت في سلك العزائم جيدها | |
|
| ووشَّحتَ منها في صنائعك الخصرا |
|
وزيَّنتَها حتَّى حكى التّبر تربها | |
|
| ولو لم تكن في أرضها أصبَحتْ صفرا |
|
فصِرْتَ لها لمَّا حللتَ بصدرها | |
|
| كيوسُفَ إذ ولاّه خالقُه مصرا |
|
فلم تَجْزِ أهلَ المكر يوماً بمكرهم | |
|
| ولم تصطنع غدراً لِمَنْ صَنَع الغدرا |
|
صَفَحتَ عن الجانين إلاَّ أقلّهم | |
|
| فأوسَعْتَهم عَفواً وأثْقَلْتَهم شكرا |
|