وَلا وَدّعُوا يَومَ النوَى جارَةَ الحِمَى | |
|
| وَلا أَطمَعُونِي فِي الوُصولِ إِلَى دَعدِ |
|
وَلا عَلَّلُوا مِن عِلَّةِ البَينِ وَالأَسَى | |
|
| أَسِير الأَمانِي فِي هَوان مِن القَيدِ |
|
فَيا هَلْ يَلذُّ العَيشُ مِن بَعدِهم وَهَل | |
|
| تَعودُ الليالِي بِالقَديمِ مِنَ الودِّ |
|
وَهَل تَسمَحُ الأيامُ بِالوَصلِ بَينَنا | |
|
| وَبَينَ المُنَى أَم لا يَفِي الدَّهرُ بِالعَهدِ |
|
فَمَن لِي وَلَو بِالطيفِ فِي عالَمِ الكَرَى | |
|
| يُخبرُ عَنْهُم مَا يُقالُ عَلَى هِندِ |
|
أَتَذْكُر دارَ عِزِّها عزَّةَ البَها | |
|
| فشعش نَفْساً ودُّهَا صادِق الوَعدِ |
|
فَلَيْتَ صَدِيقاً يُنبِئُ الحَيَّ عَنْهُم | |
|
| بِأَنَّ صدُوقَ الوَجدِ حَدَّثَ بِالعَهدِ |
|
وَمَنْ ليَتيم الدَّهرِ أَصْبَحَ باكِياً | |
|
| عَلَى ثَدْي أُمّ باكٍ وَهوَ فِي المَهدِ |
|
تَقولُ تَجلَّدْ لا تَمُت كَمَداً لَها | |
|
| وَصَبْرِي عَنْها حائِرٌ وَهْيَ فِي لَحدِ |
|
فَكَيفَ يَطِيبُ العَيشُ وَالصَّبرُ مَيِّتٌ | |
|
| وَكَيفَ يُفيدُ العَذْلُ فِي غَمْرَةِ الصَّدِّ |
|
تُوبِخني الأَحْداثُ وَالشَّيْخُ عاذِرِي | |
|
| عَلَى سَفَهٍ فِي الحلْمِ يَا حَسْرَتِي وَحْدِي |
|
فَكَم أَشْمَتَتْ بِي العِدا مِن عِداتِها | |
|
| مَوَاعِد عرْقُوب أَخا الطمَعِ المُردِ |
|
وَمَا أَشعَبِي الخِلالِ إِلا كَباسِط | |
|
| لِيَشرَبَ راحاً بِالإِشارَةِ فِي الوَهدِ |
|
وَكَيفَ بُلوغُ الماءِ وَالكَف رازِم | |
|
| إِلَى فَم ظامٍ لا يَعبُّ مِنَ العَدِّ |
|
فَواضَيْعَة الأَعمارِ فِي غَيرِ حاصِلٍ | |
|
| وَيا خَيبَة الأَعمارِ مِن طائِلِ الرفدِ |
|
وَوَاعَجَبِي مِن خُلْفِ وافٍ بِعَهدِهِ | |
|
| وَمن عَثرَة المَخْدُوعِ لَم يَسلُو بِالرَّدِ |
|
إِذا ما يُنادِي الناسُ قامَ بِلا دُعا | |
|
| طُفَيْلِيَ أَعراس يخب وَقَدْ يَردِي |
|
تُعَنِّفُهُ الردادِ فِي غَيرِ مَرَّةٍ | |
|
| وَلا يَنْثَنِي عَنْ بابِهِم ساقِطَ الوَغدِ |
|
فَما حيلَةُ المَخْبولِ مِن أَصلِ خلقِهِ | |
|
| عَلَى الطمَعِ الفَضَّاحِ وَالسفَه الفنْدِي |
|
أَبَعْدَ امتِحان الدَّهْرِ يَجْمُلُ بِالفَتَى | |
|
