إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
في المساء الحزينِ السَّعيدِ |
صَعدْتُ إلى الباصِ |
في صُحبَتي خَيبةُ الانتظار وحُمَّى الزحامِ |
وشيءٌ من المَلَلِ الاعتياديِّ |
مِن كِبرياءِ المَقَاعِدِ |
مِن عادَةِ الباص في الليلِ |
يَنفِضُ تَخدِيرَةَ القاتِ في كلِّ مُنعطفٍ؛ |
مِن حديثِ السياسةِ |
مِن سَائقِ الباصِ وهو يُردّدُ |
باقيْ نَفَرْ بَسْ |
مِن وَقفَةِ الباص فِي الجَولةِ الآنَ |
لا شيءَ يؤنِسُني |
فِي الطريقِ القَصِير الطويل إلى غُرفَتِي |
شَاردَ الذهنِ، |
كُنتُ أفكِّرُ |
حَتى مَتَى سَيَمِيلُ بيَ الوقتُ؟ |
كَم لحظةٍ سَوفَ يَذرِفُهَا |
بانتظارِ الزَّبُونِ الأَخِيرِ بلا فائدةْ؟ |
.... |
.... |
شاردَ الذهنِ ما زلتُ |
بَاغَتَنِي عِطرُها، فَتَشَاغَلْتُ، |
قلتُ: هُو الوَهْمُ رَاوَدَنِي |
كَي يُخفِّفَ عَنِّيَ عِبءَ الطريقِ الطويلِ، |
تَشَاغَلْتُ عنها وعنهُ |
ولكنَّهُ أجَّجَ الشوقَ في داخِلي |
حِين حَرَّكَنِي مِن جَنوبِ الظُّنونِ لِشرقِ الجُنونِ |
تُرى .. عِطرُها ما يكونْ؟ |
تَلَفَّتُّ لَستُ الوَحيدَ الذي يَتَسَاءَلُ |
أو يَتَمَايلُ حَيثُ يَميلُ بهِ العِطرُ |
إنَّ المَقَاعِدَ – والناسَ |
سَابحةٌ في الذهولْ. |
الجَميعُ يَميل به العطرُ |
إنْ مالَ رأسُ المليحةِ |
ذاتِ الجمالِ وذاتِ الدلالْ. |
تَنَفّسْتُ، |
لَم أكتَرِثْ لِلمقاعدِ والناس، |
قلتُ: هو العِطرُ نافذةٌ للقصيدةِ |
بوَّابةٌ لِلخيال، |
تَجَاهَلتُهُم، واقتربْتُ قليلاً |
تَمنَّيتُ أنَّ الطريقَ يطولُ |
وأنَّ المسافةَ تمضِي |
إلى اللَّا نهاية في الوقتِ |
ما ثمَّ من حاجةٍ للوصولْ. |
تمنيتُ أنْ يستديرَ بنا الباصُ |
مِن نقطةِ الصفرِ ثم يعودُ إليها |
وأنَّ المساءَ كأحلامِنا لا يزولْ. |
تمنيتُ أنْ أتَحَكَّمَ بالوقتِ |
أنْ أجعلَ الليلَ هذا الذي نحنُ فيه |
زماناً لكلِّ الزمانِ وكلِّ الفصولْ. |
وحينَ شَعَرْتُ بأني اقتربتُ من العطرِ، |
منها، |
تجاوزتُ حَدّ الفُضُولْ. |
قلتُ: |
..ماذا أقول؟ |
المليحةُ سمراءُ والعطرُ أبيضْ |
المليحةُ بيضاءُ والعطرُ أسمرْ |
المليحةُ عطرٌ |
وعطرُ المَليحةِ لونٌ |
ولونُ المليحةِ عطرٌ |
تَدَاخَلَتِ الكائناتُ بعَينيَّ |
فاجَأنِي عِطرُها الباص، |
عِنْدَكْ عَلى جَنْبْ |
نَزَلَتْ .. |
نَزَلَ العِطرُ |
.... |
وَحدِي بَقِيتُ على الباص |
أدركتُ أني أضعْتُ الطريقَ |
ورُحْتُ أفتِّشُ عن وِجهتي، وأقولْ: |
ليس عطراً .. |
وليست هي امرأةً، |
إنها....، إنها كائنٌ من بُخُورْ. |
.... |