مِن أَيِّ عَهدٍ في القُرى تَتَدَفَّقُ | |
|
| وَبِأَيِّ كَفٍّ في المَدائِنِ تُغدِقُ |
|
وَمِنَ السَماءِ نَزَلتَ أَم فُجِّرتَ مِن | |
|
| عَليا الجِنانِ جَداوِلاً تَتَرَقرَقُ |
|
وَبِأَيِّ عَينٍ أَم بِأَيَّةِ مُزنَةٍ | |
|
| أَم أَيِّ طوفانٍ تَفيضُ وَتَفهَقُ |
|
وَبِأَيِّ نَولٍ أَنتَ ناسِجُ بُردَةٍ | |
|
| لِلضِفَّتَينِ جَديدُها لا يُخلَقُ |
|
تَسوَدُّ ديباجاً إِذا فارَقتَها | |
|
| فَإِذا حَضَرتَ اِخضَوضَرَ الإِستَبرَقُ |
|
في كُلِّ آوِنَةٍ تُبَدِّلُ صِبغَةً | |
|
| عَجَباً وَأَنتَ الصابِغُ المُتَأَنِّقُ |
|
أَتَتِ الدُهورُ عَلَيكَ مَهدُكَ مُترَعٌ | |
|
| وَحِياضُكَ الشُرقُ الشَهِيَّةُ دُفَّقُ |
|
تَسقي وَتُطعِمُ لا إِناؤُكَ ضائِقٌ | |
|
| بِالوارِدينَ وَلا خُوّانُكَ يَنفُقُ |
|
وَالماءُ تَسكُبُهُ فَيُسبَكُ عَسجَداً | |
|
| وَالأَرضُ تُغرِقُها فَيَحيا المُغرَقُ |
|
تُعي مَنابِعُكَ العُقولَ وَيَستَوي | |
|
| مُتَخَبِّطٌ في عِلمِها وَمُحَقِّقُ |
|
أَخلَقتَ راووقَ الدُهورِ وَلَم تَزَل | |
|
| بِكَ حَمأَةٌ كَالمِسكِ لا تَتَرَوَّقُ |
|
حَمراءُ في الأَحواضِ إِلّا أَنَّها | |
|
| بَيضاءُ في عُنُقِ الثَرى تَتَأَلَّقُ |
|
دينُ الأَوائِلِ فيكَ دينُ مُروءَةٍ | |
|
| لِمَ لا يُؤَلَّهُ مَن يَقوتُ وَيَرزُقُ |
|
لَو أَنَّ مَخلوقاً يُؤَلَّهُ لَم تَكُن | |
|
| لِسِواكَ مَرتَبَةُ الأُلوهَةِ تَخلُقُ |
|
جَعَلوا الهَوى لَكَ وَالوَقارَ عِبادَةً | |
|
| إِنَّ العِبادَةَ حَشيَةٌ وَتَعَلُّقُ |
|
دانوا بِبَحرٍ بِالمَكارِمِ زاخِرٍ | |
|
| عَذبِ المَشارِعِ مَدُّهُ لا يُلحَقُ |
|
مُتَقَيِّدٌ بِعُهودِهِ وَوُعودِهِ | |
|
| يَجري عَلى سَنَنِ الوَفاءِ وَيَصدُقُ |
|
يَتَقَبَّلُ الوادي الحَياةَ كَريمَةً | |
|
| مِن راحَتَيكَ عَميمَةً تَتَدَفَّقُ |
|
مُتَقَلِّبُ الجَنبَينِ في نَعمائِهِ | |
|
| يَعرى وَيُصبَغُ في نَداكَ فَيورِقُ |
|
فَيَبيتُ خِصباً في ثَراهُ وَنِعمَةٍ | |
|
| وَيَعُمُّهُ ماءُ الحَياةِ الموسِقِ |
|
وَإِلَيكَ بَعدَ اللَهِ يَرجِعُ تَحتَهُ | |
|
| ما جَفَّ أَو ما ماتَ أَو ما يَنفُقُ |
|
أَينَ الفَراعِنَةُ الأُلى اِستَذرى بِهِم | |
|
| عيسى وَيوسُفُ وَالكَليمُ المُصعَقُ |
