أشكُو إلَيكَ إلَهِي فَرْطَ ما أجِدُ | |
|
| مِن الجَفاءِ لمن أهوَى وما يَجِدُ. |
|
خَليلُكَ المصطفَى ضاعَت مَحبَّتُه | |
|
| وأصبَحَت في ثَرَى النِّسيانِ تلتَحِدُ. |
|
ذاك الحبيبُ فِداهُ مُهجَتي ودَمِي | |
|
| ووالِدَيَّ مَعًا والأهلُ والوَلَدُ. |
|
لي مَوعِدٌ مَعَهُ حَقًّا سَيُنجِزُهُ | |
|
| يَومَ القِيامَة عندَ الحوضِ لو أرِدُ |
|
كَيْ أرتَوِي مِن نَمِير الماء مِن يَدِهِ | |
|
| لا ظَمَأٌ بَعدَها كَلَّا ولا نَكَدٌ. |
|
العَيشُ ثَمَّ ولا أرضَى به بَدَلًا | |
|
| ثَم النعيمُ وثَم الخُلدُ والأبَدُ. |
|
ما ضَلَّ قَلبٌ رَسُولُ الله أسوَتُهُ | |
|
| وما هَوَى مَن بِرَبِّ العَرشِ يَستَنِدُ. |
|
قَلبُ المحِبِّ مُضاءٌ دائمًا بهُدَى الْ | |
|
| مَحبُوبِ أهدَى الوَرَى ما أظلَمَتهُ يَدٌ. |
|
فما لِقَومِي عن المحبُوبِ قَد بَعُدُوا | |
|
| ومالَهُم عَن هُدَى الرَّحمَنِ قَد شَرَدُوا. |
|
ما بالُهُم تَرَكُوا حَوضَ الهُدَى وسَعَوْا | |
|
| كالهِيمِ خَلفَ سَرابٍ ظَلَّ يَبتَعِدُ. |
|
يا صاحِبَ الحَوضِ ماتَتْ بَعدَكُم سُنَنٌ | |
|
| وأُحْدِثَت بِدَعٌ بالجَهلِ تَتَّقِدُ. |
|
وأقبَلَت فِتَنٌ كاللَّيلِ مُظلِمَةٌ | |
|
| تَمُوجُ مِثلَ قَطِيعِ الضَّانِ إذ يَرِدُ. |
|
أبا الفَضائِلِ هَل تَدرِي بِمِحنَتِنا؟ | |
|
| كُفِيتَ صَلَّى عَلَيكَ الله ما نَجِدُ. |
|
أما عَلِمتَ بما آلَت إلَيهِ أمُو | |
|
| رُ المسلِمِينَ وما لاقَوا وما شَهِدُوا؟ |
|
بَلَى، عَلَيكَ صَلاةُ الله دائمَةً | |
|
| عَلِمتَ مِن لَدُنِ العَلّامِ ما يَفِدُ. |
|
صِرْنا غُثاءً كَما أخبَرتَ، وا أسَفًا | |
|
| نَحنُ الغُثاءُ، غُثاءُ السَّيلِ والزَّبَدُ. |
|
الذُلُّ يُرعِدُ والآلامُ مُمطِرَةٌ | |
|
| والعِزُّ يُفقَدُ والآمال تَبتَعِدُ. |
|
فيا حَبِيبي! دِماءُ المسلِمِينَ غَدَت | |
|
| تَرْوَى بها الأرْضُ والأرواحُ تُفتَقَدُ. |
|
ويا جِراحِي! جِراحُ القُدسِ غائِرَةٌ | |
|
| أبكِيكِ أنتِ أم الأقصَى الذِي وَأدُوا؟ |
|
ماذا أعَزِّي بِشِعرِي والمدَى فَجَعٌ | |
|
| والجُرحُ يَنزِفُ والآلامُ تَطَّرِدُ؟ |
|
القُدْسُ تَحتَ نِعالِ البَغْيِ يَهتِكُها | |
|
| وَغدٌ وقِردٌ وخَنزِيرٌ ومَن وَلَدُوا. |
|
أَوّاهُ كَم ذَبَحُوا طِفلًا بلا وَزَرٍ! | |
|
| كَم عَذَّبُوا! ومِن الأرواحِ كَم حَصَدُوا! |
|
وما ذُنُوبُ الضَّحايَا غَيرَ أنهُمُ | |
|
| تَحَنَّفُوا ولِغَير الله ما سَجَدُوا. |
|
وما لَهُم مِن خَطايَا غَيرَ أنَّ لَهُم | |
|
| صَبرٌ صَلِيبٌ وبالصُّلبانِ ما اعتَقَدُو. |
|
فيا حُماةَ حُقُوقِ الإنسِ أينَ غَدَت | |
|
| حُقُوقُنا؟ خَبِّرُوني أينَ تَلتَحِدُ؟ |
|
أم قُلتُمُ مِثلَما قال اليَهُودُ بأنْ | |
|