| ركُون إِلَى الأَوهامِ أَو حلم تُرْدِي |
|
وَقَدْ شابَ قَرْنِي وَالشبابُ مُوَدع | |
|
| وَشَيبتُ قَرْنِي فِي الكُهُولِ وَفِي المُردِ |
|
وَقَد حَكَّنِي الدَّهرُ المُهَذَّب صَرْفه | |
|
| يؤدِبُني كَالطفْل فِي مَكْتب الجدِّ |
|
وَذَوَّقَنِي بَعْد الحَلاوَةِ قَارِسا | |
|
| وَمُرّاً وَبَعْد العِزِّ ذُلا علَى فَقدِ |
|
فَأَصبَحْتُ خَلْفَ الأنْس فِي وَحْشِ غُرْبَتِي | |
|
| أكابِد مَا يَلْقَى بِها الحائِر المكدِي |
|
وَأغرَب شَيء فِي الحِكَايَةِ سُغْتُه | |
|
| لِتَذْكيرِ نَاس مَا أضل مِن الميدِ |
|
وَكُنْتُ حَسبت التيس مِن سُوء غِرَّتِي | |
|
| وَشِبْه الخصا بِالضرْعِ عَنْزا عَلَى بُعدِ |
|
فَلَما أقَمت التيس للحَلبِ واستَوى | |
|
| قَرِيباً مِن القربي تَيقنْتُ بِالضدِ |
|
وَمِن عَجَبِ الأَشياءِ فِي الوَقْتِ طالِح | |
|
| وَشَاخَ مَعَ الصُّلاحِ لَولاي بِالكَيدِ |
|
أَلَيْسَ مِن البُهتانِ كَوْنُك صالِحاً | |
|
| وَتَطوِي لِشقِّ الدينِ كَشحا عَلَى حَقدِ |
|
وَمَنْ يَحتَطِب كُل الشظَايَا لِبَيتِهِ | |
|
| يَجِد فِي زَوَايا البَيْتِ سَقْطا مِن الزندِ |
|
فَمَا عُذْر جَافٍ لا يُبَاكِر فِي الرِّضَى | |
|
| إِلَى خَيْرِ وَافِ لا يَبِيتُ عَلَى حَردِ |
|
وَكَمْ بتُّ وَالأَفراحُ فِي غُرفَاتِنَا | |
|
| إِلَى أَن تَجَلى الصُّبح فِي صُورَةِ الخودِ |
|
وَعانَقَتْ أَبكَارُ الحُبور مِن الصفَا | |
|
| وَبَاكَرَتْ أَقدَاحُ الحُضورِ مِن الوَجْدِ |
|
كَأَن لَمْ يَكُنْ فِي الرَّكبِ حاجِبُ عَينِهِ | |
|
| وَلا جَاءَ مِن غَرْبِ الهَوَى ناشِر البندِ |
|
وَلا جالَ فِي شَرْقِ الهَوَى مَشْرِق الضحَى | |
|
| وَلا قالَ فِي ظِلِّ العُلا شامِخ الطَّودِ |
|
وَلا اعْتمَّ فِي صَدْرِ المَجَالِسِ مالِك | |
|
| وَلا حاتِم الأَضيافِ فِي لَيْلَةِ البَردِ |
|
وَلا قَيْس حُب أَو مَفاخِر دارِم | |
|
| وَلا قَس لب قَطُّ أَو طَرفة العَبدِ |
|
وَحَسبِيَ مِن ذِكْرِ الفخَارِ عَلَيهِم | |
|
| بِأَنِّي فِي الأَشهادِ خاتِمَة العَدِّ |
|
فَإِن أَنَّبتنِي سُوقة وَتَعَنَّتَت | |
|
| عَلي وَظَنت رِيبَةً أَلسنُ النقدِ |
|
فَما عَلِمُوا أَنِّي الجَوادُ بِنَفْسِهِ | |
|
