عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > السعودية > جاسم الصحيح > العابر في التآويل

السعودية

مشاهدة
126

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

ادخل الكود التالي:
إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

العابر في التآويل

نبيٌّ ولكنْ عابرٌ للشرائعِ
حدودُ سماواتي حدودُ أصابعي
إذا سال ظِلِّي بَلَّلَتْنِي غمامةٌ
من الوحيِ، تندَى بالمعاني الجوامعِ
رَعَيتُ ولكنْ في مراعي هواجسي!
تَأَمَّلتُ لكنْ في (حِرَاءِ) الشَّوَارِعِ!
يُجَلِّلُني مجدُ القصائدِ حينما
أشمُّ أريجَ الله بين (المَطالعِ)
حروفي نجومٌ أَفْلَتَتْ من مدارِها
إليَّ، وعَقَّتْ ما لها من مواقعِ!
فما حِكمتي إلا الجَمالُ، وحُجَّتي
شعوري بأنَّ الكونَ إحدى ودائعي
تَلَمَّستُ ديني داخلي فاعْتَنَقْتُهُ
وشَيَّدتُ في كلِّ الخلايا صوامعي
يسيلُ بيَ التأويلُ في كلِّ جُملةٍ
كأنِّي (مجازٌ مُرسَلٌ) للمنابعِ
بسَبعَةِ أختامٍ أُشَمِّعُ فكرتي
وأرسلُها للخلقِ دون طوابعِ
سيَشكُونِيَ الوُعَّاظُ مِلءَ نقيقِهِمْ
فمُستنقعُ الشكوَى كثيرُ الضفادعِ
***
نبيٌّ ولكنْ من متاهٍ وحيرةٍ
كَبِرتُ على ذاتي فكَبَّرتُها معي
أُفَصِّلُ أنفاسي عليَّ، وأرتدي
شهيقي، وحُزني آخِذٌ بمَجَامِعي!
ولا أرتقي للشِّعرِ إلَّا مُعَذَّبًا
كما ترتقي للموتِ روحُ المُنَازِعِ
(إذا الليلُ أضواني) بسطتُ قصائدي
فضاعفتُ أعدادَ النجومِ اللوامعِ
تُراوِدُني حربٌ خُلِقتُ لأَجلِها
تدورُ رحاها بين حُلْمِي وواقعي
معي أولياءُ الحرفِ من كلِّ مِلَّةٍ
أخوضُ بهمْ (طروادةً) من وقائعي
معي لهبُ الأسماءِ.. أسماءِ فتيةٍ
من النارِ، قد عَبَّأْتُهُمْ في مَدَافِعي:
معي (عُروَةٌ) مُستَوحِدًا عبر عُزلَةٍ
تَبَرَّأَ فيها من إلهِ المنافعِ
معي (ابنُ أبي سُلمى) وروحُ سَلامِهِ
ولكنَّني من قومِ (من لم يصانعِ)
معي (الشنفرى) في التيهِ يقتادُني على
طريقٍ إلى لحمِ المسافاتِ، جائعِ
معي (المُتَنَبِّي) ثائرًا ضدَّ ذاتِهِ
يقاتلُها حتَّى يَعِيهَا.. ولا يَعِي!
معي العاشقُ (الحَلَّاجُ) يتلو دماءَهُ
أحاديثَ تحكي عن سُمُوِّ المَصَارِعِ
معي كُلُّ مَنْ رَنَّتْ خُطَاهُمْ على دمي
فما جَفَّ إيقاعُ الخُطَى في مسامعي
أُولَئِكَ مَنْ خِيطَتْ عليهمْ مشاعري
ثيابًا، ومَنْ زُرَّتْ عليهمْ أضالعي!
***
نبيٌّ ولكنْ هامشيٌّ، فليسَ لي
ملائكةٌ يأتونَني بالبدائعِ
ستَلقَونَني حيث السماءُ تقاطعتْ
مع الأرضِ، مشدودًا بقوسِ التَّقَاطُعِ
يهاجرُ وَعْيِي عن مرابعِ أَهلِهِ
فلا تعتريهِ لهفةٌ للمَرَابِعِ
تَخَفَّفتُ مِنِّي فارتفعتُ، ولم أزلْ
أهيمُ بإقليمٍ من الوجدِ شاسعِ
صعودًا إلى المعنى.. إلى الجوهرِ الذي
تسامَى بأعلى ما لهُ من رَوَافِعِ!
أُقَلِّبُ صلصالَ الوساوسِ في يدي
وأبني بهِ في الروحِ أسمَى الجَوَامِعِ
فلا تُنكري يا فتنةَ الغيبِ أنَّني
أُصَلِّي عذاباتي وأتلو مواجعي
ورُبَّ صلاةٍ لم أثقْ في طقوسِها
فجِئتُ إلى ميقاتِها غيرَ خاشعِ