| لَيسَ عَلَينا في الاُمِّيِينَ مُنتَقِدٌ. |
|
ويا رُعاةَ حُقُوقِ الطِّفلِ كَيفَ غَدَا | |
|
| أمامَكُم يُذبَحُ الأطفالُ إنْ وُلِدُوا؟ |
|
بِرَبِّكُم حَدِّثُونِي عَن حُقُوقِهِمِ | |
|
| فقَد نَسِيتُ لِهَولِ الكَربِ ما عَقَدُوا. |
|
ويا دُعاةَ احتِرامِ الدِّينِ مُنذُ مَتى | |
|
| غَدا التَّحَنُّفُ جُرمًا حَدُّه الرَّصَدُ؟ |
|
يا مُسبِلَ الدَّمعِ حُزنًا صارخًا وأسًى | |
|
| ءَاسَى لِحالِكَ أمْ ءاسَى لما أجِدُ؟ |
|
لَستَ الوَحِيدَ هُنا فالجُرحُ مُلتَهِبٌ | |
|
| والقَلبُ مُتَّقِدٌ والرُّوحُ والكَبِدُ. |
|
اِنفَطَرَت مُهجَتِي مِن فَرطِ ما شَهِدَت | |
|
| مِن المهانَةِ في قَومِي وما شَهِدُوا. |
|
واستَعبَرَت مُقلَتِي لما رَأت حُرَمَ الْ | |
|
| إسلامِ يَهتِكُها الأوغادُ والقِرَدُ. |
|
تَأَسَّفَت وبَكَت دَمعًا ولَو عَدَلَت | |
|
| لأسكَبَتهُ دَمًا يُكوَى به الجَسَدُ. |
|
الدَّمعُ يُبْرِدُ أكبادًا قَدِ احتَرَقَت | |
|
| والدَّمُ يُوقِدُ أخرَى مَسَّها الجَمَدُ. |
|
يا لائِم الدَّهرِ إنَّ الدَّهْرِ مُعتَذِرٌ | |
|
| اِستَأسَدَ الغَيُّ لما استَنوَقَ الرَّشَدُ. |
|
لو كان فينا أبو الزَّهراء ما جَرُؤوا | |
|
| على استِباحَةِ أوطاني وما احتَشَدُوا. |
|
لو كان فينا أبو حَفصٍ لما هَتَكُوا | |
|
| عِرضًا وما دَبَّرُوا كَيدًا وما عَقَدُوا |
|
وما أراقوا دِماءَ المسلِمِينَ وما | |
|
| بَغَوا وما يَتَّمُوا طِفلًا وما طَرَدُوا. |
|
لو كان فينا أبو السِّبطَينِ ما رَفَعُوا | |
|
| رَأسًا وفي قَلبِهِم مِن مَرحَبٍ صَفَدٌ. |
|
لَو كانَ فِينا صَلاحُ الدِّينِ لارتَدَعُوا | |
|
| عَن غَيِّهِم ولَذاقُوا الرُّعبَ وارتَعَدُوا. |
|
ءَاااهٍ عَلَينا صَلاحَ الدِّينِ بَعدَكُمُ | |
|
| بِتنا طَرائِدَ يَعدُو خَلفَها الأسَدُ. |
|
صِرنا غُثاءً كَما قالَ الحبيبُ فقُم | |
|
| وانهَضْ فِداكَ أبي فالنَّاسُ قَد رَقَدُوا. |
|
عادَ اليَهودُ وداسُوا قَبرَكُم ومَضَوا | |
|
| ودَنَّسُوا المسجِدَ الأقصَى الذِي قَصَدُوا. |
|
أينَ اللُّيوثُ الَّتِي حِطِّينُ تَذكُرُها | |
|
| والقادِسِيَّةُ؟ أينَ الجَيشُ والعُدَدُ؟ |
|
الجيشُ سُخِّرَ في تأمين مُطرِبَةٍ! | |
|
| وقَتلِ مَن لِسِوَى الرَّحمَنِ ما سَجَدُوا! |
|
والدِّينُ ضُيِّعَ في لَهوٍ وفي طَرَبٍ | |
|
| والمال أنفِقَ في تَكرِيمِ مَن سَمَدُوا غنَّو |
|
ولَيسَ في العِلمِ أو تأسِيسِ جامِعَةٍ | |
|
| أو مَسجِدٍ كَي يَعِزَّ الدِّينُ والبَلَدُ. |
|
وا حَرَّ قَلباهُ مِمَّا باتَ يُسهِدُني | |
|
| ووا أَسايَ عَلَى الإسلامِ يا سَهَدُ. |
|
ءَااهٍ وفي الأُذْنِ أَصْواتٌ تُعَذِّبُنِي | |
|
| مِن صِبيَةٍ ما لَهُم صَبرٌ ولا جَلَدٌ. |
|