| وَكَيفَ يَغرّ المالُ عيسَى مِنَ الزُّهدِ |
|
وَلا علم العَميان والفَجْر صادِق | |
|
| بِأَن الضُّحَى يَمتَد لِلسالِكِ الفَردِ |
|
فَأَيْنَ يَكونُ الباغِي مِن حُر يَومِه | |
|
| وَأَنَّى يُقِيل الطاغِي فِي قيعٍ جُردِ |
|
فَلا تَعْجَبا مِما انْثَنَى عَطْف حَاسِد | |
|
| يُكابِرُ كَيْداً وَهوَ كَالقاذِفِ الشهدِ |
|
فَما غَيَّر البَحرَ وَالفُراتَ مزاحِمٌ | |
|
| عَلَى مَضَض وَالعَذْبُ فِي حَجَرٍ صَلدِ |
|
وَلا ضَار شَمساً أشْرَقَت منكر الضُّحى | |
|
| وَلا جَحْدُ جافٍ لِلبُدورِ مِن الرُّمدِ |
|
إِذا اتَّسَقَت فِي الفَرْعِ وَالأَصلُ طَيِّبٌ | |
|
| فُنُونُ النَّدَى وَالطبْعُ شهْدٌ مَعَ الزُّبدِ |
|
فَذاكَ كَمال الفَضْلِ وَالنبْل شاهِد | |
|
| لِيَقْضِيَ بِالقُسْطَاسِ وَالٍ بِلا كَيدِ |
|
أَتُخزَى بَنو العَبَّاسِ وَالمَجْدُ فيهِمُ | |
|
| وِرَاثَة جَدّ لا شِراءَ عَن الجدِ |
|
وَتَعلُو بَنُو الأَوباشِ دُونِيَ فِي المَلا | |
|
| وَلا تَرْعَوِي عَنْ غَيِّها شِيعَة القردِ |
|
وَماذَا عَلَيَّ فِي الحُثالَةِ قادَها | |
|
| إِلَى حَتفِها المَغرُور بِالبَطلِ الجدِّ |
|
وَفِي خَبَل خَتمُ السُّلافَةِ بِالصَّفَا | |
|
| وَحَبْلُ الوَفا بِالعَهدِ يَجرِي مَعَ الأَيدِي |
|
وَمَازالت السَّمحاء يَنْهل مزنُها | |
|
| بِكُلِّ سَبِيل مِنْهُ شرْبٌ لِذي ذودِ |
|
وَقَد تنجِد الأَنْوَاء وَاليَأسُ غالِب | |
|
| عَلَى أَمَل عَيْشَا مِن الأَزدِ |
|
وَيَنْشَقُ عَن فَجْر مِن الفَرَجِ الدُّجَى | |
|
| وَيَنْجابُ فِي عَصْر ضَبابُ الهَوي الوَردِ |
|
وَفِي سُوقِ أَربَابِ البَلاغَة وَالنُّهى | |
|
| سَمِين وَغَث منتَقَى العندِي |
|
وَمن عِنْدِيَاتِ المَرْء حُبلَى وَسَاقِط | |
|
| وَمِنها السها وَالبَدر فِي نَظَرِ الحدِّ |
|
وَلا يَضْربُ الأَمثالَ إِلا لِجهبذ | |
|
| حَكِيمُ الأَيادِي فِي قَوافِي الفَتَى الأيدِي |
|
وَمِن عَجَب الأَيامِ فِي كُلِّ مَطلَع | |
|
| تَلَوُّنُها كَالقَوْل يأتِيكَ بِاللدِ |
|
وَمَا أَحمَد الأَحوالِ إِلا كَقابِض | |
|
| عَلَى جَرة بِالكَف من ساعد السعدِ |
|
وَعِندَ الجهينِي فِي الحِكايَةِ مخْبر | |
|
| يَقِينِي كَرَأْيِ العَينِ مِن حازِم الكردِ |
