![]()
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
![]() |
ورَمَى يَدِيْ! |
فَهَمَسْتُ: ما الخَطْبُ؟! |
قالَ: انتَظِرْ |
فَلَقَد دَنَا القُربُ |
وأَشَارَ لِي ببَنَانِهِ حَذِرًا |
مِن ها هُنا |
ونَأَى بهِ الدَّربُ |
وإِلى المُشَارِ عَدَوتُ |
يَتبَعُنِي قصفٌ |
ويَسبقُ خطوَتِي ضَربُ |
قَلِقًا أُقَلِّبُ ناظِرَيَّ |
وبي |
وَطَنٌ عَلَيَّ جِراحُهُ تَحبُو |
ووَصَلْتُ |
وانكَمَشَ الفَضَاءُ فلا |
شَرقٌ يَلُوحُ هُناكَ |
أَو غَربُ |
وبَدَا كَمَا لَو أَنَّ أَلْفَ فَمٍ |
لِيَدِيْ |
وأَلْفَ يَدٍ فَمِي الجَدْبُ |
وبَدَا المَكَانُ |
كَأَنَّ زَوبَعَةً رَقَصَت بهِ |
أَو جِنَّةٌ شَبُّوا |
وبَدَأتُ أُنكِرُنِي |
وأُنكِرُ مَن حَولِي |
بَدَأتُ أَصِيحُ: يااا رَبُّ |
وتَعَثَّرَت قَدَمَايَ بي |
وعلى كَتِفِيْ أَطَلَّ برأسِهِ القَلبُ |
هذا المَكَانُ أَنا |
فَكَيفَ غَدَا وَكْرًا لِمَن هَبُّوا ومَن دَبُّوا! |
وهَمَسْتُ: يا وَطَنِي |
أَلَستَ هُنا؟! |
هَلَّا أَجَبْتَ! |
فَقَهْقَهَ الرُّعبُ |
ولَمَحْتُ يُوسُفَ غارِقًا بدَمِي |
وبجانِبَيهِ الذئبُ |
والجُبُّ! |
***** |
أَأَمُوتُ ثانيةً! |
صَرَختُ |
فَمَا سَمِعَ الغَريبُ ولا رَأَى الصَّحْبُ |
هَل حانَةٌ هذي التي امتَلَأَت بالشَّارِبينَ |
وما بها شُربُ! |
ما هذه الأَصواتُ يَنفُثُها |
صَمتُ الخُمَارِ |
فَتُسدَلُ الهُدبُ! |
كُلٌّ لَهُ لُغَةٌ هُنا |
ولهُ ظَمَأٌ يَزِيدُ سُعَارَهُ السَّكبُ |
كُلٌّ يَعُبُّ ويَستَزِيدُ |
كَمَا لَو أَنَّ نارًا فِيهِ لَم تَخْبُ |
يَتَلَاعَنُونَ |
ويَضحَكُونَ بلا سَبَبٍ |
وكُلُّ ثَلاثَةٍ حِزبُ |
وسُكُوتُهُم فِتَنٌ |
إِذا اشتَعَلَت رَقَدَ الجَمِيعُ |
وقامَتِ الحَربُ |
وحَدِيثُهُم بِسِوَى الحُرُوفِ |
فلا عَجَمٌ إِذا نَطَقُوا |
ولا عُرْبُ |
أَنا مَن أَكُونُ هُنا! |
أَتَعرِفُنِي هذي الوُجُوهُ وضِيقُها الرَّحبُ! |
نَصَبَ السَّرَابُ هُنا سُرَادِقَهُم |
فَتَنَادَمُوا |
وتَزَايَدَ الكَربُ |
هذا دَمٌ حَولَ الكُؤوسِ ومِن حَولِ الشِّفاهِ يَلُوحُ! |
أَم نَخبُ! |
ما زِلتُ أَسأَلُ ما يُصَبُّ |
وما زالَ السُّكُوتُ جَوَابَ مَن صَبُّوا |
ضَاقَ السُّرَادِقُ بِي |
ومَزَّقَنِي بَينَ السُّكارَى الدَّفعُ والجَذبُ |
***** |
أَأَمُوتُ ثانِيَةً ومِلءُ دَمِي طِينٌ |
وغَيْمُ أَصَابعِي عُشبُ! |
وخَرِيرُ أَورِدَتِي نَدَىً |
ويَدِي نَهرٌ تَهشُّ جَفَافَهُ السُّحبُ! |
أَنا والغَريبةُ ظامِئانِ هُنا |
ولَهِيبُنا مُتَرَقرِقٌ عَذبُ |
أَنَا والغَريبةُ مَوطِنانِ بلا وَطَنٍ |
ولَيسَ لِمِثلِنا شَعبُ |
كَلِمّاتُنا امتَلَأَت مَوَاسِمُها بالرَّاحِلِينَ |
وصَمتُنا ذَنبُ |
لكنَّنا سَنَعُودُ |
إِنَّ لَنَا حُلمًا |
وعَنهُ رُجُوعُنا صَعبُ |
سَنَعُودُ |
عَلَّ يَدًا هُناكَ صَحَت مِن حِقدِها |
وصِغَارُها جَبُّوا |
ولَعَلَّ أُغنِيَةً غَدَت قَمَرًا لِلتَّائِهِينَ |
فَنَالَهَا الخصبُ |
ولَعَلَّ قافِيَةً تَنَامُ على طَيفِ الغِيابِ |
لِغَيرِهِ تَصبُو |
إِن لَم يَكُنْ بِغَدٍ |
فَبَعدَ غَدٍ سَنَعُودُ |
أَو سَيُغادِرُ الغُلبُ |
وغَدًا سَيُزهِرُ أَنجُمًا دَمُنا |
وعلى القُلُوبُ سَيُثمرُ الحُبُّ |