البَردُ يَجلِدُهُم والجُوعُ يَلفَحُهُم | |
|
| وما لَهُم مِن سِياطِ البَغيِ مُلتَحَدٌ. |
|
والذُلُّ مَطعَمُهُم، والظُّلمُ مَورِدُهُم | |
|
| والبُؤسُ مَضجَعُهُم والحُزنُ والكَمَدُ. |
|
والدَّمعُ مُؤنِسُهُم، والله مَلجَؤُهُم | |
|
| فالمرتَجَى لَيسَ إلّا الواحِدُ الصَّمَدُ. |
|
لَيلُ الأقارِبِ ءَاهاتٌ ومَجزَرَةٌ | |
|
| تُدمِي القُلُوبَ ولَيلُ المُسلِمِينَ دَدٌ. لهو |
|
أَوَّااهُ كَم في ثَرَى الإسراءِ أرمَلَةٌ | |
|
| تَبكِي وتَستَصرِخُ الحُكَّامَ كَي يَفِدُوا |
|
وربَّما استَعطَفَت قَهرًا مُرَمِّلَها | |
|
| إنْ لَم يَقُم مَن يُزِيلُ الظُّلمَ أو يَقِدُ. يقتص |
|
تَبكِي وفي قَلبِها نارٌ مُؤَجَّجَةٌ | |
|
| وعَبرَةُ العَينِ تُشْوَى دُونَها الكَبِدُ. |
|
تَبكِي أسًى ولِسانُ الحالِ يَصرُخُ: وا | |
|
| مُعتَصِماهُ! ولَكِن أينَ مَن يَبِدُ. يغضب |
|
إنْ لَم تَجِدْ أذُنًا تُصْغِي لِصَرخَتِها | |
|
| فإنَّ لِلشِّعرِ آذانًا لَها نُجُدٌ. |
|
الشِّعرُ يَسمَعُ أنّاتٍ لَها ويَرَى | |
|
| لَها دُمُوعًا وما يَدرِي بها أحَدٌ. |
|
الشِعرُ لَيسَ عِباراتٍ نُنَمِّقُها | |
|
| عَلَى السُّطُورِ لكَيْ تُروَى وتُنتَقَدُ. |
|
ما أقصَرَ الشِّعرَ إن كانَت دَوافِعُه | |
|
| مَدحٌ وفَخرٌ وتَشْبِيبٌ ومُعتَقَدٌ. |
|
لا خَيرَ في الشِّعرِ إنْ لَم تَسعَ فِيهِ يَدٌ | |
|
| تُؤَجِّجُ الحَقَّ إنْ لَم تَسعَ ثَمَّ يَدٌ. |
|
الشِّعرُ يَسمُو مَتَى تَحيَا بهِ مُهَجٌ | |
|
| الشِّعرُ روحٌ مَدَى الأزمانِ لا جَسَدٌ. |
|
أينَ الأخُوَّةُ يا قَومِي ونَخوَتُكُم؟ | |
|
| أينَ الّذِينَ بنَصرِ اللهِ قَد وُعِدُوا؟ |
|
إخوانُنا من كُؤوسِ الضَّيمِ قَد ثَمِلُوا | |
|
| ونَحنُ تُثمِلُنا الآلاءُ والرَّغَدُ؟! |
|
ألَيسَ رابِطُ دِينِ اللهِ يَجمَعُنا؟ | |
|
| لِمَ التَّشَتُّتُ؟ أينَ العَهدُ والعُقَدُ؟ |
|
أحَقًّا العُروَةُ الوُثقَى قَدِ اِنفَصَمَت؟ | |
|
| أم أنَّ إخوانَنا أعداؤُنا الجُدُدُ؟ |
|
الشامُ، بَغدادُ، والأقصَى، وكُلُّ ثَرًى | |
|
| مُستَعمَرٌ في حِمانا، فَوقَهُ صَفَدٌ |
|
خَصِيمُنا قَبلَ الاَعداءِ الذينَ بَغَوا | |
|
| عَلَيهِ يَومَ يَجيء الخَصمُ والشُهُدُ. |
|
لا زِلتُ أبصِرُ فِيكُم قَومِ نَخوَتَكُم | |
|
| ما زِلتُ ءامُلُ أن تَذكُو وتَتَّقِدُ. |
|
لَطالَما سَمِعَت مِن عُمقِكُم أُذُنِي | |
|
| صَدًى زَكِيًّا يُدَوِّي صارِخًا: أُحُد. |
|
يا رَبِّ قَد بَلَغَ الإجهادُ غايَتَهُ | |
|
| مِنِّي، وتَمَّ بكَ المأمُولُ والقَصَدُ |
|
فتَمِّمِ الفَضلَ واختِم بالصَّلاةِ عَلى | |
|
| حِبِيبِكَ المصطفى خَيرِ الألَى سَجَدُوا |
|
يا صانِعَ الحَوضِ بَلِّغ عَنِّ صاحِبَهُ | |
|
| أني أحِنُّ إلى لُقياهُ لَو أرِدُ. |
|