أُرِيدُ دَرسًا عَرُوضِيًّا بِلا رَهَبِ | |
|
| قالَتْ ؛ فَقُلتُ: إِذا ما شِئتِ فاقتَرِبي |
|
أَنا أَمِيرُ البُحُورِ ؛ الشِّعرُ يَبسِمُ لِي | |
|
| إِذا ابتَسَمتُ ؛ وَ يَخشَى الشِّعرُ مِنْ غَضَبِي |
|
يَزُورُنِي الشِّعرُ وَ الفُولاذُ قارَبُهُ | |
|
| فَيَستَقِرُّ عَلَى شَطٍّ مِنَ الذَّهَبِ |
|
يَمُدُّ كَفَّيهِ نَحوِي حَيثُ لا لَغُةٌ | |
|
| إِلَّا لَدَيَّ! وَ لا فَنٌّ سِوَى أَدَبِي! |
|
لَئِنْ أَرَدتِ ؛ فَمُرِّي بِي هُنالِكِ فِي | |
|
| بَيتِي تُلاقِي أَناغِيمًا مِنَ العَجَبِ |
|
فَأَومَأَتْ ؛ ثُمَّ قالَتْ لِي مُداعِبَةً: | |
|
| لَسَوفَ تَغضَبُ مِنْ جَهلِي وَ مِنْ شَغَبِي |
|
مَضَى النَّهارُ كَأَنَّ الشَّمسَ عالِقَةٌ | |
|
| فِي قُبَّةِ الكَونِ تَرمِي الأَرضَ بِالشُّهُبِ |
|
وَ رِزمَةٌ مِنْ كَرارِيسٍ مُبَعثَرَةٍ | |
|
| تَئِنُّ فِي جانِبَيِّ المَكتَبِ الخَشَبِي |
|
وَ ساعَةٌ لَدَغَتْ صَبري عَقارِبُها | |
|
| وَ أَرجُلُ الوَقتِ قَدْ شُلَّتْ مِنَ التَّعَبِ |
|
حَتَّى إِذا ما أَتانِي اللَّيلُ يَحمِلُها | |
|
| جَمَعتُ نَفسِي كَأَشلاءٍ مِنَ الحَطَبِ |
|
وَ لُذتُ بِالبابِ فاستَقبَلتُ نَظرَتَها | |
|
| تَشُقُّ قَلبِي بِطَعناتٍ مِنَ الهُدُبِ |
|
فَسابَقَتنِي بِإِلقاءِ التَّحِيَّةِ ؛ إِذْ | |
|
| وَقَفتُ وِقفَةَ مَذهُولٍ وَ مُضطَرِبِ |
|
وَ سائَلَتنِيَ فِي مَكرٍ: أَتُدخِلُنِي؟ | |
|
| أَمْ سَوفَ تَبقَى بِلا رَدٍّ تُحَدِّقُ بِي؟ |
|
فَقُلتُ: أَهلًا ؛ وَ مِنكِ العُذرُ آنِسَتِي | |
|
| فَلتَصفَحِي ؛ وَ اغفِرِي جَهلِي! فِداكِ أَبِي |
|
مَدَدتُ كَفَّيَّ إِذْ مَدَّتْ أَصابِعَها | |
|
| فَصافَحَتنِي ؛ فَدَبَّ الوَهنُ فِي عَصَبِي |
|
وَ قَدْ لَمَحتُ يَدَيها فِي مُحاوَلَةٍ | |
|
| خَرقاءَ تَختَلِسانَ اللَّمسَ فِي عَتَبِ |
|
رَمَتْ عَباءَتَها فَوقَ الأَرِيكَةِ ؛ وَ ار | |
|
| تَمَتْ إِلَى جانِبِي فِي مَقعَدِ القَصَبِ |
|
جُلُوسُها المُستَفِزُّ الخَصرُ يَفضَحُهُ | |
|
| فَتَستَلِذُّ يَدِي ما فِيهِ مِنْ رِيَبِ |
|
وَ ناهِداها وَ قَدْ شَفَّ القَمِيصُ هُما | |
|
| هُما كَما فِي تَصاوِيرِي بُراقُ نَبِي |
|
الأَبيَضُ اليَقِقُ الفَتَّانُ يَدفَعُنِي | |
|
| لِكَي أُفَجِّرَ ما أُخفِيهِ مِنْ صَخَبِ |
|
وَ الأَحمَرُ القانِيءُ الدَّامِي بِحَلمَتِها | |
|
| يَشُدُّنِي خَلفَ أَستارٍ مِنَ الحُجُبِ |
|
كَأَنَّنِي وَ احتِرارُ النَّهدِ يَلفَحُنِي | |
|
| أَصُبُّ نارًا عَلَى كَرمَينِ مِنْ عِنَبِ |
|
رَأَيتُها وَ اندِفاعُ الشَّوقِ ثالِثُنا | |
|
| تَشدُو بِأُغنِيَةٍ فِي مُنتَهَى الطَّرَبِ |
|
تَلُفُّ رِجلًا عَلَى رِجلٍ ؛ فَتَرفَعُها | |
|
| حِينًا ؛ وَ تَخفِضُها حِينًا ؛ بِلا سَبَبِ |
|
وَ مُقلَتايَ كَصَيَّادَينِ قَدْ رَبَضا | |
|
| يُراقِبانِ اندِفاقَ النُّورِ عَنْ كَثَبِ |
|
لَثَمتُها وَ خُيُوطُ الشَّيبِ تَخذِلُنِي | |
|
| وَ ما عَرَفتُ بِأَنِّ القَلبَ قَلبُ صَبِي |
|
حَلَفتُ قَبلَ اختِراقِي سِرَّ قُبلَتِها | |
|
| أَلَّا أُكَرِّرَ! لَكِنْ خانَنِي كَذِبِي |
|
جَذَبتُها فَوقَ صَدرِي وَ التَحَمتُ بِها | |
|
| وَ صِرتُ أُفصِحُ عَنْ تَوقِي بِثَغرِ غَبِي |
|
سَأَلتُها: هَلْ عَرُوضُ الشِّعرِ تَجمَعُنا | |
|
| غَدًا؟ أَمَ انِّيَ قَدْ أَلحَحتُ فِي طَلَبِي؟ |
|
أَيُّ العَرُوضِ؟ وَ أَيُّ الشِّعرِ؟ مَوعِدُنا؟ | |
|
| وَ أَيُّ شَرحٍ؟ وَ هَذا الدَّرسُ مِنْ لَهَبِ؟ |
|
فَجاوَبَتنِي: وَ هَلْ تَحتاجُ أَجوِبَةً؟ | |
|
| مَنْ جَرَّبَ الطَّرقَ لا يَخشَى مِنَ العَطَبِ |
|