|
المورِدونَ الناسَ مَنهَلَ حِكمَةٍ | |
|
| أَفضى إِلَيهِ الأَنبِياءُ لِيَستَقوا |
|
الرافِعونَ إِلى الضُحى آباءَهُم | |
|
| فَالشَمسُ أَصلُهُمُ الوَضيءُ المُعرِقُ |
|
وَكَأَنَّما بَينَ البِلى وَقُبورِهِم | |
|
| عَهدٌ عَلى أَن لا مِساسَ وَمَوثِقُ |
|
فَحِجابُهُم تَحتَ الثَرى مِن هَيبَةٍ | |
|
| كَحِجابِهِم فَوقَ الثَرى لا يُخرَقُ |
|
بَلَغوا الحَقيقَةَ مِن حَياةٍ عِلمُها | |
|
| حُجُبٌ مُكَثَّفَةٌ وَسِرٌّ مُغلَقُ |
|
وَتَبَيَّنوا مَعنى الوُجودِ فَلَم يَرَوا | |
|
| دونَ الخُلودِ سَعادَةً تَتَحَقَّقُ |
|
يَبنونَ لِلدُنيا كَما تَبني لَهُم | |
|
| خِرَباً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ |
|
فَقُصورُهُم كوخٌ وَبَيتُ بَداوَةٍ | |
|
| وَقُبورُهُم صَرحٌ أَشَمُّ وَجَوسَقُ |
|
رَفَعوا لَها مِن جَندَلٍ وَصَفائِحٍ | |
|
| عَمَداً فَكانَت حائِطاً لا يُنتَقُ |
|
تَتَشايَعُ الدارانِ فيهِ فَما بَدا | |
|
| دُنيا وَما لَم يَبدُ أُخرى تَصدُقُ |
|
لِلمَوتِ سِرٌّ تَحتَهُ وَجِدارُهُ | |
|
| سورٌ عَلى السِرِّ الخَفِيِّ وَخَندَقُ |
|
وَكَأَنَّ مَنزِلَهُم بِأَعماقِ الثَرى | |
|
| بَينَ المَحَلَّةِ وَالمَحَلَّةِ فُندُقُ |
|
مَوفورَةٌ تَحتَ الثَرى أَزوادُهُم | |
|
| رَحبٌ بِهِم بَينَ الكُهوفِ المُطبِقُ |
|
وَلِمَن هَياكِلُ قَد عَلا الباني بِها | |
|
| بَينَ الثُرَيّا وَالثَرى تَتَنَسَّقُ |
|
مِنها المُشَيَّدُ كَالبُروجِ وَبَعضُها | |
|
| كَالطَودِ مُضطَجِعٌ أَشَمُّ مُنَطَّقُ |
|
جُدُدٌ كَأَوَّلِ عَهدِها وَحِيالَها | |
|
| تَتَقادَمُ الأَرضُ الفَضاءُ وَتَعتُقُ |
|
مِن كُلِّ ثِقلٍ كاهِلُ الدُنيا بِهِ | |
|
| تَعِبٌ وَوَجهُ الأَرضِ عَنهُ ضَيِّقُ |
|
عالٍ عَلى باعِ البِلى لا يَهتَدي | |
|
| ما يَعتَلي مِنهُ وَما يَتَسَلَّقُ |
|
مُتَمَكِّنٌ كَالطَودِ أَصلاً في الثَرى | |
|
| وَالفَرعُ في حَرَمِ السَماءِ مُحَلِّقُ |
|
هِيَ مِن بِناءِ الظُلمِ إِلّا أَنَّهُ | |
|
| يَبيَضُّ وَجهُ الظُلمِ مِنهُ وَيُشرِقُ |
|
لَم يُرهِقِ الأُمَمَ المُلوكُ بِمِثلِها | |
|
| فَخراً لَهُم يَبقى وَذِكراً يَعبَقُ |
|
فُتِنَت بِشَطَّيكَ العِبادُ فَلَم يَزَل | |
|