|
تَحَجَّبَ فِي بَيتِ الحُكومَةِ قاسِط | |
|
| وَوَاكف عَدل فِي القَضا هاتِن الرعدِ |
|
وَلَو عَلِمَ المرتاب مَا يَعقُب الجَفا | |
|
| لأَرْبابِهِ لاقتَصَّ مِن نَفسِهِ يَفدِي |
|
وَلا صَدَّ عَن بابِ الإِشارَةِ قاسِط | |
|
| مُفِيض الثنا فِي الأَرضِ كالعارِض الحدِّ |
|
فَأَصبَحَ مِن وَقعِ الهتُون عَلَى الرُّبى | |
|
| عَزِيزُ بِنَاء الجُدرِ فِي ذِلة الهدِّ |
|
وَقامَ خَطيبُ الجمعِ فِي جامِع الصفَا | |
|
| عَلَى منبَرِ التمكِينِ يَدعُو إِلَى الرشدِ |
|
فَشابَ لَها قَرن الوَليدِ وَلَم تفد | |
|
| مَعاقِلُ مَنع دونَها فاتِكُ الأسدِ |
|
هُنالِكَ لا يَنجُو مِن الهَولِ هالِك | |
|
| تَحصن مِن رَيبِ الحَوادِثِ بِالرَّصدِ |
|
فَيا حَسرَة المَسبُوقِ وَالوَيل لازِب | |
|
| لِمُنخَدِعٍ مِن فَتكَةِ الأَسَدِ الوَردِ |
|
وَما وزر المَغرور إِلا سَحابَة | |
|
| تَظَلُّ قَلِيلاً ثُمَّ يضحَى عَلَى وَقدِ |
|
وَقَد تَصدق الأَحلام وَالظن كاذِب | |
|
| وَلَيسَ كَرَأيِ العَينِ مِن خَبَرٍ عندِي |
|
وَأَجمَل شَيء فِي العُلا عَفو قادِر | |
|
| عَلَى مُذنب لَم يَقتَرِف زِلة الجَحدِ |
|
وَمن ساوَرَ الضرغام أَصبَح باكِيا | |
|
| عَلَى فَقدِهِ مَحبُوبه حينَ لا يُجدِي |
|
فَلِلَّهِ دَرّ الطائِي فِي قَولِه وَقَد | |
|
| أَجادَ وَقاس الجود بِالصاعِ وَالمدِّ |
|
وَإِنِّي لعَبْد الضَّيف ما دامَ ثاوِيا | |
|
| وَما بِيَ إِلا تِلكَ مِن شِيمِ العَبدِ |
|
فَلا يَطمَع المَخذُول فِي عَفْو ماجِد | |
|
| إِذا سامَهُ بِالمَكْرِ أَو نَخوَة الندِّ |
|
أَتَرْضَى بِبُخْسِ الفَخرِ فِي مَوقِف النُّهى | |
|
| وَسوق النُّهَى مَا بَينَ راخ وَمُشْتَدِّ |
|
وَمِن كَرَم الحُرِّ الكَريم دِفاعُهُ | |
|
| أَكُف الدَّنايا عَن جوارِه كالزَّردِ |
|
فَلا يُحْمدُ الأَكْرامُ بِالصَّبْرِ فِي الرَّدَى | |
|
| وَلا يُجْلدُ الضّرْغامُ كالكَلبِ بِالقَدِّ |
|
وَمَن قاسَ بِاللَّيْثِ الكَبيرِ أُضَيْبِعا | |
|
| فَسَوفَ يُريهِ الشّبْل مَا صارَ فِي الفَهْدِ |
|
وَقَد يصْطَلِي المَحمُومُ وَاليَومُ صَائِف | |
|
| وَلا يَشْعُرُ المَسْمومُ بِالضُّرِّ فِي الصَفْدِ |
|