
|
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
ادخل الكود التالي:
انتظر إرسال البلاغ...
|

| رأيت قوافل الأحياء ترحل عن مغانيها |
| تطاردها وراء الليل أشباح الفوانيس |
| سمعت نشيج باكيها |
| وصرخة طفلها و ثغاء صاد مواشيها |
| وفي وهج الظهيرة صارخا يا حادي العيس |
| على ألم مغنيها |
| ولكن لم أر الأموات يطردهن حفار |
| من الحفر العتاق و يترع الأطفان عنها أو يغطيها |
| ولكن لم أر الأموات قبل ثراك يجليها |
| مجون مدينة و غناء راقصة و خمّار |
| يقول رفيقي السكران دعها تأكل الموتى |
| مدينتا لتكبر تحضن الأحياء تسقينا |
| شرابا من حدائق برسفون تعلّنا حتى |
| تدور جماجم الأموات من سكر مشى فينا |
| مدينتنا منازلنا رحى و دروبها نار |
| لهامن لحمنا المعروك خبز فهو يكفيها |
| علام تمد للأموات أيديها و تختار |
| تلوك ضلوعها و تقيئها للريح تسفيها |
| تسلّل ظلها الناريّ من سجن و مستشفى |
| ومن مبغى و من خمارة من كل ما فيها |
| وسار على سلالم نومنا زحفا |
| ليهبط في سكينة روحنا ألما فيبكيها |
| وكانت إذ يطلّ الفجر تأتيك العصافير |
| تساقط كالثمار على القبور تنقّر الصمتا |
| فتحلم أعين الموتى |
| بكركرة الضياء و بالتلال يرشّها النور |
| وتسمع ضجة الأطفال أمّ ثلاثة ضاعوا |
| يتامى في رحبا الأرض إن عطشوا و إن جاعوا |
| فلا ساق و لا من مطعم في الكوخ ظلو و اعتلى النعش |
| رؤوس ألقوم و الاكتاف ..أفئدة و أسماع |
| ولا عين ترى الأمّ التي منها خلا العشّ |
| وفي الليل |
| إذا ما ذرذر الأنوار في أبد من الظلمة |
| ودبّت طفلة الكفّين عارية الخطى نسمة |
| تلمّ من المدينة كالمحار و كالحصى من شاطيء رمل |
| نثار غنائها و بكائها لم تترك العتمة |
| سوى زبد من الأضواء منثور |
| يذوب على القبور كأنه اللبنات في سور |
| يباعد عالم الأموات عن دنيا من الذلّ |
| من الأغلال و البوقات و الآهات و الزّحمة |
| وأوقدت المدينة نارها في ظلّة الموت |
| تقلّع أعين الأموات ثم تدسّ في الحفر |
| بذور شقائق النعمان تزرع حبة الصمت |
| لتثمر بالرنين من النقود و ضجّة السفر |
| وقهقهة البغايا و السكارى في ملاهيها |
| وعصّرت الدفين من النهود بكل أيديها |
| تمزّقهن بالعجلات و الرقصات و الزمر |
| وتركلهنّ كالأكر |
| تفجرها الرياح على المدارج في حواشيها |
| وحيث تلاشت الرعشات و و الأشواق و الوجد |
| وعاد الحب ملمس دودة و أنين أعصار |
| تثاءبت المدينة عن هوى كتوقد النار |
| تموت بحرها ورمادها و دخانها الهاري |
| ويا لغة على الأموات أخفى مندجى الغابة |
| ترددها المقاهي ذلك الدلال جاء يريد أتعابه |
| إذا سمعوك رن كأنه الجرس الجديد يرن في السحر |
| صدى من غمغمات الريف حول مواقد السمر |
| إذا ما هزت الأنسام مهد السنبل الغافي |
| وسال أنين مجداف |
| كأن الزورق الأسيان منه يسيل في حلم |
| عصرت يديّ من ألم |
| فأين زوارق العشاق من سيارة تعدو |
| ببنت هوى؟ و أين موائد الخمار من سهل يمد موائد القمر؟ |
| على أمواتك المتناثرين بكل منحدر |
| سلام جال فيه الدمع و الآهات و الوجد |
| على المتبدلات لحودهم و الغاديات قبورهم طرقا |
| وطيب رقادهم أرقا |
| يحنّ إلى النشور و يحسب العجلات في الدرب |
| ويرقب موعد الربّ |