| قاصٍ يَحُجُّهُما وَدانٍ يَرمُقُ |
|
وَتَضَوَّعَت مِنكَ الدُهورِ كَأَنَّما | |
|
| في كُلِّ ناحِيَةٍ بَخورٌ يُحرَقُ |
|
وَتَقابَلَت فيها عَلى السُرُرِ الدُمى | |
|
| مُستَردِياتِ الذُلِّ لا تَتَفَتَّقُ |
|
عَطَلَت وَكانَ مَكانُهُنَّ مِنَ العُلى | |
|
| بَلقيسُ تَقبِسُ مِن حُلاهُ وَتَسرِقُ |
|
وَعَلا عَلَيهُنَّ التُرابُ وَلَم يَكُن | |
|
| يَزكو بِهِنَّ سِوى العَبيرُ وَيَلبَقُ |
|
حُجُراتُها مَوطوءَةٌ وَسُتورُها | |
|
| مَهتوكَةٌ بِيَدِ البِلى تَتَخَرَّقُ |
|
أَودى بِزينَتِها الزَمانُ وَحَليِها | |
|
| وَالحُسنُ باقٍ وَالشَبابُ الرَيِّقُ |
|
لَو رُدَّ فِرعَونُ الغَداةَ لَراعَهُ | |
|
| أَنَّ الغَرانيقَ العُلى لا تَنطِقُ |
|
خَلَعَ الزَمانُ عَلى الوَرى أَيّامَهُ | |
|
| فَإِذا الضُحى لَكَ حِصَّةٌ وَالرَونَقُ |
|
لَكَ مِن مَواسِمِهِ وَمِن أَعيادِهِ | |
|
| ما تَحسِرُ الأَبصارُ فيهِ وَتَبرَقُ |
|
لا الفُرسُ أوتوا مِثلَهُ يَوماً وَلا | |
|
| بَغدادُ في ظِلِّ الرَشيدِ وَجِلَّقُ |
|
فَتحُ المَمالِكِ أَو قِيامُ العِجلِ أَو | |
|
| يَومُ القُبورِ أَوِ الزَفافُ المونِقُ |
|
كَم مَوكِبٍ تَتَخايَلُ الدُنيا بِهِ | |
|
| يُجلى كَما تُجلى النُجومُ وَيُنسَقُ |
|
فِرعَونُ فيهِ مِنَ الكَتائِبِ مُقبِلٌ | |
|
| كَالسُحبِ قَرنُ الشَمسِ مِنها مُفتِقُ |
|
تَعنو لِعِزَّتِهِ الوُجوهُ وَوَجهُهُ | |
|
| لِلشَمسِ في الآفاقِ عانٍ مُطرِقُ |
|
آبَت مِنَ السَفَرِ البَعيدِ جُنودُهُ | |
|
| وَأَتَتهُ بِالفَتحِ السَعيدِ الفَيلَقُ |
|
وَمَشى المُلوكُ مُصَفَّدينَ خُدودُهُم | |
|
| نَعلٌ لِفِرعَونَ العَظيمِ وَنُمرُقُ |
|
مَملوكَةٌ أَعناقُهُم لِيَمينِهِ | |
|
| يَأبى فَيَضرِبُ أَو يَمُنُّ فَيُعتِقُ |
|
وَنَجيبَةٍ بَينَ الطُفولَةِ وَالصِبا | |
|
| عَذراءَ تَشرَبُها القُلوبُ وَتَعلَقُ |
|
كانَ الزَفافُ إِلَيكَ غايَةَ حَظِّها | |
|
| وَالحَظُّ إِن بَلَغَ النِهايَةَ موبِقُ |
|
لافَيتَ أَعراساً وَلافَت مَأتَماً | |
|
| كَالشَيخِ يَنعَمُ بِالفَتاةِ وَتُزهَقُ |
|
في كُلِّ عامٍ دُرَّةٌ تُلقى بِلا | |
|
| ثَمَنٍ إِلَيكَ وَحُرَّةٌ لا تُصدَقُ |
|
حَولٌ تُسائِلُ فيهِ كُلُّ نَجيبَةٍ | |
|
