هتَفَتْ على الغُصْنِ الرَّطيبِ حَمائِمُ | |
|
| في الرَّوْضِ إذْ هبَّتْ عليْهِ نَسائِمُ |
|
أفْوافُهُ الدّيباجُ خَضَّلَهُ النَّدى | |
|
| وذُيولُهُ خَمْلٌ تأنَّقَ ناعِمُ |
|
والظِّلُّ ممْتَدٌّ ظَليلٌ وارِفٌ | |
|
| لغُصونِهِ حيْثُ الجَنى مُتَوائِمُ |
|
وجَرى الغَديرُ العذْبُ بينَ زُهورهِ | |
|
| فكأنَّها في ضَفَّتيْهِ تَوائِمُ |
|
تُصْغي المَسامِعُ نشْوَةً لخَريرِهِ | |
|
| فتَذوبُ ألْحاناً بها تَتَناغَمُ |
|
يلْهو حَواليْهِ الفَراشُ فمنْهُ ما | |
|
| يعْلو الزُّهورَ ومنْهُ ما هُوَ حائِمُ |
|
يبْدو الحَصى المَصْقولُ فيهِ كأنَّهُ | |
|
| دُرَرٌ منَضَّدَةٌ تُكَنُّ كَرائِمُ! |
|
|
مالتْ لمَخْدَعِها ذُكاءُ فأسْدَلَتْ | |
|
| سِتْراً على شُبّاكِها هوَ قاتِمُ |
|
فانْداحَ في الآفاقِ يسْتُرُ خِدْرَها | |
|
| وسَجاهُ حارِسُها وما هُوَ نائِمُ |
|
فتَنَبَّهَتْ بعْدَ السُّباتِ عُيونُهُ | |
|
| ترْنو إلى سُمّارِها وتُنادِمُ |
|
إذْ أقْبلَتْ زُمَراً لمَجْلِسِهمْ جَوىً | |
|
| ولها على كُلِّ الدُّروبِ تَزاحُمُ |
|
والبدْرُ ينْظُرُ وجْهَهُ مُتَلأْلِئاً | |
|
| في الماءِ مِرآةً بها هُوَ عائِمُ |
|
ماانْفَكَّ يُهْريقُ اللُّجَيْنَ أذابَهُ | |
|
| شوْقٌ بوِجْدانِ المُدَلَّهِ ضارِمُ |
|
|
جاءَ الخَريفُ فدَبَّ في الرَّوْضِ الضَّوى | |
|
| فكأنَّهُ إثْرَ التَّبَسُّمِ واجِمُ! |
|
واصْفَرَّتِ الأوْراقُ ذاوِيَةً بهِ | |
|
| واسّاقَطَتْ وخَلا المَراحُ الحالِمُ |
|
وذَوَتْ بهِ الأزْهارُ وارْتَحَلَتْ إلى | |
|
| وطَنٍ سِواهُ الطَّيْرُ حيْثُ يُلائِمُ |
|
غاضَ الغَديرُ وبُحَّ لحْنُ خَريرِهِ | |
|
| وجفاهُ روْنَقُهُ البَديعُ الباسِمُ |
|
وتفَرَّقَ السُّمّارُ تحْتَ سَمائِهِ | |
|
| والصَّمْتُ كابوسٌ عليْهِ جاثِمُ |
|
إلا عَويلُ الرّيحِ والبُومِ التي | |
|
| سكَنَتْهُ قفْراً ما لدَيْهِ مَعالِمُ |
|
ويْلاهُ قدْ أضْحى يَباباً لفَّهُ | |
|
| ليلٌ طَويلٌ سرْمَدِيٌّ فاحِمُ! |
|
نبْكي على الدُّنْيا ونجْهَلُ كُنْهَها | |
|
| فكأنَّما هذي الحَياةُ طَلاسِمُ! |
|