إِلى البَحرِ مِن صَدري حَمَلتُ الحَرَائِقَا | |
|
| وأَمسَيتُ بَينَ الماءِ والنَّارِ عالِقَا |
|
أُنادِي.. ولا أَدرِي لِمَن كانَ سابقًا | |
|
| نِدَائِي ولا أَدرِي لِمَن صارَ لاحِقَا! |
|
فَلا الماءُ في يُمنَايَ نارٌ تَلِيقُ بي | |
|
| ولا النَّارُ في اليُسرَى تَرَى الماءَ لائِقَا |
|
أَنا بين أَشواقِي وبَيني مُحاصَرٌ | |
|
| كَأَنّي إِلى لُقيَايَ أَصبَحتُ عائِقَا |
|
رَحِيلِي على سَطرٍ مِنَ الوَهمِ والمَدَى | |
|
| شِرَاعٌ على صَدرِي يَؤُمُّ الزَّوَارِقَا |
|
رَسَتْ يا دُرُوبَ المِلحِ في البَابِ مَوجَتِي | |
|
| رَمَادًا.. كَسَيلِ الرِّيحِ ما زَالَ دافِقَا |
|
وما زَالَ خَوفُ البَحرِ يَجتَاحُ صَحوَتِي | |
|
| ونَومِي كَمَا يَجتَاحُ شَوقٌ مُفَارِقَا |
|
ولِي بَينَ إِقدَامِي وخَوفِي سَحائِبٌ | |
|
| مِن الصَّمتِ لا يُمطِرنَ إِلَّا صَوَاعِقَا |
|
على صَدرِ مَن أَبكِي حَنِينِي وأَشتَكِي | |
|
| ضَيَاعِي وقَد صَارَت دُمُوعِي مَشَانِقَا؟! |
|
أَرَى البَابَ مَفتُوحَ الذِّرَاعَينِ ضَاحِكًا | |
|
| وهَل يَضحَكُ الغَدَّارُ إِلَّا مُنافِقَا! |
|
لَقَد مَرَّ نِصفُ العُمرِ شَوقًا ولَوعَةً | |
|
| وخَوفًا على ما ظَلَّ كَهْلًا مُرَاهِقَا |
|
أَلَمْ يَدرِ مَن فِي القَلبِ والعَينِ أَنّني | |
|
| إِلى وَصلِهِ ما زِلتُ بالوَهمِ وَاثِقَا! |
|
وأَنّي بَذَرتُ الماءَ في كُلِّ غَيمَةٍ | |
|
| وأَروَيتُ مِن نَهدِ السَّرَابِ الحَدَائِقَا! |
|
أُدَارِي هَوَى قلبي بِكِتمَانِ أَدمُعِي | |
|
| وأُمسِي مِن الكِتمَانِ بالدَّمعِ شَارِقَا |
|
وما أَوْجَعَ الكِتمَانَ إِن باتَ ناضِحًا | |
|
| على فَوْرَةِ الأَشوَاقِ جَفنًا وخافِقَا |
|
يَمُوتُ الذي يَهوَى مِرَارًا بِشَوقِهِ | |
|
| وإِن عاشَ رُغمَ المَوتِ لِلمَوتِ تائِقَا |
|
ومَن ذَاقَ طَعمَ المَوتِ حَيًّا أَحَبَّهُ | |
|
| خَلَاصًا ولا يَلقَاهُ إِلَّا مُعانِقَا |
|
دَعِ البَابَ مَفتُوحًا على الغَيبِ.. إِنَّني | |
|
| بهِ لَم أَزَلْ غَيبًا وما زَالَ طارِقَا |
|
كَتَمْتُ الهَوَى عِشرينَ عامًا وبَعدَها | |
|
| تَلَعثَمْتُ مَخنُوقًا بصَوتِي وخَانِقَا |
|
ولَو أَنَّ ما فِي القَلبِ مِن لَوعَةٍ يُرَى | |
|
| لَمَا عِشتُ بَينَ النَّاسِ بالصَّمتِ ناطِقَا |
|
تَمَنَّيتُ لَو كانَت حَيَاتِي طَوِيلَةً | |
|
| كَشَوقِي.. ولَو كانَ اشتِيَاقِي دَقَائِقَا |
|
تَمَنَّيتُ لَو أَنّي تَأَخَّرتُ عَن غَدِي | |
|
| ثَلاثِينَ عامًا لا تَرَى العُمرَ مارِقَا |
|
تَمَنَّيتُ لَو أَنِّي تَمَنَّيتُ قَبلَ أَن | |
|
| أَرَى الآلَ في كَفَّيَّ كالمَاءِ صادِقَا |
|
تَمَنَّ الذي لَم تَلْقَ ما دُمتَ شاعِرًا | |
|
| وعِشْ هانِئًا بالشَّوقِ ما دُمتَ عاشِقَا |
|
فَمَا مَوعِدٌ لِلوَصلِ إِلَّا وبَعدَهُ | |
|
| خَيَالاتُ مَن كانُوا وكانت حَقَائِقَا |
|
وما شاعِرٌ في الأَرضِ إِلَّا وقَلبُهُ | |
|
| جِرَاحٌ بلا طِبٍّ وشَوقٌ بلا لِقَا. |
|