| سَبَقَت إِلَيكَ مَتى يَحولُ فَتَلحَقُ |
|
وَالمَجدُ عِندَ الغانِياتِ رَغيبَةٌ | |
|
| يُبغى كَما يُبغى الجَمالُ وَيُعشَقُ |
|
إِن زَوَّجوكَ بِهِنَّ فَهيَ عَقيدَةٌ | |
|
| وَمِنَ العَقائِدِ ما يَلَبُّ وَيَحمُقُ |
|
ما أَجمَلَ الإيمانَ لَولا ضَلَّةٌ | |
|
| في كُلِّ دينٍ بِالهِدايَةِ تُلصَقُ |
|
زُفَّت إِلى مَلِكِ المُلوكِ يَحُثُّها | |
|
| دينٌ وَيَدفَعُها هَوىً وَتَشَوُّقُ |
|
وَلَرُبَّما حَسَدَت عَلَيكَ مَكانَها | |
|
| تِربٌ تَمَسَّحُ بِالعَروسِ وَتُحدِقُ |
|
مَجلُوَّةٌ في الفُلكِ يَحدو فُلكَها | |
|
| بِالشاطِئَينِ مُزَغرِدٌ وَمُصَفِّقُ |
|
في مِهرَجانٍ هَزَّتِ الدُنيا بِهِ | |
|
| أَعطافَها وَاِختالَ فيهِ المَشرِقُ |
|
فِرعَونُ تَحتَ لِوائِهِ وَبَناتُهُ | |
|
| يَجري بِهِنَّ عَلى السَفينِ الزَورَقُ |
|
حَتّى إِذا بَلَغَت مَواكِبُها المَدى | |
|
| وَجَرى لِغايَتِهِ القَضاءُ الأَسبَقُ |
|
وَكَسا سَماءَ المِهرَجانِ جَلالَةً | |
|
| سَيفُ المَنِيَّةِ وَهوَ صَلتٌ يَبرُقُ |
|
وَتَلَفَّتَت في اليَمِّ كُلُّ سَفينَةٍ | |
|
| وَاِنثالَ بِالوادي الجُموعُ وَحَدَّقوا |
|
أَلقَت إِلَيكَ بِنَفسِها وَنَفيسِها | |
|
| وَأَتَتكَ شَيِّقَةً حَواها شَيِّقُ |
|
خَلَعَت عَلَيكَ حَياءَها وَحَياتَها | |
|
| أَأَعَزُّ مِن هَذَينِ شَيءٌ يُنفَقُ |
|
وَإِذا تَناهى الحُبُّ وَاِتَّفَقَ الفِدى | |
|
| فَالروحُ في بابِ الضَحِيَّةِ أَليَقُ |
|
ما العالَمُ السُفلِيُّ إِلّا طينَةٌ | |
|
| أَزَلِيَّةٌ فيهِ تُضيءُ وَتَغسِقُ |
|
هِيَ فيهِ لِلخِصبِ العَميمِ خَميرَةٌ | |
|
| يَندى بِما حَمَلَت إِلَيهِ وَيَبثُقُ |
|
ما كانَ فيها لِلزِيادَةِ مَوضِعٌ | |
|
| وَإِلى حِماها النَقصُ لا يَتَطَرَّقُ |
|
مُنبَثَّةٌ في الأَرضِ تَنتَظِمُ الثَرى | |
|
| وَتَنالُ مِمّا في السَماءِ وَتَعلَقُ |
|
مِنها الحَياةُ لَنا وَمِنها ضِدُّها | |
|
| أَبَداً نَعودُ لَها وَمِنها نُخلَقُ |
|
وَالزَرعُ سُنبُلُهُ يَطيبُ وَحَبُّهُ | |
|
| مِنها فَيَخرُجُ ذا وَهَذا يُفلَقُ |
|
وَتَشُدُّ بَيتَ النَحلِ فَهوَ مُطَنَّبٌ | |
|
| وَتَمُدُّ بَيتَ النَملِ فَهوَ مُرَوَّقُ |
|
وَتَظَلُّ بَينَ قُوى الحَياةِ جَوائِلاً | |