مزاجي مزاجُ الضدِّ حتَّى كأنَّني
تخمَّرتُ في قبوِ المزاجِ المُمَانِعِ
يُراوِدُني إحساسُ مَنْ ليسَ ينتمي
فأهزأُ من كفِّ الولاءِ المُبَايِعِ
أنا آخَرٌ في الأرضِ، لو لم أجدْ بها
سوايَ، لثَارَتْ ضدَّ نفسي زوابعي!
وَقَفْتُ فكنتُ البابَ خلفَ حقيقتي
وما زلتُ بالحَدسِ المُمَوْسَقِ قارعي
كفاني من الأسلافِ أَنِّيَ ألتقي
بِ(طَرْفَةَ) في بطنٍ من الشعرِ، تاسعِ!!
أنا (الآنَ) لا أمسي.. أنا (الآنَ) لا غدي..
فلا تقرؤوني في كتابِ الطَّوَالِعِ!
هُنا أتجلَّى في مداراتِ لحظتي
وأُشرِقُ من أُفْقِ الزمانِ المُضَارِعِ
أُجَدِّدُ تعريفَ الحقيقةِ كلَّما
قرأتُ وجوهَ الناسِ مثل المَرَاجِعِ
تَرَهَّبتُ من فرط (المسيحِ) بداخلي
فكادتْ على اللاشيء تجري مدامعي
***
أعيذُ الهوى والحبَّ من أنْ أراهُما
غرائزَنا ملفوفةً بالبراقعِ
وما كَفَرَتْ بالطينِ روحي، فلم أزلْ
أُعَمِّقُ إيماني بحلوَى المَضَاجِعِ
ولكنَّني ما ذُقتُ شَهْدَ غزالةٍ
بأنيابِ ذئبٍ من ذئابِ المَخَادِعِ
تَلَبَّسَني (الرُّومِيُّ) حتَّى أحالَني
إلى قمرٍ من (شمسِ تبريزَ) طالعِ
وقالَ: اتَّحِدْ بالعشقِ فَهْوَ نُبُوءَةٌ
وكلُّ نبيٍّ عاشقٌ في الطبائعِ
ولا تلتبسْ بين الهوى و(ابنِ عَمِّهِ)..
فما للهوى غير الهوى من دوافعِ!
تَوَسَّعْتُ إيمانًا بأصغرِ ذَرَّةٍ
من الخلقِ، حتَّى ضاقَ بي كلُّ واسعِ
وآنستُ وحيَ الروحِ وحيًا مُقَدَّمًا
على كلِّ وحيٍ في القراطيسِ قابعِ!
حضرتُ دروسي في مدارسِ فطرتي
فأشرقتُ عن وعيٍ من العُمقِ ساطعِ
وما بين قَوْسَيْ نشأتي ومشيئتي
نذرتُ حياتي للرُّبى والمَزَارِعِ
إذا تاهَ صوتُ الحقِّ منِّي، وجدتُهُ
على الغُصنِ في صوتِ الحَمامِ السواجعِ
وإنْ ضاعَ معنى الذاتِ مِنِّي، وجدتُهُ
لدى العِذقِ في أعلى النخيلِ الفوارعِ
وما بين قَوْسَيْ ملعبي وتَشَبُّبي
حكايَا هَوًى لم تُختَتَمْ بالتَّوَادُعِ
فيا وقتُ.. هل تُوفِي الهوَى كَيْلَ عَودَةٍ
إذا جئتُ أُزجِي بالحنينِ بضائعي؟!
***
نبيٌّ ولكنْ هامشيٌّ، فليسَ لي
ملائكةٌ يأتونَني بالبدائعِ
ستَلقَونَني حيث السماءِ تقاطعتْ
مع الأرضِ، مشدودًا بقوسِ التَّقَاطُعِ
تدورُ بيَ الأيامُ عكسَ اتِّجاهِها
فما زلتُ منها في دُوَارٍ مُصارعِ
تدافعتِ الأعوامُ نحوي ب(خمسةٍ-
وخمسينَ) تكبو في خِضَمِّ التَّدَافُعِ
ولَمَّا أزلْ أرتدُّ نحوَ طفولتي
وأُكمِلُ ما لم يكتملْ من صنائعي
هُوَ الشِّعرُ أرتادُ الطفولةَ عَبْرَهُ
طريقَ رجوعٍ لا طريقَ تَرَاجُعِ!
أتيهُ غريبًا في المدى بين هيئتي
وماهيَّتي.. يمتدُّ بي ألفُ شارعِ!
وأسئلةٌ تجترُّني في مدارِها
وأجترُّها في خاطري غيرَ قانعِ
أنا حَجَرٌ ما خانَ يومًا ثباتَهُ
وإنْ بَتَرونِي من ضلوعِ المَقَالِعِ
عصيٌّ على غير الأزاميلِ كُلَّما
هِيَ استنطقتني بالفنونِ الرَّوَائِعِ!
جاسم الصحيح
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الأحد 2025/08/24 11:45:28 مساءً
إعجاب
مفضلة


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com