إِذا ما صَحَا المَجنُونُ.. أَو نَامَ باكِرَا | |
|
| فَمَعنَاهُ أَنَّ النَّومَ ما زالَ مَاكِرَا |
|
ومَعناهُ أَنَّ البَابَ ما زالَ واقِفًا | |
|
| على البَالِ والنَّسيَانَ ما زالَ ذاكِرَا |
|
ومَعنَاهُ أَنَّ الشِّعرَ نَادَاهُ باسمِهِ | |
|
| ولا عَقلَ لِلمَجنُونِ كَي لا يُغامِرَا |
|
ومَعناهُ أَنَّ الشَّوقَ أَلقَى كُسُورَهُ | |
|
| وما أَعنَفَ المَكسُورَ إِن عادَ كاسِرَا |
|
دَعِينِي أَقُلْ أَهلًا وسَهلًا.. وبَعدَها | |
|
| سَنَلقَى لِمَا قُلنَاهُ بالأَمسِ آخِرَا |
|
دَعِينِي أَقُلْ شُكرًا جَزيلًا فَطَالَما | |
|
| حَمَلتُ الهَوى وَحدِي صَبُورًا وشَاكِرَا |
|
دَعِينِي.. فَهذا اللَّيلُ لَو عَادَ خُطوَةً | |
|
| إِلى الخَلفِ لَازدَادَت دُرُوبي مَخَاطِرَا |
|
وضُمِّي برِيشِ العَينِ رُوحًا كَأَنَّها | |
|
| تَرَى الآنَ نَبضَ المَاءِ بَثًّا مُبَاشِرَا |
|
ولا تَملَئِي كَفَّيَّ إِلَّا بِضَمَّةٍ | |
|
| إِذا لامَسَت صَدرِي تَحَوَّلتُ طائِرَا |
|
ولا تَقرئِي عَينَيَّ دُونَ ابتِسَامَةٍ | |
|
| فَإِني على الأَحزَانِ ما عُدتُ قادِرَا |
|
أَلَمْ تَستَطِيعِي بَعدُ إِدرَاكَ قِصَّتِي | |
|
| مَعَ الحُزنِ؟! ما أَقسَى الحَبيبَ المُكَابرَا! |
|
أَلَمْ تَلمَحِي يَومًا على السَّطرِ دَمعَةً | |
|
| تُنَاجيكِ! أَو جُرحًا على الحَرفِ غائِرَا! |
|
أَبِالعَقلِ يَرضَى القَلبُ إِن كانَ عاشِقًا | |
|
| إِذا صَارَ حتى العَقلُ بالعَقلِ كافِرَا؟! |
|
أَنا الآنَ مَصلُوبٌ أَمَامِي كَدَمعَةٍ | |
|
| تَحَاشَت حَيَاءً مِنكِ أَن لا تُبَادِرَا |
|
فَلَا تَأذَنِي لِلدَّمعِ تَفرِيقَ بَينِنَا | |
|
| فَقَد يَخرُجُ المُشتَاقُ بالدَّمعِ ثائِرَا |
|
دَعِي كُلَّ ما قُلنَاهُ بالأَمسِ جانِبًا | |
|
| لَعَلِّي أَقُولُ الآنَ شَيئًا مُغايِرَا |
|
تَعَلَّمتُ مِن عَينَيكِ إِنكَارَ ما مَضَى | |
|
| وإِنكارَ ما يَمضِي ولَو كانَ حاضِرَا |
|
تَعَلَّمتُ إِيهَامِي وإِغرَاءَ غُربَتِي | |
|
| بمَا لَم يَدُر يَومًا وما كانَ دائِرَا |
|
تَعَلَّمتُ تَكذِيبي وتَصدِيقَ كِذبَتِي | |
|
| وتَكذِيبَ تَكذِيبي.. وكَم كُنتُ ماهِرَا! |
|
وأَدرَكتُ بَعدَ العَامِ والعَامِ أَنَّنِي | |
|
| تَسَاقَطتُ مَعصُوبَ الجَنَاحَينِ خائِرَا |
|
وأَنَّ التي في القَلبِ لَيسَت قَصِيدَةً | |
|
| وإِنْ قَلَّبَت كَفًّا وشَدَّت ضَفائِرَا |
|
وأَنَّ الجُفُونَ الخُضرَ لَيسَت مَحَابرًا | |
|
| أُعَزِّي بها فَقدِي ولَيسَت دَفَاتِرَا |
|
إِذا صَارَتِ الشَّكوَى لِذِي العَقلِ سِلعَةً | |
|
| فَلَا بَيعَ لِلمَجنُونِ فيها ولا شِرَا |
|
وإِن كانَ طُولُ الهَجرِ حَظِّي مِن الهَوَى | |
|
| فَهَل يُفقَدُ الإِنسَانُ إِلَّا مُهَاجِرَا! |
|
أَلَمْ تَقرَئِينِي بَعدُ يا مَن تَقَاسَمَت | |
|
| حُرُوفِي وأَلقَت بي على السَّطِر شَاغِرَا؟! |
|
تَرَكتِ الذي يَهوَاكِ لا شَيءَ عِندَهُ | |
|
| سِوَى الشِّعرِ ظَمآنَ العَنَاقِيدِ عاصِرَا |
|
لَهُ مُهجَةٌ لَو لَم يَعِدْهَا بزَورَةٍ | |
|
| لِعَينَيكِ.. لَم تَترُك لِعَينَيكِ زائِرَا |
|
ولَو لا سُؤَالٌ عَنكِ يَجتَاحُ صَمتَهُ | |
|
| لَمَا لاحَ بَينَ النَّاسِ إِلَّا خَوَاطِرَا |
|
إِذا لَم يَعُد شَوقِي لِلُقيَاكِ طاوِيًا | |
|
| جرَاحَاتِ أَشعارِي.. فَمَا زِلتُ ناشِرَا |
|
وما زِلتُ مَجنُونَ المَجَانِينِ باطِنًا | |
|
| وإِن كُنتُ مَجنُونَ المُحِبّينَ ظاهِرَا |
|
تُرِيدِينَ مِن مِثلِي التَّعَقُّلَ؟!!!! لَيتَنِي | |
|
| فَلَو كُنتُ ذَا عَقلٍ.. لَمَا كُنتُ شَاعِرَا |
|