|
| لا تَستَقِرُّ دَوائِلاً لا تُمحَقُ |
|
هِيَ كِلمَةُ اللَهِ القَديرِ وَروحُهُ | |
|
| في الكائِناتِ وَسِرُّهُ المُستَغلِقُ |
|
في النَجمِ وَالقَمَرَينِ مَظهَرُها إِذا | |
|
| طَلَعَت عَلى الدُنيا وَساعَةَ تَخفُقُ |
|
وَالذَرُّ وَالصَخَراتُ مِمّا كَوَّرَت | |
|
| وَالفيلُ مِمّا صَوَّرَت وَالخِرنِقُ |
|
فَتَنَت عُقولَ الأَوَّلينَ فَأَلَّهوا | |
|
| مِن كُلِّ شَيءٍ ما يَروعُ وَيَخرُقُ |
|
سَجَدوا لِمَخلوقٍ وَظَنّوا خالِقاً | |
|
| مَن ذا يُمَيِّزُ في الظَلامِ وَيَفرُقُ |
|
دانَت بِآبيسَ الرَعِيَّةُ كُلُّها | |
|
| مَن يَستَغِلُّ الأرضَ أَو مَن يَعزُقُ |
|
جاؤوا مِنَ المَرعى بِهِ يَمشي كَما | |
|
| تَمشي وَتَلتَفِتُ المَهاةُ وَتَرشُقُ |
|
داجٍ كَجُنحِ اللَيلِ زانَ جَبينُهُ | |
|
| وَضَحٌ عَلَيهِ مِنَ الأَهِلَّةِ أَشرَقُ |
|
العَسجَدُ الوَهّاجُ وَشيُ جَلالِهِ | |
|
| وَالوَردُ مَوطِئُ خُفِّهِ وَالزَنبَقُ |
|
وَمِنَ العَجائِبِ بَعدَ طولِ عِبادَةٍ | |
|
| يُؤتى بِهِ حَوضَ الخُلودِ فَيُغرَقُ |
|
يا لَيتَ شِعري هَل أَضاعوا العَهدَ أَم | |
|
| حَذِروا مِنَ الدُنيا عَلَيهِ وَأَشفَقوا |
|
قَومٌ وَقارُ الدينِ في أَخلاقِهِم | |
|
| وَالشَعبُ ما يعتادُ أَو يَتَخَلَّقُ |
|
يَدعونَ خَلفَ السِترِ آلِهَةً لَهُم | |
|
| مَلَأوا النَدِيَّ جَلالَةً وَتَأَبَّقوا |
|
وَاِستَحجَبوا الكُهّانَ هَذا مُبلِغٌ | |
|
| ما يَهتِفونَ بِهِ وَذاكَ مُصَدِّقُ |
|
لا يُسأَلونَ إِذا جَرَت أَلفاظُهُم | |
|
| مِن أَينَ لِلحَجَرِ اللِسانُ الأَذلَقُ |
|
أَو كَيفَ تَختَرِقُ الغُيوبَ بَهيمَةٌ | |
|
| فيما يَنوبُ مِنَ الأُمورِ وَيَطرُقُ |
|
وَإِذا هُمو حَجّوا القُبورَ حَسِبتَهُم | |
|
| وَفدَ العَتيقِ بِهِم تَرامى الأَينُقُ |
|
يَأتونَ طيبَةَ بِالهَدِيِّ أَمامَهُم | |
|
| يَغشى المَدائِنَ وَالقُرى وَيُطَبِّقُ |
|
فَالبَرُّ مَشدودُ الزَواحِلِ مُحدَجٌ | |
|
| وَالبَحرُ مَمدودُ الشِراعِ مُوَسَّقُ |
|
حَتّى إِذا أَلقَوا بِهَيكَلِها العَصا | |
|
| وَفّوا النُذورَ وَقَرَّبوا وَاِصَّدَّقوا |
|
وَجَرَت زَوارِقُ بِالحَجيجِ كَأَنَّها | |
|
| رُقطٌ تَدافَعُ أَو سِهامٌ تَمرُقُ |
|
مِن شاطِئٍ فيهِ الحَياةُ لِشاطِئٍ | |
|
| هُوَ مُضجَعٌ لِلسابِقينَ وَمِرفَقُ |
|
غَرَبوا غُروبَ الشَمسِ فيهِ وَاِستَوى | |
|
| شاهٌ وَرُخٌّ في التُرابِ وَبَيدَقُ |
|
حَيثُ القُبورُ عَلى الفَضاءِ كَأَنَّها | |
|
| قِطَعُ السَحابِ أَوِ السَرابِ الدَيسَقُ |
|
لِلحَقِّ فيهِ جَولَةٌ وَلَهُ سَناً | |
|
| كَالصُبحِ مِن جَنَباتِها يَتَفَلَّقُ |
|
نَزَلوا بِها فَمَشى المُلوكُ كَرامَةً | |
|
| وَجَثا المُدِلُّ بِمالِهِ وَالمُملَقُ |
|
ضاقَت بِهِم عَرَصاتُها فَكَأَنَّما | |
|
| رَدَّت وَدائِعَها الفَلاةُ الفَيهَقُ |
|
وَتَنادَمَ الأَحياءُ وَالمَوتى بِها | |
|
| فَكَأَنَّهُم في الدَهرِ لَم يَتَفَرَّقوا |
|
أَصلُ الحَضارَةِ في صَعيدِكَ ثابِتٌ | |
|
| وَنَباتُها حَسَنٌ عَلَيكَ مُخَلَّقُ |
|
وُلِدَت فَكُنتَ المَهدَ ثُمَّ تَرَعرَعَت | |
|
| فَأَظَلَّها مِنكَ الحَفِيُّ المُشفِقُ |
|
مَلَأَت دِيارَكَ حِكمَةً مَأثورُها | |
|
| في الصَخرِ وَالبَردي الكَريمِ مُنَبَّقُ |
|
وَبَنَت بُيوتَ العِلمِ باذِخَةَ الذُرى | |
|
| يَسعى لَهُنَّ مُغَرِّبٌ وَمُشَرِّقُ |
|
وَاِستَحدَثَت ديناً فَكانَ فَضائِلاً | |
|
| وَبِناءِ أَخلاقٍ يَطولُ وَيَشهَقُ |
|
مَهَدَ السَبيلَ لِكُلِّ دينٍ بَعدَهُ | |
|
| كَالمِسكِ رَيّاهُ بِأُخرى تُفتَقُ |
|
يَدعو إِلى بِرٍّ وَيَرفَعُ صالِحاً | |
|
| وَيَعافُ ما هُوَ لِلمُروءَةِ مُخلِقُ |
|
لِلناسِ مِن أَسرارِهِ ما عُلِّموا | |
|
| وَلِشُعبَةِ الكَهَنوتِ ما هُوَ أَعمَقُ |
|
فيهِ مَحَلٌّ لِلأَقانيمِ العُلى | |
|
| وَلِجامِعِ التَوحيدِ فيهِ تَعَلُّقُ |
|
تابوتُ موسى لا تَزالُ جَلالَةٌ | |
|
| تَبدو عَلَيكَ لَهُ وَرَيّا تُنشَقُ |
|
وَجَمالُ يوسُفَ لا يَزالُ لِواؤُهُ | |
|
| حَولَيكَ في أُفُقِ الجَلالِ يُرَنَّقُ |
|
وَدُموعُ إِخوَتِهِ رَسائِلُ تَوبَةٍ | |
|
| مَسطورُهُنَّ بِشاطِئَيكَ مُنَمَّقُ |
|
وَصَلاةُ مَريَمَ فَوقَ زَرعِكَ لَم يَزَل | |
|
| يَزكو لِذِكراها النَباتَ وَيَسمُقُ |
|
وَخُطى المَسيحِ عَلَيكَ روحاً طاهِراً | |
|
| بَرَكاتُ رَبِّكَ وَالنَعيمُ الغَيدَقُ |
|
وَوَدائِعُ الفاروقِ عِندَكَ دينَهُ | |
|
| وَلِواؤُهُ وَبَيانُهُ وَالمَنطِقُ |
|
بَعَثَ الصَحابَةَ يَحمِلونَ مِنَ الهُدى | |
|
| وَالحَقُّ ما يُحيي العُقولَ وَيَفتُقُ |
|
فَتحُ الفُتوحِ مِنَ المَلائِكِ رَزدَقٌ | |
|
| فيهِ وَمِن أَصحابِ بَدرٍ رَزدَقُ |
|
يَبنونَ لِلَّهِ الكِنانَةَ بِالقَنا | |
|
| وَاللَهُ مِن حَولِ البِناءِ مُوَفِّقُ |
|
أَحلاسُ خَيلٍ بَيدَ أَنَّ حُسامَهُم | |
|
| في السِلمِ مِن حِذرِ الحَوادِثِ مُقلَقُ |
|
تُطوى البِلادُ لَهُم وَيُنجِدُ جَيشُهُم | |
|
| جَيشٌ مِنَ الأَخلاقِ غازٍ مورِقُ |
|
في الحَقِّ سُلَّ وَفيهِ أُغمِدَ سَيفُهُم | |
|
| سَيفُ الكَريمِ مِنَ الجَهالَةِ يَفرَقُ |
|
وَالفَتحُ بَغيٌ لا يُهَوِّنُ وَقعَهُ | |
|
| إِلّا العَفيفُ حُسامُهُ المُتَرَفِّقُ |
|
ما كانَتِ الفُسطاطُ إِلّا حائِطاً | |
|
| يَأوي الضَعيفُ لِرُكنِهِ وَالمُرهَقُ |
|
وَبِهِ تَلوذُ الطَيرُ في طَلَبِ الكَرى | |
|
| وَيَبيتُ قَيصَرُ وَهوَ مِنهُ مُؤَرَّقُ |
|
عَمرٌو عَلى شَطبِ الحَصيرِ مُعَصَّبٌ | |
|
| بِقِلادَةِ اللَهِ العَلِيِّ مُطَوَّقُ |
|
يَدعو لَهُ الحاخامُ في صَلَواتِهِ | |
|
| موسى وَيَسأَلُ فيهِ عيسى البَطرَقُ |
|
يا نيلُ أَنتَ يَطيبُ ما نَعَتَ الهُدى | |
|
| وَبِمَدحَةِ التَوراةِ أَحرى أَخلَقُ |
|
وَإِلَيكَ يُهدي الحَمدَ خَلقٌ حازَهُم | |
|
| كَنَفٌ عَلى مَرِّ الدُهورِ مُرَهَّقُ |
|
كَنَفٌ كَمَعنٍ أَو كَساحَةِ حاتِمٍ | |
|
| خَلقٌ يُوَدِّعُهُ وَخَلقٌ يَطرُقُ |
|
وَعَلَيكَ تُجلى مِن مَصوناتِ النُهى | |
|
| خودٌ عَرائِسُ خِدرُهُنَّ المُهرَقُ |
|
الدُرُّ في لَبّاتِهِنَّ مُنَظَّمٌ | |
|
| وَالطيبُ في حَبراتِهِنَّ مُرَقرَقُ |
|
لي فيكَ مَدحٌ لَيسَ فيهِ تَكَلُّفٌ | |
|
| أَملاهُ حُبٌّ لَيسَ فيهِ تَمَلُّقُ |
|
مِمّا يُحَمِّلُنا الهَوى لَكَ أَفرُخٌ | |
|
| سَنَطيرُ عَنها وَهيَ عِندَكَ تُرزَقُ |
|
تَهفو إِلَيهِم في التُرابِ قُلوبُنا | |
|
| وَتَكادُ فيهِ بِغَيرِ عِرقٍ تَخفُقُ |
|
تُرجى لَهُم وَاللَهُ جَلَّ جَلالُهُ | |
|
| مِنّا وَمِنكَ بِهِم أَبَرُّ وَأَرفَقُ |
|
فَاِحفَظ وَدائِعَكَ الَّتي اِستودَعتَها | |
|
| أَنتَ الوَفِيُّ إِذا اؤتُمِنتَ الأَصدَقُ |
|
لِلأَرضِ يَومٌ وَالسَماءِ قِيامَةٌ | |
|
| وَقِيامَةُ الوادي غَداةَ تُحَلِّقُ |
|